أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - أحداثٌ وَقعت لِي أو لبعض زملائي أثناء ممارسة مهنة التدريس














المزيد.....

أحداثٌ وَقعت لِي أو لبعض زملائي أثناء ممارسة مهنة التدريس


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6459 - 2020 / 1 / 8 - 22:16
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


1. في معهد برج السدرية في التسعينيات، أخطأتُ في حق تلميذ و"ضربتُه" بكف صغير على خده وما أقبحه فعل، خاصة وأن الضربَ على الوجه -بطاقة تعريف الشخصية- هو من أسوأ أنواع الإذلال لأنه قد يعطِّل شغف التلميذ بالعلم وقد يحطم شخصيته، والأسوأ من كل ما سبق، أنه يصيب التلميذ بجرحٍ نفسي لا يندمل بمرور الزمن، ومَن منّا نسي صفعةً على وجهه كان قد تعرّض لها في حياته حتى وإن جاءت من أمه أو أبيه.
بعد مرور رُبع ساعة تقريبا على الحادثة، تفاجأتُ بأمه أمام بابَ القاعة فوجدتها في وجهي تلومني. قدّمت لها اعتذاري دون تردد. قالت: غَلَبْتَنِي وانصرفتْ ( لا أعرف إلى اليوم كيف اتصل التلميذ بأمه وأعلمها فورا بخطيئتي الكبرى، أكيد عن طريق رسالة هاتفية).
ومن سوء حكمتي وتدبيري حينذاك أنني كنتُ أظن أنني أؤدبه رغم أنني كنتُ أعرف جيدًا أن العقاب البدني ممنوع في القانون التربوي منعًا باتًّا. وهل يؤدبُ الطفل بالعنف؟ لا أظن! توجدُ ألف طريقة تربوية لتأديبه من غير استعمال العنف، لكن غابت بصيرتي حينها في لحظة غضب وأجرمتُ في حقه، والغريب أنني كجُل الأساتذة أخفِي عجزي التربوي بالقول أن نيتِي حسنة. نادرًا جدا ما كنتُ أمارس الضرب رغم أنني كنتُ واعيًا تمام الوعي ومقتنعًا نظريا بعدم جدوى العقاب البدني وكنت أقول لزملائي ناصحًا: تسقط جميع حقوقكم الأدبية إن بادرتم بالاعتداء على أي تلميذ لفظيا أو ماديا وكنتُ ألوم كل زميل يظلم تلميذا ثم يكتب فيه تقريرا ويحيله على مجلس التأديب. فمَن أولى بالتأديب في مثل هذه الحالة؟ التلميذ أم الأستاذ؟ الأستاذ طبعًا!
أخيرًا، أتوجه إلى تلامذتي السابقين، وأقول لهم: تعدّدَتْ أخطائي، وعزائي الوحيد أنني أعرف أن عفوكم يا ملائكة كعفو الله أعظمُ. والله خجِلتُ من التلميذ ومن نفسي ساعتها ولا زلتُ إلى اليوم وبعد التقاعد أخجلُ من الاثنين معًا، ولن يزول خجلي حتى أحاسَبَ وأعاقَبَ على ما اقترفت يدِي اليُمنَى. ولكن بعد هذه الحادثة المؤسفة، لم أتعظْ وتكررت أخطائي رغم قلتها مقارنة ببعض زملائي ممن هم أكثر مني تعنيفًا لتلامذتهم، والمقارنة لا تعفيني من تحمّل مسؤولية أخطائي ولا تخفف منها أيضًا.

2. في معهد من المعاهد بالجمهورية التونسية، جاء مفقد علوم ليتفقد الأستاذ "أ" فلم يجده، فتفقد صديقي الراوي الأستاذ "ب". غادر المفقد المعهد وبعد أسبوع بعث تقرير التفقد باسم الأستاذ "أ" الذي لم يزره وأسند للغائب 14 على 20. احتج صديقي الأستاذ "ب" لدى المفقد ولدى الإدارة الجهوية، لا حياة لمن تنادي، وبقي تقرير التفقد وعدد التفقد باسم الأستاذ "أ" إلى يومنا هذا. ونحن نردد دائمًا ونقول "لا يضيع حق وراءه طالبٌ"، ولو حصل كل مطالبٍ في بلادنا على حقه لأصبحنا نورويج إفريقيا.

3. في إعدادية من إعداديات مندوبية بنعروس، أستاذة علوم متحجّبة أسرّت إلى الراوي زميلها، وهو صديقي الذي لا يكذب أبدًا، وقالت: "لن أدرّس تلامذتي وسائل الوقاية من الإصابة بالسيدا". قال لها مستغربًا: لماذا؟ ردت: "لأن الإصابة بالسيدا هي عقابٌ يسلطه الله على عباده الزناة والشواذ". تعليقي: جمعتْ الأستاذة بين الجهل بالعلم والجهل بالدين:
أ. تجهل العلمَ لأن فيروس السيدا قد يصيب إمامًا متعبدًا لو تعرّض صدفة أو خطأ إلى حقنه بإبرة ملوثة، وقد يولدُ الطفل الملائكة مصابًا من أم مصابة، وقد حدث في فرنسا وتونس في الثمانينات أن أصِيب عشرات الأطفال الأبرياء بالسيدا أثناء نقل دم لعلاجهم من مرض الناعورية (hémophilie).
ب. وتجهل دينَها أيضًا لأن القرآن يحثُّ على طلب العلم، واللهُ يعاقب العالِمَ الذي يحجب علما قد تكون فيه منفعة للناس. وأي ناس في حالتنا هذه؟ أطفالٌ في عمر الزهور، حرامٌ وألف حرامٍ يا زميلة يا ناقصة علمٍ ودينٍ (لو كان المخطئُ رجلا لقلتُ له نفس الشيء: يا ناقص علمٍ ودينٍ)، حرام عليكِ أن تحرمي تلامذتك من الاطلاع على وسائل الوقاية من الإصابة بالسيدا. وما ذنبهم يا تُرى؟ ألا يكفيهم إصابتهم بنقصِ عِلمِكِ ونقصِ دِينِكِ!

إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 23 أفريل 2018.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يبدو لي -ولستُ مختصًّا في المَجالَين- أن هذا الكلام أسفله (ا ...
- الشيخ راشد الغنوشي يَكِيلُ فِكرِيًّا بِمِكيالَين: يَرفعُ حجت ...
- سؤالٌ فلسفيٌّ أطرحُه على الشيخ راشد الغنوشي الموالِي للسلطة ...
- حول التربية الجنسية في المؤسسات التعليمية التونسية؟
- مقولات في علم -تخلّق المُخ البشري- (L’épigenèse cérébrale)
- مقولات ديداكتيكية في الإصلاح المرتقَب للنظام التربوي التونسي ...
- وصفةٌ مجرّبةٌ للسعادة اللامادية قد يستفيد منها المتقاعدون من ...
- يبدو أن جل المدوّنين الفيسبوكيين (لا أستثني نفسي طبعًا)، قد ...
- جل يساريينا الماركسيين التونسيين، مثقفون بورجوازيون صغار، أع ...
- منذ نصف قرن وتونس تَشْهَدُ -جريمةً- في حقِّ الدولةِ الصلبةِ ...
- ترجمة لبعض المفاهيم الإسلامية التي صادفتها في قراءاتي بالفرن ...
- فلسفة الأخلاق؟
- المجتمع الجمني بين الأمس واليوم (1952-2019)؟
- مَن هي الفئات الاجتماعية التي انخرطت كليًا في النمط المعَوْل ...
- لا أتفق مع القوميين المتحزبين المتعصبين في المواقف التالية؟
- ما وراء التحرر الجنسي في مجتمعاتنا الحديثة السائلة؟
- الجهادُ ضدَّ النفسِ، شعاري في الحياة؟
- من كوارث المجتمع الرأسمالي السائل (La société liquide)؟
- الأحزاب الصلبة والنصف-صلبة والسائلة في تونس؟
- وصفة ماكرونية ماكيافيلية للقضاء على الانتفاضات الشعبية: انتف ...


المزيد.....




- أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق- ...
- لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا ...
- ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب ...
- شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
- لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم ...
- السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما ...
- الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي ...
- ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
- لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - أحداثٌ وَقعت لِي أو لبعض زملائي أثناء ممارسة مهنة التدريس