|
التوتاليتارية الخامنئية وتوسع هيمنتها في العراق
اسماعيل جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 6467 - 2020 / 1 / 17 - 01:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حصحص الحق وبانت نوايا دعاة الاصلاح المزيف والمسيرات المليونية الفضفاضة والتفاف جماهيره التي لا تعرف البوصلة الحقيقية لهذا القائد والزعيم الذي تزعم تياراً كبيراً لكنه لا يحمل مشروعاً واضح المعالم والاهداف ، تارة تجده يقود تياراً طائفياً واخرى تياراً اصلاحياً وثالثة ينطوي على ذاته " معتكفاً وفي حالة تفكّر وانعزال ورابعا نراه يقود جماهيره نحو المملكة الخضراء ويقيم خيمته فيها وبعد هنيهة ينسحب ولا احد يعلم لماذا انسحب ،خلاصة القول لن تجد له قراراً واحداً أو خطاً واضحاً يتكأ عليه اي انه متقلقل وقلق . وصل به المطاف الى دعم التظاهرات ومن ثم رفع يده منها معتبراً بأنها لم تكن قد تمخضت من تحت عمامته او عباءته ،التجأ الى قم بعد قصف منزله في الحنانة بدعوى اتمام دراساته الفقهية وباقي العلوم الدينية ، عندما اشتدت التظاهرات الشبابية وتوسعت رقعتها وقوي عودها واصبح لها صوتا مؤثراً خشي على تياره من الذوبان في التظاهرات التشرينية ، اعلن اتفاقه والعامري من ايران على الخروج بتظاهرة مليونية معتقداً بأن جماهيره هي تلك التي كان يراهن عليها سابقاً ، جاء دعم المرشد الاعلى للثورة الاسلامية " علي خامنئي " ودعوته الى " المجاهدين " الميليشيات العراقية الموالية لأيران بالنزول مع المتظاهرين ولكن الموقف السياسي لن يسير الى جانب مقتدى ولا الى جانب خامنئي ، تغيرت المعادلة لأنهما يعتمدان على رؤية التدخل في حياة العراقيين واختيار نظامهم المدني ،اما جماهيره التي اراد خامنئي استمالتها وشرائها وتجييرها اما لصالح هادي العامري او الى قيس الخزعلي وهذا الامر قد لا يدركه مقتدى الصدر من هذه اللعبة .اما تغريداته بقيت خارج السرب لا تمت الى الواقع العراقي وتطلعاته بصلة ،نبذه انصاره لأنهم تثقفوا على ثقافة العداء لأيران وقد تفاجئوا بأن قائدهم في ايران وبين قاسم سليماني وعلي خامنئي وغدت تبعيته لـ " ايران " وولاية الفقيه ،بينما كان الى وقت قريب يكن العداء اعواما طوال لأيران وهنا اوقع نفسه في غطرسة السياسة ،يخدع انصاره بخُدع التضليل تارة وخدع المقاومة واخرى بخدعة الحوار السياسي ونبذ العنف ، فهو يحمل مشروعاً آخر يختلف عما يدعيه مراراً ، يحمل تناقضات السياسة بما فيها من متغيرات مع او ضد المشاريع التقسيمية والانفصال والاحتلال وضد التيارات التي تدعو الى تبعية العراق الى ايران او امريكا . مقتدى الصدر الكماشة الطيّعة بيد الايرانيين اول من اطلق شعاره الذي اصبح مثلاً عاماً على السِنة السياسيين ولكل من يتحدث عن فساد الطبقة السياسية في العراق " شلع قلع " وبعد هذه العبارة " ايران بره بره بغداد حره حره " سرعان ما منع انصاره عدم تداوله ومنع شتم ايران ولكن استبدل بشعار ساخر " ارجنتين بره بره ...." المهم في القول ان مقتدى لا يثبت على خط واحد وليس له ثبات في موقف ولكنه يقف ويصطف مع مصالحه اولاً ومقدار ما يدخل في حسابه من المليارات ومن المناصب السيادية . لسنا هنا بصدد دراسة وتحليل شخصية مقتدى الصدر وانما بقدر تعلق الامر بمشروع المليونية التي دعا اليها ودعمه المرشد الايراني " علي خامنئي " هذه المرة تختلف عن المليونيات السابقة التي لم تترك اثراً مشرقا يسجل في صفحات مواقفه وتاريخه . مليونية الجمعة 17 / 1 / 2020 تم التحضير والاعداد لها في العاصمة الايرانية بحضور هادي العامري وخامنئي وغيرهم ، الغاية منها ليس ضد التواجد الامريكي ولكن كان الهدف ابعد عما يكون ، التظاهرات السلمية التي لم تتوقف مسيرتها ولن تترك مواقعها بالرغم من سقوط الاف الجرحى والاف المعتقلين والمختطفين الذين استخدمت ميليشيات الاحزاب والفصائل المرتبطة بقائد فيلق القدس الايراني اقسى واقصى انواع العنف والاسلحة ليثنوا المتظاهرين عن مطالبهم المشروعة ، فقد اوجدوا اسلوبا آخر لقمع هذه التظاهرات بساحات الاعتصام بدعوى رفض قوات الاحتلال الامريكي وبعد ذلك جر التظاهرات وادخالها في نفق مظلم غارقاً بدماء المتظاهرين السلميين . اما تاييد على خامنئي لمليونية " ابننا مقتدى الصدر " فهو تغير جديد بوقع طائفي بعدما فشلوا فيه باحتواء هذه المحافظات الثائرة ضد ايران اولاً وضد كل تدخل عربي اقليمي امريكي .فقد وصف خامنئي المتظاهرين بـ " شيعة امريكا واسرائيل " هذا الفشل والهروب وعدم الاعتراف بأن السياسيين الشيعة قد فشلوا بادارة السلطة السياسية والاقتصادية وفي السياسة المالية وانشغلوا بتهريب النفط وتهريب العملات الصعبة والذهب والاستحواذ عل جميع مقدرات العراق ، لن يقدموا خلال ستة عشر عاماً منجزا واحداً سواء كان خدمياً او صحيا او تعليميا او مشروعا سكنيا او اعادة اعمار المناطق والمدن التي دمرها داعش كالموصل وصلاح الدين وديالى والانبار او معملا او مصنعا ، ظلوا مشغولين في صراعاتهم على المغانم والوزارات والدرجات الخاصة وغيرها .. الآن جاء التدخل الايراني في الشؤون الداخلية للعراق من اعلى راس الهرم " علي خامنئي حينما قال " ابننا مقتدى الصدرهو الذي سيطيح بالمشروع الامريكي في العراق وادعو مجاهدينا بالتظاهر تاييدا لمظاهراته ضد شيعة امريكا واسرائيل " كأن العراق اصبح ضيعة ايرانية فيها يجول ويصول الايرانيون واذنابهم متى شاءوا . من المعيب جداً على " مرشد ايران ان يصف ابناء الجنوب والوسط وعشائرهم بـ " شيعة امريكا واسرائيل " اذا اردت الخير للعراق ما عليك الا الخروج من العراق واذنابك عندها سوف تقتل وتقبر الطائفية اولا والتدخل الاستعماري ولكن قوة المتظاهرين هم اول من يطيح بك وبرموزك العميلة . نسي مقتدى الصدر ومعه خامنئي وجميع من جاء على الدبابة الامريكية في العام 2003 اليوم يطالبون بخروج الامريكان . يريد المرشد الايراني من فتواه هذه نقل الصراع الامريكي الايراني على الاراضي العراقية وهو ما سعى اليها في 3/1/ 2020حينما دكت صواريخه البالستية قاعدة عين الاسد في الانبار رداً على مقتل سليماني وابي مهدي المهندس بقصف امريكي صباح 8/ 1/ 2020 ، كانت عين خامنئي وقياداته العسكرية والحرس الثوري ترنو نحو العراق ليكون ساتراً لحماية ايران من هجمات داعش ومن التوغل الامريكي في العراق ، من خلال هذين الحدثين مقتل سليماني وابي مهدي المهندس وقصف قاعدة عين الاسد للجيش الامريكي في غرب البلاد . رافق هذه الاحداث الساخنة مع سقوط طائرة الركاب الاوكرانية بواسطة احد الصواريخ الايرانية التي راح ضحيتها 176 راكبا مدنيا وهي فضيحة وجريمة اخرى تضاف الى الجرائم التي ترتكبها ايران في لبنان والعراق واليمن وسوريا وتهديدها للامن المجتمعي والسلم الاهلي في العراق والمنطقة . يبدو ان القيادة الايرانية وعلى رأسها مرشدها " علي خامنئي " لم يكتم صبره ولم يدفن غيضه على التظاهرات العراقية رغم سلميتها الا انها قد ارقته وسلبت منه نومه لصمود وشجاعة الشباب العراقي الذي خرج مندداً بالتدخل الايراني وبميليشياتها وفصائلها المسلحة التي لم تتوانى عن قتل المتظاهرين السلميين بطرق شتى اما بواسطة القنص والكاتم واستخدام الرصاص الحي اضافة الى الخطف والاغتيالات والاعتقالات واستخدام القوة المفرطة ، اما السلطات العراقية بما فيها القوات الامنية لن تتريث في قمع المتظاهرين وتأييد ميليشيات الاحزاب . انحصرت مطالب المتظاهرين باستقالة رئيس الوزراء والبرلمان وانتخاب رئيس وزراء بمواصفات تحددها ساحات الاعتصام اخيراً انكشفت مخططات مقتدى الصدر ولم يطق صبراً حينما خرجت هذه التظاهرات المليونية للشباب السلميين في عموم المحافظات الجنوبية والوسط وهي تطالب بالغاء المحاصصة الطائفية وهؤلاء الخارجين عن القانون وعما يطالب به الشعب العراقي هو انزال العقوبات بالسراق والقتلة وبكل من اشترك بحكم العراق منذ 2003 . اما قادة الميليشيات فقد بقيت تماطل بعدم تنفيذ ما يريده الشارع العراقي بل اخذت تتمادى في ضرب التظاهرات وكبح جماح مطالبها وكان لقاسم سليماني ولهادي العامري وقيس الخزعلي وابي مهدي المهندس وفلح الفياض وغيرهم من الرموز الايرانية الانتماء تقوم على مدار الساعة بقتل المتظاهرين بدم بارد ..لم نر من حكومة عادل عبد المهدي ولا من البرلمان استنكاراً لقمع المتظاهرين وما جرى في ساحة الخلاني والسنك كان مخططاً له من قبل التيار الصدري بواسطة نشر اصحاب القبعات الزرقاء التي نفذت الجريمة بحق الشباب المتظاهر . من الملاحظ ان الايرانيين اعدت ميليشياتها بدخول الاراضي العراقية عبر المنافذ الحدودية للمشاركة في التظاهرات التي ستنطلق يوم الجمعة 17/ 1/ 2020 والسبب ان اغلب انصار مقتدى قد انخرطوا في التظاهرات السلمية خارجين على قائدهم السابق " مقتدى الصدر " الذي غررهم لمدة اكثر من عقد من الزمن ، ادى بمقتدى ان يرد ماء وجهه الذي جف من خلال مليونياته الفاشلة والتي انكشف فيها تلاعبه بمشاعر انصاره .نحذر من يوم غد الجمعة 17/ 1/ 2020 من خطورة الموقف وتدخل الميليشيات الايرانية من الالتفاف على المتظاهرين السلميين وقمعهم بحجة تظاهرات اخراج المحتل الامريكي ومقتدى الذي كان موقفه واضحا من التدخل الايراني في العراق ، كان الاجدر به ان يطالب اخراج القوات الايرانية وميليشياتها من العراق وتحرير العراقيين من هذا التدخل والسلب والنهب ولكن مقتدى اصبح عربة بيد خامنئي ليكون اداة طيعة لقمع المتظاهرين وعودة الرعب والطائفية مرة اخرى بدعم ايراني . .
#اسماعيل_جاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق... دولة القاتل - لاذ بالفرار-
-
تظاهرات اكتوبر شرارة التغيير والقوة المفرطة
-
لا مدارس لا دوام حتى اسقاط النظام
-
عصابات -قاسم سليماني- وحمامات الدم في العراق
-
من سلطة الائتلاف المؤقتة الى سلطة -القوة المميتة - للميليشيا
...
-
حقيقة تظاهرات الشباب العراقي 1/10/2019
-
رسالة الى اجيال قبل سقوط صدام
-
الى قيادات الحشد الشعبي
-
قناة البغدادية الفضائية محكمة شعبية على الهواء
-
زيارة ترامب وضجيج التصريحات
-
سقطت اوراق توت المتاجرين بالامام الحسين
-
ميناء المحمرة 24/ 5 / 1982
-
بنادق بلا زناد
-
يوميات شاهد لم يرحل بعد / الجزء الثاني
-
يوميات شاهد لم يرحل بعد
-
ايهما يتحقق في العراق - بيضة الديك ام بيضة القبان -؟
-
مقتدى الصدر لغز يصعب على البعض فهمه
-
رداً على مقالة -نظرية سبتك تانك (Septic Tank ) والحل المنشود
...
-
للمرة الرابعة يعودَ العراقيون على انتخاب الفاسدين والطائفيين
-
ذاكرة شيوعي قديم في الاول من ايار
المزيد.....
-
مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا
...
-
في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و
...
-
قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
-
صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات
...
-
البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب
...
-
نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء
...
-
استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في
...
-
-بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله
...
-
مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا
...
-
ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|