أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - أزمة التعليم الخاص في تونس: علاقة المؤسسة التربوية بتلاميذها؟ هل هي علاقة تربوية أم علاقة تاجر بحرفائه؟















المزيد.....

أزمة التعليم الخاص في تونس: علاقة المؤسسة التربوية بتلاميذها؟ هل هي علاقة تربوية أم علاقة تاجر بحرفائه؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6462 - 2020 / 1 / 11 - 13:29
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


مقدمة حول التعليم الخاص بالسويد (Le Monde diplomatique, septembre 2018, pp. 18-19):
كل عائلة سويدية لها اختيارُ تسجيلِ ابنها في العمومي أو الخاص (الخاص يمثل 20% من الإعداديات السويدية). إذا آثَرَتِ الخاص، فالبلدية هي التي تدفع "صك التربية" الذي يغطِّي تكاليف الدراسة كاملة أي بمبلغ يساوي المبلغ التي تصرفه الدولة في السنة على قرينه في العمومي (عشرة آلاف يورو أي ما يقابل تقريبًا 30 ألف دينار تونسي). رغم كل هذه التسهيلات فإن "خوصصة المدرسة، فشلٌ سويدي ذريعٌ" (عنوان المقال المعني). (...) بعض قدماء المناصرين لإرساء قانون التعليم الخاص ندموا بعد ما رأوا النتيجة (التعليمُ الخاصُّ لم يحسِّنْ جَودةَ التعليمِ السويدي)، وقالوا أننا لم نقدّر خطورة سلطة المال والربح حق قدرها. قانون الخوصصة، أرسته سنة 1992 "الأحزاب البورجوازية" عامًا فقط بعدما وصلت للسلطة سنة 1991, وصلت بعد 60 عامًا من حكم الاشتراكيين-الديمقراطيين الذين مهّدوا لها الطريق بالتصويت على "القانون القاضي بلامركزية التعليم" ووضعِه تحت إدارة البلديات سنة 1989، مما قضى على خدمات القطاع العمومي الموحِّد، وخسر الأساتذة وضعَهم المميَّز كأجراء دولة، وأصبحوا موظفي بلديات. سنة 1994، استرجع الاشتراكيون-الديمقراطيون السلطة، حدّوا من حرية المؤسسات الخاصة لكنهم لم يتراجعوا على «القانون القاضي بلامركزية التعليم"، قانونِهم، لا بل رفّعوا في قيمة "صك التربية" المدفوع لمؤسسات التعليم الخاص، من 85% من المقابل المصروف في العمومي إلى 100%. سنة 2013، شركة تعليم خاص أفلست تاركة وراءها 11.000 تلميذًا دون تعليمٍ و1.600 موظفًا دون شغلٍ.
سؤال يفرضُ علينا نفسَه: إذا كان هذا حالُ التعليم الخاص في دولة متقدمة كالسويد، فكيف هو حالُه في دولة في طريق النموِّ كتونس؟

سأحاول الإجابة دون أن أدّعي منهجيةً علميةً، لكنني أدعي في الميدانِ تجربةً متواضعةً. تجربةٌ تُخجِّلُ. تجربةٌ لا تُشرِّفُ:
- أبدأ بتقييم إطار التدريس في مؤسسات التعليم الخاص: مدرّسو الخاص ثلاثة أصناف، مدرّس عمومي مباشر يبحث على المال، مدرّس عمومي متقاعد يبحث على قتل الوقت والمال أيضًا، مدرّس منتدَب من قِبل باعث المؤسسة (ليس شرطًا أن يكون رجل تربية) يبحث على شغل، هذا الغِرّ الأخير يستغلّه الباعث، لا يحترم رسالته التربوية ويعامله كعاملٍ في مصنع أو كعبدٍ حقيرٍ (كنتُ شاهدَ عيانٍ أخرسَ، لم أكن ضحيةً ولن أقبلَ ذلك)، يدفع له أجرًا أقل من أجر مدرّس العمومي، يكسب من ورائه آلاف الدنانير، يشغِّله أكثر من 18 ساعة في الأسبوع ولا يصرف على تكوينه البيداغوجي مليمًا أحمرَ لذلك تراهم لا يستقرّون في مناصبهم، مما قد يلحقُ ضررًا تربويًّا بتلامذتهم. أما المدرّسون الأكفاء، وهم قلة، فتُغريهم ماديًّا ومهنيًّا المؤسسات الخاصة الأغنى، وهي نادرة أيضًا، أي مدارس أولاد البورجوازية المتميزين عادةً والذين يدفعون أكثر بكثيرٍ.
- مدرّسو الخاص يُسنِدون الأعدادَ بِسخاءٍ حاتِمِيٍّ استجابةً لضغوطٍ متعدّدةٍ، مصدرها التلميذُ والباعثُ والوليُّ (انظر المعدلات السنوية لتلاميذ الخاص المترشحين لاجتياز امتحان الباكلوريا).
- التعليم الخاص يقضي على تكافئ الفرص بين أبناء الوطن الواحد، بصفةٍ مباشرةٍ يخدم أبناء المرتاحين ماديًّا وبصفة غير مباشرة يحرِم أبناء الطبقات الفقيرة (أجراء - موظفون وعمال - أو فلاحون صغار) وبهذه الطريقة يخلق تمييزًا سلبيًّا بين أبناء الشعبِ الواحدِ أي يساعدُ المتميزين اجتماعيًّا ويعمِّق الهوّةَ بين الطبقات، والمحمودُ أخلاقيًّا هو تجسيرُها وليس تعميقَها.
- بتجهيزاته المتطورة (حواسيب، سبورات تفاعلية، رعاية صحية على الورق) يوهمنا التعليم الخاص بالتطوّر والنجاعة والنجاح. لو كان إصلاحُ التعليم مربوطًا بالتجهيزات الفخمة فقط، لكانت المنظومة التربوية في دولة الإمارات العربية أفضل من المنظومات الصينية أو التركية أو البولونية أو الكوبية.
- يُظافُ وَهْمٌ ثانٍ، التعليم الخاص يجلب أولاد المرفهين (يتمتعون بمساندة تعليمية خارج المدرسة) لذلك تبدو نتائجه أفضلَ (خاصة في الابتدائي وبعض المعاهد ذات السمعة الطيبة على مستوى الانضباط في السلوك والجدية في العمل كمدرسة "العِبدِلّي" الاستغلالية بامتياز)، أفضلَ من نتائج العمومي الذي يستقطب أبناء الفقراء (أجراء - موظفون وعمال - أو فلاحون صغار) الذين لا يتمتعون بمساندة تعليمية خارج المدرسة.
- أشهدُ على شرفي أن المؤسسات الخاصة الثلاث، التي درّستُ فيها، لا تضمُّ مكتبات ولا ملاعب رياضية ولا ساحات واسعة لحصص الراحة وخالية تمامًا من الأنشطة الثقافية والترفيهية (خاصة عندما نقارنها بالإعداديات والمعاهد العمومية التي شُيّدت في الستينيات في عهد أحمد بن صالح)، إلا واحدة وهي بمقابل مُشِطٍّ، كان فيها ملعب رياضي صغير المساحة ونشاطٌ واحد مسرحيٌّ ورحلاتٍ ترفيهيةٌ بمقابلٍ باهظٍ، هذه المدرسة الأخيرة كان فيها أيضًا موسيقى وأعداد موسيقى في بطاقة الأعداد الرسمية ومعدّل سنوي في الموسيقى دون أستاذ موسيقى ولا حتى منشط موسيقى هاوٍ (كنتُ مديرًا لهذه المدرسة، مديرًا أخرسَ لأنني لم أكن منتدبًا بصفة رسمية ثم رُفِض طلبي في الرخصة رفضًا قانونيًّا وموضوعيًّا من قِبل المندوبية، أخرسَ لشهرَين فقط لا أكثر، ثم غادرتُ مكرهًا والحمد لله). قصدًا، لم أذكرْ أسماءَ المؤسسات الثلاث المذكورةِ أعلاه ولا عناوينَها، أولاً لأنني لستُ لئيمًا، شغّلتني، بارك الله فيها، ثانيًا، أنا ضد التشهيرِ بالأشخاص حتى ولو أخطئوا في حق غيرهم، ثالثًا والأهم، هي مؤسسات تعليمية، أي لا يمكن أن تكون كلها شر بل فيها خيرٌ كثيرٌ، خيرٌ قد يغفرُ لها بعضَ زلاتِها لو تداركتْها بِسرعةٍ.
- بُشرَى أنهي بها مقالي: نسبة التلاميذ المرسمين بمؤسسات التعليم الخاص التابعة لوزارة التربية التونسية لم تتجاوز بعدُ تقريبًا 8% من العدد الجملي لجميع التلاميذ المرسمين. أتمنى أن تنخفضَ إلى الصفرِ لا أن ترتفعَ.

ملاحظة لرفع اللبس: عبارتا مدرسة خاصة (École privée) ومدرسة حرة (École libre) تعنيان نفس التصنيف في وزارة التربية ولا فرق بينهما، أي صنف التعليم الخاص (Donc, c`est un léger abus de langage commun, pas plus).

إمضائي (محمد كشكار، دكتور في تعلّميّة البيولوجيا، دراسة مشتركة وإشراف مشترك بين جامعة تونس وجامعة كلود برنار، ليون 1، فرنسا (2007))
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقفان متناقضان من فكرة مأسسة الدين: الشيخ، ضد، والبرادوكسال ...
- أحداثٌ وَقعت لِي أو لبعض زملائي أثناء ممارسة مهنة التدريس
- يبدو لي -ولستُ مختصًّا في المَجالَين- أن هذا الكلام أسفله (ا ...
- الشيخ راشد الغنوشي يَكِيلُ فِكرِيًّا بِمِكيالَين: يَرفعُ حجت ...
- سؤالٌ فلسفيٌّ أطرحُه على الشيخ راشد الغنوشي الموالِي للسلطة ...
- حول التربية الجنسية في المؤسسات التعليمية التونسية؟
- مقولات في علم -تخلّق المُخ البشري- (L’épigenèse cérébrale)
- مقولات ديداكتيكية في الإصلاح المرتقَب للنظام التربوي التونسي ...
- وصفةٌ مجرّبةٌ للسعادة اللامادية قد يستفيد منها المتقاعدون من ...
- يبدو أن جل المدوّنين الفيسبوكيين (لا أستثني نفسي طبعًا)، قد ...
- جل يساريينا الماركسيين التونسيين، مثقفون بورجوازيون صغار، أع ...
- منذ نصف قرن وتونس تَشْهَدُ -جريمةً- في حقِّ الدولةِ الصلبةِ ...
- ترجمة لبعض المفاهيم الإسلامية التي صادفتها في قراءاتي بالفرن ...
- فلسفة الأخلاق؟
- المجتمع الجمني بين الأمس واليوم (1952-2019)؟
- مَن هي الفئات الاجتماعية التي انخرطت كليًا في النمط المعَوْل ...
- لا أتفق مع القوميين المتحزبين المتعصبين في المواقف التالية؟
- ما وراء التحرر الجنسي في مجتمعاتنا الحديثة السائلة؟
- الجهادُ ضدَّ النفسِ، شعاري في الحياة؟
- من كوارث المجتمع الرأسمالي السائل (La société liquide)؟


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - أزمة التعليم الخاص في تونس: علاقة المؤسسة التربوية بتلاميذها؟ هل هي علاقة تربوية أم علاقة تاجر بحرفائه؟