أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - جذر واحد














المزيد.....

جذر واحد


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6452 - 2019 / 12 / 31 - 11:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الخطاب الديني السائد - بالرغم من أنه يشرع الآن تهنئة المسيحيين بأعيادهم - إلا أنه لا يتضمن أي فهم لكون المسيحية عنصر أساسي من المكونات البيولوجية والتاريخية للشخصية المصرية ، ويأتي تصريحه أو جوازه تهنئة المصريين المسيحيين في أعيادهم في سياق إجراء بعض الترميمات في جسد الخطاب حتي لا يبدو جامدا أو متصادما مع بعض الاعتبارات الإنسانية.
قرأت بالأمس تهنئة كتبها الشيخ علي الجفري للمسيحيين بمناسبة ميلاد السيد المسيح ، أسلوب التهنئة وصياغتها تبدو كما لو كان يقول : هاأنذا أهنيء المسيحيين بعيدهم حتي تعرفون إلي أي مدي نحن نتميز بالسماحة ، عموما هذا جيد ، لكنك حين تتأمل جيدا فيما قاله علي الجفري في تهنئته تكتشف أنه يفصل بين المسيحيين وبين السيد المسيح ، إذ هو لم يخرج فيما قاله عما جاء في النص القرآني عن السيد المسيح ، ويظن أنه بهذه الطريقة المخادعة قد أحدث تغييرا في الخطاب الذي يفرق بين الناس علي أساس ديني ويؤكد أن غير المسلمين مآلهم إلي جهنم فضلا عن التخريجات الأخري المتعلقة بالتكفير وكراهة الود بين المسلمين والأغيار واعتبارهم تحت وصاية المسلمين إلي أن يدخلوا في الاسلام .
هذه العقلية التي أهلكها الالتزام بحرفية النصوص وشوهها الاعتماد علي الجوانب الأكثر إظلاما في التراث لن تتفهم مطلقا طبيعة المكون التاريخي والبيولوجي للشخصية المصرية فالمسيحية هنا غير الاسلام في أوروبا ، المسلم في أوروبا لا ينتمي تاريخيا إليها ، لكن المسيحي في مصر نبت في هذه الأرض ودمه وروحه وخلاياه ومعارفه ووعيه معجونة جميعها بتراب هذه الأرض وبهواها وبعذاباتها وأفراحها وانتصاراتها وهزائمها ، وحين دخل الاسلام انفلقت زهرة الشخصية المصرية إلي زهرتين بلونين مختلفين لكن جذر الزهرتين ظل كما هو واحدا ثابتا في الأرض يحمل الزهرتين ويغذيهما بعشق هذه الأرض ، إذن المسيحية في مصر ليست عنصرا وافدا دخيلا علي الروح المصرية كما هو الاسلام في أوروبا ، المسيحي جذره ضارب إلي عمق أعماق الهوية المصرية بينما المسلم في أوربا بلا جذر هناك ، ومن سخرية الأقدار وتشوه المفاهيم وموات الإدراك الديني والعقلي والإنساني أن ينتظر المصري المسلم صدور فتوي تجيز له تهنئة المصري المسيحي بعيده ، ومن قبيل السخرية البائسة وصف تهنئة المصري المسلم للمصري المسيحي في عيده بالسماحة الاسلامية ، ومن شدة البؤس الفكري والانهيار التاريخي والحضاري اعتبار المسيحيين في مصر أقلية.
المسيحية في مصر عنصر أساسي من مكونات الشخصية المصرية حتي لو كانوا عشرة أفراد لا غير، وسيظل الخطاب الديني علي صورته الحالية خارج التاريخ وضد كل منطق عقلي وحضاري وإنساني إذا ظل متضمنا مفاهيم الوصاية التي أفرزت قدرا هائلا من الكراهية التي وصلت إلي حد إصابة الحياة الاجتماعية للمصريين ذوي الجذر الواحد بآفات ممرضة ومهينة .
كل عام والمصريون جميعهم بخير ، كل عام ونحن هنا معا ، كل عام وكل ما يفرقنا كشعب واحد إلي زوال.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفع المبتدأ وشنق الخبر
- الجميلة فيوليت
- الكذابون
- أنا لا أعرف
- سقوط حتمي
- وردة في شعر الحبيبة
- البزازة
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- هلوسات
- لا صوت يعلو فوق صوت المرأة
- أنا مصري ثم مسلم مسيحي أو مسيحي مسلم
- فن الشعر وحدودنا البحرية
- وهم إصلاح الخطاب الديني
- كيفية صُنع آلهة من العجوة
- الحشمة ومساءل أخري
- تمثيلية قتل الزعيم
- مفتاح الحياة في الزمن الميت
- باختصار
- السؤال الكبير
- تشوهات


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - جذر واحد