|
رامي ... و رامي
رفعت ريد
كاتب وباحث وروائي احب السفر والقراءه
(Refaat Reed)
الحوار المتمدن-العدد: 6469 - 2020 / 1 / 19 - 18:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اثنين نبتا في تربه واحده وأستقيا من نفس العين‘ واستنشقا نسيم واحد‘ ولهم اصل واحد وجينات فرعونيه واحده‘ الاول رامي مالك وهو قبطي مسيحي حصد جائزتي جولدن جلوب والاوسكار‘ والثاني هو رامي يوسف وهو قبطي مسلم حصد جائزة جولدن جلوب. الاثنين بالنسبة لي مصدر فخرا‘ ليس فقط لكونهما مصريان صعدا بانفراد علي سلم المجد‘ بل لانهم مرآة تعكس طموحا اعتدنا عليه في غربتنا‘ انه طموح من نوع المصارعة‘ لا نعرف فيه موانع او عوائق‘ طموحا تنصهر امامه جدران الفولاز‘ يسيل امامه خط بارليف‘ ولكن طموحهما لم يكن عاديا مثلنا‘ بل طموحهما كان اشبه بتسلق الجبال للعصود الي القمه‘ ولان المصري في الغربه‘ لا يعترف بالهزيمه‘ ولا يقبل بالفشل‘ صارعا حتي وصلا الي اعلاها. ولكن دعنا نغوص اكثر في تفاصيل قد تكون غير ملحوظه لنصل الي الفارق الرهيب بينهما. الاثننن في وجه نظري يمثلان حاله مصريه خالصه تعكس صوره حقيقيه لمجتمع ذو عرقين مختلفين ليس في الدين فقط‘ بل في الهويه والفكر والثقافه رغم تماثل عناصرهما‘ فالاول مسيحي والثاني مسلم‘ رامي مالك المسيحي يعرف انه قبطي وربما سمع ان الاقباط في مصر مضطهدون‘ وكان يسمع عن قتل الاقباط‘ وحادثة الكشح‘ وحرق كنائسهم‘ ولكنه لم يستخدم يوما شهرته ووزنه في القاء الضوء علي مشاكل الاقباط‘ ولا حتي مناصرتهم او الدفاع عنهم‘ لم يستخدم قوته الناعمه ليطرح قضيتهم في الغرب‘ لم يعتبر نفسه جندي في جيش قبطي‘ ولا رسول لهم‘ الامر بالنسبه له ليس له وزن او قيمه او اهميه‘ رامي مالك يمثل نموذج للقبطي المسيحي في المهجر‘ لم ترضعه امه الحنين الي الوطن‘ ولم يضرب ابوه جذوره في اصله القبطي‘ ولم تتمخض به كنيسته لتلد مجاهدا في سبيلها‘ ولا يعتبر ان المسيحيه وطنه ولا المسيحيون عشيرته‘ اسرة رامي مالك مثلها مثل الالاف الاسر القبطيه لم تهاجر الوطن بل هجرته‘ طلقته بالثلاثة حين صعدت علي درجات سلم الطائره بلا عوده او نيه للعوده‘ تنصلت منه بعدما اكتوت بنيران عنصريته‘ وتجرعت من الالم كأس تعصبه ومعاملته للاقباط كنغول لا بنين‘ واحتست من خمر احتقاره لها وعانت الامرين من تحرش دائم من شركائها في الوطن وتجاهل مميت من دوله تبنت منهج اذلالي للاقباط‘ فالاقباط كالمسيح صلبوا بلا سبب‘ واقتيدوا الي الذبح ولم يفتحوا افواههم‘ اسره رامي مالك اشبه بالفتاه التي تحررت من سجن والديها الذين يضطهدونها دون سبب رغم ان دمائهما تجري في عروقها‘ وما ان خرجت خارج اسوار المدينه نظرت للامام ولم تنظر ولو لمره واحده للخلف رامي مالك مثل رامي ابني مثل كل ابناء اقباط المهجر ابناء ثقافة ارضهم التي نموا فيها. اما رامي يوسف فهو نموذج للمصري المسلم الذي يعتبر ان الاسلام وطنه‘ يملك الفكر الاخواني الاصيل بان الاسلام هو وطن المسلم كما قال مؤسس الجماعه حسن البنا ان الوطن ما هو الا حفنه من تراب عفن‘ وان الاسلام هو وطن المسلم‘ ويري رامي نفسه فارس في جيش الاسلام‘ وظيفته الدفاع عنه ومناصرته‘ غذته امه منذ حداثته بلبن الدين‘ ووثق ابوه جذوره في ارض الاسلام‘ يفتخر رامي يوسف باسلامه ولعل اول ما قاله عند فوزه بجائزه جولدن جلوب "الله اكبر"‘ يستخدم رامي يوسف قوته الناعمه لتحسين صورة الاسلام المشوهه في الغرب‘ لم يترك مناسبة واحده الا واستخدم قوته الناعمه في الدفاع عن الاسلام الوسطي وهو نوع من الاسلام لا يوجد الا في المعامل ما زال في طور البحث لم يخرج للحياة بعد‘ اسلام موجود فقط في عقول المسلمين المستضعفين او الخجلون من دينهم‘ ولا تواجد له في ارض الواقع‘ اسلاما لا يعرفه العالم ولا شهد له التاريخ‘ ولا تحدث عنه المؤرخون‘ اسلاما يمتلك اشياء كثيره ماعدا الاسلام نفسه‘ اسلاما ليس من نسل الاسلام ولا يحمل جيناته‘ يستخدم رامي يوسف موهبته القويه ككوميديان ارتجالي في محاوله لتجميل الاسلام‘ وتوثيق مفهوم الاسلاموفوبيا‘ ليقول ان الاسلام طبيعي جدا وكيوت وجميل والخوف منه هو نوع من القلق الغير مبرر‘ فمثلا في احدي المرات وهو يلقي نكاته‘ وصف صديق له زار القاهره في عز الحر ودرجه الحراره 100 فهرنهيت ووجه اللوم لرامي حينما رأي السيدات محجبات في ملابس كثيره وثقيله في هذا الصهد‘ وقال له لما تفعولون ذلك بإناثكم؟‘ فقال له رامي كنت علي موعد عشاء مع فتاه امريكيه في وقت احتفالات الكريسمس وكانت ترتدي ملابس قليله وقصيره وعاريه والجو من حولها صقيعا لا يُطاق ودرجة الحراره صفر فهرنهيت‘ فلماذا تفعلون هكذا بإناثكم؟‘ وهنا رامي يحاول ان يهون امر الحجاب الذي يمثل قمة احتقار المرأه لنفسها كعوره‘ كاختيار ذاتي من الانثي تتحدي به الطبيعه دون اكراه‘ مثلها مثل الفتاه الامريكيه التي ترتدي ملابس قصيره بارادتها تتحدي بها الطبيعه دون غصب وهنا يصف الحجاب كالعري شأن خاص لا يعيب صاحبته‘ في دفاعه عن الاسلام الف ومثل واخرج رامي يوسف مسلسله "رامي" ليجمل ويلقي الضوء علي الاسلام الوسطي في صوره كوميديه من خلال مواقف استلهمها من حياته الشخصيه كمسلم يعيش في الغرب. يمثل رامي يوسف خطورة الاسلام الوسطي الناعم في المهجر ومحاولة طلاء اصوليته الارهابيه عنوة بالعلمانيه ليبدوا جميل المنظر ومبهج وعقلاني جدا ولا يجوز ان نعتبره يصتطدم بالعقل او انه ضد الحضاره ولكن الجميع يعرف ان جوهره قبيح وسلاحه سيف وايدلوجيته موت ونهايته خراب‘ ولونه الاحمر الوحيد ليس نوعا من الموضي بل كرات دم حمراء رسمتها ريشه مملكة الدم عبر تاريخه كله‘ رامي يوسف اخطر علي الغرب من داعش‘ فهو كالحية ذات الجلد الاملس الناعم والالوان البراقة المبهجه‘ ولكن لدغتها مميته. رامي ورامي يمثلا نماذج حقيقيه تعكس مجتمعين عاشا سويا ولم يلتقيا ابدا‘ لا في مصر ولا في المهجر‘ اولهما منتج كنيسي والثاني مولود في الجامع‘ وهنا تدرك الفارق بين الاثنين‘ الاول امريكي الجنسيه قلبا وقالبا هويته ليست دينيه علي الاطلاق شانه شأن كل الامريكان‘ والثاني اسلامي الجنسيه مع اوارق اقامه في امريكا بلا قيمه في وجه نظره وهويته دينيه صارخه شانه شأن كل مسلمي المهجر‘ رامي ورامي تشابها في الاسم فقط‘ وانا اري ان هذا التشابه ليس عرضا بل هو مقصود من السماء لنسعي للتفكيرثم الفصل بين الزوان والحنطه الذين يتشابهها في الشكل دون المضمون‘ رامي ورامي اتفقا في شئ واحد هو انهما لا يعبئا بوطنهم مصر فالاول وطنه امريكا ولا يعرف كثيرا عن اصله المصري والثاني وطنه الاسلام وايضا لا يعرف كثيرا عن اصله المصري ايضا‘ رامي ورامي يمثلا نموذج صارخ لكيفية تنشأة الاطفال المصريون في المهجر ويلقي بالضوء علي طبيعة الكنيسه التي مازالت ترضع ابنائها زميه ومازات تعيش في الخوف من الاسلام حتي في الخارج وطبيعه الجامع الذي يعيش دون خوف في اي مكان. رامي ورامي اخوه في الجينات ولكنهما ليسا اخوه في الفكر والثقافه‘ اشبه بيعقوب وعيسو‘ هذا لقبه مالك والاخر يوسف‘ اثنين التقيا بالجسد دون الروح‘ استقيا من نهر واحد ولكن روافده مختلفه‘ الاول من المسيسبي والثاني من زمزم وليس فيهما اي شئ من نهر النيل.
#رفعت_ريد (هاشتاغ)
Refaat_Reed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلمت يوما
-
فقرُ الفكرِ وفكرُ الفقرِ
-
المَجْدُ لجُهَّالِ الْعَالَمِ
المزيد.....
-
الزاوية اللؤلؤية.. قبلة المبعدين عن المسجد الأقصى
-
هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية
...
-
المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله
...
-
الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي-
...
-
أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ
...
-
-حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي
...
-
شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل
...
-
-المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|