ماجد فيادي
الحوار المتمدن-العدد: 1567 - 2006 / 5 / 31 - 10:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وأنا اقرأ تقرير الشفافية الصادر عن وزارة النفط حول حجم وشكل السرقات التي تجري عبر وزارة النفط والمتعاقدين معها, بدون أن اشعر تقلصت أحشائي مسببة لي ألم لم أعرفه من قبل وصارت أمعائي تتحرك بطريقة غير مسيطر عليها من شدة الخوف وهول الأرقام التي نشرت, وبعد أن راجعت نفسي سائلا الم تكن ثروات العراق كلها مستباحة من قبل الدكتاتور, فما الجديد ؟؟؟
منذ أن وعيت على الحياة وجدت الدكتاتورية البعثية تنهب بثروات البلد المادية, وتقتل بثروته البشرية, فتولد عندي انطباع أن المجرمين يفعلون ما يشاءون دون تردد أو مستحى, تعودت على هكذا أفعال لا إنسانية ولم تعد تشكل بالنسبة لي استغرابا, مما شكل نظرتي للمعارضة العراقية إنها تأخذ طابع الدفاع عن حقوق الإنسان وتغيير الأوضاع نحو الأفضل, والموت في سبيل هكذا عمل ثمن لابد منه, فكان إعدام أحد أفراد عائلتي نتيجة طبيعية وسجن الآخرين حالة أفضل من الموت, حتى جاء اليوم الذي أصبح فيه سقوط الدكتاتور وارداًَ, لأجد نفسي اخرج في تظاهرة ضد إسقاط الدكتاتور, لأنها لم تكن البديل الامثل, أو الطريقة المثالية التي تأتي الى العراقيين بالمستقبل الذي نريد.
اليوم وبتواجد قوات الاحتلال, وبدون رغبة العراقيات والعراقيين بهذا الاحتلال, صار لمعارضة الأمس وعبر الانتخابات اللاديمقراطية الحق في قيادة البلد نحو ما كنا نطمح ونريد, لكن النتائج جاءت مخالفة لكل الرغبات (الله هم إلا لمن خطط لهذه الفوضى) ولكل التوقعات, بمن فيهم مناهضي الحرب لأسباب إنسانية, وفعل الإرهابيون ما فعلوا من اجل تأخير وعرقلة عجلة التقدم, وهنا لم يعد لي رغبة في الإعادة والزيادة على ما نحن متفقين عليه من دور كبير وحقير للإرهابيين والبعثيين في تدمير الحياة العراقية, لكني اطرح عليكم فعل الاحزاب العراقية التي ناضلت ضد الدكتاتورية وقدمت العديد من التضحيات من اجل مستقبل إنساني للشعب العراقي وهذا حسب ادعاء الجميع دون استثناء.
لن أتناول حكومة السيد أياد علاوي بحكم تشكيلها الإجباري للوصول الى واقع انتخابي يمهد لحياة مستقرة في العراق, وما لها من صلاحيات محددة لا تقارن مع حكومة السيد الجعفري, إضافة الى ذلك إمكانية حكومة السيد الجعفري في تقديم المقصرين(من حكومة السيد أياد علاوي) الى المحاكمة في حالة ثبوت مخالفتهم لقانون إدارة الدولة المؤقت, عليه اذكر بما أشيع هنا وهناك من قبل مسئولين في حكومة السيد الجعفري من تجاوزات قانونية لدى وزراء في حكومة السيد علاوي, لكن لم يقدم احد منهم الى المحاكمة القانونية, اكتفوا بالتشهير وتشويه السمعة, دون العمل الجاد في الدفاع عن حقوق الشعب العراقي الذي استلب على حسب قولهم من قبل بعض وزراء حكومة علاوي, وهنا ارفع الدعوة الأولى ضد السيد الجعفري على تقصيره في محاسبة المقصرين أو محاسبة موظفيه في تشويه سمعة أطراف بدون أدلة دامغة.
في مكان آخر فقد تعهد السيد الجعفري بفتح تحقيق في خروقات وزارة الداخلية لحقوق الإنسان دون أن نحصل على نتائج تقنع الجماهير وتسكت من يحاول الاصطياد في الماء العكر, هنا ارفع دعوتي الثانية التي لا تختلف في جوهرها عن الدعوة الثالثة ضد حكومة السيد الجعفري, في محاسبة الحرامية والمجرمين بحق الشعب العراقي وسرقة ثرواته في وزارة النفط وعلى مدى تولي السيد الجعفري لرئاسة الوزراء, والدليل الدامغ على ذلك التقرير الصادر من وزارة النفط , لكن الأسوء من ذلك هو رفع أسعار المنتجات النفطية على بنات وأبناء الشعب العراقي دون أن يكون هناك تحسن ملموس في المستوى المعيشي, بحجة دفع الديون وتحويل الفائض لدعم العوائل الفقيرة, فلا العوائل استلمت فلساًَ احمر ولا الديون سددت بسبب انخفاض مستوى الإنتاج وارتفاع مستوى السرقة والفساد الإداري( مثل عراقي : لا حضت برجيلها ولا خذت سيد علي), بل بالعكس تحولت المليشيات الى مراكز قوى بفعل حصولها على مصادر المال بالسرقة والاختلاس والفساد الإداري, وهنا ارفع دعوة رابعة على حكومة السيد الجعفري بتهمة تبديد أموال الدولة, والتي يضاف لها السكوت على محافظ مدينة البصرة الذي أوقف تصدير النفط ليوم واحد احتجاجا على, انزعاجه من صوت الديك وهو يصيح صباحا ليوقظه من نومه, فكانت خسائر الشعب العراقي بالملايين, دون أن يحاسب هذا المحافظ أو يقدم الى المحاكمة.
حول السيد الجعفري الفضائية العراقية الى بوق إعلامي لحسابه الخاص وتدخل في تعيينات, بدون وجه حق وفي نفس الوقت, سكت السيد الجعفري عن انتهاكات ضد إذاعة الديوانية التي أغلقت بالقوة والعنف من قبل رجال الشرطة بسبب كشفها للحقائق, وهنا ارفع الدعوة الرابعة.
سكوت السيد الجعفري على الارهابيين الذين هجموا على مقر الحزب الشيوعي العراقي وحركة الوفاق في الناصرية عشية الانتخابات, وأيضا التجاوزات التي جرت ضد المواطنات والمواطنين الذين ذهبوا الى الانتخابات, ومن قبلها قتل الشيوعيان في مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة ببغداد, هنا دعوتي الخامسة في عدم تحقيق المساواة بالحصول على الفرص.
ترك الارهابيين من دعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدينة البصرة, ممن تجاوزوا بالضرب والإهانة والسرقة على طلبة جامعة البصرة, عندما خرجوا في سفرة ترفيهية الى احد المتنزهات العامة, فأجد نفسي ارفع دعوة خامسة, مفادها ترك القتلة والإرهابيين المعروفين للسلطة يتحركون في الشوارع دون حساب.
تشكيل حكومة السيد الجعفري على أساس طائفي عرقي, فتح الباب أمام المتطرفين في ترسيخ أتباعهم في الوزارات التي منحت لهم, ليحولوها الى نوادي خاصة بالحزب والطائفة والقومية, مما فتح الباب الى ظهور مراكز قوى غير تابعة للحكومة تعمل وتسرق وتعيين وتفصل كما تريد, عليه ارفع دعوتي السادسة على السيد الجعفري لأنه أسس لنظام طائفي حزبي قومي مقيت.
دعوتي السابعة ضد السيد الجعفري, تمسكه بالترشيح لمنصب رئاسة الوزراء, وتعطيل تشكيل الحكومة عبر تأخير الرد على رسائل المعترضين في البرلمان على ترشيحه واستخدامه لقائمة الائتلاف العراقي الموحد في عدم رفع الموضوع الى البرلمان للبت فيه, مما فتح الباب الى الارهابيين في زيادة نشاطهم, واستغلال السراق للظرف الراهن وتعميق نفوذهم وزيادة مسروقاتهم من أموال الشعب.
هذا ليس كل شيء فلحكومة السيد الجعفري أخطاء أخرى يحاسب عليها القانون, منها عدم إرساء الأمن والتقصير في حماية المواطنين, إضعاف دور مؤسسات المجتمع المدين, فرض الحجاب على موظفات رئاسة الوزراء, وأخرى تدخل في فرض الإرادة والتقصير في تحقيق قوانين حقوق الإنسان.
انتقل الى سؤال مهم, ما الذي سهل الأمر لكل هذا؟؟؟
إن تأسيس أحزاب عراقية, على أساس طائفي وعرقي, تطالب وتدافع عن فئة معينة من فئات المجتمع, إنما هو القاعدة التي يستند عليها من لا يريد مصلحة الشعب العراقي, في إثارة المشاكل والفتن والتفرقة والتمييز واستغلال المناصب الإدارية, وفتح الباب أمام الفساد الإداري وخلق طبقة من الأغنياء وأصحاب النفوذ, ممن لا يستحقون مواقع ضمن المجتمع, تفسح لهم طريق انتهاك حقوق الإنسان وخرق القانون, حفاظا على مكاسب كان في السابق يتنعم بها أزلام النظام الدكتاتوري المقبور, ويدافعون عن هذه المكاسب الجديدة بوسائل لا إنسانية, تذهب بالمجتمع نحو التفكك والفقر وممارسة كل الوسائل من اجل العيش, وصولا الى انتهاك حقوق الإنسان من قبل أخيه الإنسان, مما ينتج عنه جو متوتر غير آمن يدفع من له القدرة المادية أو العلمية للهجرة بحثا عن الأمان والمستقبل الأفضل.
ولعل ما يجري الآن في البصرة لهو خير دليل على التركة التي أثقلنا بها السيد الجعفري, خلال سنة واحدة من حكمه للعراق, وما قامت به الاحزاب المنطوية تحت لواء حكومته من تعيينات على أساس حزبي وطائفي وقومي, انسحب اليوم على الشركاء الجدد, فهذه وثيقة حزبية تنشر على موقع إيلاف, توضح دعوة الحزب الإسلامي العراقي لأعضائه, في التقدم بطلب التعيين في الوزارات التي حصلوا عليها ضمن حكومة السيد المالكي. فأي مستقبل ننتظر؟؟؟
أما الحرب الأهلية, والتي يختلف معي العديد من العراقيات والعراقيين في إعطائها هذا الاسم, فهي نتاج لعمل قوى الإرهاب, من أدعياء الاسلام, وأزلام النظام الصدامي البائد, ودور دول الجوار والمجتمع الدولي, إضافة الى الدور الطائفي لبعض القوى والأحزاب العراقية, ذات الطابع الطائفي في تأجيج هذه الحرب.
إن بقي منكم عاقلا فدلوني عليه؟؟؟ لأقول له انك مشروع مجنون, أو مشروع مهاجر الى حيث لا ادري. فالعقلاء يستطيعون التفاهم فيما بنهم, لكن العراقيات والعراقيين الآن داخل الوطن, فقدوا لغة الحوار والتفاهم وتحولوا الى مجانين أو مشروع مجانين, يسيرون في شوارع الوطن التي تحمل اسم شارع وهي بقايا شوارع.
#ماجد_فيادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟