|
ما رأي مارتن انديك؟
حسام عيتاني
الحوار المتمدن-العدد: 26 - 2002 / 1 / 4 - 12:33
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
يشرح المساعد السابق لوزير الخارجية الاميركي مارتن انديك كيف تغلبت وجهة النظر الداعية الى تركيز الجهود على احلال السلام في الشرق الاوسط على تلك المطالبة بنشر الديموقراطية في المنطقة. ويوضح في مقال تنشره مجلة ((فورين افيرز)) في عدد كانون الثاني شباط 2002 ان في مستهل ولاية الرئيس بيل كلينتون الاولى ظهرت ((نافذة فرص)) لتحقيق السلام الشامل في الشرق الاوسط وان الفريق المعني بشؤون المنطقة في وزارة الخارجية حاجج بأن نجاح تأثير مفاوضات السلام سيكون من العمق بحيث يسحب من الحكام العرب ذريعة الصراع مع اسرائيل التي طالما استخدموها للامتناع عن القيام باصلاحات سياسية واقتصادية. ورأى هذا الفريق ان الضغط الاميركي من اجل الاصلاحات قد يؤدي الى الحاق الضرر بجهود السلام وبالمصالح الاميركية في الخليج وفي مصر. وانتصرت بذلك وجهة النظر القائلة بضرورة حشد الطاقات لانجاح عملية السلام واحتواء الدول المتشددة وترك اصدقاء اميركا يحلون مشكلاتهم الداخلية بما يرونه مناسبا، خصوصا في مصر والسعودية. وبعد 11 ايلول ظهرت في اميركا اسئلة محيرة: لماذا ينتمي قادة تنظيم القاعدة الى مصر والسعودية؟ ولماذا جاء اكثر خاطفي الطائرات الاربع في ذلك اليوم من السعودية ومصر، الحليفان الاوثق للولايات المتحدة؟ واذا كان على الولايات المتحدة استئصال الارهاب الا يجب ان تجفف منابعه في مصر والسعودية؟ ويقول انديك ان الاميركيين بدأوا يتساءلون عما كان يجري في الوقت الذي كانت ادارتهم مشغولة بتنفيذ نصيحة اصدقائها العرب بالتركيز على جهود السلام. فالقمع الذي استهدف الاسلاميين في تلك الاعوام، دفعهم الى نقل نشاطهم الى خارج بلادهم وقرر تنظيم ((القاعدة)) الذي ((صودف)) ان قائديه جاءا من السعودية (اسامة بن لادن) ومن مصر (ايمن الظواهري) ان يطيحا بالانظمة العربية الحليفة لاميركا لكن الدعم الذي كانت تقدمه الولايات المتحدة جعل تحقيق هذا الهدف من الصعوبة بمكان. فأجرى التنظيم تعديلا استراتيجيا على خططه وتوجه لضرب الولايات المتحدة مباشرة. وبعد استعراض صنوف القمع الذي يصيب قوى المعارضة العربية على ايدي الانظمة، يشير الى ان هذه الممارسات خلقت اجماعا بين هذه القوى، من اليمين الاسلامي الى اليسار القومي في اتجاه معاداة اميركا وان الانظمة ايضا انضمت الى هذه النزعة معتبرة ان التنديد باميركا واسرائيل مفيد اكثر من توجيه الانتقادات الى الحكومات. وفي استعادة لاحداث 11 ايلول، يرى انديك انها كانت نتيجة منطقية لهذه التوجهات. لكن موت عدد كبير من الاميركيين في الهجمات يتطلب اعادة النظر في هذه السياسة والبحث عن صفقة جديدة مع الحلفاء العرب الذين يتقاسمون مع الولايات المتحدة مصالح استراتيجية لكن سياساتهم تهدد الامن القومي الاميركي. وبعدما يحدد المطالب الاميركية من مصر والسعودية، كالمساهمة في اقناع العرب والمسلمين بشرعية الحملة الاميركية على الارهاب والمساهمة في الضغط على الفلسطينيين لمنع العمليات ضد المدنيين الاسرائيليين ووقف التحريض المعادي للسامية في صحف البلدين الخ.. يقول ان دعم الولايات المتحدة للحكومتين السعودية والمصرية ادى الى تعزيز تنظيم ((القاعدة))، وفي المقابل فإن الاصرار على اجراء اصلاحات في هاتين الدولتين سيكون بمثابة تحقيق هدف ((القاعدة)) بالاطاحة بالحكومتين هناك، ما قد يلحق ضررا هائلا بالمصالح الاميركية في المنطقة. ويحذر من ان عدم تغيير الحكومتين المصرية والسعودية لاساليبهما قد ينتهي بسقوطهما فيما يعني فشلهما توليد تهديدات غير مقبولة للامن القومي الاميركي. وفي تشخيصه لاسباب امتناع الولايات المتحدة عن دعم الاصلاحات الديموقراطية في السابق يقول ان واشنطن عادة ما كانت تدعم ((الفساد)) اذا وجدت نفسها امام خيار من نوع ((الفساد او الفوضى))، ومع ان ذلك كان يسفر عن نتائج كارثية على غرار ما جرى مع شاه ايران. وللخروج من هذا المأزق يقترح حلا وسطا: العمل مع السعوديين والمصريين على اجراء اصلاحات اقتصادية وسياسية والسماح للمجتمع المدني بالنشاط ما يساهم في تعزيز شرعية النظامين وليس زعزعتهما. ويؤكد ان على اصدقاء اميركا العرب من الان فصاعدا توقع حضور الاصلاح السياسي والاقتصادي كعنصر دائم في جدول الاعمال الاميركي في العلاقات المشتركة كما ستتم اثارة هذين الموضوعين من خلال التبدلات الدبلوماسية وعمليات الاقتراع في الكونغرس وسيكونان من العناصر المحددة لبرامج المساعدات. ويرى ان الانظمة العربية لو تقدمت على هذا الطريق لمجرد تخفيف الضغط الاميركي عن كاهلها، سيكون ذلك مؤشرا على احياء المجتمع المدني. ويختم بالقول ان احد الدوافع المباشرة لاتباع هذه السياسية هو ان الولايات المتحدة ستزرع بذور دمارها بنفسها لو انها عادت الى نهجها السابق على غرار ما فعلت بعد حرب الخليج. هذا بعض مما ورد في مقالة السيد انديك. لكن يغيب عن بال السفير السابق ان الخيار الديموقراطي لم يكن غائبا عن اذهان كثير من قوى المعارضة في هذه المنطقة لكنه تعرض للقمع والمطاردة الدموية الى ان اجهض وانقرض اصحابه. كما لم تكن الولايات المتحدة من حملة لواء هذا المشروع. وربما يجوز تصحيح بعض ما اشار اليه السيد انديك من ان واشنطن كانت تفضل ((الفساد)) ليس على ((الفوضى)) فحسب، بل ايضا على الديموقراطية. ونموذج محمد مصدق في ايران اول ما يتبادر الى الذهن في هذا المجال. ترى ما رأي السيد انديك لو وصل الى الحكم في الدول النفطية (وغير النفطية) العربية حكومات منتخبة ديموقراطيا؟ كيف ستكون الاجواء في واشنطن لو ان ((برلمان)) دولة نفطية كبرى قرر الا يسمح لحكومته بابرام صفقة تسلح بعدة مليارات من الدولارات بعدما اعتبر ان ما من داع لاهدار هذه الاموال في ما لا يعود بالنفع على الشعب الذي انتخبه؟ وماذا لو ان حكومة منتخبة ديموقراطيا في هذا العالم العربي قررت تقديم دعم دبلوماسي وسياسي، على الاقل، للانتفاضة الفلسطينية بعدما حسبت ان الوضع في الاراضي المحتلة يشكل تهديدا على امنها ومصالحها؟ هل فعلا تتصور اي ادارة اميركية ان مشروعا للتغيير الديموقراطي العربي، يحمل حدا ادنى من سمات الجدية، يمكن ان ينسجم مع مصالحها في مجالات النفط والامن والعلاقات مع اسرائيل؟ ماذا سيكون رأي السيد انديك وغيره من الخبراء الاميركيين في شؤون الشرق الاوسط لو ان حكومات عربية منتخبة ديموقراطيا قررت حماية المصالح الاستراتيجية لشعوبها وحقوقها في ثرواتها واستغلالها في مشاريع تنموية، مهما كلف الامر؟ الن يخرج علينا من يكرر كلمات هنري كيسنجر بعدما انتخب التشيليون ديموقراطيا سلفادور الليندي رئيسا لهم عن ان ((الولايات المتحدة لا تستطيع تحمل انعدام المسؤولية لدى الشعب التشيلي))؟ كيسنجر فرض اوغستو بينوشيه. المفارقة هنا ان لدينا الان ما يكفي ويزيد من ((البينوشيهات)) يسيرون جميعا في الطريق الاميركي المسدود.
#حسام_عيتاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العولمة والإرهاب: رأسمالية الجزر الآمنة
المزيد.....
-
-أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
-
لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو
...
-
كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع
...
-
-دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية
...
-
قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون
...
-
حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
-
بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
-
ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا
...
-
مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
-
أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|