أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد حسن يوسف - العلمانية تجمع ولا تفرق














المزيد.....

العلمانية تجمع ولا تفرق


خالد حسن يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6475 - 2020 / 1 / 28 - 23:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جاء في القرآن "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر, والعلمانية تقول أن حرية العبادة شأن شخصي وتلك مساحة شبه هامة جدا ولا يمكن اغفالها، وبطبيعة الحال فهي لا تزكي هذا أو ذاك، بل تضع ذاتها كمسار جامع بين الأطراف المختلفة، ولأجل تحقيق صيغة تلاقي فكري بينهم كمرجعيات دينية وإنسانية.

وبذلك تؤكد العلمانية أنها أقرب إلى الله مقارنة مع الكثير من المسلمين المتطرفين، فهي حريصة على خلاص المجموع الانساني، بينما خصومها حريصين على خلاصهم الخاص أو منظومتهم الايديولوجية المحدودة، فمعتقدي كل دين حريصين على خلاصهم الذاتي، وهكذا هو الأمر بالنسبة للمعتقدين في إطار داخل كل دين ومذهب، فالفارق ما بين العلمانية وغيرها، أنها لا تتعاطى الحزبية وتنحاز إلى الأفق الأوسع إنسانيا.

وفي حين أن الدين حريص على خلاص الانسان في الدنيا والآخرة، فإن العلمانية حريصة على خلاصه الدنيوي أولا وأخيرا, ولكونها ليست ذات صلة مع الميتافيزيقيا بل مع الواقع الانساني، لدى فإن الإيمان والتدين، لا يعنيان العلمانية، كما أنهما لا يمثلان باشكالية بالنسبة لها، أما تركيزها فينصب على طبيعة تعاطي ممثلي الدين والسلطة مع المجتمع، وكيفية إنزال العلاقة بين البنى الفوقية والتحثية.

العلمانية لا يعنيها أن يكون ولائك لله والأنبياء, بل يهمها أن يكون ولائك لمجتمعك الانساني، خاصة وأنها قد تركت ما له صلة بالضمير الفردي للأفراد، وصياغته مسألة متروكة لتصوراتهم، إلا أنها غارقة في ظل منظومة العلاقات القائمة فيما بينهم، وحرصها على هذا التوفيق، كما أنها لا تتبنى أي ولاءات أخرى أكانت ايديولوجية أو اجتماعية غير منسجمة مع الولاء الأفراد الجمعي.

الله يحاسبك على ما يخفي صدرك, بينما العلمانية تهتم بممارستك العلنية فقط، على مستوى الإطار العام، وهي هنا تتميز حتى في صدد كيفية تعاطي المتدينين فيما بينهم، والذي لا يخلو من تباين وتطرف، وبذلك يمكنها أن تكون الآلية المنظمة لطبيعة العلاقات بين هؤلاء، وبذلك تتجاوز التفتيش عن المعتقد والأفكار، وتنحاز إلى سياق علاقات مادية واجتماعية متفق عليها.

يوم الحساب الديني، ميتافزيقي, بينما ينحصر العقاب العلماني في هيئة عقوبات دنيوية، يتعاقد البشر بشأنها، وبالعودة إلى عقد قانوني واجتماعي يصيغ كيفية العلاقات فيما بينهم، ولا يضير العلمانية أن يكون الدين من مرجعيات نظمهم العامة، في حال كان يحقق حقوق عامة أفراده، فعلى سبيل المثال فإن بناء المدرسة من أولويات النظام العلماني، إلا أن بناء دور الدين ليس من حسابات هذا النظام، بل هو مسألة متروكة للمجتمع.

الله يدقق معاك في تفاصيل منظومة أخلاقه, في حين تهتم العلمانية بتكريس الملامح العامة للأخلاق وتترك جزئياتها للبشر يصيغونها بصورة لا تتنافى مع حاجتهم ورغباتهم، وبدرجة الأولى والأخيرة فإن ما يهمها بصدد تلك العلاقة هو خيار الانسان الذي هي معنية به وبمعزل عن موقف الدين من بنية الأخلاق، وفي هذا المنحى تتقاطع مع الديمقراطية.

العلمانية لا تعترض أن يتفق المواطنون على تفعيل عقوبات الله دنيويا أو حتى عقوباتهم الاجتماعية, ولكنها معنية بأن يكون هذا الاتفاق غير قابل لرفض حتى من قبل عدد صغير، وأن يحقق المصالح المشروعة للأفراد، فهي ليست آلية على غرار الديمقراطية المعنية تحديدا بتكريس رغبات الأغالبية، وإن كانت في هذا السياق قد طورت من كينونتها وأصبحت تتلاقى مع العلمانية في ماهية قيمها.

العلمانية تهتم بالمساواة بين البشر انطلاقا من حقوقهم الطبيعية, أما المساواة والتمييز بينهم على خلفية دينية فذلك ليس من صلاحياتها، فهي ليست معنية بالشأن الديني وبالنسبة لها فهو مساحة خيار انساني، رغم وجود علمانيين متطرفين حشروا ذواتهم في هذا الصدد، انطلاقا من خلفيتهم الايديولوجية، وكرسوا صورة أن العلمانية في صراع مع الدين.

الفلسفات الماركسية والرأسمالية والنزعات القومية ليسوا من أطر العلمانية، فهم في واقع تمايز معها، وكونهم منغمسون فيما له صلة بالانسان والحياة، فذلك لا يصيغ تماثل معرفي وايديولوجي شامل بينهم وبين هذه العلمانية، لا سيما في ظل تركيزهم وغرقهم في تصوراتهم الايديولوجية، والتي لا تفارق نظرتهم إلى الحياة العامة.

فاختلاف العلمانية عن ما دونها من بنى فكرية دينية أو ايديولوجية تجريبية، هو إنحيازها للمجموع بمعزل عن الانغماس في الاختلافات فيما بينهم، وأن المسطرة التي ترسم بها العلاقة تعود إلى التراضي الانساني، والذي يحفظ المصلحة الجمعية والفردية معا، كما أنها لا ترى اشكالية في التمايز الاجتماعي ما لم يكن مقرونا بالصراعات.

خالد حسن



#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأمين الصومال بالتعاون مع تركيا
- الصومال وجماعة المنكر وتحاشي المعروف
- الصومال أولا- Somalia First
- العلاقات الإقليمية لسلطان علي مارح
- عمان في عهد السلطان قابوس
- سياد بري ليس الانقلابي الوحيد
- في الصومال رجال المال عامل هدم
- الصراع على الدين والمجتمع لأجل السياسة
- حركة تحرر صومالية تمارس التقية والتضليل
- خصوم في حضيرة الايجاد
- تهديدات بقايا مؤتمر الهويي الموحد
- إنتحار حركة تحرر صومالية
- مهمشين متنازع عليهم في الصومال
- الغيرة من المناضلين
- العلم الإثيوبي تعرفه جمال العفر!
- ضغوط على الصومال لتسوية مع كينيا
- مثقفين يطالبون الصومال بالتبعية لسعودية!
- من أكاذيب الصراع العفري الصومالي!
- أبيي أحمد وازدواجية نوبل للسلام!
- يصارعون تركيا على أمنها القومي


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد حسن يوسف - العلمانية تجمع ولا تفرق