أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الناصر حنفي - استطرادات حول تعريف هوسرل للظاهرة بوصفها حضورا














المزيد.....

استطرادات حول تعريف هوسرل للظاهرة بوصفها حضورا


عبد الناصر حنفي

الحوار المتمدن-العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 01:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


1- في الفقرة السابعة من المحاضرة التي القاها هوسرل عام 1917 بمناسبة توليه كرسي الفلسفة في جامعة فرايبورج (انظر نهاية البوست)؛ يتم تقديم واحد من أبسط تعريفات "الظاهرة" وربما أكثرها دقة (على الأقل مقارنة بالتصنيف الفيلولوجي -الاقصائي والمضطرب- الذي قدمه هيدجر فيما بعد).
2- والظاهرة هنا "تبدأ" مما يمثل أمام الوعي، أي من "حضور "ما يظهر"، بحيث سيعمل هذا الحضور وكأنه نقطة الأصل، أو النقطة الجيوديسية (المرجعية) لكل ما يمكن معرفته أو تناوله، وهنا تتقاطع بوضوح الفينومينولوجيا الديكارتية مع الفينومينولوجيا الهوسرلية.
3- ولكن مقابل اكتفاء ديكارت بوصف أو إبراز نقطة أصل أو مركز دائرة المعرفة، وترك تحديد استقرار ما تمتلئ به مساحتها -وصولا إلى محيطها الخارجي- إلى عناية بعض التحليلات الثيولوجية التي أنتجها علم الكلام الاسلامي، فإن مشروع هوسرل يقوم على رهان يقضي بإمكانية وصف كل ما تتضمنه تلك الدائرة عبر إعادته إلى نقطة مركز الحضور/الوعي.
4- وبالتالي فإذا كان ديكارت يبدأ من نقطة المركز هذه "مرة وإلى الأبد" ثم يواصل الابحار تجاه عالم لا يتماسك إلا بفضل قوة إلهية خارجية، فإن هوسرل يبدأ أيضا من نفس النقطة ولكن ليعود إليها دائما في كل مرة. وهو ما يعني بالضرورة أن ما يميز فينومينولوجيا هوسرل هو "الرد" (reduction) وليس الوصف.
5- وإذا كانت بداية اي تحليل للعالم لا بد أن تنطلق من المعرفة، اي ليس فقط من مجرد ظهور "ما يظهر"، ولكن ايضا مما يمكن الامساك به من هذا الظهور، او ما نستطيع استبقاءه منه، اي "الحضور"، فإن السؤال الاساسي بمواجهة فينومينولوجيا هوسرل هو: لماذا يتعين على هذا التحليل أن ينتهي أيضا إلى نفس النقطة التي يبدأ منها؟ اي لماذا يتعين علينا أن نرد "العالم" إلى محض حضور "معطى" أمام الذات ثم نكتفي بذلك ولا نرد هذا الحضور إلى اي شيء آخر، لأنه إذا كان الحضور هو أساس المعرفة بالفعل، فبأي حق يطالب بأن يكون أساس العالم برمته؟
6- هذا السؤال لم يقلق هوسرل بالتأكيد لأنه لم يتحرك أبدا إلا داخل العالم الديكارتي الآمن والمعطى مسبقا، حتى وإن اكتفى بتجاهل حدوده الخارجية التي تم بناؤها وفقا للتأطير الثيولوجي، بحيث بدا له دائما أن السعي إلى الابحار تجاه ما يعده مركز هذا العالم يغنيه عن أي تساؤل آخر.
ولكن إذا كان هذا يشرح موقف هوسرل فإنه بالتأكيد لا يجيب عن سؤالنا!
7- لقد كان التأطير الديكارتي للعالم في جوهره استخدام للحلول التي تقدمها الثيولوجيا مع وضع "الثيولوجيا" نفسها حيث لا نحتاج إلى معاودة التفكير بها أو مراجعتها، لأن تلك المراجعة قد تفضي إلى تفكك أو تدمير العالم المعطى الذي قدمته لنا. إلا أن هذه الحلول الثيولوجية لم تكن في حثيثة الأمر ايضا سوى نتاج لعملية تأطير مماثلة للعالم الذي أتاحته التحليلات الأرسطية والتي أخرجت الثيولوجيا من الاسطورة إلى الفلسفة، فالتوسع الثيولوجي-الكلامي في تصور الارادة الالهية الغير معلقة على ما يكون في العالم؛ والتي لا ترتبط بأي شيء فيما يرتبط بها كل شيء، وصولا إلى نظرية "الخلق المستمر"، كل ذلك كان مجرد مناورة فلسفية لحفظ العالم الأرسطي/السكندري، مع نفي أو رفع الحاجة إلى مساءلته أو ترميم براهينه.
وفي كل مناورة من هذه المناورات كان الرهان على تحاشي التوجه نحو الحافة الخارجية للعالم حيث لا ينتظرنا سوى تيه لا يمكن مواجهته، والعودة إلى الداخل، اي حيث يبدو لنا العالم وكأنه قد اعطى نفسه.
8- كان المشروع الهوسرلي إذا مجرد انصياع أو حلقة أخرى في تاريخ المناورة الفلسفية ضد التيه الذي يهدد بابتلاع العالم منذ "زينون الايلي".
وهذه المناورات يمكن جمعها تحت عنوان واحد هو "الانطولوجيا".
9- قديما لم يكن الابحار يعني شيئا سوى السير بمحاذاة الشاطئ، بحيث أن اللحظة التي تختفي فيها الارض عن أعين البحارة هي لحظة مصيرية للغاية، فإما العودة إلى النقطة التي تسمح بظهور الشاطئ مرة أخرى، أو المخاطرة بالضياع في التيه بلا رجعة.
ولا يمكن التهوين من مناورات المشاطأة هذه، فهي التي أكسبتنا بداية القدرة على التنقل في المياه أو بواسطتها، ورغم ذلك فإن بضعة تجارب من الخوض في التيه هي التي منحتنا امكانية اكتشاف حدود وكامل مساحة الكوكب الذي نعيش فيه!
10- وهذا يعني -ربما- أن تجاوز استراتيجية المشاطأة الفلسفية مرهون بمواجهة التيه وترويضه.
ولكن كيف يمكن ترويض هذا التيه الفلسفي الذي أطلقه "زينون الايلي"، بعد أن تباهى أغلب الفلاسفة والفلسفات على مدار القرون بانهم قد قاموا -المرة تلو الأخرى- بدحض نقائضه؟
أو كيف يمكن معاودة التأمل في ذلك الشرخ الذي أحدثه زينون في تماسك "حكاية العالم" وقد نشأت الفلسفة ذاتها بوصفها محاولة لتجاهل هذا الشرخ عبر ما تراهن عليه بوصفه تجاوزا للحكاية؟
----------
----------
الترجمة العربية لفقرة هوسرل:
"يمكننا القول بأن «الموضوعات» أو «الأشياء» قمينة بأن تكون لا شيء على الإطلاق بالنسبة للذات العارفة ما لم «تظهر» لهذه الذات، أي ما لم تحز هذه الذات على «ظاهرة» لهذه الأشياء، ومن هنا فإن كلمة ظاهرة (Phenomenon) في هذه الحالة تشير إلى محتوًى معين يقطن داخل الوعي الذي يعاينه ويكون أساسًا للحكم بواقعيته"
ترجمة عادل مصطفى (من كتاب فهم الفهم)
...
النسخة الإنجليزية:
"The same thing can be expressed by saying that objects would be nothing at all for the cognizing subject if they did not "appear" to him, if he had of them no "phenomenon." Here, therefore, "phenomenon" signifies a certain content that intrinsically inhabits the intuitive consciousness in question and is the substrate for its actuality valuation."

Translated by Robert Welsh Jordan



#عبد_الناصر_حنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكذب ووقع الحقيقة - 2004
- عن دوار الترجمة وإفساد المبتدئين - ملاحظات حول ترجمة كتاب -ج ...
- من ثقب العبارة: تأملات أولية في بعض سياقات أعمال إريكا فيشر
- -نحو تأسيس فينومينولوجيا المسرح- :عن ظاهرة المسرح بوصفها مما ...
- تأملات أولية في حدث ظهور ما هو موسيقى
- نحن، والآخر في العالم!
- شذرة حول الصخب الهيجلي وعماء الزمن
- الدمى والوعي والعالم
- عن إشكاليات التأطير الجمالي في عرض: عاصفة رعدية
- تساو يو والروح الصيني القلق - تحليلات أولية حول الإطار الدرا ...
- تأملات تمهيدية حول ظاهرة المهرجان التجريبي
- عن ظاهرة المسرح والمسابقات التنافسية
- تقرير فني حول عرض -قول يا مغنواتي-
- عن الشوق الاجتماعي للمسرح .... ومخاطر خيانته!
- عن الأمل الهيجلي .. ورهاناته
- أغنية البجعة الليبرالية
- في إنسانية المسرح الجامعي
- من -ماكبث- إلى -بير السقايا- .... تأملات أولية في تحولات الد ...
- عن اليوم العالمي للمسرح ورسالته ... تأملات حول تقليد آن مراج ...
- المسرح المصري: ظاهرة تأبى أن تعي ذاتها (2-2) .... نمط الوعي ...


المزيد.....




- الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
- من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل ...
- التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي ...
- هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
- مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
- إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام ...
- الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية ...
- الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الناصر حنفي - استطرادات حول تعريف هوسرل للظاهرة بوصفها حضورا