أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - هل الوعي موجود؟















المزيد.....

هل الوعي موجود؟


علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا

(Ali M.alyousif)


الحوار المتمدن-العدد: 6444 - 2019 / 12 / 22 - 23:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أصدروليم جبمس هذه المقالة بعنوان هل الوعي موجود؟ عام 1904 وكانت تمهيدا مباشرا لأنبثاق الواقعية الجديدة وريثة الفلسفة الذرائعية الامريكية التي قامت على مرتكزين:
الفكرة الاولى: لا وجود لمادة أو لكيفية أولى خاصة بالكائن تتميز عما به تكوّن الموضوعات المادية, بل ثمة وظيفة بالتجربة تؤديها الافكار, والوظيفة تكمن بالمعرفة (1)...... ما نفهمه من العبارة أن الوعي بالمدركات الحسية تجربة معرفية محايدة, ووظيفة بمعنى الوسيلة أو الوسيط وليس كيانا جوهريا أستدلاليا معرفيا قائما بذاته يمكننا الاحتكام له كحقيقة منطقية متعالقة بالعقل من جهة وفي التعبير اللغوي والفكري عن مدركات الموجودات الحسية من جهة أخرى...
فالوعي هو تصورات الافكار العقلية لمعرفة العالم والاشياء وليست موضوعا قائما بذاته مدركا من غير صاحبه وقد ناقشنا هذا الطرح في عدة مقالات سابقة لنا نوضّح جانبا منها لاحقا بضوء الفهم الذرائعي للوعي عند وليم جيمس.
الفكرة الثانية: التجربة الخالصة لا لزوم قسمتها الى وعي والى مضمون وعي, فتجاربنا ليست موجودة وحسب بل هي معروفة, والكيفية الواعية يمكننا تفسيرها من خلال علاقاتها المتبادلة.(2),.
من الحقائق الفلسفية التي بدأها كانط وأعتمدها هوسرل بمنهجه الفينامينالوجي أن الوعي يحمل ويدّخر موضوعه أي (مضمونه) في المسكوت عنه الخفي في عجز اللغة الاحاطة به.. وليس هناك وعي سليم طبيعي لا يكون قصديا يحمل هدفه.. والوعي بلا مضمون ثرثرة وهراء لا معنى له, وقد أعتمد هذه المّسلمة الفلسفية كلا من هوسرل ومن بعده كلا من هيدجر وسارتر, والأهم أعتمدها جون سيرل وهو من فلاسفة الذرائعية الامريكان المعاصرين ألمتأخرين....
نحن مع أستحالة أن يكون هناك معنى حقيقي لقول فلاسفة الواقعية الجديدة (لا لزوم الى قسمة التجربة الى وعي والى مضمون وعي) فليس من الممكن حدوث مثل هذه القسمة التي تحذر الذرائعية منها؟؟ الوعي هو ادراك عقلي فكري واحد من التجربة المعرفية ذي وجهين,أي هو وعي بمضمون وألا وقعنا في أستحالة أدراكية من حيث أن الوعي بلا مضمون هو وعي غير ممكن عبثي عشوائي لا يحمل معنى الوعي الحقيقي ولا يمكننا التأكد من أمكانية حدوثه عند الشخص السوي في وعيه لذاته ولموجودات العالم...الوعي مضمون عقلي فكري مادي وليس تجريدا لفظيا لغويا فقط في التعبير عن المدركات...
لا يوجد وعي خالص كما أدانه سارتر بمعنى التجربة القائمة بذاتها التي ليس لها مضمون واقعي في عالم الموجودات بسبب أستحالة الفكر واللغة التعبير عن وعي خال من المعنى والمضمون....الوعي وظيفة العقل في نقل الفكر وهو جزء لا ينفصل متعالق مع العقل كجوهر... ومن غير المجدي أن نضع محددات الوعي على أنه تجربة محايدة فقط وليس جوهرا فاعلا مستمدا من تخارجه مع جوهر العقل..والوعي الخالص ربما يكون نوعا من التجربة الصوفية أبعد منه أن يكون وعيا وجوديا لا يمكن بلوغه ولا يمكن تحققه لدى الشخص العادي غير المتصوف..
وعندما حاول ديكارت في كوجيتو أنا أفكر..أن يجعل الوعي تجربة ذاتية خالصة في أدراك الوجود أنهالت عليه الانتقادات الشديدة من كل حدب وصوب التي بدأها كانط ومن بعده هوسرل وهيدجر وسارتر ولم تقف عند حدود فلاسفة البنيوية أبرزهم شتراوس وفوكو ولاكان والتوسير وصولا الى كونديرا على وجه التحديد في أدانة مقولة ديكارت, معتبرين الوعي الفردي أو الخالص ذاتيا ليس كافيا لأثبات الوجود...فالوعي لا يتمكن التعبير عن نفسه الا بمغايرة وعيه لغيره من الذوات أو الموجودات من جهة وأرتباطه الجوهري بالعقل من جهة أخرى..وبغير هاتين الصفتين الملازمتين للوعي يتحدد أن يكون حقيقيا له معنى أو لا يكون. ولم يخلص ديكارت حتى من أولئك الذين دافعوا عنه على أعتبار ديكارت قرن وربط الوعي الذاتي الانطولوجي بالفكر وهو ما لم يسبقه به أحد من الفلاسفة..
ما هو الوعي.... ؟
الوعي الذاتي يكون فرديا شخصانيا ولا يمكن تعميمه, ولا يمكن تحققه الا بتوفره على جملة أشتراطات ندرج بعضها بأقل الكلمات:
- أن الوعي هو الوعي الذاتي بالآخر المفارق المختلف عنه,ويبقى الوعي منقوصا أذا ما كان وعيا ذاتيا مثاليا خارج الوجود- في – عالم.(مستفيد من تعبير هيدجر).
- والثاني لا وجود لوعي ذاتي بلا مضمون قصدي يحركه كهدف يسعى له يريد بلوغه والوصول له..(مستفيد من تعبيرات هوسرل وهيدجر وسارتر)
- والوعي لا يكون موضوعا لذاته, أي أن الوعي لا يعي ذاته كجوهر قائم منفصل عن مدركاته من جهة وتجريده من أرتباطه بالعقل من جهة أخرى..فمثلما لا يكون العقل موضوعا للعقل ذاته كذلك لا يمكن أن يكون الوعي موضوعا لوعيه.. ان العقل والوعي كلاهما وجهان لعملة واحدة يتبادلان الادراك ليس لمعرفة الموجودات والاشياء وحسب وأنما لمعرفة ذاتيتهما المتداخلة معا.... لذا يكون من الصعب الاستدلال على الوعي من دون تداخله بالعقل ومن خلال تعبير الفكر واللغة عنهما..
- الوعي هو تفكير العقل بوسيلة اللغة.
- الوعي يعي ذاته في مدركاته المغايرة له...الوعي يتحقق حين يكون الوعي بشيء يدركه مغايرا له... كما لايمكننا تصور وعيا بلا مضمون ..مضمون الوعي هو الوعي الحقيقي في مرجعية الاحتكام فيه للعقل.. والوعي بلا مضمون لا يمكن حصوله وحدوثه كونه مجردا عن مداخلة العقل في مدركاتهما الاشياء وفي التعبير عنها.
- والوعي تجربة شخصانية منفردة تسعى لأشباع هدفها فرديا ولا يمكن تعميمها, فلكل وعي أنفرادي هدفه المسبق المراد تحقيقه ولا وجود لوعي من دون قصدية...(مستفيد من تعبير هوسرل وجون سيرل)
- والوعي تتعّطل وظيفته الادراكية حينما لا يكون تعبيرا عن معنى...أي بلا مضمون.
الوعي والفكر
الافكار هي معارف أدراكية يطلقها الوعي الذي هو وظيفة أنطولوجية - أبستمولوجية, ولا يمتلك الوعي قدرة الحكم على الاشياء منفردا كتجربة محايدة في أكتساب المعرفة التي هي من أختصاص العقل تحديدا قبل الوعي الذي غالبا ما يتجسّد بتعبيرالفكر واللغة عنه...
والوعي القصدي الهادف هو الذي نراه متشّكلا كموضوع في تعبير اللغة ويحمل أفكارا مصدرها تخليق العقل للاشياء ومدركاته وليس خلقها بالفكر بما يضفيه عليها من مقولاته التفسيرية البنائية...من الخطأ أن نعامل الوعي على أنه تجربة محايدة في نقل أحساسات مدركاته عن الحواس بمعزل عن تداخله الصميم بمقولات العقل المعبّر عنها باللغة فالوعي هو العقل في تعبير اللغة.
الوعي الذاتي هو وعي الأنا الذي يسترشد بالعقل على الدوام في بيان حقيقة الاشياء والحكم عليها بمقولاته النقدية والتكوينية للمدركات... والوعي وظيفة عقلية أبستمولوجية لا يكون موضوعا لذاته ولا موضوعا لمدركاته من غيره..فهو وظيفة أدراك الاشياء والموضوعات المغايرة له..والوعي يعي ذاته كماهية جوهرية تخصّ الانسان الفرد ولا يكون الوعي الفردي موضوعا لغيره بمعنى لا يمكن تعميم ما يدركه الوعي منفردا على المجموع..فالوعي الذاتي هو ماهية الانسان التي لا يدركها غيره, والوعي خاصية أنسانية لا يمتلكها الحيوان ولا كائنات الطبيعة..والعقل يعي ذاتيته وماهيته كموضوع تأملي صامت, ويدرك ذاتيته في وعيه وأدراكه لغيره من الاشياء والموجودات المغايرة له.
لا يمكننا تقسيم الوعي الى تجربة وعي محايدة والى وعي بمضمون حسب تحذيرالفلسفة الذرائعية, فالوعي جوهر لا ينقسم على نفسه حاله كمثل حال جوهر العقل فنحن لا يمكننا تقسيمه الى عقل مجرد والى مضمون عقلي فالعقل هو جوهر بمضمون هو قدرة التفكير, وعي الذات هو مضمون الوعي الذي يدرك ذاته ويدرك موضوعاته على السواء ولا يكون الوعي موضوعا مدركا من غيره مالم يصدره العقل على شكل تعبير لغوي حسي عن الاشياء.. ومضمون الوعي هو الوعي الحقيقي ولا يمكننا تصور وعي لا يتعالق بموضوعه والا كان وعيا زائفا بلا معنى...بعبارة ثانية ليس هناك وعي لوحده كتجربة محايدة ولا هناك وعي بمضمون يختلف عنه بعد التجربة...
أن الوعي هو تصورات الذهن وتمثلاته لمدركاته داخليا, والوعي فكر ولغة تعبيرواحد يصدره العقل خارجيا في معالجة مدركاته.. الوعي الذاتي بين أنسان وآخر- أي داخل النوع الواحد – هو وعي نوعي مفارق ومغاير لكل منهما تجاه الاخر المدرك كموضوع..وحين يجد كل منهما في الانسان الآخر موضوعا لوعيه وأدراكه, يكونان بهذه المغايرة التعالقية من الوعي المتبادل بينهما يعرف كلا منهما حقيقة وعيه الذاتي...وعي الذات لا يتم الا بوعي المغايرة عن موضوعه.
علي محمد اليوسف /الموصل
الهوامش** الاقتباسات المحصورة بين قوسين غير المشار لها بالهوامش مأخوذة من مصدر هذه المقالة كتاب /الفلسفة الاميريكية/جيرار ديلودال/ترجمة د. جورج كتورة ود.الهام الشعراني.
1. المصدر اعلاه ص 123
2. . المصدر نفسه ص 121



#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)       Ali_M.alyousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وليم جيمس, هل الوعي موجود؟
- هيدجر وميتافيزيقا الوجودية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - هل الوعي موجود؟