أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل قرياقوس - أعْمِدة مَشانِقْ !!














المزيد.....

أعْمِدة مَشانِقْ !!


نبيل قرياقوس

الحوار المتمدن-العدد: 6451 - 2019 / 12 / 30 - 22:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبْل أيام معدودة التقيتُ بوالِد أحد الشهداء الشباب المتظاهرين السلميين ممن تم قتلهم ببندقية قنّاص تابع لميليشيات الحكومة العراقية في بغداد يوم الاول من اكتوبر 2019 ، وشاءت الصدف ان نستمع سَويّة لأحد السياسيين العراقيين المُعارضين وهو يتحدث في احدى المحطات الفضائية عن أوضاع السرقات الهائلة جدا التي يَتعَرض لها العراق والعراقيين طيلة اكثر من عقد ونصف من السنوات الاخيرة وما يَتْبعها في هذه الايام من جرائم تهديد وأغتيال واعتقال وتعذيب مُمَنهجة من قبل عصابات الحكومة للشباب المُتظاهرين السلميين المُطالبين بتغيير الحكومة لما فيه الاستقلال والحرية والكرامة للشعب العراقي .
نعم ، استَعْمنا سوية الى هذا السياسي وهو يتوعّدَ بنَصْب أعمدة المَشانق لأعدام كل مَنْ أعتدى على المتظاهرين او سرق ثروات العراق او تعامل مع الاجنبي والى الدرجة التي رَدّتْ فيها عليه المُذيعة التي تُجري المقابلة التلفازية قائلة :
رجاء كُفّوا عن موضوع أعمدة المشانق !!
صاحبي ، والد الشاب الشهيد ، قال لي مُقاطعا استِماعنا الى السياسي العراقي :
كنتُ أتمنى ان لا يكون هذا السياسي في موقع استلام مثل هذه النصيحة !
ثم صمِتَ لثوانٍ عديدة مثنّي الرأس ، وليواصل بعدها الكلام حال بَدأت عيناه تقذفان ملايينا من رسائل الألم والحزن والعَتَب مَحمولة على دموع نقية تَغلي مِنْ مَرارة الجَرْح في دواخل والدِ شاب مُسالم ذي تسعة عشر ربيعا قَتَلتْه اطلاقة مجرم جبان :
أدركُ جيدا المُصيبة والحزن الهائل التي تُصيب أب أو أم أو أخ أو أخت مَنْ يُقْتَل أو يُغْتال أو يُعتَقل أو يُعَذب أو يُعتدى عليه جسديا ظُلما وعُدوانا ، مثلما أدركُ جيدا حُزْن ومَآسي مَنْ يُهَجّر أو يُسْجن أو يُهان أو مَنْ يُحْرم من ماله أو املاكه أو حقوقه الانسانية ، لكني ورغم المُصاب الجَلل أعارضَ مُعاقبة أي مُجْرم بعُقوبة ( الاعدام ) ، وذلك ليس بسبب معرفتي بدُولٍ مَنَعت هذه العقوبة في دساتيرها ، وليس لكوني وُلِدْتُ في بلدٍ نشأتْ فيه أقدم حضارات العالم ، وأنما لأني أرى بأن قناعتنا بعقوبة ( الاعدام ) سيَضَعنا نحنُ ايضاً في مَوْقع المُجرم القاتل ، فهذا القاتل هو الآخر كان هو الآخر مُقْتنعا بقَتْل أو أعدام ضَحيته .
أن أهم ما يُمَيّز الانسان العادل عن الانسان المجرم هو أن الانسان العادل يؤمن بحق كل أنسان آخر في الحياة حتى لو كان الانسان مُجرما ، حيث تتم المحاسبة وفق قانون يَفْرض العقوبات المُناسبة لكل خطأ او تقصير او جريمة عدا عقوبة الاعدام أو التعذيب الجسدي أو النفسي .
والد الشهيد واصل الحديث مُصرا التَكابر على مُصيبته وعلى مشاعرالأسى والالم التي تُحاصر دواخله قائلا :
مُعاقبة المُجرم بنفس الجُرْم الذي أرتَكَبه يَعني أننا نمارس ( نفس الجُرْم ) الذي أرتَكَبه ذلك المُدان ، هذا بأفتراض ان ذلك المُدان قد أرتكَبَ ما تم أدانته به فعلا ، وايضا بأفتراض ان ما تمّ به ادانة ذلك المُدان يُعَدّ ( جريمة ) فعلا مثلما يحصل غالباً في المُدانين في القضايا السياسية وقضايا التعبير عن الرأي او حرية الفكر او المعتقد أو في القضايا المرتبطة بشكل مباشر بالحرية الشخصية .
أن بقاء (عقوبة الاعدام ) نافذة في القانون العراقي يُساعد كثيرا في توفير كُرة سَهْلة المَنال بيد سياسيّ السلطة ومعارضيها وليقوم أحدهم بالانتقام من الآخر مُستخدما تلك العقوبة كوَسيلة ، كما أن بَقاء مِثل هذه العقوبة يَعْني وضْع سيفٍ قاتل بيَد كل القوى الدينية للنيل من كل ذي رأي مُضاد .
والد الشهيد الشاب واصل القول :
جرائم القتل العَمْد الشخصية منها أو السياسية لا يقوم بها مُجْرِمون الا وَهُم تحت ضغوط مختلفة كضغوط الدفاع عن المصالح او الانتقام أو لظروف سياسية او مادية او اجتماعية أخرى وكل هذه الضغوط تَصْنع من القائم بجريمة القتل شخصا ناقصا عن ابعاده الانسانية ، ومِثل هذا الشخص يُعاقب بعقوبة قاسية مناسبة ولكنها عقوبة تَحترم بكل الاحوال حقوق بقاء ذلك المجرم على قيد الحياة ، فالأصل في أي عقوبة هو التأديب وليس الانتقام .
الاستاذ الجامعي اختتم حديثه معي قائلا :
أعمدة المناشنق سهلة التركيب وسريعة التكاثر وهي خَطِرة جدا وسريعة الاشتعال ، وحرائقها قادرة على تدمير مجتمعٍ بأكمله ، لذا فان المجتمعات المتحضرة تُحاول تفكيك كل أعمدة المشانق وازالتها من أراضيها ، ولتُقيم بَدلا عنها أعمدة تُخلّد فيها الحكماء والعلماء والشُجْعان والمُبدعين والنَزيهين ، فهلا اتْعضّنا قبل ان يَحترق حاضرنا ومستقبلنا بـ ( أعمدة مَشانق ) !!
29-12-2019



#نبيل_قرياقوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا ل ( رحيم العكيلي ) رئيساً للوزراء !
- أغتيال القاضي رحيم العكيلي وسط بغداد !!
- الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية ( استبيان آراء ...
- انتحار قاضيان مصريان والهند افضل دولة في العالم !
- حملة تضامن مع المفكرة المصرية فاطمة ناعوت ودعوة الحكومة المص ...
- أسلمة أطفال العراق بالاكراه ... ثقافة بدوية متوارثة
- صحفي وشاعر مصري : نحن موحدون مذ خلقنا وغزوات بدو الصحراء دمر ...
- الشرقيون يذبحون أنفسهم !
- ضد اعدام محمد وفاطمة
- فاطمة ليست من حريم السلطان !
- وأشياء أخرى في تل أبيب
- رسالتنا الى الامم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقا ...
- صحافتنا ليست حرة
- صايرة ودايرة بالعراق
- العراق يقر رسميا قانون اضطهاد المسيحيين
- اشكروا وزير النقل العراقي
- رقص شرقي في اليابان
- قانون اجتثاث الاحزاب الدينية العراقية
- لا نريد دستور اسلامي
- كل متظاهر ارهابي


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل قرياقوس - أعْمِدة مَشانِقْ !!