|
بمناسبة الذكرى الثانية والسبعين لوثبة كانون المجيدة
فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 6466 - 2020 / 1 / 16 - 13:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما توهم الاستعمار وعملاؤه في العراق أن الأمر مستتب لهم وأن الجو قد أصبح متهيئاً لإجراء الخطوة الكبرى لتكبيل الشعب العراقي بمعاهدة جديدة تكرس الهيمنة الاستعمارية على العراق لعشرات السنين. قررت اللجنة التنسيقية لطلاب الكليات والمعاهد التظاهر احتجاجاً على محاولة تكبيل العراق بقيد جديد فخرج الطلبة في يوم 5/ كانون الثاني/ 1948 بمظاهرة صاخبة فقابلتها الحكومة بعنف وأصدرت قراراً بتعطيل الدراسة في كلية الحقوق في بغداد وتم اعتقال العشرات من الطلبة وسيق بهم إلى السجون وأغلقت الأقسام الداخلية وحرم الطلبة فيها من الطعام واعتقد رئيس الوزراء صالح جبر أنه استطاع اخماد المعارضة فسافر على رأس وفد إلى لندن مساء نفس اليوم 5/ كانون الثاني/ 1948. فأضربت الكليات والمدارس الثانوية في بغداد تضامناً مع كلية الحقوق وساروا بمظاهراتهم العارمة إلى بناية مجلس النواب فتقدم لفيف من النواب والأعيان بطلب إلى الحكومة بإعادة فتح الكليات وإطلاق سراح الطلبة الموقوفين وفي منتصف شهر كانون الثاني/ 1948 وقع رئيس الوزراء صالح جبر مع وزير خارجية بريطانيا بيفن القيد الجديد على ظهر البارجة فيكتوري في ميناء بورتسموث وسمو المعاهدة الجديدة تيمناً باسم موقع توقيعها. رفض الشعب العراقي هذا القيد الجديد مصمماً على مواصلة النضال لتحطيم قيود الذل والعبودية وعقدت عشرات الاجتماعات الجماهيرية في مناطق بغداد كما عقدت اجتماعات حاشدة عمالية وطلابية كما قررت اللجنة التنسيقية لطلاب الكليات والمعاهد إعلان الإضراب عن الدراسة حتى تحقيق مطاليبهم في إسقاط المعاهدة الاستعمارية وخرجوا بمظاهرات صاخبة أرعبت الحكومة العميلة وأمروا بإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين فسقط أربعة شهداء وكان بينهم الشهيد الطالب شمران علوان الياسري الطالب في دار المعلمين الابتدائية وفي يوم 21/1/1948 تجمعت مئات الطلبة وعوائل الشهداء وساروا في مظاهرة نحو المستشفى الملكي لاستلام جثث الشهداء فإذا بسيارات الشرطة تطارد الطلبة العزل إلى داخل بناية المستشفى وأطلقت الرصاص الحي على الطلبة فسقط طالبين في كلية الصيدلة فحملهما اخوانهم المتظاهرين إلى عميد كلية الطب الذي قدم استقالته مع أساتذة كليتي الطب والصيدلة ومدراء الأقسام في المستشفى الملكي تضامناً مع المتظاهرين واحتجاجاً على إطلاق الرصاص الحي على الطلبة في المستشفى والكلية الطبية وبلغ الغضب الجماهيري أوجه وهجم المتظاهرون وهم عزل على الشرطة التي هربت من أمامهم وأصاب الذعر والخوف الحكومة العميلة فأصدر البلاط الملكي بياناً يوم 21/1/1948 جاء فيه : (أن صاحب السمو الملكي يَعدُ الشعب العراقي بأنه سوف لا تبرم أية معاهدة لا تضمن حقوق البلاد وأمانيها الوطنية). عاد رئيس الوزراء من لندن مسكراً بنشوة توقيع المعاهدة وأذاع بيان إلى الشعب في يوم 26/1/1948 فجر غضب الشعب وأصبح على فوهة بركان وأضرب طلاب الكليات والمعاهد وأعلن العمال الإضراب السياسي وكذلك لجنة التعاون الوطني ومع إطلالة يوم الثلاثاء 27/1/1948 سارت مظاهرات عارمة وغاضبة منطلقة نحو قلب بغداد فانهمر عليهم الرصاص الحي بجنون وتحدى المتظاهرون الرصاص وساروا من جانب الكرخ نحو الجسر الذي سمي بعد ذلك بجسر الشهداء تخليداً لذكرى الشهداء الذين سقطوا فيه. وبرغم من الرصاص اتجهت الجموع الغاضبة محاولة عبور الجسر والالتقاء بالجماهير المتظاهرة في صوب الرصافة وانهمر الرصاص الحي من على المآذن القائمة في المسجدين المطلين على مدخل الجسر من الجانبين ... وارتجت الصفوف ... فتقدمت فتاة من أعماق جماهير المظاهرة منطلقة كالسهم تتدافع مع المتظاهرين وتصرخ بهم تقدموا ... تقدموا إلى أمام ... تخترق الرصاص فتبعتها الجماهير الغاضبة وسقطت الفتاة مضرجة بالدماء وهي تهتف بحياة الشعب وعبرت المظاهرة وفرت الشرطة هاربة وانتصر الشعب في هذه المعركة وزحفت الجماهير تحاصر الشرطة وتلاحقها من مكان لآخر وتحرق سياراتهم كما أحرقت الجماهير الغاضبة مكاتب الإرشاد البريطانية ليس في بغداد وحدها بل في مدن الحلة وكركوك والسليمانية والبصرة وغيرها. استقال على أثر تلك المظاهرات الغاضبة والدماء التي سالت رئيس الوزراء صالح جبر وهرب من بغداد إلى ناحية المدحتية بالقرب من مدينة الحلة مختفياً عند نسبانه إلى الجريان واستقال رئيس مجلس النواب وعدد من النواب كما استقال وزيران احتجاجاً على المجزرة التي حدثت في بغداد وتشكلت وزارة جديدة برئاسة رجل الدين السيد محمد باقر الصدر وألغيت معاهدة بورتسموث ووعدت الحكومة بإجراء تحقيق بالمجزرة التي حدثت على الجسر في بغداد وإطلاق الحريات الدستورية والإفراج عن الصحف المعطلة وإخلاء سبيل الموقوفين وحل البرلمان المزيف. وقد انتصر الشعب بإرادته وصموده وبدماء الأبطال الذين استشهدوا برصاص الغدر وسجلت انتصار الشعب في وثبة كانون/ 1948 ... أما الشهداء فهم : 1) جعفر الجواهري ... طالب. 2) دحام علي ... عامل. 3) جهاد عبد الله ... عامل. 4) شمران الياسري ... طالب. 5) قيس ابراهيم الآلوسي ... طالب. 6) علوان حسون ... كاسب. 7) عبد القادر صديق ... طالب. 8) عباس حربي ... طالب. 9) أحمد صالح ... طالب. 10) جوامير ... عتال كادح. 11) حسن قهواتي ... عامل. 12) نعمان حميد ... طالب. 13) جاسم حمادي ... عامل. 14) عبد الوهاب احمد ... طالب. 15) فيصل حسن ... طالب. 16) منعم مهدي الوادي ... مثقف. 17) فيصل عبد الله ... عامل. 18) حسن فاضل ... عامل. 19) رشيد ابراهيم الأعظمي ... طالب. 20) ثلاثة شهداء لم يتعرف عليهم. وتزامنت هذه الذكرى مع ثورة الجوع والغضب وامتزجت الدماء مع الدماء في رافد واحد والدموع والبكاء والنحيب في صرخة واحدة واستمدت من الذكرى الصمود والإرادة والتصميم حتى تحقيق أهدافها. المجد والخلود للشهداء والسلام على تلك القامات الشامخة التي لم تنحني للظلم والقهر حتى تحقيق النصر.
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفرق بين النظام الرئاسي والبرلماني من خلال التجربة العراقية
-
الدولة ومسؤوليتها تجاه المكونات الاجتماعية
-
ما أشبه اليوم بالبارحة (2)
-
العراق وطن مستباح وشعب مذبوح
-
القضية العراقية بين صراع المصالح والواقع الملموس
-
إلى الذين يكتبون بدمائهم ملحمة النصر (قطعة نثرية)
-
شخصيات إنسانية خلدهم التاريخ
-
منطق التاريخ وثورة الجوع والغضب
-
الحراك الطلابي وثورة الجوع والغضب في العراق
-
حوار شفاف مع كتلة سائرون
-
(2) حركة القرامطة
-
(1) ثورة الزنج في مدينة البصرة العراقية
-
مطاليب متظاهري محافظة ذي قار
-
الفرق بين الثورة والانتفاضة
-
غضب الشعب وعصيان الدولة
-
الواقع العراقي وحركة التاريخ
-
ثورة الجوع والغضب الباسلة في العراق
-
الثورة العملاقة الرائعة والمجتمع العراقي
-
الحلم ( 2 )
-
( أماه قطعة نثرية )
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|