أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد كاظم غلوم - متى تكفّ العلمانية عن مغازلة العقائد الدينية والاستنجاد بها ؟؟















المزيد.....

متى تكفّ العلمانية عن مغازلة العقائد الدينية والاستنجاد بها ؟؟


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 6454 - 2020 / 1 / 3 - 20:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


متى تكفُّ العلمانية عن مغازلة العقائد الدينية والاستنجاد بها ؟

أحيانا أصاب بالعجب واسأل ما الذي يجعل رجال السياسة ورعاتها وكثير منهم العلمانيون والمدنيون يتعكزون على الفكرة الدينية لترويج وترسيخ أهدافهم وتحقيق مراميهم ؛ وهل ان المفاهيم والمدارس العلمانية والأفكار التنويرية والعقلانية والمدنية المتحضرة عاجزة الى حد ما عن إقناع الشعوب لضمّها الى قناعات علمية وتجريبية بدلا من ان يتعكزوا على العقائد الدينية ؟؟
قبل اكثر من قرن اتكأت الحركة الصهيونية كفكرة دينية رجعية قائمة على التلمود ومنبعثة اصلا من مفاهيم التوراة رفع لواءَها عتاةُ العلمانية من عقول يهودية سعت ونجحت الى حد كبير في تشييد كيان اسرائيلي تبلور يوما بعد يوم حتى أضحى دولة ناهضة ثبتت أركانها وسط مجموعة دول عربية منها الكبيرة العريقة بإرثها ومكانتها ومنها الصغيرة المقسمة منذ مئة عام وفق معاهدة سايكس بيكو وبقي هذا الكيان يمتد ويبني ويستوطن المهاجرين وتزداد أعداد وافديه ومازال يزحف ليبلع أراضيَ اخرى فلسطينية من خلال استمرار بناء المستوطنات دون ان يردعه رادع حقيقي وفعّال سواء من قبل سلطاتنا العربية أو من قبل المنظمات الدولية او الدول الكبرى ولا حتى الرأي العام العالمي .
تتراءى لي بوضوح ان الصهيونية والأسلمة معاً تتكآن على الدين وتغازلانه ولا ارى فرقا بينهما سوى ان الأسلمة كانت اكثر بشاعة ومزقت شعوبها المسلمة نفيا وتهجيرا وحروبا متواصلة باسم العقيدة السمحاء حتى تحولت الى عقيدة منفرة شوهاء ودمرّت بني جلدتها بينما الصهيونية – بدهائها وألاعيبها وتضامن الكثير من دول العالم معها -- لملمت شتات أهليها على حساب تفريق الطرف الاخر وهو الشعب الفلسطيني المعذب اللاجئ على الارض باستثناء فئة عرب / 1948 من خلال انتزاع عروبتهم ودمجهم مع المجتمع الاسرائيلي في عملية تذويب وصهر الهوية حتى نسي المواطن منهم محتده وأصوله وأهليه .
الاسلمة الطاغية عندنا اليوم هي الاخرى تعكزت على الدين للانتشار تماما كما الصهيونية فهما صنيعة الدين لما له من جاذبية وسحر سرعان ما يدخل قلوب وعقول الشعوب واستغلال حالة الإيمان لتدخل الايدولوجيا التي يسخرها العلمانيون اليهود لإنجاح مخططاتهم الصهيونية مثلما يسخّر الإسلاميون الان لإشاعة الاسلمة وإدخالها في ممرات وأقبية السياسة بشعارات رنانة يصفق لها الجماهير بعفويتهم مادامت تدغدغ مشاعرهم العقائدية مثل " الإسلام هو الحلّ " باعتباره صالحا لكل زمان ومكان وضرورة طرح الحكم الإسلامي وترسيخ الإسلام كنظام سياسي يسمونه صالحا لكل زمان ومكان . ولا ادري كيف يكون صالحا في ألفيتنا الثالثة هذه بكل قفزاتها العولمية ومناحيها المدنية وأنظمتها الديمقراطية وتقنيات الميديا الجديدة في نظمها المتعددة الحديثة وأعجب كيف تريد هذه التطورات المذهلة عقلاً أثنيا ضيق الافق ليقودها ويعايشها ويماشيها في تطورها السريع بجريانه .
فكلنا نعتز بالاسلام وإرثه مثلما نعتزّ بالرسالات السماوية الاخرى ونعتز ايضا بحضاراتنا الاولى ماقبل الاسلام لكننا نأنف من ان نستعمل آنية فخارية صنعها أجدادنا ونضمّها في مطابخ بيوتنا وننهل منها ما يدخل جوفنا رغم اعتزازنا بها وننشد صيانتها وحفظها بل ولا نفرط فيها أبدا اذ لا تقدر بثمن مهما كان باهضا ونعمل المستحيل على صونها في المتحف ونفاخر بها الأمم والشعوب غير اننا قد نمرض ونشقى حينما تكون ضمن الأواني التي نستخدمها في بيوتنا ونعجب كيف لأمةٍ تعيش عصر الألفية الثالثة وفي عصر العولمة والانفجار في الاختراعات والمكتشفات ان تعيش عقليات القرن الثاني الهجري وما بعده وننصاع انصياعا أعمى لما تَـفَـقّـه به الأولون مع إدراكنا ان هؤلاء الأولين كانوا وحيدي عصرهم في توقّد الفكر والطروحات العقلية لكنهم اليوم مجرد عقول كان لها دورها في زمانها لكنها فقدت بريقها واختلّ مكانها الان في مقعد النهضة الشاملة في بنائها الفوقي والتحتي ؛ وقد آن الأوان ان نبتكر منهجا عقليا آخر لا يسرف في سرد ما قاله الأولون ويقع تحت إسار الإذلال والانصياع والذيلية للعقول السالفة ويتحتم علينا الان ان نبصر بعيون معاصرة الى العالم وما ينبثق منه من ابتكارات أنتجها العقل المعاصر ونتماشى مع المحدث النافع والجديد المثمر دون إحداث اية قطيعة او انفصال مع الإرث العقلي السالف لكننا لا ننجرّ وراءه إتباعا أعمى حينما يصنف أهل الكتاب مثلا بانهم كافرون – على سبيل المثال – او هذه الفئة من الناس توضع في خانة الوثنية والشرك ، والفئة الأخرى تصنف في خانة الموحّدين واعتبار الملأ بان هذا الفكر وضعيّ والفكر الآخر سماوي ، فالعالم بملياراته التي تزيد نسماته على السبعة مليء بالعقائد المختلفة والأصناف العقلية يصعب عدّها وحصرها ومن السخف ان ننشغل بتصنيفها على انها كافرة ومنحرفة وسليمة ومؤمنة .
فليفهم المسلمون – ونحن منهم -- انهم جزء صغير من الناس وليسوا كل الناس والله من جعلهم شعوبا وقبائل وأصناف شتى ليتعارفوا ويعمّروا ويؤثثوا المعمورة بناءً فوقيا وتحتيا لا أن يتنازعوا ويعادي بعضهم بعضا وهو ربّ العالمين الذين يكون المسلمون جزءا منهم ؛ فهم ليس الكل في هذه الأرض التي مهّدها الله لنا ولغيرنا من أصناف البشر والأعراق والمنحى العقائدي . فلا طريق لنا سوى طريق الالتقاء مع الشعوب الأخرى ومدّ اليد لمصافحة السواعد القوية الناهضة والتعلّم منها كيف تنجز إبداعاتها بمساعدة العقل .
وتبقى العقيدة الإسلامية زخما روحيا وحافزا لنا للانتقال الى مرفأ الحداثة واعتماد نظم سياسية جديدة راقية تحترم الإنسان ورغباته لتطوير بلده وفق أحدث النظم الديمقراطية فاتحين صدورنا وعقولنا لكل ماهو جديد ونافع لنا بعيدا عن إدخال العقائد عنوةً في أقبية السياسة وإدارة الحكم وتسيير الأمور من خلالها لأنها تقصر وتعجز عن ان تتكيف في مناخٍ لا يناسبها إطلاقا وإنما مكمنها في الصدور والقلوب وارتباطها حصرا بالخالق ومخلوقه وليس مكانها في قاعات البرلمان وهياكل الوزارات وأساليب التعليم المدنية لا الدينية .
فرجال السياسة ذوو المران والخبرة والدربة أجدر بالحكم القائم على الصواب والنجاح ، اما رجال الدين الناصعون الشرفاء فهم أحفظ للعقيدة وصونها مما علق بها من دبق المطامع نحو الجاه والمال والحظوة التي لوثتها الايدي الطامعة ( تجّار سياسة وتجّار دين ) ممن أوهموا الناس بفكرة الاسلمة عندنا وخدعوا عقول الملأ بهذا البريق الذي يعمي الأبصار لا أن يهديه بنورهِ سواء السبيل .
فيا أيها العلمانيون والمدنيون ودعاة التنظير السياسي المتقدم اتركوا للمساجد الإسلامية وللكنائس المسيحية وللكنيس اليهودي رعاتها ولا تركّزوا أنظاركم على المعابد أيّا كان منبتها ومحتدها ومولدها ؛ وانتم ايها المحترفون والمشتغلون بالعقائد الدينية مهما كان لونها وسمتها تنحّوا جانبا عن أقبية السياسة ودروبها الوعرة والسالكة لئلا تفسد مثلكم العليا وقيمكم السامية النجيبة ، وكم ستكون حياتنا زاهية لو اتّبعتم هذا المسلك المليء رخاءً وسعادةً وحرية عندما تتجوّلون به وتنتشي صدوركم أنفاساً عذبة وتمرحون بمشواره أمنا وسلاما ومحبة دائمة لكل عابر وقاصد .

جواد غلوم



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاة الشعر حينما تصدق
- وصلةٌ شعريةٌ لبغداد الواهنة الكسيحة
- قفشات وتسميات مبتكرة صاحبتْ ثورة الاشقاء السودانيين
- أحببْ عقائد الآخرين محبتك لدينِك
- هكذا تعلّم الأنظمة الراقية أجيالَها الجديدة
- عناءٌ وشقاءٌ ؛ صديقان لا يفترقانِ عني
- صناعة الابداع ؛ رؤية وانطباع فيما يُكتب الآن
- تــكْـتَـكَـتْ ساعة الصفر فلا توقفوها
- بعض مظاهر النفاق الشائعة في وسطنا المجتمعيّ
- تقليعة صينيّة في فضح الفاسدين
- طلبُ رجاءٍ الى جسدي
- قتل الحرفيّة العراقية وتدمير الاقتصاد في زمن النظام الريعي ا ...
- أتَضوَّر عشقاً
- هل جننتَ حتى تبتسم ؟؟
- بانتظار قطاف مشمش المزارع غودو
- بين الحاجة والابتكار
- حِبالٌ خانقة
- رفقتي الى شارع المتنبي مع حفيدتي المغتربة
- أخطاءٌ مقدّسة
- إناقة الأكاذيب أمام الحقائق العارية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد كاظم غلوم - متى تكفّ العلمانية عن مغازلة العقائد الدينية والاستنجاد بها ؟؟