مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 6474 - 2020 / 1 / 27 - 20:40
المحور:
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية
مشاعر متناقضة تتملكني , أتذكر رائحة الغاز المسيل المحببة و أنا أشاهد الشباب يحاربون تلك العبوات و أشباح من يطلقوها , أطرب لتلك الصرخات المجنونة و هي تنتهك الصمت وسط صفارات الإنذار و الرصاص , أقرأ بيان الحزب الشيوعي اللبناني عن الانتفاضة و ما يكتبه رفاق تروتسكيون و ستالينيون و ماويون و إسلاميون مصريون و سوريون و تونسيون عن الثورات , يستوقفني الفارق الهائل بين عبث الشباب و فرحهم و ضحكاتهم و صرخاتهم وسط الغاز المسيل للدموع و بين اللغة الخشبية الجامدة "لأصدقائهم" الإيديولوجيين , و فجأة أجد نفسي وسط سيبيريا و في أعماق الريف الصيني في معسكرات الاعتقال العبودي , و أتذكر احتفاء إسلاميينا بالهولوكوست و أتساءل كم هو إنساني منظر قطع الرؤوس المفضل داعشيا أمام تلك الآلاف و الملايين من العبيد يعملون دون كلل مسلوبي الإرادة "لخير الشعب" , "كأعداء الشعب" , أتذكر صور لينين و ماو و خوجه الهائلة على الجدران و الجميع يصفقون وقوفا لكلمات الأمين العام المملة , أتذكر احتفاء إسلاميينا بضباط جيوش أسلافهم الذين استعبدوا و ذبحوا شعوبا بأسرها .. أتذكر سجون الحجاج و بيريا , جنود تروتسكي و هم يدكون كرونشتادت على رؤوس بحارتها و الدبابات و هي تهاجم شوارع براغ و بودابست , رأس السهروردي يتهاوى بعيدا و جسد ابن المقفع يمزق و يلقى في النار و مجازر كتب ابن الراوندي و ابن رشد و المعتزلة و شعراء و حالمون يموتون خلف قضبان بلا اسم و قصص لا تنتهي من القمع و الذبح و السحل التي يرددها هؤلاء الثوار الطامحون لمنصب السادة بحماسة و دفاعهم المستميت عن القتلة و الجلادين الذين يمجدونهم و يقدسونهم .. أكثر الأمور التي تبعث على الحزن أن بعض هؤلاء الشباب الذين يحتفلون و يرقصون في الشوارع اليوم سيحلون مكان من يصرخون ضدهم اليوم في سحل إخوتهم و إخراسهم .. هل يجب أن تنتهي الأمور على هذا النحو .. لكن هذا ما حدث لقرون , مرة تلو أخرى .. سينتقل البعض إلى القصور و يستمر البقية في حياتهم في نفس الشوارع و يتوجه البعض إلى السجون الجديدة .. عندما صمتنا على هؤلاء في ما كان ذات يوم ثورة سورية أصبحت دماء عمر عزيز و باسل شحادة و غيرهم و أحلامهم رصيدا مجانيا في حساب أمثال الجولاني و ما هو أتفه و ما هو أقذر .. يستحق أولئك الراقصين في الشوارع أن يسمعوا هذا منا نحن الذين كنا هناك , رقصنا لبعض الوقت ثم توقفنا عن الرقص هاربين من السجانين الجدد
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟