حازم السيد علي
الحوار المتمدن-العدد: 1566 - 2006 / 5 / 30 - 11:50
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
دائماً المنهجية تخلق النهج الذي يقبل التغير بتغير الظروف و هكذا نبع عن تحليل كارل ماركس بمنهجية الديالكتيك المادي لواقع مرحلته التاريخية إيجاد صيغ سياسية كان منها ديكتاتوريا البروليتاريا و قد أثبتت الحقبة التاريخية منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين موضوعية هذه الصيغة السياسية و لكنها تبقى صيغة سياسية تخضع للنقد و التعديل و حتّى التغيير.
الثورة المسلّـحة ...ميزة ماقبل الأربعينات :
رؤية تاريخيةلتأكيدانتشار(نبذ الثورة)كبناء فوقي:
راجت البلانكية في فرنسا في أيام الإنتفاضات العمالية قبل شيوع الماركسية و الحركات الشيوعية و قد كان التيار البلانكي ذو دور قيادي في كومونة باريس و أهم ما تمتاز به البلانكية هو تلك الروح الثورية و جاءت ثورة أوكتوبر البلشفية تعزيزاً لهذه الروح.
و قد شهدت هذه الروح الثورية انحساراَ كبيراً بعد قيام الإتحاد السوفيتي حيث تغيرت سياسة الدول الرأسمالية مع البروليتاريا و الطبقات الشعبية بشكل عام حيث ظهرت الكينيزية كخط اقتصادي في هذه الدول تنادي من خلاله بمجتمع الرفاه فقبلت الطبقة البرجوازية في تلك الدول بتخفيض فائض القيمة مدعية أنها تحقق العدالة الإجتماعية وهي لا تقوم إلا بتناصف فضل القيمة مع البروليتاريا التي تستحق القيمة بأكملها و ساعد في انحسارها أيضاً ظهور الأحزاب الإشتراكية الديموقراطية ذات الإتجاه الإنتهازي حيث ساعدت على تخفيف حدة الصراع الطبقي على عكس الأحزاب الشيوعية التي سعت إلى المضي بالصراع الطبقي إلى نهاتيه .
و مما ساعد على انحسار هذه الروح صعود الستالينية في الإتحاد السوفييتي التي رأت في ديكتاتورية الحزب الديكتاتوري صيغة مناسبة في القيادة و اعتماد ستالين على الفصل بين الكوادرو القاعدة مما أساء إلى الديموقراطية الشعبية لا و بل نسفها أيضاً
و السياسات الخاطئة التي اتبعها مع الثورات في ألمانيا و ايطاليا و اليونان مما أدى إلى فشلها .
كما أن الفترة الطويلة للنظام الرأسمالي قد لعبت دورها في ترسيخ (نبذ الراديكالية ) كغطاء ايديولوجي و كمفرز عن الديموقراطية و احترام الآخر و جاءت الثورة الإعلامية كوسية لعولمة هذه الأفكار .....
رؤية اقتصادية لتأكيد انتشار(نبذ الثورة) كبناء فوقي:
و يقول أنجلز:( منذ بداية هذا القرن (التاسع عشر), تأرجحت باستمرار الأوضاع الاقتصادية بين فترات الازدهار و فترات الأزمة, و بصفة شبه منتظمة, أي كل خمس أو سبع سنوات, تحت أزمة دورية تجلب للعمال البؤس و تنفث فيهم روح الهيحان الثوري العام و تشكل خطرا بالغا على النظام القائم كله)و لكن رأس المال العالمي استطاع التخلص من هذه الازمة ( فقد خلق الرأسمالية السوق العالميةو تقسيم العمل العالمي و قوى الإنتاج العالمي)(تروتسكي)و نضيف أن الرأسمالية تعمل على عولمة الليبرالية الجديدة المتوحشة وانتقلت بالوضع العالمي من تعدد الأقطاب إلى القطب الواحد فأصبحت الولايات المتحدة هي الناظم للإقتصاد في العالم حيث يملي صندوق النقد الدولي و منظمة التجارة العالمية على دول العالم الثالثي سياساته الإقتصادية و كذلك يجب الإنتباه أن أوروبا ليست قطب مواجه للولايات المتحدة الأميركية التي تحارب من أجل السيطرة على موارد الطاقة غير المتجددة و يبلغ الإستثمار الأمريكي في اوروبا ما يعادل 600 مليار دولار و صحيح أن اليابان تحقق تراكم رأسمالي هائل و لكن يجب الإنتباه إلى أن الرأسمال هو علاقة في الإنتاج و أن السوق العالمية انتقلت إلى مرحلة الإحتكار و أن اليابان تستورد مايزيد عن 96% من مواد الإنتاج الأولية و أنها لا تشترك في رسم الخريطة السياسية في العالم.
خريطة الطبقات في الدول الرأسمالية حالياً :
الطبقة البرجوازية : تتناقص نتيجة تحول السوق إلى قانون الإحتكارو تمركز رأس المال و اندماج الرأسمال الصناعي و الرأسمال الصناعي .
البروليتاريا : تتناقص نتيجة دخول الإنتاج في طور ما بعد الصناعة و الأتمتة و الثورة التكنولوجية و المعلوماتية ....
الطبقة الوسطى : تزداد قصدياً للتخفيف من حدة الصراع الطبقي ..
و قد بيّنا في بداية المقال وجود أسباب موضوعية لم تؤدي إلى تحقق النظرية الماركسية القائلة بالإفقار المطلق و النسبي للبروليتاريا . و لم تتحقق نظرية ازدياد البروليتاريا مع توسع الإنتاج فأكبر نسبة للبروليتاريا في عام 2006 بلغت 51% في السويد...و يعود ذلك إلى الثورة التكنولوجية و دخول الإنتاج مرحلة الأتمتة في دول المركز الرأسمالية رغم تنبؤ ماركس بتحول العلم إلى قوة إنتاجية و نضيف إلى هذه الأسباب التي خففت حدّة الصراع الطبقي ظهور المنظومة الإشتراكية و الأحزاب الإشتراكية الديموقراطية كل هذه الأسباب تدفعنا إلى الأعتراف بانخفاض فعالية الصراع الطبقي في هذا العصر و عدم قدرة البروليتاريا على فرض ديكتاتورتها و السعي إلى اكتشاف التناقضات الجديدة للنظام الرأسمالي العالمي ...
ألا تكفي هذه الأسباب من أجل الخروج من الجمود العقائدي و المذهبية الفكرية و السعي إلى إعادة إنتاج صيغ سياسية جديدة اعتماداً على منهجيّتنا الماركسية ...........؟
#حازم_السيد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟