سامي بن بلعيد
الحوار المتمدن-العدد: 6456 - 2020 / 1 / 5 - 20:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تضخُّم الانا
نحن العرب بغالبيتنا نعاني من انتفاخ في الانا حتى اصبح داخل كل منّا سوبر مان غاضب وجاهل يعشق ان يكون في الطليعة على حساب الآخر
وما نكتسبه من التعليم والاطلاع او التدين في الغالب نجعله رصيد إضافي يعزز من تجذير الظاهرة البرومثيوسية وانتفاخ الانا بأشكال مختلفة ..
هذا التضخم فاقم المشاكل بين الأفراد والجماعات على مختلف مفاهيمها العتيقة والجديدة
ولو عملنا مقارنة بيننا نحن العرب المتصارعين وبين شعوب العالم المتسمة بالاستقرار والتعايش لوجدنا ان تلك الشعوب وضعت معالجات لإشكالية انانية الانا واعتبروا ان الانا الخاصة لا تكتمل سعادتها الا برؤية الآخر فيها ورؤية ذاتها في الآخر واقتنعوا بأن الاختلاف عبارة عن أشياء جديدة يقتربون منها ويتعلمونها بشكل انساني حقق الاستقرار لتلك المجتمعات
ومن الطبيعي ان الناس تختلف عن بعضها .. فأعطوا الحق لكل فرد ان يعتز بذاته ولكن في اطار القواعد الانسانية التي تضمن حياة الاستقرار والتعايش للجميع ...
أقطارنا العربية يكون الامر فيها مغايرا تماما حيث ان الانا تحاول فرض نفسها على الاخر .. فإذا كان الشخص متدينًا يريد ان يفرض توجهه على الآخرين بالقوة وان لم يتمكن يبقى متربصا بالآخر ويصنع له المكائد والخصومات ويتمنى ان يرى كل العالم مسجدا او معبدا او كنيسة تابعة لعقيدته او طائفته فقط
واذا كان سياسيًا يتمنى ان يرى العالم برلمانا ويكون هو او اتباعه هو على رأس ذلك البرلمان
واذا كان رياضيًا يتمنى ان يكون العالم ملعبًا
واذا كان فنانا يتمناه مسرحا واذا كان قبلي او بلطجي او غير ذلك يتمنى ان يكون العالم ساحة لممارسة ما يحب ويفرض ذلك على الآخرين
أي ان العلاقة بين المرء وذاته وكذلك علاقته بالآخر قائمة على الصراع بهدف الانتصار والإخضاع وهذا الامر يتعارض مع النواميس الانسانية والقيم الاخلاقية والدينية السليمة
وكل ذلك افرز لنا الانا المتوحشة الغاضبة وهي التي أوصلتنا الى هذه الحالة السيئة من الصراع والكراهية والضعف وجعلتنا نتعاطى الافكار ونتعامل مع الاشياء مثل الوطن والحرية والعقيدة والإنسانية عن طريق النقيض وليس الشريك
تغيير ذلك يتطلب اجتهاد وعمل مضني على الانا ويتطلب انشاء محطات مراجعة وتأمل الى الذات والآخر وبدلا من وضع الاشياء على حافة الصراع يتم وضعها على حافة التقارب والتعايش الانساني
فإذا حصل ذلك بكل تأكيد سنرى الاشياء كما هي عليه في الواقع وليست بالصورة التي شكلتها ذواتنا المنتفخة ....
#سامي_بن_بلعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟