|
أميركا أولاً أم إيران؟ أولويات الواقع وتمنيات الرغبة!
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 6453 - 2020 / 1 / 2 - 16:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أثار منشوري الأخير الكثير من التعليقات حول الموقف الوطني الواجب اتخاذه من دولة الاحتلال الأميركي أو من إيران الدولة المهيمنة وذات النفوذ في العراق. هذه التعليقات والحوارات المهمة والمفيدة هي صدى لما يدور في الشارع العراقي هذه الأيام. لقد انتقلنا من حالة الاستقطاب بين محورين أو ما يشبه المحورين، في صفوف المثقفين والإعلاميين والمدونين والناشطين السياسيين: المحور الأول هو الساكت على الاحتلال الأميركي والمركز غضبه وجهوده على دولة الهيمنة إيران والمحور الثاني على العكس منه فهو يسكت بل ويطري مواقف إيران ويعتبرها حامية للعراق ويعادي دولة الاحتلال الأميركي عداء لفظيا في الغالب ناسيا أنها هي من أوجدت هذا النظام الطائفي الرجعي المتعفن! أعتقد أنَّ كلا المحورين على خطأ، وأعتقد أن انتفاضة تشرين قد رسمت بوضوح الموقف الوطني اللازم بواحد من شعاراتها المهمة وهو القائل: لا للاحتلال الأميركي لا للهيمنة الإيرانية نعم للعراق الحر المستقل! الأمر الأخر ذو العلاقة المباشرة بهذا الموضوع هو المتعلق بأولية التعامل مع الطرفين بالنسبة للوطنيين الذين يؤمنون بضرورة مواجهة الدولتين معا، وهم ليسوا قلة إلا في عيون الموسوسين بنظرية المؤامرة والمأخوذين بطرق شرلوك هولمز في قراءة تاريخ الشعوب وواقع حال انتفاضاتها وثوراتها: دولة الاحتلال أميركا ودولة الهيمنة أو النفوذ إيران! البعض من هؤلاء يعتقدون ان الخطر الحقيقي الراهن الذي يواجه الانتفاضة والحركة الاستقلالية لعراقية ككل هي إيران وهيمنتها ولذلك يجب تركيز الحراك الانتفاضي ضدها وتأجيل أو تخفيف العداء ضد دولة الاحتلال أميركا، وأما البعض الآخر فيتخذون الموقف النقيض لهذا الموقف. في الواقع ليس موضوع الأولويات من حيث جوهره بالموضوع الإرادوي والرغبوي الذاتي بمعنى: ليستُ أنا أو أنت من يقرر من هو العدو الأول للشعب العراقي وانتفاضته بل هو الواقع المعيش والسردية الحقيقية للأحداث وتسلسلها، وقبل الخروج بحكم محدد في صدد الأوليات يجب أن نتذكر الحقائق التالية: *لأميركا قوات عسكرية مسلحة بأحدث الأسلحة المدمرة وقواعد عسكرية محصنة وأكبر سفارة لها في العالم هي عبارة عن دولة داخل الدولة، وفي المقابل ليس لإيران أية قوات أو قواعد عسكرية. *إيران دولة مجاورة للعراق ولنا معها تاريخ طويل ومعقد وخلفيات ثقافية مشتركة، أي إنها قدر جغرافي وتاريخي، فهي تتقاسم معنا أطول حدود دولية لأكثر من ألف وخمسمائة كيلو متر وليس من مصلحتنا الوطنية معاداتها بالإطلاق بل إقامة علاقات جوار ندية معها ومع غيرها، إنما يجب قبل ذلك إرغامها على إنهاء هيمنتها على بلادنا ووقف حمايتها لنظام الفساد القتل في بلادنا. أما أميركا فهي دولة إمبريالية معادية للشعوب عبرت إلينا المحيطات والبحار دفاعا عن دول أخرى في الخليج والجزيرة إضافة الى الكيان الصهيوني ودمرت بلادنا وقتلت أكثر من مليون من مواطنينا بذريعة حماقات وجرائم نظام صدام حسين وحروبه حتى ضد شعبه. *المزاج العراقي العام موجه ضد إيران بشكل عنيف وهذا صحيح، وهو بين السكوت أو الإهمال للدور الأميركي، وهذا ليس نتاجا لعمليات مخابراتية غربية تقود الأمور كما يزعم المدمنون على روايات أجاثا كريستي والمصابون بالوساوس القهرية بل هو ناتج من عدة أسباب أهمها: سرية وذكاء الأساليب التي تتحرك بها أميركا في دعمها لنظام القناصة ببغداد، وسكوتها في الغالب الأعم على جرائمه، بعكس إيران التي تصرفت بغباء وصفاقة وعدوانية شديدة ضد الشعب العراقي وانتفاضته الباسلة وحرض زعماء إيران وفي مقدمتهم مرشدهم خامنئي ضد الانتفاضة العراقية وشبابها واعتبروهم عملاء ومتآمرون لمصلحة اميركا وإسرائيل والسعودية) علنا وبشكل مستمر ومتشنج. ولا يمكن بناء استراتيجية انتفاضية وطنية على أساس المزاج الشعبي فقط بل على أساس مجمل القراءة الواقعية للمشهد السياسي والاجتماعي والأمني ...الخ! * التقديم والتأخير بين أميركا وإيران على المهداف العراقي، ليس قرارا إرادويا لي أو لغيري، ولكنه منطق الأحداث وترتيبها الحدثي، ولو حدث العكس وانتهى النفوذ الإيراني قبل الاحتلال الأميركي لكان الاحتلال الأميركي سيليه في وجوب الاستهداف والطرد. ونحن أمام حالة احتلال أميركي عسكري وسياسي واقتصادي، وهيمنة سياسية وأمنية إيرانية بلا قوات وقواعد عسكرية ويمكن بالتالي إعطاء الأولوية للاحتلال على الهيمنة لأن مسار الأحداث أخذ هذا المنحى ... ولكن العكس ليس ممنوعا أو خاطئا إذا جرت به الأحداث. أما القول إن وجود المليشيات والفصائل الولائية العراقية التابعة لإيران يقوم مقام قوات الاحتلال الأميركي فهذا قول ساذج ولا معنى له لأن هذه الفصائل مؤلفة من عراقيين أولا وأخيرا، ولهم مصالحهم الطبقية في الصراع الدائر، وهي حتى حين تدافع عن الهيمنة الإيرانية على العراق وحتى لو ساعدة القوات الإيرانية في احتلال فعلي للعراق تبقى قوات عراقية محلية عميلة للأجنبي، كما كان قادتها بالأمس كأحمد الجلبي وقيادة حزب آل الحكيم الذي كان العامري قائدا لجناحه العسكري "بدر" عملاء وحلفاء لأميركا ذاتها. لا أقلل من خطورة الفصائل المسلحة الولائية ودورها الرجعي والدموي ولكنني أرفض اعتبارها بمثابة قوات احتلال إيرانية أو مقابلا لقوات الاحتلال الأميركية وصراعنا مع هذه الأحزاب والمليشيات الفاسدة هو صراع داخلي عراقي لاستعادة الدولة العراقية المخطوفة منها. الخلاصة، هي أن مصلحة انتفاضة تشرين الباسلة المستمرة تكمن في معرفة أعدائها المتمثلين في الاحتلال الأميركي والهيمنة الإيراني وفي رفض كلاهما وعدم السكوت على أي منهما ومن حق شعبنا أن ينظر لمن يسكت او يدافع عن أي منهما بكونه عميلا وحلفيا لذلك الطرف المسكوت عنه. أما مسألة الأولوية في التركز والتصدي لأحد الطرفين فهي قضية ميدانية ومبدئية في وقت واحدة تقررها موازين القوى ووقائع الصراع وطبيعة علاقة الدولتين بالعراق والوضع العراقي فأميركا دولة احتلال عسكري وسياسي واقتصادي مباشر وتدعم سرا وعلنا نظاما رجعيا طائفيا قاتلا وإيران دولة جوار مهيمنة على العراق سياسيا وأمنيا ومعادية للشعب العراقي وانتفاضته السلمية علنا وبشكل هستيري وهزيمتها تكمن في هزيمة حلفائها في المليشيات الولائية والأحزاب الطائفية المسيطرة على الحكم في العراق... انتفاضة تشرين تقترب من النصر المؤزر بمقدار تمسك المنتفضين الأحرار الشجعان بهذه المعادلة الذهبية : لا للاحتلال الأميركي لا للهيمنة الإيرانية، نعم للعراق الحر المستقل السيد!
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهبة الشعبية بعد مجزرة القائم والتظاهرة المسرحية للفصائل
-
مجزرة القائم تؤكد ان العراق بلد محتل أميركيا!
-
مقترحات عملية لمواجهة جرائم الاغتيال والخطف
-
ردا على بيان مجلس القضاء حول -قرعة- اختيار قضاة مفوضية الانت
...
-
هدية ابنة الطاغية صدام إلى قتلة شهداء الانتفاضة لن تمنع سقوط
...
-
جوحي وزيدان وجهان لعملة التبعية الواحدة لأميركا وإيران
-
لا للحلول الانتخابية الملغومة، نعم لتغيير النظام جذريا!
-
الانتفاضة حققت خمسة انتصارات مهمة ولكن النظام يحاول الالتفاف
...
-
نشيدُ تشرين: قسماً بأمي!
-
بحثا عن بديل للقاتل عبد المهدي خارج مزبلة نظام المحاصصة الطا
...
-
محافظ النجف: مليشيات -عمار الحكيم هي التي قتلت المتظاهرين في
...
-
نهاية الخيار الإيراني -الأمني- وصعود خيار-المرجعية - يونامي-
-
البيان الجديد لمقتدى الصدر.. ملاحظات وتساؤلات سريعة:
-
شعر عمودي : بنات تشرين
-
الانتفاضة العراقية صارت نمط حياة يوميا
-
هل خسرت إيرانُ العراقَ كشعب؟
-
أحمد باقر جاسم ضحية جريمة اختطاف جديدة
-
الإنجازات الميدانية لانتفاضة تشرين الباسلة على الأرض حتى الآ
...
-
التشكيك بالانتفاضة ليس وجهة نظر بل إهانة لدماء الناس!
-
مَن حذف جملة السيستاني (المتظاهرون لن يعودوا الى بيوتهم قبل
...
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|