محمد عبعوب
الحوار المتمدن-العدد: 6462 - 2020 / 1 / 11 - 23:09
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
من خلال قراءتي لكتاب "من التائه..دراسة في سياسة الهوية اليهودية" للموسيقار والكاتب الصهيوني السابق "جلعاد عتصمون" الذي يتناول فيه بالتحليل والسرد،منطلقا من تجربته الشخصية كصهيوني سابق متحول الى مناهض لهذه الحركة العنصرية، جذور انبعاث هذه الآفة قبل زرع كيانها "اسرائيل" في فلسطين المحتلة، وحتى اليوم؛ من خلال هذه القراءة توصلت الى حقيقة أننا كنخبة عربية مثقفة ، لم نحط بعد بالجذور العميقة التي انبثق منها هذا السرطان الخبيث "اسرائيل" ، ولم نتمكن من وضع صورة حقيقية له في وعي شعوبنا، توضح امتداداته الاخطبوطية في مفاصل الاقتصاد العالمي وسيطرته على مؤسسات صناعة القرار في العالم المتقدم، و أننا في تعاملنا مع هذا الوباء تبدو تصرفاتنا كردود أفعال وليست كعلاجات ناجعة لاستئصاله وتخليص العالم، وفي مقدمتهم اليهود من شروره ذلك أنهم، أي اليهود الصهاينة المتحمسين لهذا المشروع العنصري القبلي الانتحاري، لم يدركوا انهم سيكونون هم آخر ضحاياه..
هذا الكتاب يفيض بحقائق ومواقف وأراء حول خلفيات وجذور وتداعيات الصراع العربي الصهيوني، والطريقة التي استطاع بها منظرو الحركة الصهيونية منذ قرون، زرع خرافة "ارض اسرائيل" في عقول اليهود، حولتهم من بشر يعيشون في مجمعات انسانية بتعاون وتسامح، الى جماعات تائهة تبحث عن كينونة اسطورية لها، لا ترى في العالم من حولها الا كجماعات همجية تستهدف استئصالهم من الوجود..
كما يكشف لنا المؤلف في هذا الكتاب نشأة وطريقة عمل كيانات ومنظمات الضغط الصهيونية التيتتموضع في مفاصل كبريات الاقتصادات العالمية وتهيمن على مؤسسات صناعة الرأي العام في العالم الغربي، والتي تشكل المصدر الداعم الفعاللهذا السرطان،تمده بأسباب الاستمرار والتمدد. و غالبية هذهالآراء و الوقائع أجهلهاواعتقد ان غالبية العرب يجهلونها او على الاقل لا يدركون دورها الفاعل في استمرار هذا الكيان، وهي خلفيات يتوجب علينا الإحاطة بها ليكون لمعركتنا ضده معنى وفاعلية تفضي لاستئصاله ..
و امام واقعنا المعرفي السطحي والضحل حول خلفيات وتداعيات هذا المشروع السرطاني، و لما يحوي سفر "من التائه" من حقائق ومعلومات و وجهات نظر جريئة، من حيث خلفية كاتبها كيهودي استطاع التخلص من وباء الصهيونية ، لا اجد ما اضيفه لكم صديقاتي أصدقائي القرّاء حول هذا الكتاب سوى دعوتي الملحة لكم للبحث عنه وقراءته بتمعن و عقل منفتح يتجاوز الرؤية المتداولة عن هذا السرطان الذي لا يقل في خبثه وقدرته على المراوغة واختراق التحصينات التي توضع لمحاصرته ، عن خبث ومراوغة مرض السرطان الذي لا تزال الانسانية تخوضمعركة استئصاله منذ عقود دون القدرة على محاصرته ..
#محمد_عبعوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟