أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ثائر الناشف - من يحكم من..الحكومات أم الحركات..؟















المزيد.....

من يحكم من..الحكومات أم الحركات..؟


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 1565 - 2006 / 5 / 29 - 09:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الشيء الغريب في بنية البيت العربي يكمن في تعقيداته الإيديولوجية المترسخة منذ عهود مغرقة في القدم، وحالة الاستفحال الموحية بالتشتت والبائنة في صورة دول ما بعد عهد استعماري كان جاثماً بالأمس القريب على صدر هذا البيت المعقد وما زال حتى اليوم، يملك كافة أشكال التأثير المباشرة في قراراته المتعلقة برسم ملامح سياساته الخارجية المتماشية مع كومة المصالح الضيقة.
وبغض النظر عما يجري داخل هذا البيت من تناحرات قد لا تنتهي دوائرها بين تيار وآخر، وإنما قد يصل مداها الطاحن إلى ما لا نهاية دون الوصول إلى نهايات مرضية، ليبقى التساؤل قائماً: من المستفيد ومن المتضرر من هذا الوضع المفتت؟ وليس بعيداً أن السلطة حلم يراود مخيلة العقول الطامحة لتحقيق ذاك الحلم وبشتى السبل وبأعنف الوسائل وبالقفز على مشاعر أهل ذلك البيت المحكم في أسراره والمحكوم بخلافات لامنطقية.
ومن هنا تبدو العلاقة بين الحكومات العربية وحركاتها المنشقة عنها انشقاقاً تتمركز محاوره على من يرتدي قميص السلطة. لكن إذا ما أخذنا في الحسبان أن هذا القميص المتسلط على جسد أفراد هذه الشعوب العربية بسلطويته الضيقة ومقاساته المحدودة على أجساد من يرتديه فقط دون النظر إلى أن هذا القميص قد اهترأ شكله ومضمونه نتيجة السنوات الطويلة التي مرّت على ارتدائه من قبل شخص واحد ذي عقل واحد وجسد واحد ولا يتسع لأحد سواه لدرجة أنه تمزق لكثرة الضربات الآتية من الخارج، والمؤكّدة على ضرورة تغييره حسب ما يرضي ذلك المنادي بإزالته.
وفي العودة إلى طبيعة العلاقة بين الحكومات والحركات وما مدى شرعيتها أمام حركاتها الإسلامية المتصاعدة يوماً بعد آخر... تظهر أمامنا مجموعة فوارق بخصوص تقبل كل فريق للآخر؛ فلا الحكومات استطاعت أن تستوعب حركاتها المنبثقة من داخل مجتمعاتها التي أخرجت كلا الفريقين على ساحات مترامية الأطراف لخوض الصراعات المحلية، ولا الحركات، في المقابل، استطاعت أن تتقبل ما تنادي به حكوماتها من ضرورات ينبغي التقيد بها وأولويات يتحتم الالتزام بها إلى أن يتم بلوغ المرامي النضالية السامية على حساب الاستمرار في ارتداء قميص السلطة كدرع واق من لسعات الداخل وسموم الخارج.

إن الطابع السلطوي يكاد يسري على جميع الحكومات الحية في حكمها، ومن قلب هذا الطابع ظهر طابع ديني حركي متنوع الاتجاهات في ظل ممارسات الحكم الراهن، بكل إيجابياته وسلبياته، أخطائه وعثراته المتكررة والعائدة إلى عقود مضت منذ الحقبة الاستعمارية الأوروبية الحديثة، والتي تعززت بموجبها كل أشكال الهيمنة والسيطرة على شعوب مثقلة بالاحتلالات المتلاحقة، ورؤية البعض بضرورة الخلاص منها بأي أسلوب كان.
وعليه, بدأت تتشكل حركات ذات طابع ديني حركي اتخذت من الصدام وسيلة ناجعة لاسترداد ما أخذ منها على غير وجه حق، وفي الوقت ذاته رفضت كل أشكال التعاطي السياسي الذي اتبع خطاه فريق آخر من المتطلعين لإخراج المحتل وإحلال أنفسهم بديلاً عنه، مع الإبقاء على سياساته ومصالحه التي جاء لأجلها قاطعاً ألوف الأميال ولكن بأدوات حكم محلية تتبع تبعية مطلقة لمصالح الخارج محتفظة باستقلالها وسيادتها.
وتجلى ذلك في مرحلة ما بعد الاستعمار وجرت التسمية عليها بالدول ما بعد الاستعمارية وما زالت باقية إلى الآن، الأمر الذي خلق هوة واسعة بين ما تدعو إليه الحركات الإسلامية من ممارسة حقها الطبيعي في حكم البلاد التي أسهمت في تحريرها بتصديها لجحافل الغزاة، ورأت أنه من الأصح لها أن تتولى مقاليد السلطة كمكافأة لها على ما قدمته من تضحيات في سبيل تحرير بلادها وما عانته من ظلم وتعسف شديدين في مرحلة كفاحها الدامي.
إلا أن رياح السلطة سارت عكس ما تشتهيه الحركات لانعدام الثقة بها من قبل المحتل، الذي ذاق على يدها أشد الضربات الموجعة ولا يزال حتى الآن يتلقاها من تلك الحركات في العراق أو فلسطين، ولا يستطيع التأمين على مصالحه الحيوية إلا من خلال فرض تسوية جديدة مع هذه الحركات.
ولكن ما الذي يكفل له صحة استمرار مثل تلك التسوية المرفوضة على الحركات والمفروضة على الحكومات وليدة العهد والنشأة؟

ليس بعيداً عن الصحة القول إن استمرار حالة التصلب في خطاب الحكومات والحركات سيؤدي إلى مآزق موحلة وانشقاقات حادة تخلخل الوضع الداخلي لكل منهما. ولعل ذلك الانشقاق بدا واضحاً في تركيبة المشهد الفلسطيني المؤلف بحركاته البادية للعيان والمتنوعة في طروحاتها المستقبلية لرسم استراتيجية الصراع مع المحتل الغاصب.
فالسنوات المنصرمة كانت حبلى بولادة الكثير من هذه الحركات والتي كان أبرزها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي اتخذت من الخط الجهادي بداية للتحرير والخلاص، في حين أن رؤيتها اليوم استدعت من كوادرها العمل على جبهات متعددة كان أبرزها انخراط حركة حماس في اللعبة السياسية مع السلطة الفلسطينية وسعيها الحثيث الى اكتساح أغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني عبر العملية الانتخابية التي كانت قد تحفظت عليها في السابق (وقد تحقق لها ذلك)، في حين ترى نفسها معزولة في إدارة دفة الصراع مع إسرائيل من دون أن يكون لها نصيب من كعكة السيادة المنقوصة.
وبالتوازي مع ما يدور في الأراضي المحتلة، فقد دار أخيراً في مصر صراع مستميت أظهر النوايا المبيتة لحركة الإخوان المسلمين على طرح نفسها مجدداً كحركة إسلامية ذات توجهات سياسية عصرية بعد أن تمت مقاطعتها في السابق من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة لانتهاجها أفكاراً دعوية لا تتطابق مع تفكير الحكومات. أما اليوم فإنها تحولت إلى لاعب سياسي خطير يقترب من السلطة شيئاً فشيئاً كما اقترب زعيم حزب السعادة التركي برئيسه السابق نجم الدين أربكان والذي بقي وزيراً إسلامياً في حكومة علمانية إلى أن خرج عنها وشكل حزب الرفاه الذي ضم الكثير من المتدينين الأتراك في صفوفه, وظهر تأثيره جلياً عندما وضع السلطة هدفاً سعى للوصول إليها بوسائل ديموقراطية, فالمبدأ الأساس للأحزاب الدينية في تركيا كان قائماً على الاعتدال بدءاً من حزب السلامة الوطني وانتهاءً بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الآن.
وبالتحول إلى العراق، فإن البيت العراقي يغدو أكثر تعقيداً من سابقه نظراً للتحولات الخطيرة التي مر بها العراق من احتلال إلى عنف عشوائي مجهول المعالم إلى عملية سياسية هي الأولى من نوعها في ظل وجود قوات تحالف دولية برعاية الولايات المتحدة بالدرجة الأولى.
واللافت في هذه العملية أنها مرت بمرحلتين: الأولى جرت في مطلع العام الماضي وتمثلت بانتخابات كانون الثاني/ يناير والثانية في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وقبل تلك المرحلة بدأ العراق يشهد ظهور حركات إسلامية لم تشهدها دول المنطقة بعد، بعضها كان قديماً محظوراً لأسباب سلطوية محضة، والآخر ظهر حديثاً وحمل معه مشروعين؛ الأول اتخذ من المقاومة المسلحة والمصوبة نحو قوات الاحتلال هدفاً له، والثاني فضل المضي في العملية السياسية لاعتقاده أنها فرصة لن يأتي التاريخ بمثلها، لذا وجب استغلالها استغلالاً صحيحاً, وما يثير الاستغراب أن كل طرف يسير نحو السلطة وله طريقته الخاصة والكفيلة في وصوله أولاً قبل غيره.
وعليه، فإن البيت العربي يشهد صعوداً مفاجئاً للحركات الإسلامية بعد سبات عميق بسبب التغييب المتعمد من قبل الحكومات السابقة لحركاتها الإسلامية خوفاً من انزلاقها في نفق مظلم لا تستطيع الخروج منه بعد أن تلذذت بثمرات السلطة وتربت على فوائدها.
وبرغم ذلك، بقيت هذه الحكومات رهينة الحراك في سياساتها للخارج الذي يؤمن لها غطاء الشرعية الملائم في مقابل تأمينها مصالحه.
وفي الجانب الآخر، فقدت بعض الحركات الإسلامية شعبيتها لاعتناقها أفكاراً نكوصية سلفية تحولت إلى أفكار حركية جهادية بدأت تطبيقها في ما بعد ثمانينات القرن الماضي في أفغانستان ضد الوجود السوفياتي، واستمرت على خطها إلى أن حالت ساعة الصفر ودقت صفيرها المدوي في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر في قلب الولايات المتحدة مفجرة معها وضعاً معقداً تنامت على أثره المخاوف الأميركية من تزايد أعمال هذه الحركات ضدها مجدداً في أي شبر من العالم، ولم تخف قلقها وامتعاضها إزاء بعض الحكومات العربية والإسلامية التي تؤوي هذه الحركات، فبدأت بحربها الوقائية في أفغانستان ثم رأت أنه من الأفضل لها الضغط على الحكومات للقيام بتنفيذ إصلاحات شاملة من شأنها احتواء هذه الحركات وتقويمها بشكل معتدل، وللهروب من الخيار العسكري المكلف الثمن، مما يؤمن لها المنفذ الآمن من تنامي شبح انتشار هذه الحركات على نطاق واسع في منطقة الشرق الأوسط .
غير أن التناقض الأميركي يبدو واضحاً بين الحين والآخر فمرة يدعو إلى حوار معتدل مع تلك الحركات ومرة أخرى يجدد مساعيه لقطع الطريق عليها, وفي كلتا الدعوتين يصب الزيت على نار الخلافات بين الحكومات العربية والحركات الإسلامية.



#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول دمقرطة الإسلام السياسي
- بين مطرقة السادية وسندان المازوخية
- على أهلها جنت براقش
- ميثولوجيا الحداثة .. وشبح الأصولية
- إصلاح أم تجميل..؟
- ثورة هوية أم أزمة وطنية ..؟
- ًالعروبة .. ومبتكراتها المستحدثة عالميا
- سيكوباتية السلطة وعقدها الثورية


المزيد.....




- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ثائر الناشف - من يحكم من..الحكومات أم الحركات..؟