علي أحماد
الحوار المتمدن-العدد: 6465 - 2020 / 1 / 15 - 04:10
المحور:
سيرة ذاتية
ليدلل المولودة الجديدة وهي في المهد اشترى من جوطية الحفرة أرجوحة من حديد مطلية بدهان أخضر تزينها نقوش بديعة . لأمر يصعب على الصغار - من الأبناء - فهمه عبرت الأم عن رفضها شراء أرجوحة . خاصمت الأب ، لأنها ترى أن ذلك من الكماليات . وهذا في نظرها هدر لمبلغ مهم من المال والحاجة ماسة الى الإنتفاع به باعتبار الأسرة تعيش الفاقة والعوز . الأب عنيد لا يحب أن تناقش تصرفاته أو تعارض رغبته . يؤكد أنه يروم إدخال البهجة الى القلوب . أمام تعنتها انخرط في موجة غضب عارمة و تلبسته العفاريت . عمد الى الأرجوحة يريد كسرها ومعها كسر دملجا من الفضة يزين معصمها وهي تحاول ثنيه عن فعله . اغرورقت عيونها بالدموع وفجأة غادرت الدار تلملم جراح وتداري شعورا فظيعا بالإهانة وهي في ضعف أنثوي لا يسعفها في جمع شتات انكسارها . تعزو كل مصابها الى يتمها المبكر وعدم وجود من يحميها ويساندها لأنها " مقطوعة من شجرة " . سار وراءها الصغار خفية عن أعين الأب مخافة أن ينهرهم .
اندست تحت شجرة بالغابة المجاورة للحي تتوارى عن الأنظار وعينها على فلذات كبدها. عندما اقتربوا منها بدأت ترميهم بالحجارة دون نية أن تصيبهم و ظلت تدعوهم بإلحاح وغلظة مصطنعة للعودة الى المنزل . تردد دوما ( الأبناء سبب صبر الأمهات على البلاء ) . قفلوا راجعين الأدبار والدمع في المآقي . اندسوا في الفراش وأعينهم مفتوحة ينتظرون عودتها والقلق يساورهم . قبل أن يخلدوا للنوم تدخل الدار متسللة دون ضجة ، متعثرة الخطوة ومنكسرة الجناح . يصطنعون النوم وتنقطع أحاديثهم لئلا تشعر بهم . الآن انزاح الغمام عن صدورهم . الأم منبع الحنان ومصدر الأمان . مع وجودها تهدأ الأرواح التي سكنها الرعب .
بقيت الأرجوحة في حوش المنزل لعبة مسلية يتبادل عليها الأبناء أدوار اللعب ، وذكرى أليمة لجرح نفسي غائر لن تنساه الأم حيث اجترحت كأس المذلة . لازالت تذكره بالحادث في احاديث المساء وقد بلغ من الكبر عتيا وصار يخشى أي حركة طائشة منها . أضحت كلمتها سيفا ديموقليس المسلط على رقبته .....
#علي_أحماد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟