|
نبؤتان .. ٣
محمد ليلو كريم
الحوار المتمدن-العدد: 6465 - 2020 / 1 / 15 - 04:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في عام ٢٠٠٦ نشبت حرب ضروس بين اسرائيل وحزب الله على أثر خطف جنديين اسرائيليين من قبل الحزب فيما يُعرف بعملية " الوعد الصادق " والتسمية تستند الى نبوءة . عن أي مصداقِ وعدٍ صرّحَ حزب الله ؟ نعم ؛ هو تصريح ، وكأن قادة شيعة من رجال الدين تحولوا لمُقدمي برامج تلفزيونية في الخندق الزماني المتقدم للمواجهة فأسلوبهم الأخباري والإخباري يتميز بنكهة إعلامية وبالأخص أسلوب السيد حسن نصر الله ، فالسيد يُمثل في وجه من دوره القيادي مُقدِم برنامج يعمل لصالح قناة عقائدية مُلتزِم بنقل التصريحات السياسية والعسكرية للقيادة العُليا والتي تتمثل في الإمام الغائب والنص القرآني وولاية الفقيه . تهدف التسمية " الوعد الصادق " الى طرح نموذج تطبيقي للمرحلة الأولى من النبوءة القرآنية التي وردت في سورة الإسراء (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً )) فعملية أسر الجنود الإسرائيليين تُمثل تطبيق عملي لرؤوية ( جاسوا خلال الديار ) وأن الفعل ( جاسوا ) يدل لغويًا في تبيان الآية على التوغل السريع والمؤقت في أرض العدو لتنفيذ ضربة عسكرية (( جاس الحارس : طاف بين البيوت ليلاً . جاس الشّخص : تردَّد جَيْئةً وذهابًا ، رجع مرّة بعد أخرى :- { فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ } . جاس الشّيء : طلبه بالاستقصاء والحرص . جاس : جاس جاس ُ جَوْساً ، وجَوَساناً : تردَّد . ويقال : جاسُوا خِلاَلَ الدِّيار : تردَّدوا بينها )) والديار في الآية تعني البلاد ، ولم تُبين الآية من الديّار في الديار ، أي لمن تعود البلاد ، ولكن مجمل النص يُشير الى عائدية البلاد ، الديار الى بني اسرائيل ، فهم أهل الدار والديار والدور . يمتد الوعد الصادق ، النبوءة ، من الآية رقم ٤ الى رقم ٨ من سورة الإسراء والتي تُسمى ايضًا بسورة " اسرائيل " وتتحدث هذه الآيات وبصورة مباشرة وصريحة عن موعدين لدحر بلاد اسرائيل وتنكيل الإسرائيليين ، ولكن نفس السورة وفي أول آية منها تقول : (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) وفي عقيدة مسلمي العصر الحالي يُقصد بعبارة " المسجد الأقصى " القُدس التي تقع في أورشليم ، وهي مدينة معروفة لليهود والمسلمين ، وقد أثيرت نقاشات وجدال طويل أشتباكي في دلالة المعنى من عنوان " المسجد الأقصى " أذ يرى البعض أن التسمية تدل على مكان غير القدس في أورشليم والبعض يرى أنها دلالة لا تقبل اللبس على انطباق التسمية على المسجد الذي في مدينة القدس أورشليم ، ولسنا معنيين بهذا الجدال ومتبنيات وحجج الفريقين وقد أنهى فريق مهم من جانب القائلين بأن المسجد الأقصى هو الواقع في القدس من فلسطين إذ أنبرى السيد الخميني وخصص يومًا للقدس " يوم القدس " وتوعد بتحرير فلسطين وإنهاء وجود دولة اسرائيل ، وبالتأكيد أن السيد الخميني وصلَ وعده بنص سورة الإسراء الذي بين علاقة بين المسجد الأقصى الفلسطيني والنبي الذي زاره ليلًا ومن ثم انتقل الى سرد مرحلتي النبوءة . بعيدًا عن مباحث الحمض النووي والآثار والاجتاع وعلم الانسان ( DNA ، أركيولوجيا Archaeology ، Sociology ، Anthropology ) أخذ الشيعة الجهاديون بالوعد القرآني ، وأعتبروه وعدًا صادقًا ، و " أجتهدوا " في استنباط التفسير العقائدي للنص الوارد في سورة اسرائيل " الاسراء " وحكموا شرعيًا ببطلان قيام دولة اسرائيل والجهاد لإبطال وجودها ومناصرة الفلسطينيين عبر دعم منظماتهم الجهادية وهي الأكثر تشددًا في التسنن السلفي ، وهذا توافق عجيب ، ولولا تواجد اسرائيل كدولة على الأرض لأقتتل الشيعة والسُنة عليها ولحصلت إبادة كبيرة ولأعتبر كل طرف أن قِتال الطرف الآخر جهاد في سبيل الله ودينه الحق ودفاعًا مقدسًا عن الأرض المقدسية وصدًا للضلال ومخطط أبليس !! . النبوءة القديمة لا تعترف ولا تخضع للفحص العلمي وأدواته البحثية ، فهي رؤوية طوباوية بمعيارَي الحق والباطل لا العلم والبحث العلمي ، فقدسية النبوءة تنتهك العلم وتسحق صوته وتمتهن كل منطق ، والحق والباطل بمعيار الدين هو ما يقرره النص الديني دون الرجوع الى مقررات علمية أو منطقية أو أي مناهج رصينة ، فالجوس خلال الديار كتعبير قرآني لم يخضع للتفسير الاركيولوجي " مثلًا لا حصرًا " لكشف مكان ومساحة الديار وهل المُستهدف الدولة أم العرق ، ولم توظف تقنيات متقدمة في ذلك ، فالمُقدَس وبعد أن يفسره مُقدَس يتحول لمنهج عملي مُقدَس . الغيب بنصوصه وجد كيانات حقيقية تُعبّر عنه ؛ أجتهادًا ، واتباع الكيانات قدسوها الى حد الإعتقاد بتواصلها ووصلها بالمعصوم ، فالولائيون يعتقدون بصلة بين القيادات الدينية والإمام الغائب المهدي ، وأقصد بالولائيين اولئك الموالين للقيادات الدينية المُعتقدة بحتمية الحرب المقدسة وفق نبوءة وحيانية . لم ينتج عن الحرب التي أعقبت عملية " الوعد الصادق " أثرًا تدميريًا في اسرائيل كما حدث في لبنان حيث أمتدت العمليات الأسرائيلية لثلاث وثلاثين يوم أنهكت فيها لبنان وتعرضت لدمار كبير وقد اعلن حزب الله النصر ....
#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نبؤتان .. ٢
-
نبؤتان
-
الشرعي واللاشرعي .. التوصيف المطلوب
-
سيدتي تسيونيت :
-
الخلاص السياسي
-
فوارق بين غيث وعواد
-
خليل بدوي وفعل الإفاقة .. عودة لبحيرة الوجع
-
فكر وخطاب من مواليد عهد الثورة ..
-
المطعم التركي ، ونبي
-
واقعية الثورة
-
قول في الثورة
-
غفلة القاذفين ، وحكمة المحصنين ..
-
مولانا والبحر .. اسرار سكندرية ( الإهداء للدكتور يوسف زيدان
...
-
بطاقة معايدة الى مولانا الدكتور يوسف زيدان
-
جغرافيا ، اقتصاد ، جهاد .
-
الأتمتة أم الحتمية التاريخية ..
-
مسلسل الفندق ، وفنادق واقعية ..
-
قراءة الكاتب فارس شمخي لقصيدة ( بنات ) للشاعر ناصر البدري
-
فلسفة عدسية
-
هيفاء الأمين والوصف الأمين
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|