الحكومة الجزائرية الجديدة بين الكفاءة والتوازنات الجهوية

ابراهيم قلواز

الحوار المتمدن-العدد: 6454 - 2020 / 1 / 3 - 22:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أعلن المتحدث باسم الرئاسة أمس عن تشكيلة أول حكومة جزائرية للرئيس الجديد السيد عبد المجيد تبون وقوامها 39 وزيرا، من بينهم وزراء منتدبون، وكتاب دولة، وجاء إعلان الحكومة وسط ترقب كبير بين أطياف المجتمع الجزائري وفواعل الخراك والنخب السياسية المتطلعة الى تجسيد تغيير حقيقي وجذري لواقع الممارسات السياسية والسلطوية للمرحلة السابقة، وتجسيد أولى وعود الرئيس التي قدمها في حملته الانتخابية في انتخابات 12 ديسمبر2019 وما وعد به في إعلان فوزه وفي خطاب تنصيبه الموجه للأمة، خاصة ما تعلق بتعيين الكفاءات في المناصب الوزارية ومنح الشباب مناصب وزارية لبداية عهد تسليم المشعل للشباب والنخب الفاعلة.
سبق إعلان الحكومة الجديدة عملية إطلاق سراح الكثير من المحبوسين وسجناء الحراك ومن أبرزهم رجل الأعمال يسعد ربراب ولخضر بورقعة وهذا لخلق جو من الثقة ونوايا التغيير والاستجابة لتطلعات الشراع خاصة مطالب الحراك الشعبي في أسابيعه العشرة الأولى.
وأهم ما يلاحظ على تشكيلة هذه الحكومة هو سبعة خصائص رئيسية تبرز بشكل واضح من خلال القراءة الأولية والشكلية لخلفية الوزراء وانتماءاتهم والسياق العام الذي عينوا من خلاله في هذه المناصب.
1-الاحتفاظ بالوزارات السيادية: حافظ على الوزارات السيادية ولم يغامر بوزراء جدد وفي مقدمة هذه الوزارات نجد وزارة الخارجية ووزارة العدل ما يعني الرغبة الجدية للسلطة في مواصلة نهج المحاسبة والمتابعة للمتورطين في قضايا الفساد على نفس النهج الذي اتبعته السلطة قبل رئاسة عبد المجيد تبون، واحتفاظ الرئيس بنفس الخط والنهج الخارجي الذي تتبعه الجزائر في احترام المواثيق والمبادئ الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومعارة كل أشكال الحلول العسكرية للأزمات والنزاعات مع محاولة إعطاء نفس جديد للدبلوماسية الجزائرية التي شهدت في السنوات الاخيرة تراجعا كبيرا وانتكاسة حقيقية في أبسط وأقرب القضايا التي تعني الجزائر بشكل مباشر.
2-إبعاد الولاة عن الحكومة : لم يعتمد الرئيس الجديد على أي من الكوادر التنفيذية والولاة ما يؤكد عدم رضا الرئيس عن عمل هذه الاطارات وحصيلتها وقرب إدراجها في حركة تغيير مرتقبة قبل الشروع في تجسيد أولى مخططات الحكومة الجديدة بإعداد تشكيلة ولاة جديدة خاصة وأن الكثير من الولاة السابقين متهمين بالتورط في قضايا الفساد، أو على الأقل حاول الرئيس تبون إبعاد كافة الشبهات عن الحكومة الجديدة في ظل الحديث عن تورط الولاة في قضايا الفساد ومحاولة انتهاج سياسة مختلفة عما اتبعه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي دأب باستمرار على تأهيل ولاة لقيادة حقائب وزارية في كل مرة.
3- التوازن الجهوي: لم يختلف الرئيس تبون عن سابقيه في تشكيل طاقمه الوزاري من حيث مراعاة التوازن الجهوي في منح الوزارات مع إعطاء وزن أكبر لمنطقة القبائل لاستمالتها ومحاولة بناء أرضية ثقة وقنوات حوار لتجاوز ما خلفته فترة الحراك ومقاطعة الانتخابات والاستمرار في معارضة ومقاطعة الحكومة الجديدة، لكن في نفس الوقت تبقى منطقة الجنوب مهمشة ولا تحظى بتمثيل حقيقي لا كما ولا كيفا من حيث نوعية الوزارات والوزراء بالرغم من وجود كفاءات كبيرة من الجنوب يمكنها تقوية الطاقم الحكومي لتجسيد الوعود التي قدمها الرئيس تبون في حملته الانتخابية وبالأخص المشاريع والتوجهات الجديدة التي أعلن عنها في الجنوب الجزائري.
4- التخصص والكفاءة: لا يختلف أحد عن كون هذه الحكومة تعد الأكثر تخصصا وكفاءة في تاريخ الجزائر من حيث شكلية تشكيلتها بوجود معظم الوزراء في تخصصهم من الأكاديميين والإختصاصيين كالبروفسور كمال رزيق في مجال التجارة ومصيطفى في مجال الاستشراف وآيت علي في مجال الصناعة ومحمد أوجاووت في مجال التربية والتعليم والبروفيسور شيتور في مجال التعليم العالي.... ومحاولة استمالة منتسبي تخصص العلوم سياسية باعتباره أكبر تخصص تعرض لفساد وتدمير ممنهج من قبل العصابة، ما يجعلها حكومة تكنوقراط بامتياز.
5-حكومة إسترضائية: من الواضح أن الظرف الذي تمر به البلاد داخليا وعلى حدودها حتم على الرئيس تبون العمل بالسرعة القصوى وعلى كافة الجبهات لخلق شرعية شعبية لحكومته، لذلك كان التعيينات الوزارية موجهة لإستمالة واسترضاء أكبر قدر من التيارات العلمانية والوطنية والحركات الشبابية بتعيين وزير بعمر26 عام على رأس وزارة جديدة مكلفة بالمؤسسات الجديدة والاقتصاد الرقمي، وتعيين بسمة عزوار كأول إمرأة محجبة تتقلد منصب وزيرة كرمزية لإسترضاء التيار الباديسي النوفمبري، وتعيين مليكة بن دودة وزيرة الثقافة ويوسف سحيري بشير اللذان عرفا بمعارضتهما سابقا لكافة الحلول والمبادرات التي قدمتها المؤسسة العسكرية بما فيها الانتخابات الأخيرة وهذا لإستمالة تيارات كبيرة داخل الحراك للدخول في حوار مع الحكومة، ولحلق تناقضات وانقسامات جديدة داخل بقايا الحراك.
6- وزارات جديدة لجمهورية جديدة: روج الرئيس تبون لفكرة الجمهورية الجديدة كبديل وكرد على دعاة الجمهورية الثانية، ولم يبين في حملته الانتخابية ولا في حطاب تنصيبه مفهوم الجمهورية الجديدة ولا مقوماتها وأسسها، ويبدوا من خلال الحكومة الجديدة أن الرئيس تبون قد أفصح عن أولى ملامح الجمهورية الجديدة التي يقصدها من خلال وزارات جديدة تركز أكثر على الفواعل الاجتماعية والطاقات البشرية الشبابية ووسائل التواصل والاتصال والتكنولوجيا الحديثة والسياسات الاقتصادية الجديدة التي تركز على القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والاقتصاد الرقمي ومتابعة المبادرات والأفكار والبحوث الوطنية.
7- حذف منصب نائب وزير الدفاع الوطني: درج الرئيس بوتفليقة على الاحتفاظ بمنصب وزير الدفاع الى جانب منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة وأنشأ منصب نائب وزير الدفاع الوطني كنوع من المكافأة لقيادات الجيش على دعمهم له منذ العهدة الثانية، لكم هذا المنصب اختفى من الحكومة الأولى لتبون في حطوة واضحة الأبعاد لإبعاد كافة شبهات تأثير المؤسسة العسكرية ودعم الجيش للمترشح تبون للرئاسيات وكنوع من الرد على دعاة(دولة مدنية وليس عسكرية) بغض النظر عن مضامين هذه الخطوة وأبعادها.
وفي ما يلي نورد التشكيلة الرسمية المعلنة للطاقم الحكومي الذي يقوده أستاذ العلوم سياسية عبد العزيز جراد لأول حكومة للرئيس الجديد عبد المجيد تبون والتي أعلن عنها الوزير مستشار الاتصال الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية بلعيد محند أوسعيد

التشكيلة الحكومية الجديدة :

🔴وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم
🔴وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية كمال بلجود
🔴وزير المالية : راوية عبد الرحمان
🔴وزير العدل : بلقاسم زغماتي
🔴وزير الشؤون الدينية والاوقاف : يوسف بلمهدي
🔴وزير التربية الوطنية : محمد أوجاوت
🔴وزير التعليم العالي : شمس الدين شيتور
🔴وزير التكوين والتعليم المهنيين : هيام فريحة
🔴وزير الثقافة : مليكة بن دودة
🔴وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية : ابراهيم بومزار
🔴وزير الشباب و الرياضة : سيد علي خالدي
🔴وزير التضامن الوطني والاسرة وقضايا المرأة كوثر كريكو
🔴وزير التجارة : كمال رزيق
🔴وزير الاشغال العمومية : فاروق شيالي
🔴وزير الموارد المائية : براقي أرزقي
🔴وزير السياحة : حسان مرموري
🔴وزير العلاقات مع البرلمان : بسمة أزوار
🔴وزير البيئة : نصيرة بن حراث
🔴وزير العمل : أحمد يوسف عاشق
🔴وزير الفلاحة : شريف عماري
🔴وزير الاتصال : بلحيمر عمار
🔴وزير الصناعة : فرحات ايت علي
🔴وزير الصيد البحري والمنتجات الصيدية : سيد احمد فروخي
🔴وزير الصحة واصلاح المستشفيات : عبد الرحمان بن بوزيد
🔴وزير المؤسسات الصغيرة : ياسين جريدان
🔴الوزير المنتدب المكلف بالاستشراف : بشير مصيطفى
🔴الوزير المنتدب المكلف بالفلاحة الصحراوية : فؤاد شحات
🔴الوزير المنتدب المكلف بالتجارة الخارجية : عيسى بكاي
🔴الوزير المنتدب المكلف بالصناعة الصيدلانية: عبد الرحمان لطفي
🔴الوزير المنتدب المكلف بالبيئة الصحراوية : حمزة سيد الشيخ
🔴الوزير المنتدب المكلف بالحاضنات : نسيم ضيافات
🔴الوزير المنتدب المكلف بالمؤسسات الناشئة : ياسين وليد
🔴كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية والكفاءات في الخارج : بشير بلادهان
🔴كاتب الدولة الملكف بالصناعة السينماتوغرافية : سحيري يوسف بشير
🔴كاتب الدولة المكلف بالانتاج الثقافي : سليم دادا
🔴كاتب الدولة المكلف برياضة النخبة : نور الدين مرسلي
🔴الامين العام للحكومة : يحي بوخاري

بغض النظر عن هذه الملاحظات والخصائص التي تميزت بها الحكومة الجديدة فإن الجدل يظل حول طريقة عمل هذا الطاقم الحكومي كونه ينفذ برنامج رئيس لم يكونوا بعض الوزراء يؤيدون حتى انتخابه وهم لايملكون أي دعم سواء شعبي أو سياسي كونهم لا ينتمون لتشكيلات حزبية وليس لهم سند برلماني أو على مستوى المجالس المحلية، بالإضافة الى هذه النقطة هناك لغز طبيعة النظام السياسي غير الواضح المعالم والذي يساهم في تشتيت العمل والجهود النخبوية والنضالية وحتى الحراكية في تقييم ونقد وتقويم العمل الحكومي/ الرئيس، وتحديد المسؤول ونوع المساءلة، لذلك يتوقع أن لا تعمر هذه الحكومة أكثر من سنة وستغير بنسبة كبيرة مع نهاية السنة.

#ابراهيم_قلواز (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات