احمد البكر
geophysicist
(Ahmed Albakir)
الحوار المتمدن-العدد: 6478 - 2020 / 1 / 31 - 10:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فيما سبق كنت اعتقد يقينا ان مساله الولاء خارج الحدود الجغرافيه للوطن هي قضيه مقرونه بالاسلام السياسي والاسلاميين على وجه الخصوص ,ولكن تبدلت لدي المفاهيم بعد حديث مع احد الاصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقارب لي بالفكر . لم اتخيل يوما ان ارى لادينيا او ملحدا يؤمن بدوله الانسان على الارض , الدوله التي تجمع جميع البشر بل ويعلنها صراحه ان اسم العراق لايعني له شيئا مقابل مايعني له الانسان اينما كان على وجه الارض . رغم ان هذه الفكره لا تحمل اي طابع اجرامي او ارهابي او محرك اديولوجي مقدس ولكن منطقيا هي بالضد من المفهوم الوطني والقومي للبلد نفسه . انا هنا لا ازايد عليه بالوطنيه فاانا على يقين انه يشعر بالانتماء لهذه الارض ويحب الوطن كما انا وربما اكثر ولكن ببساطه لم استسغ فكرة ان تؤدلج للادينيه العلميه (واعني بالعمليه اي التي لا تخضع للفكر الشيوعي)الى فكر سياسي وتبنى على اساس فكره تناقض القوميه الوطنيه كما هو الفكر الديني .
هنا كان لابد من مراجعة مفهوم دولة الولاء ودولة الانتماء في تاريخ العراق المعاصر لكي نفهم جذور الفكره واصولها ضمن الحركات السياسية بعد تأسيس الدوله العراقيه .لفهم معنى التبعيه او دوله الولاء او التذيل كما اطلق عليه حديثا يجب اولا ان نفهم طبيعه الدول التي بنيت على اساس عقائدي , على سبيل المثال الاتحاد السوفيتي بني على المعتقد الشيوعي وكانت ثورة اكتوبر عام 1917 بدايه انتشار هذا المعتقد لذلك فالاتحاد السوفيتي كان له مشروع اممي واضح وهو دعم الانظمه الشيوعيه والاحزاب على حد سواء لتكون مواليه لموسكو . كان الشيوعيون يجلدون هنا وفي مصر بسبب اتهامهم بالولاء للعاصمه العقائديه موسكو وكان جوابهم : النظال لايحتاج الى تابع ولا متبوع . مثال اخر الناصريين .كان جمال عبد الناصر عراب الفكر القومي العربي انذاك لذلك تحولت القاهره الى عاصمه ايديولوجيه للفكر الناصري . وكانت هناك امثله كثيره على هذه الولائات ,روى المؤرخ والضابط العراقي خليل ابراهيم حسين انه عندما طلب من الرئيس الراحل احمد حسن البكر ان يعود وزيرا في حكومة البعث الثانيه ورفض طلبه ,ان القياده العراقيه ابلغته ان يغادر العراق فورا بمنفى يختاره هو فحينما ساله صالح مهدي عماش عضو القياده القطريه انذاك عن وجهته فكانت القاهره فاجابة صالح حينها ب (اي طبعا تروح لكعبتكم ) .
مثال اخر في لقاء متلفز اجري مع المحامي عاد تكليف الفرعون وهو ايظا ناصري الفكر قال انه كان يكتب تقارير دوريه لسفاره المصريه في بغداد عن الوضع (السياسي ,العسكري , الاقتصادي )للبلد ,وحينما ساله المقدم اليس هذا تجسسا؟ اجاب ب لا ؟؟! انا اعتبر مصر هي دولتي الام والعراق هي دولة السكن ؟؟!
لذلك نرى ان الانتماء الوطني ضاع امام الانتماء الناصري وهذا التطرف بالانتماء بنتيجه يؤدي الى ضمور الحس الوطني وانهاءه مع الزمن . وهذا ماينطبق على الاسلاميين الان ولكن بشكل مضاعف بسبب عمق جذور الوازع الديني الذي نشأ قبل الوازع الوطني والقومي اصلا كمرحله من مراحل تطور الفكر البشري . لذلك اذا نظرنا الى ايران فهي دوله لها مشروع ديني وفق مبداء ولايه الفقيه عابر للحدود وهذا ماترسخه في اذهان اتباعها . لهذا عندما تسأل المؤدلجيين وفق نظريه ولاية الفقيه عن انتماءه لن يكون جوابه بانه عراقي عربي ثم بعد ذلك مسلم شيعي بدلا من هذا سيكون الجواب شيعي مسلم ؟! ولو خير بين العراق وايران لاختار ايران فهي بنضره دولة الحاكمية الالهيه الشيعيه الاسلاميه العابره للمواطنه والقوميه .
لذلك فالقومي العربي يعتقد بانهاء الحدود القطريه وتأسيس وحده عربيه . والاسلامي يؤمن بدوله اسلامية عابره للحدود تحكم من ايران . والشيوعي يؤمن بمشروع اممي عابر للمشروعين الاول والثاني . كل هذه المشاريع هي تهديد للقوميه الوطنيه واعني بها قومية البلد الواحد وليست القوميه العربيه . ولكن تأريخيا لم يكن القوميين ولا الشيوعيين متطرفيين في تنفيذ مشاريعهم في العراق , نعم كانت صراعات وتصفيات ولكن ليس في سبيل القوميه ولا في سبيل الشيوعيه بل نزاعات على السلطه . اما المشروع الاسلامي فهو مشروع قائم على سياسة ارهاب المجتمعات في سبيل تطيبق اسسة ايا كانت على صوره ولاية الفقيه او على صوره خلافه على منهاج النبوة .والاهم من هذا ان القوميين فعلو ما فعلو من تلقاء انفسهم ,الشيوعيون فعلو مافعلو من تلقاء انفسهم .بعباره اخرى لم يأمر الاتحاد السوفيتي الشيوعيين ان يرتكبو مجزرة الشواف في الموصل ولم يأمر احمد مشيل عفلق البعثيين ان يقوموا بحملات تطهير وتصفيه ضد الشيوعيين وما تلاها من افعال بل على العكس حينما شرعو بقتل الشيوعيين افتى مرجع الطائفه الشيعيه انذاك بان الشيوعيه كفر والالحاد بمعنى انه اعطى غطاء غير مباشر للبعثيين لتصفية خصومهم؟؟! اما الاسلاميين وعلى مدار 16 عام قامو بكل جرائم القتل والتصفيه واثاره النعرات وتدمير السلم المجتمعي والاخلال بالامن القومي للعراق تحت اشراف ورعايه ومباركة نظام الملالي الارهابي الشعوبي في قم .
السؤال هنا هل هذه الدول (ايران ,الاتحاد السوفيتي ,مصر ) تملك نفس عقلية اتباعها ؟ بمعنى اخر لو تقاطعت المصلحه الوطنيه لنظام الملالي مع الاعتقاد الديني سيقدمون المصلحه الدينيه على الوطنية ؟ الجواب قولا واحد كلا ... على سبيل المثال نظام الملالي لم يتنازل عن تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي .نظام الملالي لم يتنازل عن الجزر المحتله في زمن الشاه وحينما سال الخميني عنها قال هذا ستقرره الامه الايرانيه . بل واكثر هناك شهاده مهمه ذكرها سبعاوي ابراهيم الحسن رئيس جهاز المخابرات العراقي السابق اثناء محاكمته تتحدث عن لقاء جرى بينه وبين رئيس جهاز اطلاعات الايراني ,ان النظام الايراني مستعد ليسلم العراق كل المعارضيين داخل الاراضي الايرانيه مقابل تسليم العراق لعناصر مجهادي خلق . يقول سبعاوي ان جهاز المخابرات رفع كتابا رسميا لديوان رئاسه الجمهوريه لاعلام الرئيس بهذا الطلب ولكن صدام اجاب بكتاب نصه (ليس من عادتنا الغدر هؤلاء ضيوف العراق ) وقال ان هذه الكتب موجوده ضمن ارشيف الجهاز . الملفت هنا ليس رد صدام حسين بل تصرف النظام الايراني في سبيل مصلحه ايران . بتالي هذا الشعور يغذيه الحس القومي الوطني لدى الايرانيين وهذا ما يفتقده الاسلاميون حكامنا اليوم ؟! الذين يعتقدون ان المصالح القوميه الوطنيبه تذوب امام المصالح والدنيه والانتماءات العقدية وهنا يكمن خطر الفكر الديني على المجتمعات بانه يحول المواطنه الى انتماء ديني ومذهبي لذلك لاتستغرب من الاسلاممين حينما ينظرون لك بعيين الشك والريبه والتخويين !
كذلك الحال بالنسبه للاتحاد السوفيتي تاريخيا كانت مواقف الاتحاد السوفيتي مخيبه للشيوعيين العرب كانت مواقفه والتوجيهات التي يسديها للحزب الشيوعي العراقي بانه ليس من مصلحته ولا مصلحة الحزب ان يتسلمو السلطه في العراق في زمن الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف او في زمن حكم البعث . بل ان مكرم الطلباني الشيوعي العراقي والاكاديمي المعروف يروي في لقاء متلفز ان السفاره السوفيتيه اتصلت باللجنة المركزيه للحزب الشيوعي العراقي واخبرتهم ان النظام الايراني (الشاهنشاهي ) يعد مؤامره لقلب نظام الحكم والاطاحه بالبعثيين واعطت السفاره المخطط الكامل للمؤامره والتي عرفت حينها بمؤامرة عبد الغني الراوي والتي اعدت مسبقا من جهاز السافك الايراني بالتنسيق مع سيد مهدي الحكيم واحد الجلبي وسعد صالح جبر .
واما مصر , عام 1972 خرج فريق امني من جهاز المخابرات العراقي الى القاهره لتصفية عدد من القوميين المحسوبين على عبد الناصر مثل صبحي عبد الحميد واحمد الحبوبي وغيرهم الذين لجأو الى مصر في عام 1969 وانجز الفريق مهمته وبطريقه او اخرى كشف احد اعظاء الفريق بعد مغادرتهم .ماذا فعلت القاهره ؟! هل تبنت موقفا معاديا ؟ هل استنكرت لاشيئ ؟ لماذا ببساطه لان مصلحه الدول اكبر من الاحزاب والاشخاص مهما كان ثقلها .
بالاضافه الى هذا اذا نظرنا الى تعامل هذه الدول مع اتباعها المؤدلجيين بازدراء واهانه سنجد بان مفهوم دولة الولاء بديلا عن دولة الانتماء مجرد وهم اجوف يعتلي ذواتهم , وحال الاسلاميين العراقيين في ايران وتعامل ايران المزري والمهين معم ايام المعارضه يكفي لتحطيم هذه الخرافه .
بالعوده الى بدايه المقال وبعد هذا السرد التأريخي وبعد اجراء مقارنه سريعه بين الايدولوجيات المختلفه التي ذكرناها نجد ان اسوئها واكثرها ارهابا وتدميرا للمجتمع واجهاضا لفكره الوطنيه ومصلحه البلد القوميه العليا هي الاسلام الساسي بلا منازع بل حتى فكره ادلجة اللادينيه العلميه لم تعد شيا ولم تعد بذاك السوء الذي تخليته امام الاسلام السياسي . على اقل تقدير فهي فكره لاتحوي على ولاء لشخص بذاته ولا تحمل القدسيه لذاتها اصلا فهي قابله لنقد . في نهايه المقال اود ان اشير الى مقطع مهم اشار اليه جون نكسن عميل المخابرات الامريكيه في كتابه تحقيقي مع الرئيس صدام يقول مانصه ( (سالت صدام ماهو اكثر شيئ كنت تعتقد انه يهدد نظامك الساسي يقول نكسون تصورت انه سيجيب ايران او ربما امريكا او اسرائيل ولكن تفاجءت حينما اجابني المشددون السنه او الفكر الوهابي وشرح له صدام كيف ان النظام قام بمحاربة هذا الفكر الى اخر ايامه في الحكم ثم يكمل نكسون ويقول اعتقد ان صدام اجاد التعامل بهذا الجانب بشكل جيد )) نعم في تلك المرحله وحتى بعد الاحتلال كانت الاسلام السياسي السني المتمثل بالحركات الجهاديه السلفيه الارهابيه هي الاخطر بسبب سرعه انتشارها بين الطائفه السنيه ولكن عندما يصبح هذا الارهاب محمي من قبل الدوله ويمتلك حصانه قانونيه ودستوريه هنا سيكون خطره اعظم واكبر حتى من اعتى الحركات السلفيه الجهاديه وهنا اقصد الاسلاميين الشيعه خمينين الولاء
#احمد_البكر (هاشتاغ)
Ahmed_Albakir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟