أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مفيد ديوب - عودة الاعتقالات.. وتبّدل الأزمنة الحريّة إلى فاتح جاموس وميشيل كيلو والمثقفين السوريين















المزيد.....

عودة الاعتقالات.. وتبّدل الأزمنة الحريّة إلى فاتح جاموس وميشيل كيلو والمثقفين السوريين


مفيد ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1567 - 2006 / 5 / 31 - 10:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


منذ استلام الرئيس السابق السلطة السياسية في سورية عن طريق مؤسسة العنف ( الجيش )عام 1970 بدأت مرحلتها الثانية في إتمام تشكل الدولة الشمولية والقبض على المجتمع والاقتصاد والسياسة والحريات وسبل صياغة الإنسان والأجيال . وتمكنت من ذلك على مدى ثلاثة عقود مستفيدة من عناصر قوتها, ومن كل الفرص والشروط الدولية والمحلية والأحداث الصغيرة والكبيرة لتمتين قبضتها واستمرار هيمنتها...
لقد استخدمت السلطة السياسية الحرب الوطنية التي خاضها أبناء شعبنا ضد العدو الإسرائيلي عام /1973/ ومجل مراحل الصراع العربي الإسرائيلي أمثل استخدام واستثمار وتجييرها لحساب تثبيت سـلطتها وتمتينها , فكانت تلك الحرب " نعمة إلهية " لها, كما عبر عـن ذلك زعماء الحروب الإيرانيين ( الخميني , ونجادي) ,حيث تمكنت السلطة في سورية تحت مظلة تلك الحرب من تصفية معارضتها السياسية (كما حصل في إيران أيضا ) ,ومن ثم القبض على المسألة الوطنية واعتبارها احتكارا حصرّيا لها , وتولت أمر زعامتها ,بات المعبر إلى الوطنية يمر عبر بوابتها, أي عبر تأييدها والموافقة على نهجها ,وباتت حاملة الخاتم الذي يمهر هوية مواطنيها بالوطنية أو عدمها فمن يخالف السلطة بات خائنا للوطن , وعليه دخلت السلطة في أنفاق متضّيقة باتجاه القمع ومصادرة الحريات ومزيد من مركزة السلطة بيد الحاكم وأجهزته الأمنية إلى أن باتت الأجهزة ( الغول ) الذي أكل كل أبناءه.. وكانت من القوة أن قمعت المجتمع بأسره في معركة تفجر فيها العنف في الثمانينات من القرن الماضي وضربت بقسوة بالغة الأحزاب السياسية السلمية اليسارية ,بحجة محاربة الأخوان المسلمين الذين حملوا السلاح في وجهها.
وتأتت عناصر قوتها التي مكنّتها من قمع المجتمع من مجموع شروط :
1ـ كانت تلك السلطة مدعومة من الدول العظمى وتتمتع بغطاء دولي وإقليمي, ومارست عمليات القمع تحت ذاك الغطاء والدعم .
2ـ و كان حاملها الاجتماعي من أبناء الريف الذين أخذوا بثأرهم من المدينة, ونزلوا إليها واحتلوها وريفوّها , واعتبروا أن هذه السلطة سلطتهم خصصيا بعد أن وزعت على قسم منهم بعض الأراضي وباتوا عاملين في مؤسساتها .. وباتت المدينة ومقدراتها الاقتصادية والسياسية والثقافية تحت السيطرة
3ـ كما تم تطوّيع المؤسسة الدينية لخدمة السلطة السياسية عبر المنفعة المتبادلة حيث قامت السلطة السياسية بإطلاق يد المؤسسة الدينية في كل الفضاء الثقافي والتربوي ومدتها بالإمكانيات والتسهيلات لبناء المساجد لتغطي كامل مساحة الوطن وتحشد الجموع تحت مظلتها وتتعاون مع أجهزة السلطة بتنظيم الخطاب الديني التوجيهي .
4ـ تم القبض واحتكار المؤسسات التربوية والإعلامية وإنشاء المنظمات (طلائع وشبيبة واتحادات طلابية ونسائية ونقابات ) تحت السيطرة والتوجيه .
لذا تمت الاعتقالات بسهولة بالغة ودون أي ممانعة من المجتمع السوري أو المجتمع الإقليمي والدولي .. بل تشاركت جميعها في تأييد تلك الاعتقالات أو التغطية عليها والسكوت عنها .. وكان يؤخذ المعتقل السياسي ويرمى في غياهب السجون القاتلة دون أن يعرف أهله عنه شيئا سنيين طويلة ( حي أو ميت أو مكان سجنه ) وكانت تمتد فترات الاعتقال سنين طويلة وعقود,و دون أن تطالب به مؤسسة أو جمعية أو منظمة حقوقية, وتقوم السلطة وأجهزتها وأحزابها ومؤسساتها الإعلامية بتشويه صورة السجين في ذاكرة أهله وأوساطه بسهولة بالغة ,و يحاصره المجتمع بعد خروجه من السجن خوفا أو نظرة ومعاملة معادية . لذا قدم المجتمع السوري عشرات الآلاف من المعتقلين من أجل الحرية دون أن يعرف عنهم مجتمعهم أو العالم الشيء المهم, كما لم يكن الحصاد المباشر واضح النتائج .
إلا أن الأزمنة والشروط اختلفت كثيرا بين تلك المرحلة السوداء من تاريخ سورية وبين ما جرى ويجري الآن في سورية والعالم بعد مرور خمس سنوات على بداية القرن الواحد والعشرين .. فالسلطة السياسية الحالية التي هي امتداد للسلطة السابقة لم تغيير من طبيعتها ومن ركائزها وأدواتها المعرفية أو الأمنية في إدارة شؤون البلاد والعباد , كما لم تقرأ أو لم تريد أن تقرأ المتغيرات العالمية والمحلية التي تم التنويه إليها, واستمرت في سياسة كم الأفواه ومصادرة الحريات وسياسة القمع0
فها هو العالم قد تغّير تماماً وتغيّرت مفرداته ومعطياته و تبدلت القوى الكبرى التي كانت تتقاسم النفوذ و المصالح ...
و جرت أحداث كبرى هزت العالم عدة مرات,كان آخرها حضور القطب الأمريكي المهيمن على العالم إلى المنطقة بجيوشه و احتلال العراق ، و مشروعة الشرق أوسطي للمنطقة, و باتت ثقافة الديمقراطية تهب على العالم اجمع باستثناء بعض البلدان و منها سورية ، و باتت الشروط الدولية ضاغطة على السلطة السورية بعكس ما كانت داعمة في السابق و تشترط إجراءات ديمقراطية عليه ( سواء كان ذلك حق أم باطلاً) ... و باتـت المنظمات الحقوقية الدولية ضاغطة بشـدة و ناشـطة أيضاً فـي العالم و تضغط ، و باتت أيضا وسائل الإعلام و التقانة العالية بالاتصالات المنّفلتة من تحكّم الحكومات تفضح فوراً كل عمليات الاعتقال هذا على المستوى الخارجي .
أما في الداخل السوري فالاقتصاد منهار ، و مؤسسات القطاع العام تم تخريبها بعد نهبها , و باتت الدولة المطعمة لكامل المجتمع عاجزة عن دفع رواتب موظفيها,أو تأمين فرص عمل لجزء من القوة العاملة العاطلة عن العمل المتراكمة في المدن ، و بات غلاء الأسعار يأكل كل شيء و اختفت الطبقة الوسطى ، و بات الفساد كالسرطان و بات المواطن يكتوي بنار الفقر حيث وصل 60٪ من السكان إلى خط الفقر و تراجعت الدولة عن دعم الكثير من المواد ، و بات الجيل الثاني من أبناء الريف الذين و طئوا المدينة من أبناء المدينة و موطنين جدد بشروطها الجديدة القاسية .
و باتت وسائل الإعلام المتنوعة تفضح أيضا خطاب و سياسة السلطة و خداعها ، لذا باتت الخطوط بين القطاعات الاجتماعية أكثر وضوحاً بالمعنى الاجتماعي ـالاقتصادي و بالمعنى السياسي أيضاً ، فالقطاع الراغب بالتغيير بعد تلمسه الخلل و العيوب و المشكلات بات اكبر ، و القطاع الراغب بالمحافظة و التصفيق للسلطة بات أضيق بكثير, و خداع الشعب بات صعب الحصول.. و في ضوء كل ذلك باتت الاعتقالات الحالية دليل تخبط السلطة و ضعفها و اسـتمرارها باسـتخدام الأدوات الصدئة في هذا الزمن و هي بالوقت ذاته علائم لقوة جنينية للمعارضة باتت تخيف النظام من تنامي موجتها و تشكل دلالةً سياسية و خياراً لكل من يريد خوض معركة الحرية.
لقد بدأت معركة الحريات وانتزاعها من السلطة التي صادرتها قبل ثلاثة عقود, ودفع المجتمع أثمان باهظة ,إلا أن مناخ خوضها اليوم هو أفضل بما لا يقبل المقارنة والقياس نظرا للشروط المتاحة والمختلفة تماما عن الماضي والتي أضعفت هذه السلطة ومنعتها من إمكانية القمع الشديد كما حصل في الثمانيات وهي عاجزة عن إعادة الزمن إلى الوراء.
تأتي الاعتقالات الأخيرة التي قامت بها السلطة السياسية منذ بداية شهر أيار حيث بدأت باعتقال الناشط فاتح جاموس وعضو لجنة التنسيق في إعلان دمشق أثناء عودته في مطار دمشق ومن ثم تتالت الاعتقالات للمثقفين والناشطين الموقعين على إعلان دمشق ـ بيروت, ميشيل كيلو وأنور البني ومحمود عيسى وزملائهم الباقون ( وأغلبهم من حقل اليسار الوطني الديمقراطي ) وتوجيه التهم الفظيعة إليهم في حين أن أغلب فقرات البيان المذكور تكاد تكون مقتبسة من خطب الرئيس السوري في مناسبات عدة . وبالمقابل يفسح الفضاء ويتاح المجال كاملا أمام أئمة المساجد لضخ خطاب السلطة والنسق المتخلف من المفاهيم والتفسيرات الدينية الأصولية و تحشّيد البشر تحت راياتها وهذا ما يمهّد لتنامي متزايد للموجة الأسلاموية المتشّددة ويجّر البلد إلى كارثة ... إن التنبه إلى هذا المسار الذي يسير إليه بلدنا يستوّجب من أنصار الحريّة, والحريصون على سورية الأرض والإنسان أن يقوموا بواجباتهم قبل فوات الأوان. وأن يلتفوا حول راية الحرية واعتبار معتقلي الرأي والسياسة قضيتهم الأولى على قائمة استعادة الحريات المصادرة , مع التوكيد بأن ( الحصول على الحريات )سيكون المنقذ لهذا الوطن وأبناءه من مخاطر شديدة قد تكون اندلاع العنف بأشكاله المختلفة أو تقدم الموجه الأسلاموية التكفيرية ,أو تدخل الدول الإقليمية أو الكبرى. وهنا تبرز أهمية الزمن في هذه المعادلات المعقدة , وتبرز أهمية المبادرة من قبل الشخصيات والجماعات والحركات , للعمل وقطع الطريق على تلك المخاطر ,عبر انخراطهم وتنسيق جهودهم حول ورقة الحريات والديمقراطية0



#مفيد_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية العربية وصعود التيارات الإسلامية: هزيمة أم نصر ؟
- العصبية السورية والانتماء إلى سورية
- مؤتمر المحامين العرب في دمشق و الواقع العربي -القروسطي
- القوس الملتهب (من بيروت إلى طهران) والموجة الإيرانية والخطر ...
- اليسار الحالم وطغيان الأيديولوجيا المجموعات اليسارية الناقمة ...
- مخاوف السوريون والتنازلات المؤلمة للمعرضة الوطنية الديمقراطي ...
- النداء الأخير للرئيس السوري .. تحذيرا من الخطأ الأخير
- اغتيال الكلمة فارزة عصر ــ سمير القصير شهيدا
- خطر الاقتتال الأهلي في سورية , والمهمة الإنقاذية
- الجيل القومي الثالث .. وإعادة إنتاج الهزائم
- انشطا ر العقل العربي, وفشل المشروع القومي, ولعنة الثنائيات
- الأخوان المسلمون.. والديمقراطية,والحوار الدائر
- ما بين العقدة من الغرب ومن الشرق .. ضاعت حدود الأوطان
- المعركة ليست في الفلوّجة الفلسطينية.. بل في القاهرة
- إعاقات العمل الوطني الديمقراطي المشترك
- مانديلا سوري .. يحكم عليه بالسجن عاما جديدا
- العودة إلى السياسة.. مهمة وطنية بامتياز
- الخوف من الديموقراطية.. الخوف من المستقبل
- المدنية العربية .. بين الموجات الرعوية والموجات الريفية
- الديموقراطية.. العصية على العقل العربي


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مفيد ديوب - عودة الاعتقالات.. وتبّدل الأزمنة الحريّة إلى فاتح جاموس وميشيل كيلو والمثقفين السوريين