|
تفاريتي // Tifariti
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6440 - 2019 / 12 / 17 - 13:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل منطقة تيفاريتي / Tifariti المتنازع عليها بين النظام المغربي ، وبين جبهة البوليساريو ، هي منطقة مغربية ، ام انها منطقة صحراوية تابعة للجبهة ، ام انها تقع تحت سيطرة الأمم المتحدة ؟ . ان مناسبة طرح هذا السؤال ، هو قيام جبهة البوليساريو بعقد مؤتمرها الخامس عشر بالمنطقة ، معتبرة انها من المناطق المحررة التي اقامت عليها بنايات ، ومنشئات مدنية ، وعسكرية ، وتعتبرها عاصمة الجمهورية الصحراوية المؤقتة ، في انتظار تحرير العاصمة الأبدية للدولة الصحراوية التي هي العيون . هناك شيء يتعين طرحه . هل هذه هي المرة الأولى التي تعقد فيها جبهة البوليساريو مؤتمرها ، وتقوم بالعديد من الأنشطة بتفاريتي / Tifariti ، ام ان هناك سوابق فائتة عقدت فيها الجبهة مؤتمراتها ، ونظمت أنشطتها بالمنطقة ( المتنازع ) عليها ؟ . وهنا كيف نفسر قيام الأمين العام للأمم المتحدة السابق السيد بانكيمون بزيارة تيفاريتي ، والمرور راجلا امام جوقة عسكرية للجبهة ، وانحنائه لرأسه امام علم الجمهورية الصحراوية ، وتقديم التحية للراية المنصوبة امامه ، أي ان الزيارة كانت زيارة دولة ؟ . في جميع المرات السابقة ، وفي هذه المرة التي تعرف فيها " تيفارتي " انعقاد المؤتمر الخامس عشر للجبهة ، يكتفي النظام المغربي باختصار احتجاجه ، بإرسال مذكرة احتجاج الى الأمانة العامة للأمم المتحدة ، والى مجلس الامن ، مطبقا المثل القائل " وكفى الله المؤمنين شر القتال " . لكن رغم توجيه النظام المغربي مذكرات احتجاج الى الأمم المتحدة ، فهذه وباستثناء قضية " الگرگرات " ، فهي كانت ، ولا زالت لا ترد على برقيات النظام ، كما كانت لا تحرك ساكنا ، على ما يعتبره النظام المغربي تجاوزات من قبل الجبهة ، لاتفاق وقف اطلاق النار الموقع في سنة 1991 ، تحت اشراف الأمم المتحدة . فماذا يعني هذا السكوت ، او الإهمال للتشكي ، والبكاء المغربي من بعيد ، من قبل ضامني اتفاق وفق إطلاق النار الموقع سنة 1991 ؟ فهل الأمانة العامة للأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، بتجاهلهم لبكاء النظام المغربي ، يعتبرون أنشطة الجبهة مشروعة ، ومن ثم يعترفون بسيادة الجبهة على المنطقة ، ام ان تجاهل الأمم المتحدة لتشكي النظام ، ناتج ، وسببه قناعتهم بان الرد ( المغربي ) دائما كسحابة صيف ، ليس بمقدوره خلق الفرجة ، او الاستثناء بالمنطقة ؟ ورغم صمت الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، فالنظام المغربي لم يكن يحتج عليهما ، وكان يكابد ، وبمرارة ، لمرور العاصفة التي عرت مواقفه الخجولة ، والارتدادية ، والحربائية ، وعرت خوفه ، عملا بالمقولة " كم من حاجة قضيناها بتركها " ، " دفن الرأس في الرمل مثل النعامة حتى تمر العاصفة " ، وهذا ما يحصل حاليا ، حيث طوابير من السيارات العسكرية تُعدّ بالعشرات ، والعشرات ، محملة بالمئات من الصحراويين القادمين من تندوف ، لتنظيم وحضور المؤتمر الذي سينعقد من 19 الى 23 من الشهر الجاري بتفاريتي Tifariti . امام هذه الحقيقية الناطقة بما فيها ، يحق لنا التساؤل من جديد : هل منطقة تفاريتي / Tifariti ، هي منطقة تابعة لجبهة البوليساريو التي اقامت بها منشئات مدنية ، وعسكرية ، وامام انظار النظام المغربي الذي يتفرج ، وكأن موقفه هذا ، هو اعتراف بسيادة الجبهة عليها هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، فان الاكتفاء بتوجيه المذكرات الاحتجاجية الى الأمم المتحدة ، هو مناورة من قبل النظام من جهة لإخفاء العجز ، والفشل ، والخوف ، ومن جهة لتوليد فكرة لذا الشعب المغربي ، بان النظام يتابع الوضع عن كثب ، وانه لن يفرط في شبر واحد من رمال الصحراء .... ام ان المنطقة كما يسميها النظام بالمنطقة العازلة ، هي تحت اشراف الأمم المتحدة ، التي من المفروض ان تتحمل لوحدها المسؤولية الكاملة عن كل ما يجري ويحصل ، في حين انها تتعامل ، وكأن ما يجري ويحصل ، هو امر عادي ومن حق الجبهة القيام به . وإذا كانت المنطقة تخضع للإشراف الدولي ، فالسؤال : لماذا لا تتحرك الأمم المتحدة من خلال هيئاتها المعتمدة في الصحراء ، بوقف تجاوزات الجبهة ، انْ كانت هناك فعلا تجاوزات ، وخروقات لاتفاق وقف اطلاق النار ؟ ان صمت الأمم المتحدة ، رغم مذكرات الاحتجاج التي يرفعها النظام المغربي ، ويغرق بعدها في سبات شتوي حتى المؤتمر السادس عشر ، او حتى قيام الجبهة بتنظيم مناورات ، او إجراءات عسكرية ، او احياء احتفالات مدنية صحراوية ، قد يكون رسالة لم تعد مشفرة ، لكنها رسالة واضحة ، قد تعني اعتراف الأمم المتحدة الضمني بسيادة الجبهة على المنطقة ، رغم ان الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، لا يعترفان بالوجود العسكري المغربي في الصحراء ، والأمم المتحدة في سياستها هذه ، فهي تنطلق من كون النظام المغربي عندما بنى ، او شيد الحائط الرملي ، فهو ترك المنطقة الخارجة عن الحائط ، وكأنها لا تستهويه ، ولا يرغب فيها ، بل قد نفهم ، وكما فهمت الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، انّ النظام المغربي قد سمح في تلك الأراضي التي لا تعني له شيئا . فإذا كان النظام المغربي قد سيطر على ثلثي الأراضي التي هي من وراء الحائط الرملي ، وهي أراضي الفوسفاط الذي يُسوّق خارج المغرب ، وتوضع عائداته بشركات مجهولة الاسم ، بسويسرة ، وااليكسمبورگ ، وباناما ، وفرنسا ... ، وترك الثلث الباقي من الأراضي غير النافعة خارج الحائط ، فالسؤال هنا : لمن ترك النظام تلك الأراضي ، إنْ لم يكن قد تركها لجبهة البوليساريو ، وما دام لا مجلس الامن ، ولا الأمم المتحدة ، قد انتقد وجود الجبهة بالمناطق التي تعتبرها محررة ، وما دام النظام المغربي راضٍ عن الوضع ، ويكتفي بممارسة الحربائية للتعتيم على الشعب المغربي ، حتى لا يعلم حقيقة الوضع المنطقة ؟ ان النظام المغربي الذي اعترف بالجمهورية الصحراوية ، عندما اعترف بالقانون الأساسي للاتحاد الافريقي في سنة 2016 ، قد يكون قد اعترف بالجمهورية التي ستقام خارج الحائط ، والجدار الرملي ، وهو ما يعني ان النظام المغربي ، قد يكون تنازل نهائيا عن الأراضي التي يعتبرها بأيدي الأمم المتحدة لفائدة الجبهة ، واحتفاظه هو بالمناطق النافعة الواقعة وراء الجدار ، وقد يكون هذا الموقف بمثابة تقسيم للصحراء كغنيمة ، ما دام قد قسمها باتفاقية مدريد في سنة 1975 مع موريتانية . وبخلاف النظام المغربي الذي غرق في رمال الصحراء ، من خلال العديد من الحلول التي طرحها وتراجع عنها ، فجبهة البولساريو تمسكت ، ولا تزال تتمسك بحل واحد ، هو الاستفتاء وتقرير المصير . وفي انتظار ما سيسفر عنه المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو من قرارات ، وهي قرارات ستكون صلبة من حيث طريقة معالجة الصراع ، ومن خلال تحليل المعطيات السياسية ، والدولية ، والإقليمية ( تونس / الجزائر ) ، فأكيد ان المؤتمر الخامس عشر سيكون مؤتمر الفرصة الأخيرة ، للإنتظاريةا لقاتلة التي دامت ثمانية وعشرين سنة خلت منذ التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار / لا سلام ، لا حرب / . وما يزيد من هذا الاحتمال ، ان القيادة أصبحت محرجة من قبل القواعد ، من طول المدة التي مر بها الصراع ، واصبح رأسها مطلوبا من قبل الأجيال التي ملت ضنك العيش بمخيمات تندوف ، ومن ثم فهي من دعاة الرجوع الى البندقية كجواب عن فشل مخطط السلام ... ومن جهة استغلال تواطئ الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، مِمّا يجري امام اعينهم بالمناطق التي تعتبرها الجبهة مناطق محررة ، ويعتبرها النظام المغربي مناطق عازلة تخضع للأمم المتحدة ... ومن جهة تعيين الجيش الجزائري لاحد أعمدة النظام ، والمعروف بكرهه للمغرب ، ومناصرته للجبهة ، وللجمهورية الصحراوية ، رئيسا للجزائر ، السيد عبد المجيد تبون . كل شيء يبقى متوقعا غير السلم .. وبما فيه العودة الى البندقية التي ظروف اليوم تشجع عليها .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرئيس الجزائري تبون
-
تحليل الانتخابات الرئاسية الجزائرية // Analyse des élections
...
-
تحليل // Analyse --- الاغتيال السياسي في المغرب // Lassassin
...
-
اليسار الملكي // La gauche royale
-
فشل زيارة مايك بومبيو الى المغرب // L’échec de la visite de
...
-
أية جمهورية // Quelle république
-
ثلاثة وستين مرت ، الى متى ؟ Soixante - trois années , jusqua
...
-
المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو // Le quinzième congres
...
-
تحليل / Analyse // الملك يسود ولا يحكم / Le Roi règne mais n
...
-
رايات الاستعمار ترفرف فوق العواصم العربية / Les drapeaux col
...
-
الولايات المتحدة الامريكية / اسرائيل // Les Etats nis d’Amér
...
-
البرلمان المغربي
-
هل لا تزالون تحلمون بفلسطين حرة مستقلة
-
اليسار مات في يناير 1975 / المؤتمر الاستثنائي / مؤتمر الارتد
...
-
ملف - الحراك الجماهيري الثوري في العلم العربي .. -
-
خطير : دعوة الى القتل
-
بومدين والبربرية
-
الى الرأي العام الدولي أوقفوا التعذيب في المغرب
-
بناء الخلافة في تونس -- Linstauration du Chilafa ( le chalif
...
-
اتفاقية مدريد الثلاثية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|