سماح خميس أبو الخير
الحوار المتمدن-العدد: 6456 - 2020 / 1 / 5 - 16:53
المحور:
الادب والفن
مقدمة:
يوهان فولفجنج فون جوتة (John Wolfgang Von Goethe) – (1832- 1749) -هو أحد أهم أدباء ألمانيا. نشأ (جوتة) فى أجواء تعدد الفلسفات وتنوعها, وكان إيمان (جوتة) بأهمية الأدب فى الترقى الإنسانى نابعا من نضج فكرى أتى ثماره من التعمق فى الفلسفات المثالية والأديان السماوية والأجناس الأدبية المتنوعة. تشبع (جوتة) بالتراث الإنسانى متخطيا حدوده الزمانية والمكانية فأنتج تمازجا وتداخلا منسجما يتسق مع قناعاته الأيديولوجية التى تهدف لتحقيق المثالية الإنسانية.
كتب (جوتة) خمس عشرة مسرحية تقريبا؛ أغلبها مستلهمة من التاريخ أو التراث الشعبى أو الأسطورة عابرا إلى الآداب العالمية وخاصة الأدب العربى واليونانى. ولقد ظهر مصطلح (الأدب العالمى) لأول مرة على لسان (جوتة) ؛ حيث كان يعنى به انتقاء المفاهيم والمبادئ الإنسانية من شتى الثقافات والآداب لتشكيل أدب إنسانى متحرر من قيود الزمان والمكان, وهو ما يقودنا إلى مصطلح (التداخل الثقافى) الذى ظهر على الساحة الأدبية فى القرن العشرين حيث "يشير مفهوم التداخل الثقافى إلى دعم الحوار عبر الثقافات ومواجهة نزعات الانعزالية الذاتية داخلها, وينطوى على تخطى القبول السلبى المجرد لحقيقة تعدد الثقافات ليدعم التفاعل بين الثقافات. إن موضوع التداخل الثقافى جاء نتيجة لتطور المنظور المعاصر حول التاريخ والهوية بوصفهما تكوينات غير ثابتة تجمع بين عناصر مستمرة وعناصر متغيرة ؛ هذه العناصر مبنية فى الأصل على التداخل والتعدد, ولا يمكن القبض عليها إلا فى لحظة تحديدها ضمن عناصر جديدة ؛ هذا التداخل الذى ينطوى على إدراك الاحتياجات الإنسانية المشتركة بين الثقافات يحدث نوع من التجاوز للحدود القومية, ويتولد نوع من الاختلاط فى الفكر للوصول إلى نوع من الاقتراب, وبذلك يحدث نوع من التغيير بالسلب أو الإيجاب. وبذلك فالتداخل الثقافى ليس وسيلة للنقل بل هو تحديث للأفكار وتجديد أساليب الصياغة لتلبية الاحتياجات الإنسانية تجاوبا مع روح العصر"( ) وتكمن فاعلية كل ثقافة فى العمومية الإنسانية التى تنطوى عليها "فرغم أن عمومية الثقافة تحمل بين طياتها طابع الخصوصية, كما أن خصوصيتها تتسم ولابد بشئ من العمومية, فإن المطلق والنسبى يشكلان هنا حقيقة واحدة متكاملة. إن فلسفة (أفلاطون) مثلا تعكس من جهة الوضعية الاجتماعية للشعب اليونانى فى عصره كما تعكس أيضا مكان أفلاطون فى هذه الوضعية, ولكن مع ذلك تضم شيئا يتعدى (أفلاطون) ويتجاوز معطيات مجتمعه. شيئا يتعلق بتطلعات الإنسان وتساؤلاته, تطلعات وتساؤلات تخترق سياج الزمان والمكان, ومثل ذلك النسق الشعرى
لـ (هوميروس) وقصص ألف ليلة وليلة, وغير ذلك من الآثار الثقافية الخالدة"( ). ورغم أن (جوتة) لم يعاصر اهتمام الدراسات النقدية التى شكلت هذا المفهوم إلا أنه قد مارسه بتلقائية نابعة من اهتمامه بدعوته للتلاقى والتقارب الانسانى.
ولكن هل استطاع (جوتة) فى تحقيقه لهذا التمازج الثقافى بين الآداب متعددة المنابع أن ينتقى ما يتوافق مع النسق الفكرى والابداعى الذى آمن به؟. وما هى أوجه التداخل بمعنى ما مقدار ما أخذ؟ وما مقدار ما ترك؟ من أجل تحقيق دعوته للمثالية وهل حافظ فى سبيله لتحقيق هدفه على صورة الآخر بالإيجاب؟ أم حقق تداخلا سلبيا يهدر من قيمة الأدب الآخر.
إن المسؤولية الثقافية تفرض علينا أن نحافظ على التراث الأدبى من شتى بقاع الأرض. خاصة عندما تندر الترجمات إلى العربية فيما يخص أحد أهم أعلام الأدب العالمى. فأهمية البحث تكمن فى محاولة تقديم فهم أعمق لأعمال الشاعر الكونى (يوهان جوتة)- كما أطلق عليه – الذى برع فى مخاطبة الإنسان نفسه فى كل زمان ومكان, وذلك من خلال دراسة تحليلية للوصول إلى صورة أكثر وضوحا لطبيعة إبداعاته المسرحية خاصة وأنه تفرد وسبق عصره فى إتباع مفاهيم التداخل والتمازج الثقافى قبل أن تشرع فى الدراسات المعاصرة.
المبحث الأول:
النسق الفكرى والإبداعى عند يوهان جوتة:
"ترك (يوهان جوتة) كنزا أدبيا وثقافيا ضخما للمكتبة الألمانية والعالمية, وكان له بالغ الأثر فى الحياة الشعرية والفلسفية. كان (جوتة) يميل فى اتجاهه الأدبى إلى منهج (العاصفة والتيار) وكان هذا هو التيار السائد فى هذا العصر, والذى وقف فى مواجهة تيار آخر عرف ب (عصر التنوير) أو عصر الدليل المادى؛ هذا التيار يعمل العقل فى كل النواحى, ولا يؤمن بوجود أى شئ إلا إذا كان هناك دليل مادى على وجوده"( ) "لقد ذابت التقسيمات الطبقية فى حركة التنوير المتحررة, فأولئك اللوردات الذين كانوا ذات يوم يصدرون القوانين, الآن أصبح فى استطاعة أى فرد أن يكمل طريقه ليصل إلى أى وضع, وأى سلطة, وله أن يختار الطريق. لم يحدث أبدا فى تاريخ الحضارة أن كان الإنسان على هذا القدر من الحرية, حرية أن يختار عمله ورفيقه وزوجه ودينه وحكومته ونظامه الأخلاقى. وعلى أية حال كان هناك إلى جانب هذا الاتجاه الجديد الداعى إلى التحرر من كل شئ كثير من الأرواح الحساسة التى شعرت أن العقل قد انتزع الكثير فى طريقه إلى التحرر. فالعقل الذى هاجم الدين القديم بما فيه قد حل محل الرؤى السامية, بينما الإنسان أكثر استعدادا للتفكير فى نفسه كروح تتحكم فى المادة أكثر من استعداده للتفكير فى نفسه كآلة تتحكم فى الأرواح. فللمشاعر حقها لأنها تترك أثراً أعمق من الفكر والعقل".( ) وبذلك "كان منهج العاصفة والتيار منهجا متجددا مفعما بروح الشباب, رافضا وضع قيود على المشاعر ومؤمنا بحرية التعبير"( )
"تفجرت قدرات (جوتة) الإبداعية بمعرفة الشاعر والفيلسوف والمستشرق الألمانى (يوهان هردر) (Johann Herder) (1803- 1744) حيث يعد (جوتة) و (هردر) قطبين من أقطاب موجة العاصفة والتيار أو العاصفة والاندفاع, تلك الحركة التى امتدت فى ألمانيا من 1767 إلى 1785"( )
"تمتع (هردر) بشخصية فذة, وتأثير واضح على الحضارة الألمانية. كان (هردر) يحمل رؤى غير منحازة مفادها أن اللغة أساس هام لإحترام الفروق الثقافية بين الحضارات مع أهمية البحث عن الجوهر الإنسانى لدى الشعوب. كما جسده (هوميروس homeros) فى ملاحمه الخالدة, كما كان متحمسا لعقيدة التوحيد حيث أوضح إعجابه بتعاليم الدين الاسلامى. ولقد أثر هذا المعلم وأفكاره فى نفس (جوتة) تأثيرا بالغا وعميقا"( ). "يقول المؤرخ الألمانى (جان بول ريختر john paul richter) لم يكن (هردر) نجما عظيم القامة, بل كان أشبه بثرياً تتلألأ بألف نجم, لم يورثنا عبقريته فى عمل كامل, لكنه كان هو نفسه أية من آيات الإلوهية. وما كتاب (أفكار حول فلسفة تاريخ البشرية) سوى إشارة لذلك, حيث سعى (هردر) فيه بعد أن خاض الكتابة والتأمل طوال سنوات حياته إلى إعادة كتابة تاريخ البشرية على طريقته الخاصة معطيا للإنسان مكان المحور فى هذا التاريخ, وقد حرص فى نهاية الأمر على ربط الإنسان ربطا محكما بخالقه. ومن هنا جاء الكتاب لوحة شاملة لتاريخ العالم, تفسر العصور المختلفة تفسيرا عقلانيا باعتبارها تطورا طبيعيا يسير نحو انبعاث بشرية خالصة غنية بالمعرفة والحب, قريبة من المثل الأعلى الذى طالما حلم به فلاسفة الخير الإنسانى. يرى (هردر) أن الوحدة البشرية الكونية هى الوحدة المثالية للإنسان المثالى فى ظل إلوهية مثالية. فيقول أن غاية الطبيعة البشرية هى النزعة الإنسانية نفسها, بحيث أن الله حين جعل للبشر هذه الغاية إنما نراه قد وضع مصير هؤلاء البشر بين أيديهم انطلاقا من أسس العقل والعدل, جاعلا فى خلفية ذلك كله خيرا تشريعيا ترتبط به سعادتنا المثلى. فالإنسان ليس ظاهرة بيولوجية عضوية فإن كانت القوانين الطبيعية والفيزيائية تصنع الكون, فالقوانين البشرية تصنع التاريخ. فالإنسان ليس سوى المختصر الجامع ونقطة الانطلاق لكل القوى العضوية فى الكون, والدين وحده هو ما يدخل فى أوساط الشعوب جميعها أولى عناصر الحضارة والعلوم, وعلى الإنسان إدراك مهمته فى عملية إكمال المسيرة التى فتح له الوحى أبوابها"( ). تبنى (جوتة) هذه الفلسفة لتصبح الإطار العام لنسقه الفكرى وركيزة لإبداعاته.
"لقد أشار (هردر) على (جوته) بالعناية بالآداب الأخرى حيث سعى (جوته) نحو التعرف على ثقافات أخرى فتعمق فى الأدب الشرقى, وأطلع على الأدب الصينى والفارسى والغربى. لقد مال (جوتة) إلى التبحر فى العلوم, فانكب دارسا العلوم والفنون المختلفة, كما عكف على تعلم اللغات المختلفة فدرس اللاتينية والإيطالية والفرنسية والانجليزية والعبرية"( ). "ويشير الدكتور عبد الرحمن بدوى فى مقدمة ترجمته لكتاب (جوتة) (الديوان الشرقى للمؤلف الغربى) أن الأديب قد يشعر فى إحدى مراحل حياته بحالة من الاغتراب الروحى, وهى حالة وجدانية عنيفة قد يشعر معها بحاجة ملحة إلى الفرار من البيئة التى يعيش فيها إلى أخرى جديدة يتلاءم معها"( ). "لقد كانت الظواهر الدينية قاطبة تحظى دائما باهتمام (جوتة), حتى أن مجمل نشاطه كان يقوم على دوافع ومعتقدات دينية"( ). "لقد ترجم (جوتة) من التوراة كتاب (نشيد الأناشيد), ثم عكف على القرآن وقرأه سنة 1781, ثم قرأه مرة أخرى فى ترجمته اللاتينية"( ). "إن علاقة (جوتة) بالإسلام ظاهرة مثيرة للدهشة, فلم يقتصر اهتمامه بالإسلام على مرحلة معينة من حياته, بل كانت ظاهرة تميز أعماله فى كل مراحل عمره, فلقد نظم وهو فى سن الثالثة والعشرين قصيدة رائعة أشاد فيها بالنبى محمد (صل الله عليه وسلم)" ( ). "إلى جانب اهتمامه بالأديان حظت الإبداعات الفنية للشرق باهتمام (جوتة)" ( ) "ومن هنا بدأ اهتمامه بالأدب العربى فقرأ المعلقات بترجمة (جونز- johns )اللاتينية, وفى عام 1814 خرج كتاب الديوان الشرقى والذى مزج فيه بين الشرق والغرب"( ). "وعندما نمعن النظر فى أعمال (جوتة) نكتشف أن لديه شغفا واهتماما بحكايات ألف ليلة وليلة كواحدة من أمهات الكتب فى الأدب الشعبى حيث كان تأثيرها بالغ القوة, فلقد استدعى (جوتة) فى كثير من أشعاره شهر زاد, وعبر على لسانها عن بواعث معينة, وألبسها أدوارا وأفعالا مختلفة"( ).
"قد يختلف النقاد فى تقدير المضمون الأخلاقى لمسرحية قياسا على مفاهيم الثقافة الأوروبية, ولكن (جوتة) كان أبعد الناس عن أن يسجن نفسه فى إطار ثقافة معينة فى عصر معين"( ) "(جوتة) هو خير من يضرب به المثل للدلالة على مدى تفتح الطاقات الإيجابية المبدعة إذا صادفتها الظروف الملائمة لتخطى حدود التفكير المحلى الضيق. كما دعا (هردر). لقد كانت رغبة (جوتة) عارمة فى التقارب بين الشعوب, والتعرف على بعضها البعض من خلال التعرف على إنتاجها الأدبى, حيث أن تعميق التعارف بين الأمم والشعوب يفض إلى تفاهم أفضل"( ).
"(يوهان جوتة) هو أول من وضع مصطلح الأدب العالمى, وقصد منه بلوغ الآداب القومية المختلفة, إذ سيحدث ذلك تأثير فى واقع الآداب لتجتمع أرقى الأعمال الأدبية من مختلف الأزمنة والأمكنة تحت مظلة أدب عالمى واحد, فهو يرى أن الأعمال الفنية العظيمة تتوجه إلى مخاطبة الناس مباشرة حينما تعاد صياغة التفكير والإحساس بالواقع"( ). "فالأدب العالمى هو الأدب الذى اجتاز الحدود بين الدول وحقق انتشارا واسعا وشهرة كبيرة بفضل ما يمتلك من خصائص فنية تتمثل فى التعبير عن القضايا الإنسانية. وحلم (جوتة) أن تلتقى آداب الأمم لقاءاً إنسانيا. كان (جوتة) ذا أفق إنسانى ورؤية إنسانية منفتحة. إن الطموح إلى العالمية طموح قديم عرفته البشرية قدم الأديان والثقافات"( ), "إن ما قصده (جوتة) بتعبير (الأدب العالمى) هو السمة الكونية للآداب التى تنتجها الشعوب المختلفة, والبحث عن الصفات العامة التى تربط الآداب ببعضها, ليصف بذلك تنامى حضور نصوص أدبية أنجزت فى لغات غير غربية بين أيدى الأوروبيين مثل الشعر الملحمى فى السنسكريتية والعربية مثلا"( ).
"كان المسرح هو المجال الخصب الذى عمل عليه جوتة بعد الشعر, وقد أبدع فيه ابداعا منقطع النظير, حيث أن موضوعاته توضح اختياره الشخصى الخالص فى بحثه عن المثل فى العقل والطبيعة. إن المسرح عند (جوتة) هو دراما البحث عن القيم. فمسرحياته ليست مسرحيات حول المصير الإنسانى الشخصى, ولا هى مسرحيات أفكار, بل هى تحتوى على أشخاص يعيشون ويتعاملون مع المثل طوال الوقت"( ). "وما الأدب العالمى إلا أعمالا مشبعة بوحدة المشاعر والأفكار والآمال والآراء الإنسانية العامة والتى تهدف لتحقيق حياة أفضل"( ), "حيث يدور مفهومه غالباً حول النزعة المثالية والتى تبناها أدباء وفلاسفة مثل (جوتة) و(هردر)، والتى تعود بالأدب إلى تعبيره عن مجموعة من المثل العليا التى يشترك فيها البشر، من دون أن تكون حكرا على ثقافة دون أخرى"( ). وبذلك تحقق مفهوم التداخل الثقافى عند جوتة قبل ظهوره فى الدراسات النقدية، حيث أدرك ما تنطوى عليه الثقافات المختلفة من احتياجات إنسانية مشتركة, فتبنى اتجاه التفاعل بين الثقافات للوصول إلى نوع من التقارب الإنسانى.
"احتك (جوتة) بالأدب والفن اليونانى القديم، واتخذ من أدبائه مثله العليا مثل (هوميروس) و(سوفوكليس Sophokles) لقد شعر جوتة بحاجة لمحرك لفنه، وهذا ما كان فى رحلته إلى ايطاليا. حيث كان جوتة مهتما بالثقافات المختلفة"( ). كما أثرت الميثولوجيا اليونانية على (جوتة), كما أثرت بشكل كبير على فنون وآداب الحضارة الغربية، "فعادة ما نجد فى الأساطير مشاعر إنسانية جياشة وأحاسيس وتصورات ومواقف تطلعنا على فلسفة الإنسان فى الوجود، وعلى محاولاته الفكرية، والتى تتضمن خلاصة تجاربه وماضيه، وكيف كان يستنتج من هذه التجارب منطقه ومفاهيمه وتعامله مع واقعة وفق منطق خاص، ووفق مضامين أخلاقية تمت صياغتها فى قوالب أدبية ذات خصوصية توارثتها الأجيال وعدلت فيها وأضافت إليها، مما جعل الأسطورة محل عمل دائب لا يتوقف، وعليه فالأسطورة تعد تسجيلا للوعى الإنسانى، واللاوعى فى آن واحدا"( ).
لم يكتف (جوتة) بل "جاء بنظرة تتميز بالانفتاح على الثقافة العربية والإسلامية ليظهر التأثير العربى الإسلامى على أعماله. ان اهتمام جوتة بالثقافتين العربية والإسلامية لم يتجل فى عمل واحد وإنما فى عدة أعمال وذلك بقراءة البعد الروحى فى أدبه، ويرى البعض أن المكون العربى الإسلامى فى أدب (جوتة) مكون ثانوى، بينما يرى آخرون أنه مكون أساسى .. وترى الباحثة الألمانية الأمريكية (كاتارينا مومزن Katherina Mommsen) فى كتابها (جوتة والعالم العربى) أن جوتة ما كان ليصل لما هو عليه لولا اطلاعه على الثقافة العربية والإسلامية، حيث تثبت الباحثة الألمانية اطلاعه الواسع على القرآن الكريم، وحكايات ألف ليلة وليلة، والمعلقات الشعرية العربية، والشعر الفارسى المتمثل فى شعر حافظ الميرازى وغيرها من روافد الثقافة العربية. لقد برز (جوتة) فى فترة تاريخية تميزت بحضور قوى للاستشراق الألمانى، حيث تم اكتشاف حكايات ألف ليلة وليلة بعد ترجمتها إلى الألمانية، كما ظهرت دراسات حاولت أن تقرب الألمان من الثقافة العربية بالإضافة إلى ظهور معجم المستشرق الألمانى (كارل بروكلمان Carl Brocklmann) الذى اهتم بالأدب العربى، فانفتح القراء الألمان على عالم آخر بخياله وتصوره للعالم"( ). "لم يخف (جوتة) اهتمامه بالشرق، وكونه وسيطا بين الثقافات، فأظهر تعاطفه العميق مع هذا المكان الأسطورى، لقد جسد هذا المكان مصدرا للإلهام، كما رأى فيه موطن أصل الأديان أو ما يسمى بمهد الثقافة الإنسانية، حيث اهتم (جوتة) بالقرآن ولم يعطه قيمة أقل من الإنجيل، وليس هذا بسبب روعة لغته بل لحقيقة أن التعاليم الرئيسية فى القرآن موجودة أيضا فى الدين المسيحى"( ).
لقد آمن (جوتة) بضرورة تحقيق المثالية ذات المرجعية الأخلاقية النابعة من الفطرة الإنسانية المتسقة مع العقيدة الآلهية "يقول (جوتة) (لا قيمة للذكاء دون أخلاق. الاستقامة أساس النجاح. المعرفة هى الانفتاح على الطبيعة والبشر. الوجود الإنسانى يتحقق فى التوفيق بين الفكرة والعمل. والإنجاز الحقيقى هو الإنجاز المثمر"( ). فجاءت إبداعاته الأدبية كخطاب إنسانى تخطى حاجزى الزمان والمكان يدعو فيه لتحرى المثالية فى الفكر والعاطفة. أخذ (جوتة) يتلمس فى الأجناس الأدبية المختلفة بتنوع منابعها ما يتوافق مع توجهاته من منطلق قناعاته أن الأفكار والمشاعر الإنسانية لا تنفصل بحدود اللغة أو الجنسية أو الزمن. فلم يقف تعدد المنابع الثقافية عائقا أمام خلقه لكيان أدب إنسانى، بل على العكس تعددت أعماله الأدبية التى أثرى بها المكتبة الأدبية العالمية.
المبحث الثانى:
الاختيار والإفادة من الأجناس الأدبية متعددة الثقافات:
إن (جوتة) فى تلقيه للأدب المؤثر أو المرسل قد اعتمد على عنصرى الاختيار والإفادة لخدمة النسق الفكرى والإبداعى الذى دعا إليه. وفى دراسة تحليلية لإبداعات جوتة المسرحية المستلهمة من الآداب الأخرى وخاصة الأدب الاغريقى والأدب العربى – والذى ظهر تأثيرهما فى عدد من أعماله المسرحية – نرصد مقدار ما حدده جوتة لينتقل من الأدب المرسل، وما استحال أن يستعين به فى محاولته خلق عمل مسرحى متكامل فكريا وفنيا.
المحور الأول:من الأدب العربى (مسرحية نزوة العاشق نموذجا):
"ألف ليلة وليلة هذا الكتاب الذى خلب عقول الأجيال فى الشرق والغرب قرونا طوالا، والذى نظر الغرب إليه على أنه متعة ولهو وتسلية، كان خليقا أن يكون موضوعا صالحا للبحث الخصب"( ). "وأول ما لفت نظر الغربيين إلى ألف ليلة وليلة هى الترجمة التى قام بها (انطوان جالان() – Antoine Galland)" ( ).
"أثارت ألف ليلة وليلة بعد أن نقلت إلى لغات الغرب شغفا فى نفوس الغربيين بجمع الأدب الشعبى ودراسته، فقد أثارت فى نفوسهم التطلع إلى معرفة هذه الشعوب التى أنتجت هذا الأثر والتى دارت حوادث الكتاب حولهم"( ).
كان لكتاب ألف ليلة وليلة أثر عظيم فى إبداعات (جوتة) الأدبية، فلقد تأثر بالأفكار والشخصيات والأحداث وكذلك الأشعار التى يحتويها، وجد (جوتة) فى ألف ليلة وليلة المادة التى تعينه على تجاوز الحدود الزمانية والمكانية، فكانت قصصها من المرونة التى تقبل التغيير بالإضافة أو الحذف، فعكف على تشكيل ما اختار منها لتصبح ملائمة لذوق الناس ومتوحدة مع توجهاته فى الزمان والمكان الآخرين. "ففى الجزء الثانى من مسرحيته (فاوست) تأثر (جوتة) بحكاية (الأمير حبيب والأميرة درة الكرز) وذلك فى تصديره للحب والمثل العليا والتضحية"( ).
"كما تأثر بحكاية البساط السحرى ليكتب على غرارها مسرحية (الابنة الطبيعية) بالتوازى مع ربطها بالواقع التاريخى مستندا فيها على قصة حقيقية عن امرأة شابة حوصرت أثناء الثورة الفرنسية حيث تظهر المسرحية الأحداث الخارجة عن السيطرة فى الحياة العادية. حيث استطاع (جوتة) أن يسخر الحقيقة التاريخية لهدفه، فكان لا يبقى الشخصية التاريخية محدودة فى زمان ومكان، بل يحاول إخراجها لتصبح تجارب إنسانية عامة تمثل الطموح والصدق والتضحية أو الحب والبطولة أو حتى الغدر واللؤم وهو ما يتوافق مع المعانى الإنسانية التى حملتها لنا ألف ليلة وليلة"( ).
أما المسرحية الثالثة والتى تحوى مؤثرات تعود أصولها لألف ليلة وليلة هى مسرحية (شتيلا)، والتى اعتمد فيها (جوتة) على قصص الحب المستلهمة من هذا التراث وذلك فى معالجته لموضوع حب رجل لامرأتين، "إنها محنة الرجل العاشق (فرناند) الذى يقع فى محنة الاختيار بين الحرية والانطلاق والحب العارم حيث لا قيود ولا حدود مع (شتيلا)، وإلى الخلود وإلى الدعة فى بيت هادئ مع زوجته المخلصة (تسيتسيلية)" ( ). أراد (جوتة) فى المسرحية التركيز على النواحى الوجدانية للإنسان، "فالإنسان فى رأيه يقع فى مواقف أو علاقات قد ترتفع وقد تنخفض، قد تأتيه بالسعادة، وقد تسبب له النحس، فليس الحب دائما وفى كل الحالات مبشرا بالسعادة، بل قد يتحول إذا تداخلت دوافع أخرى فطالما تعرض الإنسان من داخله ومن خارجه إلى دوافع متجددة ومتباينة"( ). "هذا النص يصدر لنا كيف يكون التعلق بالحب وكيف يكون الفرار منه فى ذات الوقت. وإن كان هذا يمثل تناقضا غريبا، فإن التناقض بعينه هو أن يستمر هذا المحب فى حياة تجمع فيها بين الحرية والانطلاق، أو الاستقلالية والذاتية. هنا الكاتب استخدم العنصر الذاتى فركز اهتمامه فى أن يسبر أغوار القارئ وأن يتخلل ثنايا روحه، واتخذ فى سبيل ذلك أسلوب العاصفة والاندفاع ومن هنا كان يضع شخصيات المسرحية فى مواجهة مع النظام القائم بأبعاده الاجتماعية والدينية والأخلاقية"( ).
أما مسرحية (نزوة العاشق) فتعد أبرز مسرحيات (جوتة) استلهاما من ألف ليلة وليلة، حيث استعار شكلا متكاملا من أحد موضوعاتها الرئيسية. وبالبحث فى مدى اقتراب وابتعاد المسرحية عن الأصل الأدبى نبدأ باستعراض أحداث كل منهما. تقع أحداث مسرحية (نزوة العاشق) فى تسعة مشاهد فقط يجسد أحداثها أربعة أشخاص هم (أمينة) وحبيبها (أريدون)، و(ايجلة) وحبيبها (لامون). (أريدون) يحب (أمينة) حبا شديدا وهى تبادله هذا الحب بمنتهى الإخلاص والطاعة رغم كل محاولاته للسيطرة على تحركاتها فى الحياة والنابعة من غيرته الشديدة. فرغم حب (أمينة) للرقص فإن (أريدون) يمنعها من ممارسته فهو لا يتصور أن يلمسها رجل أو حتى ينظر إليها فهو لا يتصور أن تكون محط أنظار المعجبين، تدفعه غيرته إلى نزوات من الغضب تقترب من الجنون، وكانت (أمينة) تقابل ذلك التعسف فى تحجيم رغباتها ومشاعرها بالقبول والحب. تلتقى (أمينة) الرقيقة بصديقتها (ايجلة) التى تصر على تبديل الأوضاع، إن (ايجلة) تعيش معانى الحب مع (لامون) ولكن فى أجواء من الحرية حيث يصل الأمر أن كل منهما يقبل أن تصل العلاقات الإنسانية إلى حد التقبيل طالما كانت دون لهفة أو رغبة. تعمدت (ايجلة) إنقاذ صديقتها من ألم القيد و الكبت بسبب الحب، أرادت لصديقتها أن تنعم بالحب، وألا يكون سببا فى تعذيبها، فكانت خطتها أن تكشف لأريدون مدى بشاعة القيود التى يضعها فى حياة أمينة فمازالت به حتى قام بتقبيلها وهنا اتهمته (ايجلة) بالخيانة، فالتقبيل هنا ينافى مبادئه التى يكبل بها (أمينة)، فى تلك اللحظة يعى (أريدون) مدى ما تستطيعه ارادته، وما لا تستطيعه، وتبين له أن السعادة تكمن فى ممارسة الحب بحرية، وأنه يعذب حبيبته المخلصة (أمينة) بوضعه القيود التى تكبل حريتها الوجدانية المشروعة.
"تلك القصة التى تصور الغيرة المبالغ فيها، وتصور الحبيب المستبد والحبيبة الوديعة المظلومة، وتصور الحبيب يعذب الحبيبة أشد العذاب. نجدها فى ترجمة (جالان) باسم حكاية أمينة فى الليالى 67 و68 و69 ونجدها فى الطبعات العربية بغير اسم ضمن مجموعة (حكايات الحمال مع البنات). وتبدأ المجموعة بالخليفة هارون الرشيد يسير متنكرا مع وزيره جعفر وسيافه مسرور، فيصادف بيت البنات ويسمع صوت غناء ونغمات طرب تنساب منه إلى الخارج فيحتال حتى يدخل فيجد صبيتين تثيران فى نفسه أشد أنواع الدهشة بما تأتيان من أفعال، فيأمر بهما فى اليوم التالى أن تمثلا بين يديه، ويطلب من كل واحدة أن تقص قصتها. فتحكى الأولى. ثم يأتى الدور على الصبية الثانية. هذه الصبية الثانية هى التى تحمل فى ترجمة (جالان) اسم (أمينة)، ويأتى الدور لتحكى لهارون الرشيد قصة أثر ضرب المقارع والسياط التى رآها على جسدها فتقول (يا أمير المؤمنين إنى كان لى والد فمات وخلف مالا كثيرا فأقمت بعده مدة يسيرة وتزوجت برجل أسعد أهل زمانه. فأقمت معه سنة كاملة. ومات فورثت منه ثمانين ألف دينار. فبينما أنا جالسة فى يوم من الأيام إذ دخلت عجوز بوجه مسعوط وحاجب ممطوط وعيونها مفحرة وأسنانها مكسرة ثم سلمت وقالت: إن عندى بنتا يتيمة، والليلة عرسها، فاحضرى عرسها، فإنها مكسورة الخاطر ليس لها إلا الله تعالى ثم بكت، فأخذتنى الرأفة، فقمت وتهيأت وأخذت جوارى معى وسرت فرأينا بوابة مقنطرة بقبة من الرخام، وفى داخلها قصر قام من التراب وتعلق بالسحاب، فلما وصلنا إلى الباب طرقته العجوز، ففتح لنا فدخلنا ووجدنا دهليزا مفروشا بالبسط، وفيه الجواهر معلقة، إلى أن دخلنا قاعة مفروشة بالحرير، وفى صدر القاعة سرير من المرمر مرصع بالدر والجوهر وإذا بصبية مثل القمر قالت لى مرحبا وأهلا. وقالت: يا أختى إن لى أخا وقد رآك فى بعض الأفراح، وقد أحبك قلبه حبا شديدا، ثم فتح الباب فخرج شاب مثل القمر، فلما نظرت إليه مال قلبى له، ثم جاء وجلس. ثم إنهم كتبوا كتابى وانصرفوا. فالتفت الشاب إلى وقال: يا سيدتى إنى شارط عليك شرطا. احلفى لى أنك لا تختارى أحدا غيرى ولا تميلى إليه فحلفت على ذلك. وبعد شهر استاذنته فى أن أسير إلى السوق فأذن لى وأخذت العجوز معى. فذهبنا وجلست على دكة شاب تاجر للقماش تعرفه العجوز، فأخرج لنا ما طلبناه ثم أعطيناه الدراهم. فأبى أن يأخذها وقال: والله لا آخذ شيئا والجميع هدية من عندى مقابل قبلة واحدة، فإنها عندى أحسن مما فى دكانى فقالت العجوز: لن يصيبك شئ إن أخذ منك قبلة، فقلت لها أما تعرفين إنى حالفة. فقالت: دعيه يقبلك وأنت ساكتة، ولا عليك شئ. فرضيت وداريت بطرف ازارى من الناس، فحط الشاب فمه تحت ازارى على خدى، فما قبلنى حتى عضنى عضة قوية حتى قطع اللحم. ولما وصلت إلى البيت سألنى زوجى: ما هذا الجرح الذى بخدك؟ وهو فى المكان الناعم. فقلت زاحمنى جمل حامل حطبا فشرمط نقابى وجرح خدى، فإن الطريق ضيق فى هذه المدينة. فقال: غدا أروح للحاكم وأشكو له فيشنق كل حطاب فى المدينة فقلت: يا الله عليك، لا تتحمل خطيئة أحد. هل أنت تقتل الناس كلهم بسببى وهذا الذى جرى بقضاء الله وقدره. فقال: لابد من ذلك. ثم نهض قائما وصاح صيحة عظيمة، فانفتح الباب. وطلع منه سبعة عبيد سود فسحبونى ثم أمر عبدا منهم أن يمسكنى من أكتافى ويجلس على رأسى، وأمر الثانى أن يجلس على ركبتى، ثم أمر عبدا أن يضربنى بالسيف فيقسمنى نصفين وهذا جزاء من يخون الإيمان والمودة. ثم دخلت العجوز ورمت نفسها على أقدام الشاب وقبلتها وقالت: يا ولدى بحق تربيتى لك تعفو عن هذه الصبية. ولم تزل تلح حتى قال: عفوت عنها ولكن لابد لى أن أعمل فيها أثرا يظهر عليها بقية عمرها فأحضر قضيبا من سفرجل ونزل به على جسدى بالضرب حتى غبت عن الوعى ثم حملونى ورمونى فى بيتى الذى كنت فيه. ويعرف هارون الرشيد من الجنيات من الذى فعل ذلك بالصبية. ويكتشف أنه ولده الأمين فتعجب ثم أحضر ولده وسأله عن قصة الصبية، فأخبره على وجه الحق. ورد الرشيد الصبية المضروبة لولده الأمين، وأعطاها مالا كثيرا، وأمر أن تبنى لها دارا أحسن مما كانت"( ).
يرى (جوتة) أن الإنسان لابد وأن يتحرر من قيود الاستسلام وأنه لابد أن تتاح له فرصة التعبير بحرية عن عواطفه وأفكاره. إن استلهمام (جوتة) للقصص التراثية لم يكن محض صدفة أو إقحاما مفتعلا بلا هدف، لقد انفتح جوتة على الآداب الأخرى لإثراء أعماله حيث انتقى القصص التى تحمل فى طياتها المعانى الإنسانية العامة، و(جوتة) فى اختياره لقصة (أمينة) كان اختيارا لفكرة البحث عن الحرية الوجدانية المشروعة والتحرر من القيود التى تكبلها وليس اختيارا عشوائيا لقصة خيالية مثيرة.
وكان الإبداع هنا هو تحويل (جوتة) للحكاية التراثية فى ألف ليلة وليلة من الأجواء الخيالية بتفاصيلها إلى أجواء تقاربها فكان اختياره لقالب المسرحية الرعوية هو الأكثر اتساقا مع هذا النسق القصصى، "والمسرحية الرعوية هى عالم منفصل عن الواقع يمثل منظرا ساكنا وجميلا، وتظهر شخصياته وكأنها من عالم غير عالمنا، فيه عذوبة وفيه موسيقى وفيه أحلام وفيه جمال ورقة"( ). وبذلك استطاع (جوتة) أن يحقق القرابة والتأثير بين الأدبين.
"لم يتخل (جوتة) عن اسم البطلة (أمينة) اعتمادا على ترجمة (جالان)، وساعده فى ذلك أن اسم (أمينة) العربى يشبه أسماء عديدة كانت المسرحيات والقصائد الرعوية تستخدمها مثل (أمينة) و(أرمينية)" ( ). لتتجلى هنا براعة جوتة فى كونه يهتم فى المقام الأول بما يدور فى أعماق الشخصيات من أفكار ومشاعر ليؤكد أن الإنسان واحد فى كل زمان ومكان. لقد احتفظ (جوتة) بسمات شخصية (أمينة) ألف ليلة وليلة تلك المرأة المحبة المخلصة المستسلمة لكل ألوان العذاب ورغم انتقادها لوضعها إلا أنها لا تقوم بأى فعل ايجابى حيال ذلك.
"أمينة : ما أحلى هذا الحب. كم تمنيت أن أسعد أريدون. وأرانى سعيدة.
ليتنى لم أعطه سلطانا كبيرا على. إذن لعاش سعيدا ولعشت راضية.
هل أحاول أن أجرده من هذا السلطان.
هل يعيش من أجل تعكير صفوى فى كل متعة؟ هل سيدوم بؤسى إلى الأبد؟
- إنك تحول رباط الحب الرقيق إلى ثقيل. وتعذبنى عذاب المستبد الجبار، وأنا أحبك، ولا أزال أحبك، وامتثل لك فى كل الأمور. ولكنك لا ترضى"( ).
لم يكن هناك فارق واضح بين (أمينة) ألف ليلة وليلة و(أمينة) فى (نزوة العاشق)، فكلتاهما فى حالة استسلام رغم الرفض. ولكن لم يكتف (جوتة) بل أوضح الحل بشكل يتوافق مع فكره. تقول (ايجلة) مخاطبة (أمينة) "ليس من سبيل لإنقاذك مادمت تحبين بؤسك، أنت تحدثين صليلا بالأغلال التى تقيدك وتوهمين نفسك أن الصليل موسيقى"( ). أراد جوتة أن يهز أركان المعتقد بشكل أعمق مما عرض فى ألف ليلة وليلة فى رغبة منه لبناء حياة أكثر حرية لتبدو قيمة الإنسان فيما يملكه من مشاعر.
وبتأملنا لنقاط الاختلاف فهناك فارق رئيسى بين الأدبين يكمن فى البعد الفكرى، ف (جوتة) يؤمن بقضية محورية وهى التغيير الجذرى والتحرر، فأدخل شخصية (ايجلة) لتقوم بدور المحرك الفاعل لإحداث التغيير. ولتقريب الفكرة للمتلقى وضع (جوتة) الثنائى (ايجلة) و(لامون) فى مواجهة تناقضية مع (أمينة) و(أريدون) لتدعيم فكرته عن المعنى الحقيقى للسعادة، فالسعادة الوجدانية هى أهم ما يملكه الإنسان، وهى تكمن فى تدعيم الإخلاص والحب وليس فى تقويضه. تخلى (جوتة) عن شخصية العجوز التى لعبت دور الوسيط أو المنقذ فى ألف ليلة وليلة ليضع شخصيات أكثر فاعلية لإثراء الفكرة حيث برع فى وضع ما أراد تصديره للمتلقى من مضامين فكرية على لسان شخصياته.
"ايجلة : خلقنا هكذا. إذا لم ننعم بالحرية. لم نذق طعم المتعة. والطفل ينطلق بالسليقة فى الغناء. فإذا قلت له غن تردد وصمت. إذا تركت لأمنية حريتها فلن تتركك. أما إذا غلظت عليها فستكرهك. أسلك سبيل سعادة الحب الحقيقى. هل يخلص لكل الطائر الذى تحبسه فى قفص"( ).
هناك أيضا فارق رئيسى فى تجسيد صورة القيد. فالأمين فى ألف ليلة وليلة يتشابه مع (أريدون). حيث تشابهت صفات العاشق المستبد الغيور. إلا أن العنف الذى استخدمه الأمين والذى وصل حد التعذيب الجسدى لمحبوبته لم يتبناه (جوتة). فاستبدله عند (أريدون) بالعنف النفسى. لقد انتقى (جوتة) المعنى العام وهو القيد الوجدانى. وهو ما أراد جوتة أن يلقى الضوء عليه. إن الموضوع فى جوهره هو الغيرة التى تدفع المحب إلى القسوة على الحبيبة إن حاولت أن تطلق العنان لممارسة حرياتها المشروعة فى الحياة.
لقد وفق (جوتة) فى انتقاء المعانى الإنسانية من قصة (أمينة) ألف ليلة وليلة دون إهدار لقيمة الحكاية بل قام بتشكيلها ليجعلها أكثر وضوحا وعمقا وتأثيرا فى إطار فنى متماسك بهدف الإعلاء من شأن وقيمة الإنسان.
المحور الثانى: من الأدب الإغريقى (مسرحية بروميثيوس نموذجا):
"يتعامل الأدب الإغريقى بشكل مباشر أو غير مباشر مع مشاكل الإنسان فى كل زمان ومكان، أى المشاكل الجوهرية المتعلقة بالوجود الإنسانى، ومن ثم فإن تذوقه أمر ميسور، والتجاوب معه نتيجة مضمونة. حيث يعالج الأدب الإغريقى موقع الإنسان فى هذا الكون وعلاقته بالأشياء من حوله، وتحلل مؤلفات الأدب الإغريقى أقوال وأفعال الإنسان وتعلل نجاحه أو فشله، وهكذا أعطى الإغريق لأدبهم أهمية خاصة فكسبوا له الخلود والعالمية"( ).
لم يكن (جوتة) بالأديب الذى يستعين بالأدب التراثى محافظا على هيكله وتفاصيله مع إدخال بعض التعديلات البسيطة التى تتوافق مع عصره والتى قد تهدر من قيمة هذا الأدب, بل استلهم الأدب الإغريقى وذهب به إلى أبعد من ذلك، لقد استخلص (جوتة) من الإبداعات الإغريقية الأسطورية منها والأدبية المضامين الرئيسية والتى فى الغالب كانت تتجسد فى الشخصية الرئيسية. وهو ما عكسته أسماء مسرحياته الثلاث التى استلهمها من التراث الإغريقى وهى:
- افيجينيا فى تاوروس.
- باندورا.
- بروميثيوس.
"وشخصية (افيجينيا) الأسطورية ترجع إلى حرب طروادة، وخلاصتها أن (أجاممنون) قتل ظبيا ل (ديانا) آلهة الصيد فغضبت الآلهة وأرسلت الطاعون على جيشه، وحبست الريح عن السفن فوقفت فى مكانها، وقيل أنه لا يدفع ذلك إلا تضحية، ولا تكون هذه الضحية إلا ابنته (افيجينيا). امتثل أجاممنون لأمر الآلهة، وجاء بابنته للفداء بزعم أنه سيزفها إلى البطل (أشيل) فأشفقت (ديانا) عليها واتخذتها كاهنة لها، وهناك جاءوها بأخيها (أورست) وصديقه (بيلاد) وهى لا تعرفهما لتضحى بهما إلى الآلهة. فلما عرفتهما احتالت على العودة معهما إلى بلادها. فعادوا جميعا بسلام. ولقد نظم (Euripides يوريبيدس) الشاعر اليونانى هذه الأسطورة، كما نظمها (جوتة) فى صيغة أخرى. إلا أن الفرق بينهما يكمن فى أن الأولى تنطوى على صراع الشهوات بينما الأخرى قائمة على صراع الأخلاق"( ).
"لم يتبع (جوتة) أسلوب الأسطورة وما تلى عليها إذ أن الحل الميكانيكى للصراع كان عن طريق التدخل الآلهى، الأمر الذى لم يكن ممكنا تطبيقه فى المسرح الحديث. ولذلك قرر أن يحدث تغييرا داخليا فى شخصية (افيجينيا) بحيث تتغلب بقوى الحقيقة المطلقة على تلك الوحشية ومن ثم يتركها الملك لتعود مع أخيها إلى وطنها دون أى عائق"( ).
أما (باندورا) فهى المسرحية الثانية المستلهمة من الأدب الإغريقى، والمسرحية تحمل اسم أحد الشخصيات الأسطورية وهى المرأة التى منحت كل شئ. "حيث تقول الأسطورة أن (زيوس) كلف (فولكانو) إله النار والحديد بصنع المرأة وبهذا ترمز الأسطورة إلى طبيعة المرأة النارية. ثم تم استدعاء آلهة الأوليمب لتقديم هداياهم إلى هذه المرأة. فمنحتها (فينوس – آلهة الجمال) الجمال والحب ومنحتها (مينرفا – آلهة الحكمة) الذكاء ثم أعطتها (لاتونا) قلب كلب، ونفس لص، وعقل ثعلب وأطلقوا عليها بان – دورا أى التى منحت كل شئ"( ).
كتب (جوتة) تلك المسرحية على أجزاء ونشرها على مدار سنوات فى مجلة (بروميثيوس) ولقد ارتبطت شخصية (باندورا) بشخصية (بروميثيوس) فى الأسطورة الإغريقية. "فعندما قام (بروميثيوس) بسرقة النار السماوية وسلمها إلى الإنسان. أمر زيوس بتزيين (باندورا) وإهدائها لـ(بروميثيوس) الذى ظل وحيدا عقابا له على سرقة النار، وسلم (زيوس) (باندورا) صندوقا مقفلا باحكام وأمرها ألا تفتحه إلا بأذنه. لأن بفتحه تنتشر الشرور. رفض (برومثيوس) أن يستقبل (باندورا) أو أن يتسلم الصندوق لأنه خشى أن تكون هى الحيلة لإيقاعه"( ). وتظهر شخصية (بروميثيوس) فى مسرحية (باندورا) لـ(جوتة) ظهورا فاعلا فى أحداث المسرحية كما هى فى الأسطورة. ويبدو أن (جوتة) كان اهتمامه بشخصية (بروميثيوس) نابعا من ثراء الشخصية وبنيتها التمردية.
"كتب (جوتة) مسرحية (بروميثيوس) فى عام 1773 فى قلب عصر العاصفة والاندفاع معبرا عن الفردية الخلاقة العنيفة، وتصور المسرحية شخصية (بروميثيوس) الذى عارض الآلهة وبخاصة (زيوس) كبير الآلهة. و(بروميثيوس) يرفض العرض الذى حمله إليه (مركور) ليعود إلى الوفاق مع الآلهة، ويرفض حديث أخيه (ايميثيوس) الذى يحضه على العودة إلى حظيرة الآلهة، ويفضل أن يسير فى طريقه. طريق العمل الخلاق الفعال، وتعينه (مينرفا) ابنة (زيوس) أو (جوبيتر) على بث الروح فى الكائنات الجامدة ويحيط (بروميثيوس) البشر بالنصح والتوجيه ويعلمهم مما يعلم بل يعلم أيضا المرأة (باندورا) معنى الحب، تلك المرأة التى أرسلها (زيوس) لتقوده إلى الهلاك"( ). تلقف (جوتة) مادة (بروميثيوس) كمثال للتفرد والحرية والإبداع، حيث يصور (جوتة) (بروميثيوس) فى رفضه التصالح مع الإله وقبوله الاتحاد مع (مينرفا) فى صناعة حياة الكائنات البشرية مثالا لما يهدف له (جوتة) من إعادة تشكيل الإنسان لما ينبغى أن يكون عليه. "فخلق (بروميثيوس) للبشر يجعلهم يسيرون سيرته وسيعاندون الآلهة وسيرون أنفسهم أندادا له. وأيا كان الأمر فإن البشر يلزمون جانب (بروميثيوس) الذى يعلمهم الحضارة. فهو يعلمهم كيف يبنون الكوخ ليصبح ملكا لهم، وهو يعلم البشر عندما يتنازعون على الصيد أن من يفكر بالمساس بالآخرين عليه أن يدرك أن الآخرين سيفكرون فى المساس به فكما تدين تدان. وهكذا يعترف (بروميثيوس) طوال المسرحية بوجود نظام أخلاقى عادل. كما يعلم البشر العلاج وهو يعلم إياهم في إطار نظام الطبيعة التى جعلت لكل داء دواء. لقد رسم (جوتة) صورة متكاملة ل (بروميثيوس) لينطق بلسان الحكيم الذى يعلم البشرية أن أعمق ما تبلغه البشرية هو الحب. وأن الانطلاق عن الحدود لا ينتهى بالموت بمعنى العدم. بل بالنشأة الجديدة. حيث يعود الإنسان إلى الحياة الحقيقية وقد ازداد قوة وهمة وسعادة"( ).
"تعبر مسرحية (بروميثيوس) عن اشتغال (جوتة) بالتراث الإغريقى في محاولة لسبر أغوار النماذج القصصية الشعرية والأسطورية الأولى, واستخدامها في التعبير عن أفكار وأحاسيس الإنسان في غير تقيد بالزمان والمكان"( ) دون الالتفات إلى تقديس آلهة اليونان أو الجانب القدرى للمسرحية. فلم تلتق مسرحية (جوتة) مع أصلها الأسطورى إلى فى الإطار العام للحدث حيث أتت أفكاره التحررية لتسيطر على عناصر البناء الدرامى فلم يعبأ بتطور الأحداث قدر ما وضع على لسان شخصياته دعوته لإعلاء شأن القدرة الإنسانية فى السمو والترقى.
"بروميثيوس : إن قواى لى, ولى وحدى, أنا فى عبودية من اختيارى, أحمل الإصر الذى وضعوه على كاهلى فى جد مهيب.
باندورا : كثيرة مباهج الحياة وآلامها.
هذا القلب كثيرا ما يتوق إلى الاندفاع إلى كل مكان.
بروميثيوس : تلك اللحظة تحقق كل شئ, عندما يذوب كل شئ الرغبة والبهجة والألم فى لذة عاصفة فتخافين وتأملين وتشتهين من جديد"( )
"إن إيمان (جوتة) بخلود الإنسان ضرب من التسليم بالقدرة الكبرى والإنابة إليها, فما دام الإنسان في كفالة تلك القدرة فهى تمضى به إلى الذى هو أقوم, وهى لا تصنع العبث ولا تبطل ما تصنع وقد قال (جوتة) على لسان (بروميثيوس) (لا أذكر بدايتى ولا أحس نهايتى, ولا أدرك الختام, وإنما أنا خالد لأننى أنا موجود, وكل يحمل برهان خلوده في نفسه فمن لم يجده هناك, فما هو بواجده فى شئ). يؤمن (جوتة) بأن الله هو الكل, والكل هو الله, وأن الألوهية ظاهرة فى كل جزء من أجزاء هذا العالم. إن الدنيا تتغير ما تتغير, ويبقى كل تغيير شيئاً دائماً خالداً وهو عنصر الكمال والجمال الذى يتجلى فى الإله".( ) "والتقوى ليست غرضا لذاتها ولكنها وسيلة للترقى بسلام النفس إلى أقصى مراتب التهذيب. وقواعد الآداب والأخلاق هى محاولة دائمة لإقرار السلام بين مطالبنا الفردية وقانون العالم, فكل ما ليس فيه سلام ولا أمان فليس فيه خير ولا إحسان. والعمل عند (جوتة) هو سبيل الخلاص, وتعريف الإنسان بحقيقة نفسه. ولا خلاص للنفس بغير هذه الحقيقة. وحكم الأخلاق عنده فى تناول طيبات الحياة فهو الحكم المنظور عند رجل يؤمن بالحس ويؤمن بالواقع الراهن كل هذا الإيمان. فالدنيا حقيقة وليست بوهم ولا عبث, وما دامت الدنيا حقيقة وليست بوهم ولا عبث فلم نعرض عنها ونزهد فى طيباتها. يقول جوتة (كيف تراك تجدد نفسك. إنك مستطيع ذلك, مستطيعه بأن تجعل لنفسك نصيبا من السرور بالعظمة, والعظمة فى الإنسان وفى الطبيعة هى الحياة التى تتجدد. حيث يؤمن (جوتة) بأن جميع المثل العليا لا تعوق أن نكون ما خلقنا, فنحن قوام الضمير بما نختار ولسنا أسارى الضمير على الاضطرار"( )
لقد انتقى (جوتة) من الآداب الأخرى المفاهيم الإنسانية لتسليط الضوء عليها مع محاولة لتأطيرها فيما يتوافق مع فلسفته, ودون الإخلال بقيمة الأدب الآخر, فقيمة الأسطورة أو الحكاية التراثية تظل كما هى بسمات شخوصها وإطارها العام وبذلك تعد أعماله المستلهمة من المرسلات الأخرى إضافة لها وذلك في إعلائه لبعض القيم والمعانى التى تنطوى عليها تلك الأعمال.
"إن الشاعر أو الفيلسوف ليس فى حاجة إلى عرش وتاج ليتذكره الناس؛ لأنه يعيش فى وجدانهم بقصيدة أو رواية أو أفكار هى أعظم من العرش"( ). لقد حقق (جوتة) الخلود لنفسه من خلال إبداعاته الأدبية حتى وصف بأنه أمير الشعراء, وكذلك الشاعر الكونى لما اتسمت به أعماله من قدرة على مخاطبة الإنسانية جمعاء.
النتائج:
1. إن النسق الفكرى عند (يوهان جوتة) يتمحور حول المثالية الإنسانية فى ظل الالتزام بالإطار العام للقواعد الإلهية.
2. جاءت إبداعات (جوتة) كنتيجة حتمية لتعمقه فى الفلسفات والأديان والآداب العالمية, حيث انبثقت أعماله المسرحية فى أغلبها من التاريخ والتراث الشعبى والآداب متنوعة القوميات حيث عكف باحثا فى الأدب العربى والإغريقى عن القيم الإنسانية ليضعها فى الصورة المثالية التى تتوافق مع قناعاته, فأبدع تمازجا ثقافيا فريدا تجلى فى عدة مسرحيات أبرزها مسرحية (نزوة العاشق) ومسرحية (بروميثيوس).
3. انتقى (جوتة) بعض المفردات من كل عمل أدبى سواء عربى أو إغريقى وقام بتسليط الضوء عليها وتأطيرها فيما يتوافق مع فلسفته وذلك للتعبير عن ما يهم الإنسانية من أجل تحقيق حياة أفضل متجاوزا بذلك الحدود الزمانية والمكانية, فالأعمال الأدبية الخالدة هى التى تجتمع فيها الأفكار الممتزجة بالقيم الإنسانية المشتركة, فجاءت مسرحيات (جوتة) كرسالة إنسانية تحمل فى طياتها معانى المثالية التى آمن بها, وهو بذلك حقق مفهوم التداخل الثقافى قبل ظهوره على الساحة الأدبية لتصبح أعماله ظاهرة سابقة لعصره.
4. كتب (جوتة) للإنسانية فتمتع إبداعه بالبقاء والخلود فنصوصه المسرحية هى حالة من التمازج بين الثقافات وهنا نصل إلى نتيجة مفادها أن إمكانية التلاقى الثقافى الإيجابى بين الجنسيات المتعددة يمكن تحقيقه إذا كان يهدف إلى الترقى الإنسانى.
5. أضاف (جوتة) فى تحقيقه للتلاقى بين الثقافات جانبا إيجابيا حيث حرص على تحقيق المقاربات الفكرية دون إهدار لقيمة الأدب الآخر بل أنه كان يشيد بمصادره, ولا ينتقص منها, بل أضاف لها عمقا في بعض النواحى.
6. جاءت بعض مسرحيات (جوتة) على شكل شذرات, أو نصوص غير مكتملة, مما قد يؤثر على البناء الفنى إلا أن المضامين الفكرية التى حملتها أعماله كانت هى الركيزة الأساسية التى جعلتها تنبض بالحياة حتى يومنا هذا.
وتوصى الباحثة بضرورة الاهتمام بترجمات الأعمال الكاملة ل (يوهان جوتة) – نظرا لندرتها - بهدف التعمق فى دراسة هذا التراث الذى يعد قيمة فنية إنسانية, من أجل إثراء المكتبات العربية وكذلك بهدف التحفيز على مزيد من الدراسة لهذا الأدب المتفرد.
الهوامش
1. عواد على, في نظرية التداخل الثقافى alarab.co.uk/article
2. محمد عابد الجابرى, بين تداخل الثقافات aljabriabed.net.
3. عبد الرحيم على, جوتة عاشق الشرق albawabhnews.com
4. ول ديورانت, قصة الحضارة marefa.org.
5. موقع نور الحق, شهادة يوهان فولفجنج جوتةnourelhaq.net .
6. ناصر أحمد سنه, يوهان هردر فيلسوف اللغة وصديق الإسلام, pulpit.alwatanvoice.com
7. إبراهيم العريس, أفكار حول فلسفة تاريخ البشرية لهردر alhayat.com.
8. جوتة من موج الغرب لدفء الإسلام fikr.com/article
9. كاتارينا مومزن: "جوتة والعالم العربى". ترجمة: عدنان عباس على, الكويت, عالم المعرفة, المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب, 1995.
10. المركز القومى للترجمة, ثلاث مسرحيات (شتيلا, أخ وأخت, بروميثيوس) nct.gov.eg
11. مفهوم الأدب العالمى alwelayh.com
12. أحمد زياد محبك, الأدب العالمى almarefh.net
13. الرواية العربية والأدب العالمى ar.qantara.de
14. جوتة شاعر الإنسانية المرهف albahethon.com
15. الأدب العالمى مفهومه وقضاياه basnews.com
16. ما هو الفرق بين الأدب العالمى وعالمية الأدب takhatub.ahlamontada.com
17. مستشرقون منصفون alukah.net
18. سيد القمنى: "الأسطورة والتراث". القاهرة، المركز المصرى لبحوث الحضارة. د.ت.
19. جوتة. شاعر كونى تأثر بالإسلام Aljazeera.net
20. ميلانى مور. سرافتتان أمير الشعراء الألمانى بالشرق الإسلامى ar.quantara.de
21. فريد نعمة، (فاوست) عقد مع الشيطان مآله الضياع albayan.ae
22. سهير القلماوى: "ألف ليلة وليلة". تقديم: د. طه حسين، وزارة الثقافة، الهيئة الثقافية لقصور الثقافة"، 2010.
23. سير ألف ليلة وليلة m.huffpost.com
24. محمد القحطانى، تأثير ألف ليلة وليلة على أدب جوتة alyaum.com
25. يوهان فولفجنج فون جوتة: "ثلاث مسرحيات. شتيلا. أخ وأخت. بروميثيدس". ترجمة: مصطفى ماهر، القاهرة، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، 1988.
26. من مسرح يوهان جوتة mostafafarahat.tumbler.com
27. يوهان فولفجنج فون جوتة: "نزوة العاشق، والشركاء". ترجمة: مصطفى ماهر، سلسلة المسرح العالمى.
28. يوهان جوتة. نزوة العاشق Abjjad.com
29. أحمد عثمان: "الشعر الإغريقى". سلسلة عالم المعرفة, 1984.
30. عباس محمود العقاد: "تذكار جيتى". القاهرة, دار المعارف. د.ت.
31. أحمد معوض: "أضواء على جيتة". القاهرة, الدار العربية لنشر الثقافة العالمية, 1982.
32. قصة صندوق باندور وزيوس كبير الآلهة rayhana.ahlamontada.net.
33. الفن والأسطورة aljasad.net.
34. عبد المنعم شميس: "شاعر القصر الأزرق". القاهرة, الهيئة المصرية العامة للكتاب, 1989.
#سماح_خميس_أبو_الخير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟