أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى علي نعمان - يوميات الحرب. - أغبى الأغبياء















المزيد.....

يوميات الحرب. - أغبى الأغبياء


مصطفى علي نعمان

الحوار المتمدن-العدد: 452 - 2003 / 4 / 11 - 01:50
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


اليوم الثاني والعشرون، الخميس، 10 نيسان، 2003

أغبى الأغبياء.

جاء صوت ابنتي مبللاً بالدموع، من خلال سماعة التلفون، قاطعاً آلاف الأميال:

- قل لي: أ نفرح أم نأسى ونحن نرى وطننا يمزقه الأعداء! بأي سرعة انتهى كل شيء!

أعرف ابنتي، عندما قالت أعداء فذلك يعني أنها تشمل "المقبور بأمر الله"، إضافة إلى الغزاة أيضاً، لكنها عندما قالت "بأي سرعة" أدركت أنها صدمت كغيرها، والكثير من المساكين، تسعة وتسعين بالمئة منهم عرب من غير العراقيين، غسلت أدمغتهم دعاية صدام حسين وقوته الأسطورية، أصيب هؤلاء بالذهول، والصدمة، فالسرعة التي انهار بها هذا النظام اللئيم الوحشي قياسية، لم يتوقعها أحد!

بالإضافة إلى توعد الصحاف بالويل والثبور "للعلوج"، وبالرغم من تهديده بمفاجأة العدو بأساليب حربية غير تقليدية، أساليب تحقق نصراً أكيداً، لا شك فيه، ولا محالة منه! وتحديده بغداد، لا غيرها، بغداد بالذات لكي تكون مقبرة للغزاة، وأنها ستلقن أولئك "العلوج" "الجبناء" دروساً قاصمة لن ينسوها، إلا أن قوات التحالف دخلت بغداد، وسيطرت على معظم أجزائها، وتبددت أحلام الصحاف وسيده "المقبور بأمر الله" بأسرع مما تصور الخصوم قبل الأصدقاء.

لا يتعلم الطغاة قط من دروس التاريخ، فالطغاة أغبياء، يرددون تفاهات من سبقهم كالببغاوات، ومن دون وعي، فقد كان غوبلز يردد بأن لدى الألمان سلاحاً سرياً سيغير مسار المعركة وينهيها لصالح ألمانيا، ولما كان العالم قد فوجئ بالقذائف الألمانية الطائرة تضرب لندن، فقد توقعوا سلاحاً أقوى يحسم المعركة لصالح هتلر، ردد غوبلز ذلك حتى ساعة انتحاره، وهزيمة بلده، وردد عبد الناصر وأجهزته الحمقاء تهديدات مماثلة! هدد بالقاهر، والظافر اللذين سيوقفان التقدم الإسرائيلي، وسيقضيان على تل أبيب، ثم فوجئ الجميع بضربة تقصم الظهر، لم تسترجع مصر فلسطين من يد اليهود حسب، بل جعلتهم يسيطرون على خمسة أضعاف ما كانوا عليه! ضربة لم نستفق منها إلى حد الآن، ثم جاءت أبواق صدام، "الذكي" لتعيد نفس الاسطوانة، حتى وجدنا قوات التحالف في وسط بغداد.

لم ينتصر العرب في أي حرب مع عدو خارجي منذ ما يسمى استقلالهم في بداية القرن العشرين وحتى الآن، فقد وصف المؤرخ البريطاني جون كيغن، خطة الدفاع العراقية بأنها إحدى أسوأ الخطط التي وضعت على الإطلاق، وعدد المحللون الأمريكان أخطاء استراتيجية كثيرة، سببت خسارة المعارك في العراق!

فلماذا؟

نعم …لماذا نخسر معاركنا، ولماذا يكسبها الآخرون؟ أهي إرادة الله؟ إن كانت كذلك فلا مرد لقضائه! أما إن كان الخطأ خطؤنا فلا سبيل لدفن أعيننا في الرمال.

خدمت في الجيش العراقي كضابط احتياط لمدة سنة وأربعة أشهر، خرجت بعد انتهاء تلك المدة، بنتيجة وحيدة، يتيمة، هي أن جيش يقوده مثل أولئك الأغبياء لا يمكن أن ينتصر قط، حتى لو ملك سلاح الدنيا كلها، ربما يستطيع مثل هذا الجيش أن يقوم بانقلاب، أن يقتل الأبرياء، يدمر المدن، يقصف بشكل عشوائي، نعم يستطيع أن يفعل كل ذلك أما أن ينتصر بمعركة على عدو خارجي فمستحيل، فلماذا؟ أ يعود السبب لأن قائد الجيش حمار؟

ربما يتهمني أحدهم بأني متحامل، أو متسرع، وقد أكون كذلك، فلا يسلم أحد من الخطأ، لكني سأسوق ما يلي، لندرك بعض الحقائق.

إن قادة الجيش العراقي هم في عمر يناهز الستين الآن! أي أن معظمهم تخرج في الكلية العسكرية قبل " 30-40 سنة، وكانت الكلية العسكرية حتى سنة 980 تقبل أي طالب يحمل شهادة الثانوية أو ما يعادلها إن كان معدله في السنة الأخيرة 50%. وهذا يعني أن هذا الطالب حصل على معدل 45% ثم استفاد من قرار متعارف عليه في تصحيح أوراق الامتحانات الوزارية يقضي أن يرفع هذا المعدل إلى 50%، وهذا يعني أن من يحصل على معدل 45% يتمتع بذكاء أقل من المتوسط، ربما يكون الحكم على التحصيل الدراسي غير عادل، لكننا إن قارنا إنجازات ألف واحد حاصل على هذا المعدل، بألف آخر حاصل على معدل 90%، فلا شك أن الألف الأخير سيتميز بتفوق إنجازه على الألف الأول! بكل الميادين.

فرضت بريطانيا عندما كانت تحكم من وراء ستار هذه القاعدة على وزارة الدفاع العراقية، وفرضتها مادة في قانون الكلية العسكرية، وكلية الشرطة، وفرضتها على وزارة العدل، وكلية الحقوق، فأصبح عسكريونا كلهم في مستوى الحد الأدنى من الذكاء، وأصبح خريجو القانون أيضاً بنفس المستوى الواطئ تفكيراً، أيضاً، وآل الأمر إلى أن يتسلم السلطتين التنفيذية، والتشريعية في العراق، رجال يتمتعون بذكاء أقل من الحد المتوسط، فكيف يرتقي بلد مشرعه غبي، ومنفذه غبي؟ وكيف ينتصر جيش يقوده رجال أغبياء؟

يستثنى من ذلك "بالطبع" العباقرة، كالزعيم الأمين عبد الكريم قاسم، وبعض الضباط الآخرين فقد كان عبد الكريم معلماً قبل أن يلتحق بالكلية العسكرية، ومن هنا بدأ تميزه في كل شيء عن قطيع زملائه الهابط.

ولعل ضباط الجيش العراقي جميعاً أرقى تفكيراً، وتحصيلاً علميا، بالقياس إلى رئيسهم "المقبور بالله"، بالرغم من مستوى 45% الذين يتمتعون به "عن فخر"، وربما يكون مستوى رئيسهم "العصابجي" لا يزيد على أربعين بالمئة، أي أنه اقرب إلى الحمير من البشر، فهو لم يستطع إنهاء الابتدائية إلا بالتهديد، والوعيد، ولم يهبه الله أكثر من هبة القتل، التدمير، الهدم، التحطيم! وهذا يعني أنه أغبى الأغبياء، وتأكد ذلك من أعماله طيلة مدة حكمه المفروض على الشعب.

في الحرب العراقية الإيرانية قام الجيش العراقي بأول خطوة في "غاية الذكاء"، أخلى ونهب كل القرى والمدن العراقية، الواقعة على ضفة شط العرب الغربية، بحجة منع الأعداء من الاستفادة منها، ثم قام بخطوته "الذكية" الثانية، دمر، ونهب، وقتل كل شيء حي في عربستان، وعربستان هي المنطقة التي كان من المفروض أن يضمها إلى العراق، لأنها أقرب إلى البصرة، إلى العراق في كل شيء: شعباً، مجتمعاً، لغةً، عاداتٍ، لكن الجيش، سحقهم، دمر بيوتهم، فمنهم من قتل، ومنهم من نجا لينضم إلى الجيش الإيراني، لينتقم من القتلة.

ثم تتالت خطوات ذلك الجيش "الذكية"، فهزم تلك الهزيمة الشنعاء في المحمرة، وكان بإمكانه أن يظل مدى الدهر، لطبيعة المنطقة الجغرافية! ولم يعتبر نفسه منتصراً حتى أوقفت إيران الحرب، ثم كانت خطوة غزو الكويت! وما تبعها من هزائم مخجلة، شنيعة.

لكن أفجع خطوة "ذكية" اتخذها الجيش العراقي، وقيادته "العبقرية" الفذة، كانت خطة الدفاع عن بغداد، ففي تحليلات العسكريين الأمريكان، والإنكليز، تبدت "عبقرية" استراتيجيي الجيش العراقي بكشف الفرق العسكرية خارج بغداد، في مسارات مكشوفة لتتصيدها طائرات الحلفاء، وأعتقد أن المقبور بأمر الله هو من ابتدع هذه الخطة، فلقد اشتهر بخطواته "العبقرية" فبالرغم من كونه تربع على مئات المليارات، إلا أنه لم يتخذ خطوة واحدة لصالح شعبه، يتذكرونه بها، فقد بنى الزعيم عبد الكريم قاسم، بميزانية تعادل واحداً من عدة آلاف فقط مما لدى "المقبور بأمر الله"، بنى مئات آلاف البيوت، وزّع بعضها مجاناً على الفقراء، وتقاضى مبالغ زهيدة عن البعض الآخر، وبهذا خلّد اسمه في قلوب الشعب العراقي، أما صدام حسين فقد حصل بعد تأميم النفط على ثروة فلكية، تعادل أكثر من ألف مما حصل عليه عبد الكريم، لكنه للؤمه، وأنانيته، وحقده على الشعب، ووضاعته، وسوء خلقه، وانحطاطه، بدد تلك الثروة الطائلة، على جيش يحميه، ودعاية تؤلهه، وأجهزة أمنية تسهر على راحته، وقصور فارهة، تخلب اللب بعظمتها الأسطورية، لكنه كأي لص يخشى أن تكتشف سرقاته لم يتمتع بالنوم فيها يوماً، واحداً، ولذلك تخلى عنه جيشه في احلك لحظاته، وانقلب عليه الشعب كله، لتنتهي إحدى أحلك الصفحات في تاريخ العراق، صفحة لا تقارن إلا بهجوم المغول على بغداد، ولتؤرخ لحقبة مريرة، بدأت بعميل، صغير، صغير، صغير، اختاره الأمريكان، ليدمر العراق، فأفلح في تدميره، ثم عاقبوه فأفلحوا في عقابه، ودمروه، لأبقى أنا وأمثالي المساكين، أبقى، ذاهلاً، مصدوماً، أكرر السؤال مع ابنتي، ولا أعرف جوابه:

أ نفرح أم نأسى ونحن نرى وطننا يمزقه الأعداء



#مصطفى_علي_نعمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحرب - صناعة الرجال
- يوميات الحرب - سيد الغربان
- يوميات الحرب. - خيبة الحسابات
- يوميات الحرب. - الوجه الحسن للحرب!
- يوميات الحرب - نهاية عميل
- يوميات الحرب - الكاركتير يفضح الطغاة
- يوميات الحرب - معركة الصور
- يوميات الحرب - أطفال العراق
- يوميات الحرب - قريتان عراقيتان
- يوميات الحرب - ناديا
- يوميات الحرب. - ساجدة وسحر، عدالة أم حظ؟
- يوميات الحرب - بعرق الجبين أم
- يوميات الحرب - ستة أشهر
- يوميات الحرب - النصر، والمنصور بالله
- يوميات الحرب - قضية قديمة
- يوميات الحرب - البيئة المثالية
- يوميات الحرب، اليوم الثالث: 21-3-2003. - انشقاق الضباط
- فجر يوم جديد…!
- المرأة العراقية في العراق الجديد
- رحيل الدكتاتور..تحت المجهر!


المزيد.....




- إطلالة مدهشة لـ -ملكة الهالوين- وتفاعل مع رسالة حنان ترك لجي ...
- 10 أسباب قد ترجح كفة ترامب أو هاريس للفوز بالرئاسة
- برشلونة تعاني من أمطار تعيق حركة المواطنين.. وفالنسيا لم تصح ...
- DW تتحقق - إيلون ماسك يستغل منصة إكس لنشر أخبار كاذبة حول ال ...
- روسيا تحتفل بعيد الوحدة الوطنية
- مصر تدين تطورا إسرائيليا -خطيرا- يستهدف تصفية القضية الفلسطي ...
- -ABC News-: مسؤولو الانتخابات الأمريكية يتعرضون للتهديدات
- ما مصير نتنياهو بعد تسريب -وثائق غزة-؟
- إعلام عبري: الغارة على دمشق استهدفت قياديا بارزا في -حزب الل ...
- الأردن.. لا تفاؤل بالرئاسيات


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى علي نعمان - يوميات الحرب. - أغبى الأغبياء