أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - مصطفى بودغية - -عنف- كرة القدم















المزيد.....

-عنف- كرة القدم


مصطفى بودغية

الحوار المتمدن-العدد: 6466 - 2020 / 1 / 16 - 14:19
المحور: عالم الرياضة
    


انحدرت الكثير من الرياضات، من ميادين الحرب والقتال،مثل الرماية بأنواعها (،الرمح،القوس، البندقية..)،الفروسية،أنواع المصارعة،القفز،السباحة، الجري .. حتى المارطون أصله من مدينة "مارطون" اليونانية،المكان الذي انطلق منه جندي،مشهور بسرعته وطول نفَسه في العدو نحو "أثينا" ليخبر أهلها بانتصار اليونان على الفرس بعد حرب دامت طويلا.لكنه بعدما أخبرهم بالانتصار أسلم الروح بسبب التعب الشديد،وهناك روايات تقول أنه أرسل ليطلب إمدادات إضافية من الجنود نظرا للتفوق العددي لجنود الفرس،لكن مهما يكن فاسم "مارطون" ثابت،وبما أن المسافة بين هذه المدينة و"أثينا" أربعون كيلومتر ونيف،فقد أصبح طول مسافة "المارطون" الرياضي،في العصر الحديث، يزيد قليلا عن الأربعين كلم،ثم استقر في (42,195 كلم).لكن ماذا عن "كرة القدم" ؟؟..
"كرة القدم" رياضة شعبية بامتياز،لها قدرة على استقطاب جماهير غفيرة،ولهذا شيدت لها ملاعب تتسع لمئات الآلاف من المشجعين "العاشقين !!"،الذين أصبحوا يمارسون طقوسا معينة في الملاعب ليست دائما راقية ومقبولة.فلماذا استحوذت "كرة القدم" على كل هذه الجماهير،وأصبحت الرياضة الأولى في العالم من حيث نسبة المتابعة المباشرة وغير المباشرة ؟؟.علينا،قبل كل شيء،أن ننتبه أن القاموس اللغوي التقني لهذه الرياضـــة مستمد في مجمله من القاموس العسكري الحربي،كلمات تقنية مثل الهدف،المرمى،القذيفة،الحاجز، التكتيك، الإستراتيجية، الانتصار،الهزيمة،القائد،الاحتياط....لا يخفى على أحد أصل هذه الكلمات، إنها كلمات عسكرية محملة بالعنف.إذا أضفنا إلى أن "ملعب" كرة القدم أشبه بـ"الكولوسيوم" الروماني،حيث هناك مدرجات تتسع لأكثر من ثمانين ألف متفرج،وساحة رملية يتواجه فيها المتصارعون (الغلادياتور) حتى الموت.نعم استخدم "الكولوسيوم" لأغراض أخرى،لكنه ظل في الذاكرة ميداناً للعنف والدم،فميدان كرة القدم شبيه لـ"الكولسيوم" من حيث البناء المعماري.صحيح أنه في ميدان رياضة كرة القدم تغيرت "المصارعة" الجسدية المباشرة بصراع الاستحواذ على الكرة،وتسجيل الأهداف، والانتصار الرمزي،دون قتلى ولا دماء،لكنها في العمق بنية اللعب التي هدفها إلحاق الهزيمة بالخصم و"القضاء عليه" رمزيا،ظلت هي نفسها،تحول العدو إلى خصم،وأصبح الموت الفعلي موتا رمزيا.لنعد إلى السؤال: ما الذي يستثير "الجماهير" في هذه الرياضة ؟.
إذا استثنينا "بريطانيا" التي أنشأت الملاعب لهذه اللعبة،وقننتها لتصبح رياضة،بعدما كانت تمارس في الشوارع وتثير الكثير من الشغب والفوضى،حيث كانت تنتهي غالباً بمظاهرات ومواجهات مع الشرطة،إذا استثنينا هذا الأمر،نجد أن رياضة "كرة القدم" تطورت في غالبيتها في مجتمعات ذات أنظمة ديكتاتورية عسكرية غالبا،خاصة في أمريكا اللاتينية حيث عششت الديكتاتوريات، وفي اسبانيا أغلب الملاعب الحالية بناها الديكتاتور "فرانكو"،والجميع يعرف قصته مع فريق معين،وتوظيفه السياسي لرياضة كرة القدم،والديكتاتوريات الشرقية في أوروبا نهجت،هي أيضا،نفس النهج بما فيها "الاتحاد السوفياتي" نفسه.قد يقول قائل وماذا عن البلدان الأخرى مثل بريطانيا وفرنسا وبلجيكا،يجب أن نلاحظ أن "النظام الرأسمالي" ما هو إلا "ديكتاتورية" مقنعة إنها "ديكتاتورية" اقتصادية تعمل على تكييف "الرأي العام" بوسائل لينة وخفية تلعب فيها وسائط الإعلام رأس الحربة،علينا أن نشير إلى أن عددا من الدول لم تنتبه لأهمية كرة القدم إلا في زمن متأخر جدا.نعود إلى السؤال : ما الذي يستثير "الجماهير في هذه اللعبة ؟؟..
إذا استثنينا القلة القليلة من محبي هذه الرياضة الراقين في التعامل معها،فـ"الجماهير" في أغلبها لا تحب كرة القدم في ذاتها،وإنما تتمسك بالحضور والتعاطي معها مثل "مخدر"،لتفجير "مكبوتات" مترسبة في "اللاشعور"،تولدت عبر سنين طويلة من المعاناة في ظل نظام طبقي تراتبي،تحتكر فيه السلطة،ويقدس سلطة المال،ويفرض نمط استهلاكي متوحش،ويتاجر في كل القيم ويسخرها لاستمراريته.ملاعب كرة القدم مجال لتفجير الغرائز العدوانية والجنسية اللاشعورية،وهي غرائز لا تعترف بالزمن،ولا تفتر ولا تنمحي،وغير قابلة للنسيان،وهي،أيضاً، غير قابلة للإشباع مادامت مكبوتة وثاوية في اللاشعور،ولم تجد فرصتها للطفو على سطح الشعور بوعي،لكي يتم تصعيدها،ونقلها من الغرائزي إلى الإبداعي،من "الطبيعي" إلى "الثقافي".وهذا ما يفسر كميات "العنف" المادي التي تتفجر في مدرجات الملاعب،هنا وهناك،بين المشجعين،وكثيرا ما تحصل مواجهات غاية في القسوة والخشونة الدموية.لقد أثبتت الدراسات أن "المشجعين"،في غالبيتهم،شباب عاطل مقهور اقتصاديا واجتماعيا،يعيش في "هوامش" المدن دون أفق مستقبلي ودون اعتبار اجتماعي.وكثيرا ما ترافق طغيان "النزعة العدوانية" استيهامات جنسية مكبوتة،مثل تشبيه "اللاعبين" بالإناث والمخنثين،والتعامل مع "الهدف" وكأنه عملية وطئ جنسي وقذف،ووصف المقابلة وكأنها تتم بين "الرجال !" و"الإناث! "، نقول "الجنسية" لأن "العقلية الذكوريةّ" تعتقد أن ممارسة "الجنس" مع المرأة هو تغلب عليها وإلحاق الهزيمة بها،لأن الذكر هو الذي يتحرش ويطأ ويقذف، وما "المرأة" سوى موضوع مغامرته البطولية.ولا ينظر للجنس أبدا باعتباره لغة حوار جسدي تتم بين طرفين يحبان ويحترمان بعضهما.وهكذا يصبح ميدان الكرة مجالا لتصريف "الرغبة" المكبوتة،التي ليس لها موضوع إلا ذاتها،ليس موضوع الرغبة،كما يبدو،هو "الكرة" أو "المباراة" في حد ذاتها،وإنما موضوع الرغبة هو ذاتها،وليس اتخاذ "موضوع" الكرة والمباراة إلا "قناع" للتعبير عن ذاتها،مثل الشاب الذي يرغب في "دراجة نارية"،ويظن أن موضوع "الرغبة" هو الدراجة في حد ذاتها،بينما "الموضوع" هو "الرغبة" في إثارة الانتباه حول "ذات" الشاب،واستجداء قليلا من "الاعتبار الاجتماعي" عبر التفاخر والتبجح بالدراجة أمام من "حرم" منها وأمام "الجنس اللطيف" أيضا.هذا ما نجده في الملاعب،كل شيء مسخر لكي تعبر "الرغبة عن ذاتها وتسعى إلى إشباع لن تصله أبداً،ما دامت سلكت مسلكاً غير سليم وغير مُؤطر بالوعي.
ما يؤكد هذا التحليل،هو استمرار التنكيل بـمن يعتقد أنه "الخصم" لأيام بعد انتهاء "المباراة"،وتستعمل في هذا "التنكيل" كل "الوسائل" مهما كانت "سوقية" وقذرة ولا أخلاقية،ويستوي في هذا المجال الجهلة والمتعلمون،"المنحط" و"الراقي"،العاطل والموظف، الأستاذ والتلميذ، إلا من ارتقى بوعيه في هذا المجال،وأصبحت مشاهدة "المباراة" متعة تنتهي مع صفارة الحكم،مع حبه وانتصاره للعب الجميل،دون عنف وشد وجذب وتطلع لإيذاء الآخرين.لكن الذي يحصل هو أنه يتم تعميم هذا "العنف الرمزي" المنفلت من كل رقابة أخلاقية،وخاصة مع انتشار وسائل التواصل واتساعها،حيث يتم تشبيه بعض اللاعبين الفنانين الموهوبين بـ"الإناث"،ويتم نشر صورة لهم في هيئة "امرأة" وهي إهانة مزدوجة تحقير للاعب وللمرأة على حد سواء وتعبير أيضا عن "نزعة ذكورية" بدائية،أو يتم تشبيه اللاعب بـ"المتسول" أو "المتخلف عقليا" أو بمرضى "متلازمة داون" وهي إهانة أيضا لهؤلاء المرضى المسالمين وتعبير عنيف عن "تفوق" عنصري بيولوجي عليهم،وكذلك تشبيه لاعب كبير أو فريق كبير بالحمار أو أي حيوان آخر.هذه ممارسات وإن كانت ليست في درجة العنف المادي،ولكنها واضحة في تعبيرها عن "نزعات عدوانية" لا شعورية تروم إلى إلحاق أقسى ألم ممكن بمن تعتبره أنه "الخصم"،ولا يمكن أن يكون موضوعها هو "المباراة" لأن "المباراة" انتهت في الملعب مع صفارة الحكم،مما يوضح،بما لا يترك مجالاً للشك،أن "المباراة" ما هي إلا "تَـعِـلَّـة" يُـتَـعَـلَّـلُ بها لتفجير براكين "الغريزة العدوانيةّ" والجنسية اللاشعورية،وإلحاق الأذى المتعمد بالخصم،لأجل "تحطيمه" و"القضاء" عليه رمزيا طبعا..
لكن الذي يجب الانتباه إليه، هو أن هذه "الرياضة الجميلة لا تستقيم إلا بفرق كبرى وبلاعبين موهوبين كبار يمتلكون تقنيات مبدعة تمنح الفرجة،بعيدا عن كل عنف مادي أو معنوي،وبعيدا عن كل "رغبة" في ملاحقة "الخصم" بالإهانات المجانية،التي تسيء لصاحبها قبل أن تسيء للخصم.ليس هناك "فرجة" مع فريق واحد متفوق على الجميع وإلى الأبد،وليس هناك انتصارات دائمة ولا هزائم دائمة،علينا أن نحب الفرق الكبرى بنجومها طبعا،وأن ننتصر للعبة كرة القدم قبل الانتصار لـ"فريق معين"..وأن لا يكون هذا الفريق هو الشجرة التي تخفي "الغابة" بجمالها وسحرها الفاتن..



#مصطفى_بودغية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو -الوطن-..؟؟
- حديث الكآبة ..
- هؤلاء الرجال..


المزيد.....




- من مستر أولمبيا إلى المحاكم.. زوجة بيغ رامي تعلن خلعه بحكم ق ...
- هل يعتزل نيمار ويهدد صفقة انتقال صلاح إلى الهلال بالفشل؟
- -ربما الهزائم الأربع-.. غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع س ...
- كريم بنزيما: كرة القدم هي حياتي لكن العيش قرب مكة أمر مختلف ...
- لاعب كرة سلة أمريكي يبدد أساطير مواطنيه عن روسيا
- أول تصريح من غوارديولا بعد التجديد والكشف عن سر الاستمرار مع ...
- اللاعب العربي الأكثر تسجيلا للأهداف في عام 2024
- إحصائية تحدد ترتيب محمد صلاح في قائمة أفضل 11 لاعبا بتاريخ ل ...
- -أنت على وشك الموت-.. رونالدو يرد بأمنية وكم سيعيش!  
- مفاجأة.. نجم النصر السعودي يوافق على الرحيل إلى تركيا


المزيد.....

- مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم / ميكايل كوريا
- العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - مصطفى بودغية - -عنف- كرة القدم