أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - اسماعيل شاكر الرفاعي - الثبات المبدأي لثوار العراق















المزيد.....

الثبات المبدأي لثوار العراق


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6447 - 2019 / 12 / 26 - 10:26
المحور: ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية
    


دالثبات المبدأي لثوار العراق

بدأ الكثير من الكتاب والصحافيين والمحللين السياسيين والاعلاميين : يميلون الى الاعتقاد بان الصراع الدائر بين الثوار وبين السلطة السياسية : يميل لصالح السلطات ، مع ان الثوار لم يتخلوا عن متاريسهم ولم يغادروا ساحات اعتصاماتهم ، ولم يتنازلوا عن مطالبهم السياسية : فسقف شعاراتهم لا يختلف عن سقف شعار ثوار لبنان : كلن يعني كلن ، او باللهجة العراقية : “ شلع قلع “ ، فالمعركة لم تنته بعد …

وليس من الغرابة في شيء ان يتطوع جميع مرتزقة النظام من النواب والمستشارين ، ومن يدعي التضلع بالقانون الدستوري للتلويح بعبارة : المهلة الدستورية لتخويف الناس من : الفراغ الدستوري ، اذا لم يتم تنصيب رئيس وزراء للعراق قبل انتهاء المهلة وامدها ١٥ يوماً ، مستنكفين من الاشارة الصريحة الواضحة الى وجود ثورة ، وان ثوار هذه الثورة لم يعودوا يأبهون لمصطلحات ومفاهيم لم تعد تعني شيئاً لهم ولثورتهم …

لا تريد السلطة السياسية الحاكمة الاعتراف بوجود ثورة . اقرارها بهذا الوجود يعني الاعتراف بفشل المنهج السياسي الذي استرشدت به طوال هذه السنوات . ولهذا استنجدت في هجومها المضاد بكل ما تجاوزته الثورة : الدستور والمهلة الدستورية والفراغ الدستوري ، وكل ما لم يعد له معنى بالنسبة للثورة . ان السلطة السياسية حين دعمت وروجت لمثل هذا النقاش البيزنطي فانما لتعزيز صورتها عن نفسها كبيت للفضيلة والاخلاق والنظام ، وقد استمر اعلامها على رسم هذه الصورة المزوقة حتى ورئيس الوزراء يستسلم لارادة الثوار ويستقيل . لقد كان عبد المهدي آكبر من داس على الدستور باقدام حمار وحشي وفرط به : اذ لم يكن منتمياً للكتلة الاكبر أو للكتلة الاصغر ولا حتى لاي كتلة ، فقد جاء الى السلطة عن طريق التوافقات والصفقات السياسية بين الكتل البرلمانية وما اشترطته عليه .

لا يشبه دستور العراق ٢٠٠٥ دساتير البلدان العريقة ديمقراطياً ، التي نجحت الى حد بعيد في تأسيس ما تمت تسميته في التاريخ الحديث : بالدولة الامة . ففي مثل هذه الدول تم التأسيس لمفهوم سيادة الدولة منذ معاهدة وستفاليا ١٦٤٨ ، وهو المفهوم الذي لم يتعزز وطنياً الا بعد العمل بمفهوم المواطنة الذي لا يفرق بين مواطنيه على اساس النسب او الدم او الجنس او الديانة . وحتى الديمقراطية بصيغتها البرلمانية النيابية لم تنجح الا بعد ان اصبح عدم التفريق بين مواطني : الدولة ـ الامة حقيقة من حقائق النشاط السياسي والحقوقي والاجتماعي والثقافي .

لكي لا نتباكى لاحقاً على دولة فاضلة في عالم فاضل كنا قد اوجدناه ، ثم اطاح به ( التآمر العالمي الدائم علينا ) ، يجب بالضرورة الاعتراف بان ثقافة الذين حكمونا ، احزاباً وافراداً ، كانت وما زالت : ثقافة طائفية ، وعرقية شوفينية ، ومناطقية عائلية ، ولم تكن يوماً ثقافة دستورية : واهم معالم الثقافة الدستورية انها ثقافة ردع : تردع المسؤول من ارتكاب حماقة التعدي على القانون وانتهاك حرمته ، واللذين حكمونا ( من علاوي الى عادل عبد المهدي مروراً بالثلاثي الذي انتجه حزب الدعوة : ابراهيم الجعفري ونوري المالكي و حيدر العبادي ) لم يكونوا مؤهلين ثقافياً لاشاعة ثقافة سيادة قانون الدولة وسيادةالدستور . لقد كانوا محاربين طائفيين يقابلهم على المستوى الكردي : محاربين قوميين ٫ وعاشوا فترات حكمهم : محاربين لا بناة ، بهذا المعنى أقول بأن استحضار بعض فقرات الدستور في الهجوم المضاد على الثورة من قبل السلطة السياسية : لا معنى له ، لانه لم يكن ثمة شيء دستوري في ما قامت به السلطة من افعال على مدى عقد ونصف من السنوات . ولم يكن ثمة شيء دستوري في الدستور نفسه وهو يحصر حق ملكية الدولة بالمسلمين فقط ، وينفي هذا الحق عن سكنة الدولة من الديانات الاخرى . هذا تعامل غير دستوري وهو بالتالي تعامل غير وطني . تشعر به ماثلاً بقوة على سطح التعاملات اليومية في المجتمع العراقي ، وفي عمق هذه التعاملات نقرأ دستوراً آخر : تقول فقراته الاولى بان الشيعي المنتمي الى حزب الدعوة او سواه من الاحزاب والحركات الشيعية مسلحة وغير مسلحة ، أفضل حالاً من الشيعي المستقل في الحصول على الوظيفة او المراكز العليا في الدولة ، والشيء نفسه يوجد في الوسط السني والوسط الكردي : اذ الاولوية في كل شيء في هذين الوسطين من حصة الحزبيين . وليس من غير سبب رفع الثوار شعارهم الدقيق المطالب برفع يد الاحزاب والميليشيات والبرلمان عن ادارة الشأن العام ، انطلاقاً من حالة الانسداد السياسي والحضاري التي قادت اليها مفاهيم : المكونات والمحاصصة والاحزاب والكتل السياسية .

الخطوة الاولى نحو تطبيق الدستور تبدأ بتطبيق مفهوم المواطنة ، واعتراف كل مجموعة بشرية وكل فرد عراقي بوجود اختلاف ديني وقومي وطائفي وعشائري ، وان الوطن بمعناه العراقي يضم كل هذا الاختلاف الاجتماعي والثقافي ، الذي لا يمكن اختزاله بمنظور قومي ضيق لحزب البعث كما في الماضي ، أو بمنظور طائفي ضيق لحزب الدعوة او عصائب اهل الحق كما في الحاضر المعيوش . من غير الممارسة الفعلية لمفهوم المواطنة من قبل المجتمع وهو يتبادل الاعتراف ببعضه البعض لا يوجد دستور ولا ديمقراطية ولا سيادة .

في الاوان الذي نعيش : تتجسد فكرة السيادة على شكل وجود ثابت لمؤسسات تستمر في عملها القانوني : سواء اعيد انتخاب السلطة السياسية ام لا . وفي آليات اشتغال هذه المؤسسات يتم احتكار تطبيق القانون من قبل قضاء الدولة الذي لا شريك له في التطبيق مما هو موروث من عادات وتقاليد ، كما يتم احتكار امتلاك السلاح ومطاردة الجريمة ولا شريك لسيادة الدولة في احتكار ذلك : لا من عصائب اهل الحق ولا من اية ميليشيات . لكن هذا النوع من السيادة لم يوجد الا في المجتمعات التي بلغت سن النضج : وعلامة بلوغها سن النضج يتمثل بأن مؤسساتها تعمل وفق منطقها الخاص المستقل عن طريقة اشتغال منطق السلطة السياسية ، ووفق قوانين وآليات عمل مشتقة من تلك القوانين التي لا تتأثر بسقوط سلطة سياسية وصعود اخرى محلها : اذ تظل مؤسسات الدولة تمارس عملها الحيادي الخالي من التفرقة بين الايزدي والبهائي والمسيحي والمسلم واليهودي . ومثله بين العربي والكردي والبدون والتركماني أو بين قبيلة وعشيرة العاهل وبين افراد القبائل الاخرى . مؤسسات موجودة قبل السلطة السياسية وستظل بعدها حين تخسر السلطة وجودها بانتصار المعارضة في الانتخابات . لم يمتلك العراق ، في اي عهد من عهوده ، هذا النوع المستقل من المؤسسات التي تقص يد الرئيس حين يحاول سرقة المال العام .

تملك الثورة رؤية خاصة عن كيفية ادارة الشأن العام ، مناقضة على طول الخط لرؤية السلطة السياسية الحاكمة . والثورة تجسد رؤيتها هذه عبر اعادة شحن المفردات اللغوية والمفاهيم السياسية السائدة بهذه الرؤية الجديدة ، فتصبح للمفردات دلالات سياسية واجتماعية وثقافية أخرى . فما هو دستوري بالنسبة للنظام الحاكم لم يعد كذلك بالنسبة للثورة والثوار . وما هو جوهري واساسي في نظرة السلطة للدستور يصبح هامشياً وثانوياً بالنسبة للثورة . والثورة لا تهدف الى الاطاحة بالحكومة فقط ، اذ لو كان هدفها هو الاطاحة بالحكومة لاطلقت على نفسها اسم : انتفاضة ، اكتفت بان فرضت تشريع قانون لصالح المنتفضين . لقد اطلق المنتفضون منذ البدء على ما اقدموا على ممارسته من افعال ثورية : اسم ثورة ، والثورة شيء آخر لا تتوقف حركته عند اعتاب تغيير الحكومة بل تغيير النظام السياسي برمته .

اقترنت ثورة الاول من تشرين الاول في العراق بالصعود المتعاظم للوعي الوطني ، الذي يعني صعوده هبوطاً في الولاءات الاخرى التي شجعتها السلطة السياسية كالمناطقية والعشائرية والطائفية . وقد اثبتت الاحداث قوة الوعي الوطني الصاعد ، وتراجع ارادة الكتل السياسية ( وجميعها طائفية ) امام قوة تقدمه : فكل ما رشحت هذه الفصائل اسماً ليحل محل عبد المهدي المستقيل في رئاسة الوزراء جابهه الوعي الوطني للثوار بالرفض : اذ ان القبول بما تتوافق عليه الكتل القديمة يعني العودة الى النظام القديم : الطائفي والمحاصصاتي ، وتقديم واردات العراق هدية لنظام الملالي وتأبيد وجوده كحديقة خلفية لنظام ولاية الفقيه .

لويزيانا في ٢٥ ـ ١٢



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الملثمون او قتلة الثوار
- لا حوار ولا تفاوض مع العالم القديم
- هل استقال عبد المهدي ؟
- مذبحة الناصرية
- عن اليسار العربي
- ما اليسار ؟
- وجه المناورة القبيح
- تمردوا
- الدرس الخامس : سقوط منهج في الحكم
- الدرس الرابع من دروس الثورة العراقية : جمعة القتل والأرهاب
- الدرس الثالث من دروس الثورة العراقية : درس مظاهرات اليوم
- بضع رصاصات اردين العراق قتيلا
- خطبة الجمعة
- الدرس الثاني من دروس الثورة العراقية : درس التيار الصدري
- الدرس الأول من دروس ثورة العراق
- خطبتا رئيس الوزراء والمرجعية : مملتان
- اقف إجلالاً لثورة تحطيم المومياءات
- الى ثوار العراق
- المندسون
- بلاد العميان


المزيد.....




- مصر.. نجيب ساويرس يعلق على لقاء مستشار ألمانيا مع ترامب وضجة ...
- ماذا نعرف عن الميليشيات -الإجرامية- التي سلحتها إسرائيل في ق ...
- الجيش اللبناني يهدد بوقف التعاون مع لجنة مراقبة وقف إطلاق ال ...
- شركة استثمار خاصة في شيكاغو على خط المساعدات في غزة.. ما الذ ...
- احتفالات عيد الأضحى عبر شاشة الهاتف: أبٌ غزّي يطفئ شمعة طفله ...
- غزة: مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 2 بكمين في خان يونس
- تنديد أوروبي وأممي بعقوبات واشنطن على قاضيات بالجنائية الدول ...
- الوحدة الشعبية يزور ضريح الحكيم وأضرحة الشهداء صبيحة أول أيا ...
- الجيش اللبناني و-اليونيفيل- يردمان خندقا حفره الجيش الإسرائي ...
- تقرير عبري عن أمر ستفعله الولايات المتحدة بموافقة الشرع لم ي ...


المزيد.....

- ثورة تشرين الشبابية العراقية: جذورها والى أين؟ / رياض عبد
- تحديد طبيعة المرحلة بإستخدام المنهج الماركسى المادى الجدلى / سعيد صلاح الدين النشائى
- كَيْف نُقَوِّي اليَسَار؟ / عبد الرحمان النوضة
- انتفاضة تشرين الأول الشبابية السلمية والآفاق المستقبلية للعر ... / كاظم حبيب
- لبنان: لا نَدَعَنَّ المارد المندفع في لبنان يعود إلى القمقم / كميل داغر
- الجيش قوة منظمة بيد الرأسماليين لإخماد الحراك الشعبي، والإجه ... / طه محمد فاضل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - اسماعيل شاكر الرفاعي - الثبات المبدأي لثوار العراق