سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1564 - 2006 / 5 / 28 - 10:44
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الموضوع الرئيسي في تقرير التنمية الشاملة في مصر »2001 ـ 2003« الصادر عن مركز دراسات بحوث الدول النامية، موضوع ممتاز في تقرير بالغ الاهمية، رغم الملحوظة الشكلية التي اخذناها عليه في مقال سابق عن انه يتحدث عن فترة بعيدة نسبيا مع انه صادر حديثاً.
ينطلق الموضوع من حقيقة انه بعد مرور سنوات علي بداية تطبيق برنامج الخصخصة في الاقتصاد المصري اصبح من الاهمية بمكان ضرورة اجراء عملية تقييم شامل لهذا البرنامج من حيث اهدافه وتصميمه والنتائج التي ترتبت عليه سواء علي مستوي الاقتصاد الكلي او علي مستوي الوحدات الاقتصادية التي تمت خصخصتها بالفعل.
وبالنسبة للمستوي الاول، اي مستوي الاقتصاد الكلي يناقش التقرير اربع قضايا اساسية تتعلق ببرنامج الخصخصة منذ بداية تطبيقه وحتي الان علي النحو التالي:
1 ـ تصميم برنامج الخصخصة في الاقتصاد المصري: والملاحظة الرئيسية هنا هي ان البرنامج قد اعتمد منذ بداية تطبيقه علي منهج بيع وحدات القطاع العام الرابحة اولا مع الاحتفاظ بالمشروعات الخاسرة بدعوي ان هذه الوحدات هي القادرة علي جذب مستثمري القطاع الخاص وكذلك تعبئة اكبر قدر من مدخرات الافراد من خلال قيامهم بشراء اسهم هذه الوحدات في البورصة.
ويثير هذا المنهج بالضرورة اهمية التساؤل علي منطق الحكومة في التخلص من الشركات الرابحة والتي تؤول ارباحها الي الموازنة العامة للدولة في مقابل الاحتفاظ بالوحدات الخاسرة التي يقع عبء تمويل خسائرها علي الدولة، خاصة ان البرنامج اقترن بتوقف ضخ أية استثمارات جديدة لشركات القطاع العام والامتناع عن القيام بأي عمليات للتجديد او للاحلال بها.
وهو ما ترتب عليه تخفيض الطاقات الانتاجية لهذه الوحدات وتراجع ادائها الاقتصادي ومن ثم تدني قدراتها علي المنافسة وتزايد الخسارة المحققة منها.
ويرتبط بهذا الامر ملاحظة مهمة تتعلق بعدم اشتراك السلطة التشريعية في مناقشة الخطوات التنفيذية لبرنامج الخصخصة علي غرار ما حدث في التجربة الفرنسية الناجحة عام 1986 التي الزمت مجلس الوزراء كاملا بالمسئولية السياسية عن تنفيذ البرنامج بعد اقراره من المجلس التشريعي.
اما في مصر فقد اخذ قانون قطاع الاعمال العام بفكرة الزام وزير واحد ـ هو وزير قطاع الاعمال العام ـ بالاختصاص بتنفيذ احكامه. ويبدو الفارق واضحا بين التجربتين، فشتان ما بين تجربتنا المصرية وبين التجربة الفرنسية التي تضع حدودا صارمة لاتستطيع الحكومة انتهاكها، اعمالا لقانون صادر من السلطة التشريعية يحدد مجال الخصخصة تحديدا لا يقبل التبديل او التحوير، وبعد ان تكون اجراءات نقل كل مشروع من سلطة القطاع العام الي القطاع الخاص قد خضعت لنقد عميق من المجتمع بأحزابه وجمعياته ونقاباته وصحافته واعلامه.
وللحديث بقية.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟