|
-صلاح- اللاعب من صلاح الرعية
سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)
الحوار المتمدن-العدد: 6460 - 2020 / 1 / 9 - 18:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يُمكن أن يختلط الزيت بالماء؟، الإجابة البديهية "لا"، لكن في مصر لدينا إجابات بـ"نعم"، ومعها عروض للتبرير من الكتب السماوية وآراء الفلاسفة والمذاهب الدينية والسياسية، وعند هيجل وكارل ماركس وغيرهم. هذه هي الأزمة مع محمد صلاح، لاعب المنتخب المصري، والمحترف في صفوف نادي ليفربول الإنجليزي، أننا خلطنا الزيت بالماء في تعاملنا معه. رفعنا "صلاح" إلى مكانة الملائكة ولم نصدق أنه يُمكن أن يخطئ، وحينما أخطأ جعلنا منه شيطانًا، وكذبنا على أنفسنا في أنه لاعب كرة قدم فقط. جعلنا منه زعيمًا سياسيًا، وقائدًا للأمة العربية، وهو ليس كذلك، فكان طبيعيًا أن تتشوه الرؤية، خاطبناه بأخلاق القرية في ليفربول، وطلبنا سياسة ليفربول في قرية نجريج بالغربية، فتاهت البوصلة. "صلاح" أيضًا، ارتضى أن يكون زعيمًا سياسيًا، والبداية في أول مواجهة مع اتحاد الكرة، حينما اختلفوا على الرعاة قبل انطلاق بطولة كأس العالم روسيا 2018، وكتب "صلاح" تويتة من 3 كلمات: "التعامل لا يليق"، وكان ذلك إيذانًا بثورة فيسبوكية وتويترية تجبر الاتحاد على التراجع، وتدخل خالد عبدالعزيز وزير الشباب السابق لحل الأمر. تعامل "صلاح" في هذه الأزمات، كان على طريقة محمد البرادعي "تويتة تحرّك أفضل من مليون طلب رسمي أو ودي"، وكان له ما أراد، واستخدم نفس السياسة مرة أخرى حينما بث فيديو عبر صفحتيه بـ"فيسبوك وتويتر" ليتحدث عن مشاكله مع اتحاد الكرة وأيضًا أتى الفيديو بثماره وثارت الجماهير على الاتحاد من أجل عيون "مو". كان لـ"صلاح" مطالب عدة وشروط لانضمامه للمنتخب، رأت فيها الجماهير مبالغة، لكنها ناصرته بناءً على أمرين، الأول: السمعة السيئة لاتحاد الكرة وأعضائه، والثاني: "ابننا يعمل اللي عايزه". كل المعطيات كانت تقول إن ورقة الجماهير الثائرة من أجل "مو" التي كان يلعب عليها "صلاح" ستنقلب ضده، خاصة أن زيت العلاقة مختلط بالماء، وكان الصدام الحقيقي الأول مع الجماهير في أزمة تحرش اللاعب عمر وردة في بطولة الأمم الإفريقية التي أقيمت في مصر يوليو 2019، حينما ساند "صلاح"، زميله "وردة"، وطالب بما أسماه الفرصة الثانية. لم تتقبل الجماهير –التي ثارت من قبل من أجله- وجهة نظر صلاح الوقحة، لأن إبليس ذاته لم يناقش أبنائه في كون "وردة" أجرم أم لا، لكن صلاح وكابتنه "المحمدي" فعلاها، ورغم أن المحمدي هو الكابتن لم تناقش الجماهير الأمر باعتباره ليس في الحسبان أساسًا، أما صلاح فقد وضعته الجماهير أمام مرآة نفسه واسترجعت فيديوهات "صلاح الزعيم السياسي" مع الـBBC، والتي سئل فيها عن أول شيء يحتاج للدعم في الوطن العربي: "قال إن النساء في حاجة إلى معاملة أفضل"، لكنه فشل في هذا الامتحان، وأصبح متناقضًا، وكان طبيعيًا أن تُحاسبه الجماهير محاسبة سياسية، لأنه ارتضى أن يكون زعيمًا فيها. بعد الأزمة، تزعزعت الثقة في الزعيم السياسي الكروي، وأصبح دعمه مشروطًا، فالجماهير التي ثارت لمجرد تويتات غامضة كتبها على صفحته، هي أيضًا التي وجهت له لومًا على حذف جملة لاعب بمنتخب مصر من حسابه بتويتر احتجاجًا على عدم تصويت الاتحاد المصري لكرة القدم له في مسابقة أفضل لاعب في العالم. كما انقسمت الجماهير ما بين مؤيد ومعارض لخطوة "صلاح" في الحديث عن "المنتاليتي"، والتي نسى فيها أن أغلب جماهيره من أبناء القرية الذين جمعتهم مع صلاح آلام بدايات واحدة، ورغم هذا يُدرك الجميع أن "صلاح" ظُلم كثيرًا بسبب العشوائية والشللية والفساد في اتحاد الكرة. مع أزمات صلاح المتكررة سواء ظالمًا أو مظلومًا، وتسليط الإعلام الضوء على السنغالي ساديو مانى، أصبح هناك تعاطفًا مع الفتى الأسمر، وهذا التعاطف بلغ ذروته حينما لم يحضر "صلاح" حفل تسليم جائزة أفضل لاعب في إفريقيا 2019، والتي أقيمت في مصر، والتي حصل عليها مانى، ورأى البعض في عدم الحضور تقصيرًا في حق مصر والكاف وزميله مانى أيضًا، وساق البعض في هذا الإطار اتهامات وصلت إلى حد التخلي عن دعم مصر سياحيًا، مع انتصار عاطفي لابن السنغال المجتهد، ليتحول الأمر إلى جلد لابن البلد، وتشكيك في النوايا دون أن يعرف أحد حقيقة ما حدث، ولماذا اعتذر، وهل "ماني" يعرف لماذا لم يحضر صلاح أم لا؟ مع العلم أنه سبق لكريستيانو وميسى أن تغيبا عن حفلات الأفضل في العالم، ولم يتهمهما أحد بشيء، وذلك لسببٍ واضح أن كلاهما لم يقدم نفسه من قبل في صورة الزعيم السياسي. "صلاح" ليس حاقدًا على مانى، بدليل أنه هنأه بالفعل، لكن الزعيم السياسي ذاته رفض تتويج مجلس هاني أبو ريدة المستقيل بجائزة أفضل اتحاد في إفريقيا، وهي الثورة التي قادتها الجماهير خلف "صلاح" مجددًا. ليس عيبًا أن يرفض "صلاح" جائزة الكاف لاتحاد "أبو ريدة"، لكنه عليه أن يبتعد في ذلك عن سياسة البرادعي التويتية، فإما أن يشرب بيريل ويقول ما يريد، أو أن يتحلى بمثالية أحمد فتحي، الكابتن الحقيقي للمنتخب، والذي يُدرك دوره فعلًا، ويترك الملعب يتحدث عنه. منّ يُحب "المو" فعلًا، يجب أن يضعه في خانة "لاعب الكرة" وليس السياسي، فصلاح اللاعب من صلاح الرعية.. وقريبًا انتظروه أفضل من صديقه "مانى"، والثنائي ديكتاتور الكرة "ميسي ورونالدو" بشرط أن يكون الحكم كرة القدم، للمنتخب أولًا ثم ليفربول، وإن تعثر ندعو الله أن يسدد خُطاه على المستطيل الأخضر، وليس تويتر ذو العلامة الزرقاء.
#سيد_طنطاوي (هاشتاغ)
Sayed_Tantawy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-سيرة أبو شمام-
-
-الممر- ضاق علينا.. نظرة ومدد يا وطن
-
إلى الدكتور خالد منتصر: -إنما للهبد حدود-
-
مروة قناوي ..-يتيمة الابن-
-
-نبيهاليا- ..رايحين على أرض النخيل
-
-ياسر رزق ..اغسلها وتوكل-
-
..ويظل المذيع يكذب حتى يُكتب عند الناس -قرموطًا-
-
-السيسي والطيب- ..ومعركة -أنت عارف وأنا عارف-
-
القول المفيد في جرائم -تركي والخطيب- ..الأزمة في السياسة
-
..وهل يليق بالصحفيين إلا النضال؟
-
معتقلو الفسحة ..عيطي يا بهية على القوانين
-
إلى الموهوب إبراهيم عيسى: -حمرا -
-
في حب النيل وشيرين
-
-عبدالناصر- .. كبيرهم الذي علمهم النصب
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|