هيئة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق
الحوار المتمدن-العدد: 1566 - 2006 / 5 / 30 - 11:53
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب المختلفة في العراق
بيان عاجل
لنتحرك جميعاً ونتصدى للإرهاب الموجه ضد أتباع الديانة المندائية في العراق!
في خضم الفوضى والنزاعات الطائفية السياسية السائدة في العراق وفي بغداد على وجه التحديد, اتسع نطاق التعرض الشرس والاضطهاد والعمليات الإرهابية ضد بنات وأبناء وعائلات الصابئة المندائية. وهي عمليات إجرامية تستهدف فرض الهجرة عليهم من مناطق سكناهم ومن العراق عموماً, أو فرض تغييرهم لدينهم الذي كانوا وما زالوا يعتقدون ويؤمنون به منذ ألاف السنين والتحول صوب الإسلام خلال 24 ساعة, وإلا فعليهم مغادرة بيوتهم أو يتم شنقهم أمام دورهم ويعلقون فوق أبوابها. ورغم كل النداءات التي توجهنا بها إلى المجتمع العراقي والأحزاب والقوى التي تمارس هذه الأساليب وتلك التي تدعي أنها لا تمارسها, وإلى المجتمعات الإقليمية والدولية, طالبين منهم العمل الجاد والمسؤول والتدخل المباشر من أجل وضع حدٍ لأعمال التهديد والاختطاف والابتزاز والاغتصاب الجنسي والتخريب والتدمير والقتل الفردي أو فرض تغيير الدين بالقوة وكل الأفعال الدنيئة الأخرى التي تتعارض مع السلوكية الإنسانية والحضارية لشعب العراق ومبادئ حقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية بهذا الخصوص.
ومن المحزن أن نعلن للملأ بأن جميع هذه الممارسات مستمرة في العراق, سواء أكان ذلك في بغداد أم كركوك أم البصرة أم في مناطق أخرى من العراق من قبل ميليشيات إسلامية سياسية متطرفة وسلفية وبعضها مدفوع بقوى محلية وأخرى بقوى خارجية هدفها الإساءة للمجتمع العراقي ومواطناته ومواطنيه وإلى العملية السياسية السلمية التي يراد استمرارها وتطويرها في العراق. وإزاء هذا الوضع الجائر أجبرت مئات العوائل المندائية إلى مغادرة البلاد إلى الأردن وسوريا وبعضها يعيش على أرصفة الشوارع نتيجة التدني السريع والكبير في إمكانياتهم المالية, كما أجبرت 14 عائلة مندائية من أصل أهل الناصرية كانت تعيش حتى الأمس في بغداد أن ترحل إلى الناصرية ثانية لتحتمي بالعشائر العراقية التي كانت لها علاقات طيبة قديمة. لم يبق في مدينة الدورة في بغداد التي كانت مليئة بالصابئة من يسكنها منهم, وتحول الإرهابيون على مدينة العامل ليهجروا الناس منها, وقد اشتكت العوائل المهددة بالرحيل أو الإسلام أو الزوال إلى رئيس الديانة المندائية رجل الدين الكبير السيد ستار جبار الحلو, الذي أوصل الشكوى إلى الحكومة ولكن دون طائل أو جواب نافع!
إن الشعب العراقي يعرف جيداً الدور الإنساني والحضاري الكبير الذي ساهم ويساهم به الصابئة المندائيون في العراق على مر التاريخ, ويعرف أنهم من أهل أصل البلاد ومن بين أقدم الأديان المعروفة في العراق والمعترف بها من قبل الإسلام, وأن هؤلاء الناس المسالمين عاشوا مئات السنين على أرض وادي الرافدين ولا يمكن ولا يجوز اقتلاعهم من جذورهم الممتدة عميقاً في هذه الأرض الطيبة أو فرض الدين الإسلامي عليهم.
إن الشعب العراقي يدرك أيضاً من هي تلك الأيدي الخبيثة والقذرة التي تمتد لتؤذي بنات وأبناء هذه الديانة القديمة وتفرض عليهم الهجرة إلى خارج العراق أو الموت على أيديهم المجرمة. إنها جماعات إرهابية دموية لا تخرج عن دائرة القوى التالية التي ينبغي شل أيديها قبل أن تزيد إساءة للمجتمع العراقي:
• جميع قوى الإسلام السياسي المتطرفة والسلفية التي ترفض الاعتراف بالأديان الأخرى أو ترفض وجودها على الأرض العراقية, وهم في الغالب من متطرفي المذهب الوهابي.
• جميع قوى الإسلام السياسي الطائفية التي تمارس التمييز الديني والطائفي, وهم في الغالب من أتباع المذهب الشيعي وميليشيات مسلحة في بغداد وكركوك والجنوب أيضاً الذين يجدون الدعم والتأييد في ما يقومون به من قوى رجعية وأخرى إيرانية متعصبة.
• بعض الجماعات البعثية الصدامية التي تريد إشاعة الفوضى والخراب في البلاد.
• ولا شك في أن عصابات الجريمة المنظمة تستثمر الفرصة لإرهاب وتهديد وابتزاز أتباع الديانة المندائية أيضاً. فقد تم اختطاف الكثير من الأفراد وأفرج عنهم بعد فدفع الفدية.
• إنها منظمات غير حكومية تدعي الإسلام وتأتمر بأوامر من خارج الحدود, من قوى موجودة في إيران أو في أفغانستان أو في السعودية.
نحن أعضاء هيئة الدفاع عن حقوق أتباع الأديان والمذاهب المختلفة في العراق نؤكد وندعو إلى ما يلي:
- وتقع على عاتق علماء الدين المسلمين في العراق وعلى المجتهدين المتقدمين في العلوم الدينية والاجتهاد الديني والاجتماعي والمتميزين بالحكمة, وعلى رأسهم آية الله العظمى السيد علي السيستاني والسيد المدرسي وغيرهم, مهمة القيام بدور إنساني واجتماعي وثقافي مسؤول يؤكد رفضهم وإدانتهم لهذه الممارسات الشنيعة والإجرامية ضد الصابئة المندائية, والعمل الجاد والسريع من أجل إيقافها فوراً واعتبارها خروجاً عن الدين الإسلامي وعليه.
- ندعو رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب ورئاسة إقليم كردستان في أن تلعب كل هذه الرئاسات دورها في إيقاف العنف المنفلت من عقاله ضد أتباع الديانة المندائية في العراق, وكذلك إيقاف النزاعات الطائفية السياسية وتلك التي تدور حول أهداف قذرة وفساد مالي أشرنا إليها في مقالات أخرى.
- ندعو جميع الناس الخيرين والطيبين في العراق أن يسندوا أخوتهم في المواطنة ويرفضوا تلك الأفعال الشريرة ضدهم ويقفوا إلى جابهم في المحنة الراهنة, حيث تكاثرت المحن على كل الشعب ومنهم الصابئة المندائية, إخوتنا في المواطنة.
- ندعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية ومنظمة العفو الدولية أن تبادر إلى إدانة الإساءات المستمرة والاضطهاد غير المتوقف ضد أتباع الديانة المندائية في العراق واعتبار الحكومة العراقية مسؤولة عن تأمين الحماية لهم ورفض طردهم أو تهجيرهم من مناطق سكناهم, باعتبارها عملية تطهير ديني محرمة دوليا تطال هذه المجموعة الطيبة والمسالمة من بنات وأبناء الوطن.
- ندعو قيادة وشعب كردستان إلى الوقوف إلى جانب الصابئة المندائية الذين يتعرضون اليوم إلى التطهير العرقي ومحاولة فرض الدين الإسلامي عليهم بالقوة, تماماً كما فعل البعثيون العنصريون ضد الشعب الكردي, وخاصة في كركوك ومناطق أخرى, وفي فرض الخيار عليهم: بين البقاء على ارض كردستان مقابل التحول إلى القومية العربية, وبين المغادرة أو حتى احتمال الموت غدراً.
- ندعو السيد مسعود بارزاني, رئيس إقليم كردستان, الذي دعا كل العراقيين الذين يعانون من الاضطهاد في مناطق سكناهم إلى المجيء إلى كردستان للحصول على الأمن والاستقرار والعمل والعيش الكريم في وسط الشعب الكردي وبقية القوميات المتآخية. كان ذلك في لقاء أسبوع المدى الثقافي في أربيل في نهاية شهر نيسان من هذا العام (2006). فالبعض من بنات وأبناء أتباع الديانة الصابئة المندائية معرضون اليوم إلى شتى أنواع الاضطهاد, وقد وصلتنا صيحات استغاثة من أخواتنا وأخوتنا المندائيين, فهم معرضون للابتزاز والاختطاف وتغيير الدين والقتل, لهذا نأمل أن يحصلوا على ملجأ مؤقت لهم في كردستان العراق إلى حين حل أزمة الإرهاب والقتل والتدمير في العراق. إذ أن الحكومة ما تزال بعيدة عن اتخاذ إجراءات بهذا الخصوص, رغم مسؤوليتها المباشرة, كما لم تتخذ حكومة الجعفري أي إجراء حقيقي للتصدي لهذه الموجة البربرية المناهضة لأتباع الصابئة المندائية وتفاقمت في فترة حكه النزاعات الطائفية ذات الطبيعة العدوانية.
- ندعو جميع مثقفات ومثقفي العراق للوقوف صفاً واحداً, بغض النظر عن الانتماء القومي أو الديني أو المذهبي أو الفكري أو السياسي, إلى جانب مواطناتنا ومواطنينا المندائيين.
- ندعو كبير رجال الدين المندائيين, السيد ستار جبار الحلو, والمجلس المندائي في بغداد إلى بذل أقصى الجهود لتعبئة الرأي العام العالمي لمناهضة الجرائم التي ترتكب في العراق ضد الصابئة المندائيين.
- ندعو جميع العراقيات والعراقيين في الخارج إلى شن حملة واسعة وعقد ندوات وكتابة مقالات والمشاركة في ندوات تلفزيونية لفضح الجرائم التي ترتب في العراق بحق المندائيين أو بحق أتباع الديانات والمذاهب المختلفة في العراق لضمان حمايتهم.
- إننا نحمل الحكومة العراقية أولاً وقبل كل شيء مسؤولية ما يجري في العراق ونطالبها باتخاذ أكثر الإجراءات حزماً لمعاقبة الضالعين بهذه الجرائم, كما ندعو إلى وضع قانون يحمي حقوق ومصالح مختلف الأديان والمذاهب في العراق ويعاقب بشدة أي تجاوز عليها.
- إن هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب المختلفة في العراق تدعو الرأي العام العالمي إلى الوقوف إلى جانب المندائيين لضمان حمايتهم من القوى المتطرفة والإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة في العراق وتحميل القوات الأجنبية العاملة في العراق مسؤولية ما يجري فيه أيضاً. كما تدعو الهيئة كل العاملين معها ومؤيديها إلى المزيد من أعمال الاحتجاج ضد ما يجري في العراق.
لنكن يداً واحدة تمنع الأذى عن أهلنا الصابئة المندائيين, ولنكن صوتاً واحداً يهدر صارخاً بوجه الإرهابيين العتاة والطائفيين السلفيين المقيتين أن توقفوا عن إلحاق الأذى بهؤلاء الناس المسالمين أو تهجيرهم قسراً, ولنردد معاً ومن جديد مع الشاعر كاظم السماوي قوله
وإذا تكاتف الأكف فأي كف يقطعون
وإذا تعانقت الشعوب فأي درب يسلكون
د. كاظم حبيب
عن الأمانة العامة لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق
برلين في 29/5/2006
#هيئة_الدفاع_عن_اتباع_الديانات_والمذاهب_في_العراق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟