|
الانفتاح الفكري ثورة على التعصب و التخلف و الجمود العقائدي
كامل الشطري
الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 11:22
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
الحديث عن موضوعة الانفتاح الفكري وعلاقتهِ بالتعصب و الجمود العقائدي والخوض في عالم الافكارغاية من الصعب إدراكها و البحث في تناقضاتها والالمام بتفاصيلها و التنقيب في تنوع منابها وأسبابها وغاياتها. إن االبحث في مناقبها كالغوص في أعماق المحيطات لاغتناء نفائسها،لانها نتاج المجتمعات البشرية كلها وهي أساس حركة تلك المجتمعات بكل أنظمتها وتشكيلاتها المختلفة، بحضاراتها و ثوراتها بحروبها وثقافاتها وابداعاتها وإنجازاتها منذُ الازل والى اليوم الذي نحن فية. ان الموضوع الذي نحن بصدد التطرق الية والذي يهمنا جميعآ و يشغل بال العلماء والمفكرين و المبدعين و كل المهتمين بالشأن الفكري والسياسي و الاجتماعي وعموم الفكر الانساني الذين يتطلعون الى مستقبل أكثرإشراقآ و عدالة و تقدمآ وأزدهارآ لشعوبهم و اوطانهم هوالفكر الانساني العالمي التقدمي و كيفية ألانفتاح علية والتفاعل معهُ بموضوعية و مساحة واسعة من الحرص والمرونة وألشفافية من قبل كل الاطراف المختلفة مع هذا الفكر و الاطراف الموءيدة له هذا أولا وايضآ مع الاطراف التي تتبناة فيما بينها ثانيآ . لأن الفكر الانساني التقدمي هوعصارة عقول و عمل و نشاط دأوب و جاد وعظيم لخيرة الفلاسفة و المفكرين والمبدعين وشغيلة الفكر والرأي الذين أفنوا شبابهم و حياتهم من أجل التوصل لتلك الافكار العظيمة لخدمة الانسانية جمعاء. و التفاعل معهُ لايعني ان نتبنى أفكارآ دون إراداتنا و لاتنسجم مع نمط تفكيرنا و حياتنا و طرق معيشتنا و نشاطاتنا اليومية ، سواء كنا أفرادآ اوأحزابآ سياسية أوكيانات إجتماعية و بغض النظر عن توجهاتنا السياسية ومنطلقاتنا الفكرية و العقائدية و ثقافاتنا العامة و إنتماءاتنا القومية و الدينية و المذهبية وعاداتنا وتقاليدنا و أماكن تواجدنا. إن التفاعل في كيفية التعامل مع هذه الافكار المختلفة والانفتاح من خلالها على الآخر الذي نتعايش معهُ بغض النظر عن الافكاروالايدولوجيات التي يتبناها و يوءمن بها هو اساس التعايش و التكامل لابناء المجتمع الواحد. فالمجتمع المنفتح فكريآ و سياسيآ و اقتصاديآ أثبتت التجارب إنة اقوى وأكثر تماسكآ و تطورآ من المجتمعات الاخرى المنغلقة على نفسها و ان الابتعاد عن الآخر سَيولد حالة من الضعف في التفكير و الاداء العملي و سوف يوءدي الى التخلف و ارتكاب الاخطاء و التصادم مع الآخر نتيجة لحالة التعصب والجمود في مجال الفكر و الايديولوجيا و إخفاء الحقائق وحجبها من الوصول الى الجماهير وهذا بالتأكيد سينعكس على إداءُ العمل الفكري و السياسي و مجمل النشاط الانساني في المجتمع الذي نتفاعل معهُ .وبالنتيجة سوف يوءدي الى الايمان المطلق بصحة هذه الافكار الخاطئة وتصديقها و الاقتناع بها و الايمان المطلق كونها مسلمات و بديهيات وهي الافضل و الاحسن فيصدقوها ولايعطوا مجالا للنقاش اوالحوار الجاد فيها مع الاخر و بالتالي سوف يوءدي هذا النمط من التفكير الى رفض الآخر و التقاطع معهُ و ايضآ رفض كل الافكار والايديولوجيات الاخرى السائدة في المجتمع الواحد ويقودهم هذا الى الغرور وجنون العظمة تحت اوهام واهية من نسيج خيالهم المريض ظنآ منهم بصحة مايتبنوة و التفرد بالانسان و الوطن و بالقرارات المصيرية فتبدأ سلسلة المغامرات والحروب والنتيجة كوارث إنسانية وبيئية وهدرآ للثروات الوطنية و الطاقات البشرية , الخاسر فيها الشعب و الوطن. إن حالة التعصب و التعالي الفكري و الجمود العقائدي هي أمراض مزمنة تعشعش وتنتشرعدواها بسرعة بين الاحزاب السياسية وخصوصآ الشمولية و كذلك الاحزاب التي تتبنى فكرآ ومنطلقآ قوميآ ودينيآ و مذهبيآ و بدرجة رئيسية الاحزاب الحاكمة نتيجة لغياب المرجعيات والضمانات الدستورية والقانونية الفعلية والمباديء والاسس الديمقراطية وحرية الرأي والتعبيروغياب التعددية السياسية وعدم إجازة تشكيل الاحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني الحقيقية كذلك عدم السماح بتداول السلطة سلميآ عبرالانتخابات التشريعية و احترام صوت الناخب و إعتمادهُ معيارآ حقيقيآ وإستحقاقآ وطنيآ وانتخابيآ للحكم في تشكيل السلطات الحكومية المتعاقبة بعيدآعن الموءامرات و الانقلاابات و الاستيلاءعلى السلطة بالقوة والانفراد بها و ممارسة اسلوب التسلط و القمع و الارهاب والفساد المالي و الاداري. إن الحديث عن الفكر العالمي التقدمي لا بد أن يقودنا الى الفكر الماركسي كونهُ فكرآتقدميآ وعلميآ لة مكانتهِ العالمية وتطبيقاته العملية و الميدانية, وقد تبنتهُُ الاحزاب العمالية والشيوعية كونه يمثل منهجآ ومنطلقآ علميآ و مجموعة متكاملة من التعاليم المعرفية لفهم ودراسة وتحليل واقع الطبيعة و المجتمع من وجهة نظر تقدمية علمية و يحتل مكانه عالمية يتبناهُ الآن الكثير من الاحزاب اليسارية و الديمقراطية و اللبرالية والشيوعية كونه فكرآ متجددآ قابل للحياة يلائم كل زمان و في اي مكان وكان و لايزال أساسآ ومنطلقآ فكريآ لعملها السياسي والجماهيري. إن الافكار و التعاليم الماركسية ليس نصوص جامدة لايمكن الخوض فيها أو المساس بها فهي قابلة للنقاش و الاستخلاص و الاجتهاد و التجديد والتعديل وتكمن قيمتها في نهجها العلمي و صحة تطبيقاتها العملية وقوة تأثيرها ومدى الاستفادة منها . إن أساس التطور البشري يكمن في قوة ومنهجية و وحدة و صراع الافكار فبدون هذا الصراع لايمكن لنا أن نتطور ولن نتوصل الى الفكر الجديد الذي يدفعنا قدمآ الى الامام نحو التطور و يبقى هذا الفكرأسيرآ يراوح في مكانة دون تجديد وهذا بالنتيجة ينعكس سلبآ على تطبيقاتة العملية كونه مرشدا وموجهآ للانجازات الجديدة فنبقى ندور في فلك تلك الافكار القديمة مستأنسين بها فتوءدي بنا الى الجمود العقائدي و تتوقف عجلة التطور وهذا مايحذر منة اولئك الذين يتبنون الفكر الماركسي من انهُ لا بد من تجاوز حالة عبادة الافكار و الالتزام الاعمى بها و الانشداد اليها و الدوران في فلكها دون الانفتاح على بقية الافكار العالمية التقدمية الاخرى إرتباطآ بالمتغيرات و المستجدات التي طرأت على واقع الاحزاب و البلدان التي تبنت تلك الافكار و التزمت بها لعقود من الزمن. أن الاهم في عمل تلك الاحزاب الآن الحفاض على هويتها الفكرية و الطبقية و وحدتها السياسية و التنظيمية و ليس على اساس وحدتها الفكرية على اعتبار إن هذهِ الوحدة تتناقض مع حرية و دمقرطة الفكرضمن الحزب الواحد وكذلك تتعارض مع قانون وحدة وصراع الافكار في الديالكتيك الماركسي و مع مبدأ حرية الرأي و الرأي الآخر في التعبير على إعتبار ان تركيبة الحزب الواحد تتمايز في تفاصيلها من حيث المستوى الفكري و الروءى المختلفة وتتفق في الخطوط الفكرية العامة في إطار الحزب الواحد و هذا الاختلاف في المستوى الفكري سوف يوءدي الى الصراع الفكري الايجابي داخل الحزب الواحد و بالتالي سيوءدي الى حالة التجديد الضرورية لعملهُ اللاحق و لمواكبة التطور العام و المستجدات و المتغيرات الوطتية و العالمية و يتماشى مع سمات العصر وتحولاتهِ السريعة و كحالة وطنية ضرورة الاخذ بنظر الاعتبار واقع التوجهات الجديدة ذات الطالع الديمقراطي و الدستوري و الموءسساتي و لذا على الاحزاب التي تتبنى هذاالفكر نهجآ و منطلقآ لمجمل نشاطها السياسي و التنظيمي و الجماهيري تجنب حالة الشد الاعمى الى الماضي و الانغلاق الفكري لكي تتجنب حالة الجمود العقائدي الذي سوف يوءدي بالتأكيد الى الشلل الفكري وتجميد طاقاتها الابداعية. و في النهاية لابد من التأكيد على إن الفكر الماركسي بصورة عامة فكرآ علميآ منفتحآ قابل للحياة والتجديد خصوصآ في المتغيرات و المنعطفات السياسية والاجتماعية و على القوى و الاحزاب التي تتبنى هذا الفكرأن يكون معيارها الاساسي خدمة الانسان و الاخذ بيدهِ الى الامام من أجل تحقيق مجتمع الرفاهية و التقدم والعدالة القادرعلى توفير حاجات الانسان المادية و الروحية, لان اساس وجود هذة الاحزاب و هدفها الرئيسي هو الانسان ولاشيء غير خدمة هذا الانسان .
#كامل_الشطري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أكراد العراق الحلم و المستقبل المجهول
-
العولمة و التطور المعرفي و التكنولوجي
-
إ حذروا ايها الشيوعيون من تودة ثا نيةِ قادمه في العراق
-
حالة انسانية ........ في ذكرى الشهيدة عميدة عذبي
-
دراسة أولية لمعا لجة أزمة السكن في العرا ق
-
بطل من العراق........الشهيد الشيوعي كاظم طوفان في ذكري معركة
...
-
المهندس العراقي في هولندا و دورة في مشاريع اعادة اعمار العرا
...
-
أهوار العراق صرخة الغضب في زمن الجفاف
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|