أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - خليل عيسى - رحلة الوعي المزدوج














المزيد.....

رحلة الوعي المزدوج


خليل عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 6451 - 2019 / 12 / 30 - 20:50
المحور: ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية
    


بعد ثورة 17 تشرين الأوّل، ظهرت قطيعة باتت تتشكّل من خلال انشطار حادّ في الرؤية السياسية والثقافية للبنان. لعلّ أساس هذه القطيعة الاجتماعية هو التغيُّر الجيليّ، إذ حدث انفصال تامّ في وعي شبّان وُلدوا بعد الألفية الثانية عن رؤىً سادت جيل آبائهم وأمّهاتهم. وكانت الأزمة الاقتصاديّة التاريخيّة هي التي دفعت هذا الجيل الجديد للتعبير بالاحتجاج. أما البنية التوزيعيّة للموارد التي آلت للسقوط خلال السنوات الأربع الماضية، فهي النظام الزعاماتي اللبناني.
هذا الانشطار، وبقدر ما تبيّن أنّه واقعٌ على مستوى البنى الاقتصادية والمؤسساتية، أي في تلك الأشياء التي تتحدّد خارجَنا، حدثَ كذلك بنسبة تزيد أو تنقص في وجداننا، إذ بات لكلّ لبنانيّ ولبنانيّة، بعد 17 تشرين، ذاتان متصارعتان. لا أقصد بذلك الذات بالمعنى السيكولوجي المحض، بل أعنيها من خلال استعدادها الدائم للتفاعل مع محيطنا الذي تتحدّد من خلاله مصالحنا وأهواؤنا. هناك «ذات ما بعد 17 تشرين» تعطي الأولوية للمصلحة العامة مقابل «ذات ما قبل 17 تشرين» مبنيّة على أنّ مصلحة «زعيمي» هي المصلحة العليا الوحيدة.
يبقى هذا الكلام تجريدياً إن نسينا أنّ الناس التي من لحم ودم تتساكن فيها عدّة ذوات وأفكار متناقضة. لذلك، ليس مستغرباً أنّ جزءًا ممّن كانوا يعتبرون أنفسهم من مناصري سعد الحريري باتوا بعد 17 تشرين الأول من أنصار «كلّن يعني كلّن» بشكل لا عودة عنه. وفي المقابل، فإنّ جزءًا آخر من المحتجّين عاد للخيار السياسي الذي كان عليه قبل 17 تشرين، أي «الحريري وبس».

تختلف الطريقة التي ينزل بها موالو الحريري لقطع الطرقات (ملثّمون، دراجات نارية) جذرياً عن احتجاجات ثورة تشرين المليئة بالمعنى الهادف والواعي لذاته. نزل جزءٌ من هؤلاء من تلقاء ذاته، لكن من المستبعد ألا يكون كلّ هذا، نظرًا لاتّساعه، مخطّطا له من قبل الحريري الذي صُدم عند تسمية حسّان دياب، وذلك عكس تصريحاته العلنية، أي تماما كما فعل حسن نصر الله مع من أُرسلوا الى ساحة الشهداء لتحطيم الخيم بعد انتهاء خطابه، رغم ادّعاء حزبه فيما بعد أنّ لا علاقة له بهم. يحاول سعد الحريري تحويل الثورة إلى «حريرية» ليضغط بها على نادي الزعماء لأنّه يعرف أنّ جزءًا من جمهور الثورة السنّي بدأ بالتموضع أيضا ضدّ «كلّن يعني كلّن».
في مقابل هذا الوعي المزدوج الذي يتشكّل، كان هناك مسار ماكبيثيّ لسعد الحريري: هل أنّه لم يتخيّل أن يُقدِم ثلاثي حزب الله- أمل- عون على تسمية أحدٍ غيره؟ هل صدّق أّنّه الوحيد الذي «يمتلك علاقات دولية» تأتي بالمساعدات لحكومة يشكّلها هو، أي أنّه بعدما اخترع هذا العنوان التسويقي قام بتصديقه؟ ولماذا لم يسمِّ الحريري شخصًا آخر؟ هل لانّه يريد أن يأتي لرئاسة الحكومة من أجل إنقاذ نفسه من فقدان السيولة؟
أمام كل ذلك، ما يمكن للثوار أن يفعلوه هو ألا ينشغلوا بما يفعله مناصرو الحريري وأن يعملوا على تجذير الحراك الثوري وتوسيعه حيث ستدفع الظروف الاقتصادية القادمة بمنخرطين جدد لصفوف الثورة، مثل التقنين الكهربائي القاسي المتوقّع في 2020. المهمّ أن تميّز الثورة نفسها عن أتباع الزعماء، سواء أكانوا في السلطة مثل حسن نصر الله أم خارجها اليوم مثل سعد الحريري. وفي كلّ ما يحصل، على الثوّار أن يأخذوا بالحسبان أنّ رحلة خروجهم من الوعي المزدوج خلال الثورة هي رحلة غير مضمونة، وهي كما في اللاهوت المسيحي محفوفة بـ«التجارب» لكلّ لبناني ولبنانية.



#خليل_عيسى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخارج والداخل في ثورة تشرين
- طرابلس أو الوطنية اللبنانية الجديدة
- إنقلاب خميني وفكر ياسين الحافظ بعد أربعين عاماً
- في دعوة رياض الترك إلى انطلاقة ثورية جديدة
- حول تبرير الخطف عند نخبة الإسلام السياسي الحاكم
- إيران والوصفة السلفادورية في العراق
- بورجوازية حزب الله و-السلسلة-
- سقوط القمّة العربيّة الإيراني
- السياسة اللبنانية والعَبَث المتعدد بالمرأة
- نسبيّة-حزب الله-وطريق التحول العراقي
- في نقد نقّاد الترامبية
- نحو إمبرياليّة أميركيّة بجناحين نوويين
- الكسل الفكري السوري بين الضلالة والهدى
- احتضار لبنان بين ثلاثة نماذج
- النرجسيّة السورية بين السوداويّة والخيانة الموضوعيّة
- في نقد الاستراتيجيّة الإعلاميّة السعودية تجاه العراق
- من أجل فهم عربي مطابِق ل -حرب تمّوز-
- -جامبيت- عربي في الانتخابات الأميركية... لم لا؟
- في أصل الصحوات السوريّة وملحقاتها
- المستعمرة اللبنانية ومهام اليسار الراهنة


المزيد.....




- مصر.. نجيب ساويرس يعلق على لقاء مستشار ألمانيا مع ترامب وضجة ...
- ماذا نعرف عن الميليشيات -الإجرامية- التي سلحتها إسرائيل في ق ...
- الجيش اللبناني يهدد بوقف التعاون مع لجنة مراقبة وقف إطلاق ال ...
- شركة استثمار خاصة في شيكاغو على خط المساعدات في غزة.. ما الذ ...
- احتفالات عيد الأضحى عبر شاشة الهاتف: أبٌ غزّي يطفئ شمعة طفله ...
- غزة: مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 2 بكمين في خان يونس
- تنديد أوروبي وأممي بعقوبات واشنطن على قاضيات بالجنائية الدول ...
- الوحدة الشعبية يزور ضريح الحكيم وأضرحة الشهداء صبيحة أول أيا ...
- الجيش اللبناني و-اليونيفيل- يردمان خندقا حفره الجيش الإسرائي ...
- تقرير عبري عن أمر ستفعله الولايات المتحدة بموافقة الشرع لم ي ...


المزيد.....

- ثورة تشرين الشبابية العراقية: جذورها والى أين؟ / رياض عبد
- تحديد طبيعة المرحلة بإستخدام المنهج الماركسى المادى الجدلى / سعيد صلاح الدين النشائى
- كَيْف نُقَوِّي اليَسَار؟ / عبد الرحمان النوضة
- انتفاضة تشرين الأول الشبابية السلمية والآفاق المستقبلية للعر ... / كاظم حبيب
- لبنان: لا نَدَعَنَّ المارد المندفع في لبنان يعود إلى القمقم / كميل داغر
- الجيش قوة منظمة بيد الرأسماليين لإخماد الحراك الشعبي، والإجه ... / طه محمد فاضل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - خليل عيسى - رحلة الوعي المزدوج