اسراء يونس هادي
الحوار المتمدن-العدد: 6462 - 2020 / 1 / 11 - 02:33
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
المخدرات هي مواد تسبب الادمان وتسمم الجهاز العصبي ويحظر تداولها او زراعتها او صنعها الا لأغراض يحددها القانون، ولا تستعمل الا بواسطة من يرخص له بذلك، فهي مواد تسبب النعاس والنوم او غياب الوعي المصحوب بتسكين الالم.
ويندرج التشجيع على تعاطي المخدرات تحت مفهوم التحريض، حيث تعد جريمة التحريض والتشجيع على تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية تامة اذا ارتكبت بناء على هذا التحريض، ويقصد بالتحريض ( زرع او ايجاد فكرة الجريمة لدى شخص، ثم تدعيم هذه الفكرة كي تتحول الى تصميم على ارتكاب الجريمة)، وجرم المشرع العراقي في قانون العقوبات التحريض بشكل عام في المادة (48/1) حيث نصت بانه:( يعد شريكاً في الجريمة: 1- من حرض على ارتكابها فوقعت بناء على هذا التحريض)، والمادة (50/1) ينص بانه ( كل من ساهم بوصفه فاعلاً او شريكاً في ارتكاب جريمة يعاقب بالعقوبة المقررة لها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك).
يعني ان المشرع العراقي عد مسؤولية المحرض والمشجع على تعاطي المخدرات هي نفس مسؤولية مرتكب الجريمة الواقعة بناء على ذلك التحريض، وسبب ذلك يعود الى ان الجريمة ما كانت تقع لولا عملية تحريضه لمرتكب الجريمة، ودفعه وتشجيعه لإيصاله الى حالة العزم بارتكابها تحت أي اسباب ومسوغات ارتكابها المقصودة من قبل المحرض نفسه، سواء كان هذا المحرض فراداً او جماعة او فئة او أي جهة كان نوعها او صنفها.
وعاقب المشرع العراقي في المادة (28) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 على انه: ( يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت وبغرامة لا تقل عن (10000000) عشرة ملايين دينار ولا تزيد على (3000000) ثلاثين مليون دينار كل من ارتكب احد الأفعال الآتي:
اولا: حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو تملك مودا مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية مدرجة ضمن جدول رقم (1) من هذا القانون أو نباتا من النباتات التي تنتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلمها أو تسلمها أو نقلها أو تنازل عنها أو تبادل فيها أو صرفها بأية صفة كانت أو توسط في شيء من ذلك بقصد الاتجار فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال التي أجازها القانون.
ثانيا: قدم للتعاطي مواد مخدرة أو مؤثرة عقليا أو آسهم أو شجع على تعاطيها في غير الأحوال التي أجازها القانون.
ثالثا: اجيز له حيازة مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية مدرجة ضمن الجدول رقم (1, 2 ,3) لاستعمالها في غرض معين وتصرف فيها خلافا لذلك الغرض.
رابعا: ادار أو اعد أو هيأ مكانا لتعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية
خامسا: أغوى حدثا أو شجع زوجه أو احد أقاربه حتى الدرجة الرابعة على تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية.
سادسا: يعاقب بالحبس الشديد وبغرامة لا تقل عن (5000000) خمسة ملايين دينار ولا يزيد عن(1000000) عشرة ملايين دينار كل من
1- حاز او احرز أو اشترى أو باع أو تملك موادا مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية مدرجة ضمن الجدول رقم (2, 3, ,4 , 5) من هذا القانون أو سلمها أو تسلمها أو نقلها أو تنازل عنها أو تبادل فيها او صرفها بأية صفة كانت أو توسط في شيء من ذلك بقصد الاتجار فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال التي أجازها القانون.
2- يعاقب بذات العقوبة المدرجة في الفقرة سادسا من هذه المادة كل من حاز أو احرز اشترى أو باع أو تملك موادا مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية أو نباتا من النباتات التي تنتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلمها أو تسلمها أو نقلها تنازل عنها أو تبادل فيها أو صرفها بأية صفة كانت أو توسط في شيء من ذلك بقصد الاتجار فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال التي أجازها القانون للمواد المدرجة ضمن الجداول المتبقية من هذا القانون وهي (9 , 10 ,4 , 5 ,6 ,7 , 8) المرفقة بهذا القانون).
فاستغلال الجاني محيطه الاجتماعي لترويج هذه المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وذلك بإغواء الاحداث لإشباع رغباتهم عن طريق هذه السموم، فضلاً عن تشجيع الزوج او المقربين له بتعاطي المخدرات تحت اي ذريعة كانت، او بعدها وصفة طبية لإزالة الألم كتبرير استعمالها من الناحية الشرعية كما يحدث لدى الكثير من متعاطي المخدرات كونها مواد مسكنة او منبهة او مساعدة على اتمام الاعمال دون جهد جسدي كبير، فيكون الجاني بهذا السلوك الاجرامي قد احدث قاعدة كبيرة من المتعاطين والمروجين للمخدرات والمؤثرات العقلية، وساهم في تفكك الجاني الاسري بهذا السلوك الاجرامي المشين.
كما ان اعداد وتهيئة مكان لتعاطي المخدرات، فضلاً عن ادارته من قبل القائم المتكفل بالقيام بهذا الجرم لا يختلف عن مسألة التحريض والتشجيع على تعاطي المخدرات، لان الجاني في هذه الصورة يعد شريكاً اساسياً في ارتكابها، وذلك عن طريق تهيئة لمكان ارتكاب جريمة تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، لأنه بهذا التصرف يخلق بيئة تجعل المتعاطي يشعر بالأمان والاندفاع نحو هذه السموم، ولا يشترط ان يكون المكان المهيأ للتعاطي مكاناً مستقلاً وخاصاً بهذا الامر، وانما يكفي ان يكون مكاناً آمناً يستطيع المتعاطي ان يرتاد عليه، ويتعاطى المخدرات بعلم وترتيب صاحب هذا المكان كأن يكون مقهى شبابياً حيث تعد هذه الاماكن الاكثر رواجاً لانتشار المخدرات.
كما عاقب المشرع العراقي على الشروع بارتكاب اي من الجرائم المنصوص عليها في القانون بعقوبة الجريمة التامة، كما يعاقب على الاشتراك في الجريمة سواء بالتحريض او المساعدة او الاتفاق او اي صورة اخرى للاشتراك بعقوبة الفاعل الاصلي.
ولقيام المسؤولية الجنائية في جرائم المخدرات يكفي توافر القصد العام بعنصريه (العلم والارادة)، ولكن في بعض جرائم المخدرات يخرج عن هذه القاعدة العامة واشترط لقيامها ضرورة توافر القصد الخاص بها (الباعث على ارتكاب الجريمة) مع توافر القصد الخاص.
والجرائم التي يتطلب او يستلزم فيها قانون المخدرات والمؤثرات العقلية توافر قصد خاص، هو قصد التعاطي او قصد التقديم للتعاطي او التسهيل( التحريض) حيث لا تقوم المسؤولية الجنائية بهذه الجرائم الا بتوافر هذا القصد لدى المتهم، فان انتفى القصد الذي اعتد به القانون في قيام الجريمة، انتفت الجريمة ذات القصد الخاص عنه وقامت في حقه جريمة احراز المخدر اذا توافرت شروطها، وبالتالي يتغير التكييف القانوني للجريمة مما يؤدي الى تشديد العقوبة او تخفيفها بحسب هذا التكييف.
#اسراء_يونس_هادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟