أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - فاز المحافظون ولكن الاشتراكية منتصرة!















المزيد.....

فاز المحافظون ولكن الاشتراكية منتصرة!


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 6440 - 2019 / 12 / 17 - 00:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


فاز المحافظون في انتخابات 12 ديسمبر 2019، واحتفلت القوى اليمينية بالنصر على نطاق واسع في بريطانيا والغرب الرأسمالي ، وبشكل خاص في الولايات المتحدة الأمريكية. وعزت القوى اليمينية فوز حزب المحافظين إلى التوجهات السياسية الصحيحة لبوريس جونسون،Boris Johnson ، وشخصيته الكاريزمية ، مقابل التوجهات السياسية اليسارية الخاطئة لجيرمي كاربن، Jeremy Corbyn ، و شخصيته الأقل كاريزمية ، ولكن هذا تفسير ملفق ومهلهل وسوقي ، vulgar ، ولا يمت بصلة إلى الحقيقة، وهدفه الترويج للسياسة اليمينية .

لقد فاز المحافظون بسبب جملة من الأسباب المتشابكة ، لعل أبرزها:

السبب الأول: بروز النزعة القومية القوية ، المتصلة بالهوية البريطانية ، جراء التخويف من الهجرة الخارجية ، و رهاب الأجانب، xenophobia ، الذي زرعتها قوى اليمين لدي قطاعات واسعة من الجماهير العمالية . وبالتالي جرى خلق ميول قوية لدي قطاعات واسعة من الشعب البريطاني للخروج ، Brexit ، من الاتحاد الأوربي ، لإنقاذ الهوية الغارقة، Sunken identity، وفق الرؤية اليمينية الشعبوية المتطرفة لحزب المحافظين ، تحت قيادة بوريس جونسون.

السبب الثاني: انشقاق مجموعة يمينية نشطة من أعضاء حزب العمال البريطاني وانتهاج مواقف معارضة لتوجهات الحزب من الخارج . وفي ذات الوقت، بروز مجموعة يمينية قوية من داخل الحزب ، تحت قيادة طوني بلير ، Tony Blair، وجوردون برون ، Gordon Brown ، وغيرهما ، عارضتْ بشدة سياسة الحزب اليسارية الجديدة، تحت قيادة جيرمي كوربن. هذا فضلًا عن اتهام زعيم الحزب نفسه بالعداء للسامية، Anti-Semitism ، و شيطنت أبرز قيادات حزب العمال الفعالة ، أمثال كين ليفنجستون ، Ken Livingstone ، وغيره من القيادات اليسارية الملهمة في صفوف حزب العمال، وإجبرت قيادة الحزب، تحت ذات الذرائع الباطلة، على تجميد عضويتهم من الحزب.

السبب الثالث: تناغم رأس المال ، كالمصارف والمؤسسات الصناعية ، والشركات الكبرى ، مع اليمين السياسي ، الحارس الأمين لمصالح الطبقة الرأسمالية ، ومع أهم وسائل الأعلام اليمينية، في مواجهة سياسية حزب العمال الجديدة ، وتشويهها بشكل فاجر ، واعتبارها تهديدًا جديًا للنظام الرأسمالي. و انعكس هذا التناغم في دعم حزب المحافظين ماليًا وإعلاميا وأيديولوجيًا في المعركة الانتخابية، ورسم صورة مرغبة لحزب العمال، واعتبار فوزه المُحتمل في الانتخابات، كارثة كبرى لأنه ، بحسب زعمهم ، سيكون عودة إلى السياسات البائدة لمرحلة السبعينيات، عوضًا عن التوجه نحو المستقبل!

السبب الرابع: تحالف القوى الصهيونية و اليمينية الشعبوية في إسرائيل و أوربا والولايات المتحدة ، مع حزب المحافظين في بريطانيا ، وخاصة تلك القوى التي تناهض الهجرة من الجنوب الفقير إلى الشمال الرأسمالي الغني ، وتتبنى صراحة سياسات عنصرية مقيتة ، منطلقة من قناعات أيدلوجية منحرفة وبليدة ، مفادها تفوق العرق الأبيض، White supremacy ، على غيره من الأعراق البشرية ، فضلًا عن ازدراء هذه القوى ، بشكل خاص، للإسلام، وتمحورها حول بعض المعتقدات الصهيونية والمسيحية المتطرفة.

السبب الخامس: عجز حزب العمال البريطاني ، بسبب الانقسامات التي عصفت به، وبسبب الحملات المعادية له من كل حدب وصوب، وبسبب ضعف إمكانياته المادية وأدواته الإعلامية ، مقارنة بحزب المحافظين وبقوى اليمين، عن توصيل رسالته التقدمية إلى الشعب البريطاني ، وبشكل خاص ، إلى القطاعات العمالية التقليدية في المناطق الصناعية الكبرى في وسط وشمال انجلترا.

تلك هي الأسباب الجوهرية في تصوري التي عصفت بحزب العمال وليست شخصية جيرمي كاربن، أو سياسية حزب العمال الراديكالية الجديدة التي ترتب عليها، حسب زعم اليمين، فوز حزب المحافظين في 12 ديسمبر 2019.

من الجلي أنَّ جيرمي كوربن مرفوض من قبل القوى الرأسمالية المهيمنة ، ولكن ليس لشخصه، وإنما بسبب مواقفه المبدئية من النظام الرأسمالي ، Capitalist system، وانحيازه الأصيل للطبقة العاملة ، والشرائح الطبقية الوسطى ، ومناهضته بقوة للعنصرية ، ودفاعه العنيد عن حقوق الأقليات، والمرأة، وعن العلاقات الدولية العادلة ، وسعيه الدءوب من أجل الحفاظ على البيئة ، ومناهضته للحروب ودعوته للسلام العالمي.

ولا ريب أنَّ هذا التوجه التقدمي لزعيم حزب العمال لا يتناغم مع التوجه الرجعي لزعيم حزب المحافظين، كما أنَّ التوجه الإنساني لحزب العمال لا ينسجم مع التوجه غير الإنساني لحزب المحافظين والطبقة الرأسمالية الشرهة التي يخدمها.
فالرأسماليون يحبذون السياسيين اليمينيين الذين يمكنهم أن يروجوا لتجارة السلاح، و يشنوا الحروب ، تحت ذرائع ماكرة لنهب العالم ، ويزعزعوا السلام العالمي ، و يحرسوا مصالح الطبقة الرأسمالية، كما عمل في وقت سابق طوني بلير، Tony Blair ، الزعيم الأسبق لحزب العمال، وقادة حزب المحافظين ، وكما شرع في هذا المسار البائس السياسي البريطاني اليميني بوريس جونسون بدءاً من 13 ديسمبر 2019 .

حسنًا ، فاز المحافظون ، وماذا بعد؟ هل ثمة نتائج إيجابية من هذه الانتخابات؟

نعم. لقد أدتْ المعركة الانتخابية إلى انخراط مئات الآلاف من أبناء الشعب البريطاني و من الأقليات من ذوي الأصول كاليمنية والعرببية والهندية والباكستانية والبنجلادشية والصينيية والأمريكية اللاتينيية والفلبينيية والأفريقيية والأوروبيية وغيرهم ، فضلًا عن إنخراط قطاعات واسعة من الطلاب والنساء في المعركة السياسية والاجتماعية التي عبر عنها حزب العمال ، بقيادة الزعيم اليساري جيرمي كاربن ، وهذه الكتلة البشرية الهائلة ، قوة ثورية للمستقبل ، و تعد المكسب الحقيقي من هذه المعركة، وينبغي ألا تصاب هذه الجماعات بالإحباط وتنكفئ على نفسها وتترك السياسية تحت ضغط النتائج المخيبة للآمال واليأس المترتب عنها. فهم إنْ تركوا اليأس يتسرب إلى وجدانهم سيكونون، بذلك، قد ساهموا في هزيمة أنفسهم وسمحوا للبؤس أنْ ينتصر على الأمل.

لقد كشفت المعركة السياسية الانتخابية عن عنف وشراسة النظام الرأسمالي، الذي لا يمكنه أن يفرط بمصالحه الطبقية المهيمنة، التي جعلت من 150 ملياردير بريطاني، يحوزون على 95% من الثروة القومية البريطانية. ولذلك يمكن القول إنّ فوز المحافظين في معركة الخميس الكئيب، قد أيقظ اليسار وفتح باب الأمل لانتصار الاشتراكية في المستقبل. وبهذا المعنى كسب المحافظون الجولة الحالية، ولكن الاشتراكية منتصرة بأفق مستقبلي.

إنَّ الأشهر والسنوات المقبلة تنذر بمزيد من الأزمات والكوارث التي من شأنها أن تعصف بحياة الشعب البريطاني. فتوجه حكومة حزب المحافظين المخاتل للتطويح بدولة الرفاه ، Welfare State، سيترتب عليه تدمير الخدمات الصحية ، وتدهور الإسكان، وارتفاع أيجار المساكن ، وانحطاط التعليم، وارتفاع رسوم الدراسة الجامعية، وزيادة البطالة ، وانخفاض العمالة، وتدني مستوى الضمان الاجتماعي . وهذا يعني أنَّ على اليسار أنَّ يواصل كفاحه السياسي والاجتماعي، ويتسلح برؤية فلسفية اشتراكية سليمة لمعرفة مثالب الرأسمالية ، و يهيئ نفسه لمختلف الاحتمالات ، بما في ذلك احتمالات الثورة الاجتماعية الكبرى ، عوضًا عن انتظار الدورة الانتخابية المقبلة ، و الانغلاق ضمن إطار الأحلام السياسية الرومانسية للفوز على الرأسمالية عن طريق البرلمان!

والآن وبعد أنْ أدرك الناس عنف الرأسمالية و وسائلها الماكرة، سيكون على الشعب البريطاني ، وقواه التقدمية ، وخاصة الأجيال الجديدة من الشباب والشابات الذين انخرطوا في السياسية لأول مرة ، ألا يصابوا بالانكسار واليأس ، وسيكون عليهم أن يبتكروا وسائل جديدة للتواصل مع الجماهير المشوشة، المصابة برهاب الأجانب ، و الاستعداد للمعركة القادمة، معركة مستقبل الجنس البشري . ذلك أنَّ الرأسمالية في ظل العولمة تعمل على تدمير البيئة والحياة ، ونهب البلدان الفقيرة، ، وتعمم الفقر على نطاق عالمي ، وتقوض الاستقرار ، و دفع العالم نحو البربرية ، وعلى الإنسانية أنْ تختار بين البربرية والاشتراكية.



#منذر_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات البريطانية العامة وشيكة!
- حال اليمن العتيد في ذكرى الاستقلال المجيد!
- إنقاذ اليمن أَوْلَى من إسقاط الكهنوت الحوثي!
- تشريح للمشهد اليمني عشية سبتمبر / أيلول 2019
- تأملات في المشهد اليمني (3/3)
- تأملات في المشهد اليمني (3/2)
- تأملات في المشهد اليمني (3/1)
- تأملات في الثورات والمصائر (10) الحلقة الأخيرة
- تأملات في الثورات والمصائر (9)
- تأملات في الثورات والمصائر (8)
- تأملات في الثورات والمصائر (7)
- تأملات في الثورات والمصائر (6)
- تأملات في الثورات والمصائر (5)
- تأملات في الثورات والمصائر 4
- تأملات في الثورات والمصائر (3)
- تأملات في الثورات والمصائر (2)
- تأملات في الثورات والمصائر (1)
- خطأ الرئيس اليمني وخطيئة المثقفين!
- هل التسوية بين القوى المتحاربة في اليمن ممكنة ؟
- اليمن ضحية الولاية الكهنوتية والنزعات الجهوية والأطماع الرجع ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - فاز المحافظون ولكن الاشتراكية منتصرة!