|
نبؤتان .. ٦
محمد ليلو كريم
الحوار المتمدن-العدد: 6472 - 2020 / 1 / 25 - 20:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
رغبت بمعرفة رأي المتخصصين فيما أجري فيه القلم ، وأن أهل العلم يصوبون لنا ما ننظر فيه من أقوال وما نقول ، ولا شك أن الأمر يتعلق بالدماغ ، وبالتالي فكل ما نتعامل به ومعه ومن خلاله يخضع لتعقلنا إياه ، وبحسب درجة فهمنا وعلمنا يكون تعاملنا ، وكلمة ( يخضع ) ضرورية في هذا المساق من المقالات ، فكل واحد منا ( يُخضِع ) ما يتعامل معه بدرجة وعيه له وبه ، فالجاهل الذي ما نال من التعليم والعلم والثقافة حظًا ليس كالعالِم الخبير في ( إخضاعه ) لما يتعامل معه وبه ، فالدين عند الجاهل غير الدين عند العالم ، ونحن أبتلينا بإلصاق صفة العالِم على رجال الدين وكأن الجهل قد تطور أو أتخذ اشكالًا تناسب العصر وتتسرب فيه بمقتضى المكر والتوهيم كسحرٍ مخصص للمجاهيل ، فقول الجاهل في النص الديني يأتي من باب التقديس ، أي انه يعتنق الدين دون تمحيص وبحث ومقارنة وبذل جهد عقلي ، ولكل جاهل ( الذي يجهل ما يعتنق جهلًا علميًا ومعرفيًا ونقديًا ، واقصد بالنقد التميزز بين شيء وشيء ) نسخة عاطفية أخذت من النسخة الفعلية المتحققة ؛ العنوان ، والسطح النصي ، وتقديس السلف ، والجماعة المُقدِسة . و ( النسخة العاطفية ) سبب بلاء وشقاء لملايين البشر وعبر الدهور ، ومثال على ذلك لكَ أن تسأل أحد الجهلة عن نص يُقدسه ، كأن تسأل شيعي عن كتاب نهج البلاغة ورأيه فيه ، ولسوف تجده مبادر غير متفكر أو متأن في القول بعصمة هذا الكتاب عن أي خطأ أو زلل ، فبالنسبة له يُعتبر الكتاب قُدسي العصمة خالٍ بالتمام من أي زلة ، وهذا ما نعنيه بالنسخة العاطفية ، فالحقيقة أن هذا الشيعي المسكين لا يتحدث عن متن كتاب نهج البلاغة ( النسخة الفعلية المتحققة ، أو المطبوعية المتداولة بين أيدينا ) بل عن نسخة من كتاب نهج البلاغة في ذهنه أطلقنا عليها اسم ( النسخة العاطفية ) أي أن هذا الشخص أخذ العنوان وما تيسر له من النص الفعلي المطبوع وأكتفى بتقديسه منغلقًا على ما أعتقد ومستنكرًا أو مستبعدًا كل تمحيص وبحث ونقد علمي أو إعادة قراءة فكرية للكتاب ، فالدافع الذي سخر عقل هذا الشخص الذاسج لتقديس مالم يحط به علما هو ( العاطفة ) والعاطفة هي من وضع نسخة لا شأن لها بالنسخة الواقعية المتحققة بتفاصيلها في ذهنه القاصر ، وكم من جاهل ناقض وعارض وفرض وأمتعض نصرًة لكتاب نهج البلاغة وهو لا يعلم عنه شيئا . لا يُخفى أن حوزات العلوم الدينية الشيعية تقول بالتدرجات العقلية للإنسان بدءاً بالجهل ووصولًا الى قوة التعقل التي تجيز للشخص النظر العلمي وحتى الإجتهاد الفقهي ناهيك عن العرفان ، وللعرفان موضوع في غاية الخطورة بما يلامس جوهر ما نكتب فيه في هذه السلسلة الوجيزة . لما ننجر الى تكوين نسخة عاطفية في الذهن ؟ يقول سيرغي سافيلييف ؛ رئيس مختبر تطور الجهاز العصبي بأكاديمية العلوم الروسية : (( في حقيقة الأمر أن جميع المؤمنين الذين يؤمنون بمسلمات ما دون عناء البحث والنقد العقلي يمكن تصنيفهم كمدمنين على المخدرات الداخلية التي ينتجها الدماغ ، كي لا يجهد ، بل يكتفي بتنفيذ مجموعة معينة من القواعد والشروط )) فالدماغ يطرح مواد ذاتية المنشأ قوية التأثير ، وهي مواد افيونية واكسوتيسونية واندروفينية ، وفي داخل الدماغ يوجد جهاز يُدعى ( الحوفي ) وهو المسؤول عن القرارات الهرمونية الغريزية ، أي انه المسؤول عن الأسس السلوكية البيولوجية ، وقد تشكل هذا الجهاز قبل تشكل القشرة الدماغية الحديثة المسؤولة عن القرارات المنطقية والعقلانية ، ويُشكل الجهاز الحوفي عُشر حجم الدماغ . يظهر الدافع للتدين في تشخيص المتخصص سيرغي ، وبالتالي فنحن نتعامل مع مُدمني مخدرات هم المتزمتون دينيًا ، ولهذا نلحظ حالة الهوس والهيستيريا التي تصيب الجماعة المتدينة عندما يُستفزَون من قِبل رجال الدين لدفعهم عاطفيًا لتوجيه عقولهم ومشاعرهم نحو عقيدة بعينها ، وقد تحدث سيرغي سافيلييف عن تطور الهيمنة بين البشر ، فأول الأمر كان المهيمن هو الاقوى ، ثم صار المهيمن من يُبدع في ابتكار منظومة تعايش تُقنِع الجماعة بإعتناقها ، ومن المؤكد أن الأسلاف الإول ابتكروا منظومات للتعايش غير علمية ولا تعمق فلسفي فيها ، والمؤكد ( حسب اعتقادي ) أن الجماعة لم تعتنق المنظومة القيمية بإستيعاب حرفي كامل ومن ثم جدلي بل تكونت نسخة عاطفية في الذهن بمساحة فهم ضئيلة جدًا وعمق عاطفي سحيق ، وبمرور الوقت ترسخت النسخة العاطفية وجرى تداولها بين الاتباع تقديسًا ودفاعًا جاهلين بالنسخة الموضوعية ، وباللحاظ كانت النبوءة من ملاك النسخة العاطفية ، فتقدست النبوءة وحازت على حصة من ولاء المدمنين . لنقترب أكثر لصلب ما نتناول من موضوع ، ونتسائل : لما ينصب الفعل الإدماني النبؤاتي للمتطرفين المسلمين على اسرائيل وجودًا ودينًا ؟ قلنا ؛ لم تكن أي من نبؤات القرآن اكثر وضوحًا ودقة في تحديد موضوع النبوءة وهدفها كما هي نبوءة سورة اسرائيل ( سورة الاسراء ) التي حددت الجهة المُستهدَفة إسمًا وعرقًا ودينًا ودولة ، وتوعدت بهجمات حربية من قِبل جهة دينية ( عباد لنا ) وعلى دفعتين ، ومن الواضح أن الدفعتين ينفذها من هم داخل النص القرآني ، أي أن النبوءة قرآنية ينفذها قرآنيون ، والمُستهَدف هم الاسرائيليون ، والاسرائيليون بصورة خاصة إذ لم يقل النص بالمسمى الآخر ( اليهود ) فلماذا هذا التركيز المتطرف تجاه اسرائيل ؟ . لعل رأي أهل التخصص والدراية يأتي لنا بإجابة شافية .. من فحوى النص القرآني نستشف توجيه أستباقي بشن حرب على أي دولة يقيمها الاسرائيليون في الأرض ( التي كتب الله لهم) : سورة المائدة الآية 21 : " يا قوم أدخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم " . سورة الأعراف الآية 137 : " وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارقَ الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحُسنى على بني إسرائيل بما صبروا " . لنفسح المجال لمداخلات ..
#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نبؤتان .. ٥
-
نبؤتان .. ٤
-
نبؤتان .. ٣
-
نبؤتان .. ٢
-
نبؤتان
-
الشرعي واللاشرعي .. التوصيف المطلوب
-
سيدتي تسيونيت :
-
الخلاص السياسي
-
فوارق بين غيث وعواد
-
خليل بدوي وفعل الإفاقة .. عودة لبحيرة الوجع
-
فكر وخطاب من مواليد عهد الثورة ..
-
المطعم التركي ، ونبي
-
واقعية الثورة
-
قول في الثورة
-
غفلة القاذفين ، وحكمة المحصنين ..
-
مولانا والبحر .. اسرار سكندرية ( الإهداء للدكتور يوسف زيدان
...
-
بطاقة معايدة الى مولانا الدكتور يوسف زيدان
-
جغرافيا ، اقتصاد ، جهاد .
-
الأتمتة أم الحتمية التاريخية ..
-
مسلسل الفندق ، وفنادق واقعية ..
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن قصف هدف في غور الأردن بفلس
...
-
“خلي أطفالك يبسطوا” اضبط الآن تردد قناة طيور الجنة 2024 الجد
...
-
مصر.. الإفتاء تحسم جدل قراءة القرآن بالآلات الموسيقية والترن
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تقصف موقع بياض بليدا بالمدفعية
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تقصف ثكنة راموت نفتالي بصواريخ ا
...
-
فرح أطفالك ونزل طيور الجنة…تردد قناة طيور الجنة الجديد على ا
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع السماقة في تلال كفرش
...
-
استقبل Toyor Aljanah تردد قناة طيور الجنة على النايل سات 20
...
-
الرئيس بزشكيان: نعول كثيرا على تركيا وباقي البلدان الاسلامية
...
-
الرئيس بزشكيان: قائد الثورة الاسلامية يؤكد على حرية التعبير
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|