|
خلط مع سبق الإصرار والترصد
حسن إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 1566 - 2006 / 5 / 30 - 11:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خلط ينتجه ويبتدعه ويأخذ براءة اختراعه تيار مـُلاك الحقيقة .. الماسكين بمفاتيح الجنة والنار وشفرة الفردوس " مش شفرة دافنشي " وقطيعه وجماهيره وحشده الغارقين في نوم العسل وعسل النوم الشاربين أفيون الشعوب إلى حد الثمالة يخلطون بين الإيمان وقبول عقيدة الآخر وبين الإيمان بحرية الإنسان في الإعتقاد عقيدة الآخر شيء .. وحرية اعتقاده شيء آخر الحلال والحرام شيء .. وحق الآخر شيء آخر الدين الصحيح شيء .. وشك الآخر شيء آخر الطاعة العمياء شيء .. وبصيرة المـُخير شيء آخر
فاليهودية مثلاً لا تؤمن إلا بدين سماوي واحد وهو اليهودية ، وأن بني إسرائيل هو الشعب المختار المفضل على العالمين ، وأنهم خير أمة ؛ ولا تؤمن بالمسيحية ولا بالإسلام ولا بغيرهم ، بل مازالت تنتظر مجيء المسيا " المجيء الأول " .
والمسيحية لا تؤمن إلا بديانتين سماويتين لا ثالث لهما وهما : اليهودية والمسيحية ، العهد القديم والعهد الجديد وتعلن بكل وضوح أنه قد أكمل .. وأنه لا رسول ولا نبي ولا مهدي مهما كان اسمه .
والإسلام لا يؤمن إلا بالثلاث أديان السماوية : اليهودية والمسيحية والإسلام ، ويعلن بوضوح أنه آخر الأديان وأن محمد خاتم الأنبياء والمرسلين بل يعلن أن ما سبقوه من الأديان السماوية قد أصابها التحريف والتأويل ، وبالتالي هو وحده الصحيح . " ومن يبتغي غير الإسلام ديناُ فلن يـُقبل منه " .
وبناء عليه فكل دين يرى أنه سماوي ، مطلق ، مقدس ، معصوم والدين الآخر أرضي وضعي بشري نسبي ( أخو فهمي نظمي رسمي ) . وبالتالي البهائية وغيرها من العقائد الأصغر سناً والأقل عدداً من حقها أن تدعي نفس الإدعاء ، أنها سماوية مقدسة ويظل الفيصل في هذا العراك العقائدي والاشتباك والصدام الذي وصل في التاريخ إلى حد الذبح هو يوم القيامة العظيم . فالفيصل في الحياة الأرضية هو الإنسان والفيصل في يوم القيامة هو الله جل جلاله ، الذي سيقول كلمته الأخيرة ويعلن على الملأ عما هو الدين الصحيح والطريق القويم فتفرح وتتهلل الفرقة الناجية وسينوح أصحاب العقائد الخاطئة ( الذين تخاصموا وسفكوا الدماء وحاربوا من أجلها وملأءوا كل الكون ضجيجاً )
وإلى أن يأتي هذا اليوم الحاسم – يوم القيامة يوم الدينونة يوم الحساب – اتفق البشر بعد سنين هذا عددها أن يحكموا بالقانون ولا تحكمهم أهواءهم أو عنصريتهم الدينية منها أو العرقية أو الجنسية أو اللونية . وأن يكون القانون كأسنان المشط يعدل فيما بينهم ، يساوي بينهم . لا يفرق بين أحد منهم ولا حتى بالتقوى ، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو اللغة أو الجنس أو اللون أو الطبقة حيث حقوق المواطنة حيث الندية والتكافؤ . وبالتالي غير مطلوب أن يجبر أحد على عقيدة ما فالإنسان مخير وليس مسير .. مخلوق حـُر وشرط الإيمان الوحيد هو حرية الاعتناق . فكل العقائد السماوية منها والأرضية تعلن أن " لا إيمان لمقهور .. ولا شهادة تحت حد السيف " فالقهر والظلم في كل التاريخ صنع الطابور الخامس ووضع حجر أساس الدرك الأسفل " المنافقين " ولذلك ليس من حق أحد مهما كان أن يتعالى ويمتلك زمام القانون وعجلة قيادته ليقوده ضد الآخر حتى لو تخيل أنه امتلك الحقيقة والدين السماوي الوحيد الصحيح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه ، لأن القانون للجميع وبالأخص للدفاع عن المهمشين والمضطهدين من الجمع حيث الأقليات العقائدية والعددية . فليس من حق أحد أن ينسخ مواد الحريات في الدستور أو في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان فتصبح المواد من 40 – 46 للحريات من الدستور المادة (46) تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية. والمادة 18 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بحرية العقيدة ، المادة 18 لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة. كأنها كتبت لأناس غيرنا . كأننا لا نستحقها . العجب العجاب أن من يقفون ضد مواد الحريات وبالأخص حرية الاعتقاد لأنهم هم هنا الأكثرية وهم الأعلون ، تراهم في الدول الغربية هم أول المنادين بحقوق المواطنة وحقوق الإنسان وحرية الاعتقاد وحقوق الأقليات لأنهم هناك هم الأقل عدداً .
وسؤالي : إلى متى نظل نكيل بمائة مكيال إلى متى نظل نخلط الأوراق بين العقيدة الصحيحة وحرية الاعتقاد ؟ بين كلمة الله الأخيرة وبين كلمة الإنسان الآنية ؟ إلى متى نرسخ التمييز الديني ونقننه ونشرعه ؟ إلى متى نقف في وجه التطور الحضاري والحقوقي والإنساني .. فنسقط في هاوية التخلف بكل فخر واعتزاز ؟ إلى متى يظل المسلم الأندونيس السني أقرب إلينا من المسيحي المصري والبهائي المصري والشيعي المصري ؟ إلى متى يعمينا التعصب فلا نرى أن الله لو شاء لجعل الناس أمة واحدة " وريحنا كلنا من وجع الدماغ ده " ؟ ارحمونا .. يرحمكم الله ارحمونا .. يرحمكم الله فمصر .. لكل المصريين
#حسن_إسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا مُختلين العالم المُختل .. اتحدوا
-
جمال مبارك .. وساعة الصفر !!
-
انا وانتِ .. وانشقاق الحجاب
-
مبروك .. مصر بقى لها فرع في الخارج !!
-
اغتراب هنا .. واغتراب هناك
-
الجهل .. والخرافة .. والقبح .. ثالوث القبُح
-
فيلم بوليسي فاشل
-
أزهى عصور النباح
-
كم كوخ في العالم .. يحمل شبقاً
-
ادعوا لنا ناخد نوبل .. في بول الإبل !!
-
فراديس عنصرية
-
بدونها ستضل الطريق
-
أخبار الإخوان من إذاعة اتقوا الله
-
أحزاب محظورة .. وجماعة شرعية
-
تختار تموت ازاي يا وطن ؟
-
القهر يجعل كل الأشياء رخيصة
-
الرؤية القانونية للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين: قراءة
...
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|