أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير الخويلدي - الاغتراب السياسي للأنظمة الحاكمة














المزيد.....

الاغتراب السياسي للأنظمة الحاكمة


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6450 - 2019 / 12 / 29 - 00:51
المحور: المجتمع المدني
    


" كلمة اغتراب اليوم هي كلمة مريضة ... فهي تعاني من حمولة دلالية زائدة ، وبسبب كثرة ما تعنيه ، فإنها قد تخاطر بألا تعني أي شيء على الإطلاق" بول ريكور- مقال الاغتراب- الموسوعة الكونية1

مفهوم الاغتراب لم يعد مقتصرا على الأفراد والجماعات ضمن الإطار الديني والاقتصادي كما بين كل من فيورباخ وماركس بخصوص الوضعية المعكوسة التي يجد فيها الوعي نفسه أو ذهاب مردود العمل لغير القائمين به بل أصبح مرتبطا بأنظمة سياسية وأحزاب ومنظمات ودول بأسرها ويعكس وضعية مفارقة توجد فيها وتجعلها بعيدة كل البعد عن استقلاليتها الذاتية وامتلاكها سلطة القرار والقدرة على حكم نفسها بنفسها والتصرف في مواردها وثرواتها ورأسمالها الرمزي والبشري دون تدخل خارجي ووصاية أجنبية وتبعية للمحاور الإقليمية ودون طلب الإذن من قوى ضغط واستشارة مراكز نفوذ ودوائر مهيمنة. لقد ورث الاغتراب السياسي الذي ظهر مع الفيلسوف بول ريكور في العقد الخامس من القرن الماضي في كتابه عن الحقيقة والتاريخ2 أثناء تشخيصه للعلاقة الإشكالية بين السلطة والعنف كل من الاغتراب الديني والاغتراب الاقتصادي ولكنه لم يتخلص منهما كليا بل تراه يعود إلى العامل الديني والمعطى الاقتصادي لكي يكرس الوعي الزائف والغيبوبة عن الذات وفقدان المبادرة وشلل تام في الإرادة وتسليم الأمور للغير. الكثير من الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية تعاني من التبعية والخضوع والاستسلام والهشاشة على مستوى فقدانها للسيادة الوطنية والسبب هو آفة الاغتراب السياسي التي تظهر في الولاء للقوى الخارجية وخضوع الأحزاب للاملاءات الأجنبية وتحكم السفارات الدبلوماسية في القرارات المصيرية للمجتمعات. قد يظهر الاغتراب السياسي في التوجه نحو الخارج على مستوى المنوال التنموي بالاستنساخ للتجارب الفاشلة والاقتراض والمديونية المجحفة وتصدير الثروات بأبخس الأثمان واستيراد المواد الحيوية المعدة للاستهلاك اليومي بأثمان باهظة وربط القطاعات الإستراتيجية للاقتصاد بالنشاط المالي للأسواق العالمية والتعرض لخسائر كبرى عند الانكماش أو التضخم أو أزمات أخرى وفسح المجال للكفاءات للهجرة دون رقيب بحثا عن العملة الصعبة ودون التفكير في العواقب الوخيمة مثل إهدار للخبرة وإفراغ المؤسسات من العارفين بالإدارة والضالعين في تسير دواليب الدولة والقادرين على انجاز المخططات ووضع البرامج. تتمثل العلامة الثانية على الاغتراب السياسي في الحالة المزرية التي أضحى عليها الناس والضبابية وانسداد الآفاق وغياب الرؤية الواضحة وشعور المواطنين بأنهم غرباء وضائعين بالرغم من وجودهم في أوطانهم وبين أهلهم وفسح المجال للمشاركة في الشأن العام عن طريق الانتماء إلى الأحزاب والمنظمات والقيام بواجب الاقتراع وتمتعهم بحق الانتخاب وتمكين بعضهم من تقلد المناصب العليا والوظائف الهامة. يمكن الإشارة في مستوى ثالث من الاغتراب السياسي الى عملية التموضع والتشييء التي تتعرض لها هذه المجتمعات التابعة والأمم المغلوبة والشرائح المسحوقة والدول المهانة وتتمثل في وضعها على محك الدراسة وتحويلها إلى موضوع للتجارب وإسقاط المناهج البحثية على ثقافتها وسلبها خصوصيتها وطمس رمزيتها وتدنيس شخصيتها بتحويلها من ذات حضارية تمتلك سيادة وكرامة إلى موضوع للعد والتجريب. المظهر الرابع من الاغتراب السياسي يتمثل في إسناد طبيعة بشرية ثابتة وجوهر ثقافي سرمدي وإلصاق تهم التخلف والرجعية والإرهاب والهمجية بأفراده والتخويف به والتحذير منه والتحريض الإعلامي عليه ورفض كل أشكال المعاملات معه على غرار الشراكة والاتصال والإدماج والتعاون الثقافي والاقتصادي والإبقاء على علاقة متشنجة تقوم على التمركز والازدراء والتفوق وتعيد إنتاج الكراهية والانتقام والعنف. في سبيل الختم يجدر اعتبار الفساد البعد الخامس من الاغتراب السياسي ويكمن في إهدار المال العام وتعطيل المرفق العمومي بغية تمكين المرفق الخاص من بعض الامتيازات واحتكار المناقصات لفئة قليلة على حساب فئات أخرى والسيطرة من طرف الماسكين بالنشاط الموازي للاقتصاد والاشخاص المؤثرين في المستوى المحلي والجهوي على المفاصل الحساسة للدولة واتساع الهوة بين القرارات التي يتم اتخاذها والمشاريع التي يقع برمجتها من جهة والتنفيذ على أرض الواقع وتفويت المجهود التنموي الذي تبذله الدولة في التهيئة العمرانية والإصلاح الحضري وتشييده بشكل متسرع وتجهيزه بصورة منقوصة وعدم احترام كراس الشروط والهرولة نحو التنازل على الأمن الغذائي والمائي والطاقي وتبني الخصخصة. فما السبيل للقضاء على هذه الأشكال المتعددة من الاغتراب السياسي؟ وما دور الثورة في التحرر منه؟

المصادر:
1- Ricœur (Paul), Aliénation, publié pour Encyclopaedia,
lien : https://www.scribd.com/document/191142120/Paul-Ricoeur-Alienation
2- Ricœur (Paul) , Histoire et vérité, édition du Seuil.Paris, 1955/ réédition 1964.
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترجل المفسر التنويري محمد شحرور
- التربية على الحرية بين هيوم وروسو وكانط
- الظاهرة الدينية من حيث هي ظاهرة هرمينوطيقية
- العقل والثورة، من أجل مقاربة ثورية للعقل وعقلانية للثورة
- الفكرة الفلسفية للثورة المدنية
- فن طرح السؤال بما هو المقام اللائق بالفيلسوف
- مقابلة مع بول ريكور عن جدوى الفلسفة اليوم،
- عالمية الفلسفة في زمننا الثوري
- بداية الواقعية السياسية عند ابن خلدون
- الفلسفة انتصار منطقي على العبث
- أي مقام جديد بالنسبة لنا حسب بول ريكور وحنة أرندت؟
- المدينة من منظور الفيلسوف: من الاحتماء الى الثورة
- حاشية ثورية على الانتخابات التونسية
- فوز المرشح الثوري في الانتخابات الرئاسية التونسية
- مصطلح الإيديولوجيا عند غرامشي بين الاعتباطية والعضوية
- بورتريه الفيلسوف من خلال أدواره في حياته العادية
- أصول تفسير الأحلام عند بن سيرين
- الدعائم الرياضية والطبيعية للفلسفة العقلية عند ابن باجة
- السرد الفلسفي للحياة الطبيعية عند ابن طفيل
- أهمية تدريس الفلسفة للأطفال


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - زهير الخويلدي - الاغتراب السياسي للأنظمة الحاكمة