|
صموئيل بيكت... بين العبث والسخرية
عامر صباح المرزوك
الحوار المتمدن-العدد: 1563 - 2006 / 5 / 27 - 06:59
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
نشأ مذهب العبث في الأدب الأوربي وانتقل إلى الآداب العالمية المعاصرة بصفة عامة ، والدول التي عانت من الحرب العالمية الأولى والثانية بصفة خاصة ، وهي الدول التي فقدت ثقتها في مجرد المسلك العقلي المنطقي الذي يمكن أن يدمر في لحظات كل ما يبنيه الإنسان من مدنية عندما تحكمه شهوة السيطرة والتدمير ، ويعد صموئيل بيكيت الرائد الأول لهذا المذهب . ولد صموئيل في ايرلندا يوم 13 نيسان 1906م لأبوين انكليزيين ـ ايرلنديين وظل متنقلاً في أوربا عدة سنوات مارس فيها التأليف وأعمالاً أخرى حتى استقر في فرنسا حوالي سنة 1937م ، وتلقى تعليمه في جامعة دبلن حيث درس الأدب فيها ، وحصل على منحة لعامين من (مدرسة المعلمين العليا) في باريس ليعود الى دبلن استاذاً في جامعة (ترينتي كولدج) . استهلّ بيكيت تجربته الكتابية شاعراً بالإنكليزية ونشر قصائده في مجلات عدة في دبلن وباريس . وعندما شجّعه احد الناشرين في باريس على نشر ديوانه حيث تم نشره على حسابه الخاص في باريس في العام 1935م ، وقد ترك القصائد الاولى التجريبية التي كتبها اذ نشر قصائده المكتوبة بين العامين 1928 ـ1935م وترجم العديد من الشعر الإيطالي والفرنسي وما يثير الاستغراب انه كان ربما أول مَن ترجم بعض الشعر السوريالي الفرنسي إلى الإنكليزية من خلال قصائد لـ(أندريه بروتون) وللشاعرين (بول إيلوار) و(أندريه كروفيل) ، وترجم كذلك قصائد لـ(رامبو) و(أبولينير) مثلما ترجم لبعض الإيطاليين ومنهم (أوجينيو مونتالي) . ألف العديد من الروايات وبعدة لغات حتى نشر روايته الأولى (ميرفي) بالانكليزية في العام 1938 . وتليها رواية (وات) 1958م ، ومن ثم ثلاثية (مولي) 1951م و(مالون يموت) 1951م ، و(المعتذر) 1953 . الا ان مسرحياته هي التي اكتسبت الشهرة العالمية . اهتم في مسرحياته بالعلاقة بين الإنسان والله ، وتصوير اللامعقول في حياة الإنسان ، فأعماله تدين الحضارة الغربية والتصنيع ، وبفضل قوة أسلوبه تمكن بيكيت من تحويل مسرحيته إلى ضرب من السيرك وشخصياته إلى مهرجين . ويقول احد الباحثين : ((ان ظهور مصطلح المسرح الهزلي كان بعد الحرب العالمية الثانية في أعمال لكتاب مثل صامويل بيكيت ، وأوجين ايونسكو ، وتحمل المسرحيات الهزلية صبغة الضحك والهزل إلا أن التطبيق يحمل المعنى الذي جاء به المفكرون الوجوديون وهو أن الإنسان بعيد عن الانسجام مع نفسه وأنه بدون المعتقدات الميتافيزيقية يجد نفسه في منفى . رغم أن كتاب هذا النوع يأخذون في أعمالهم من التراث التجريبي للمسرح الحديث عند سترايندبرج ، وجاري ، والكتاب الذين أسسوا السريالية والتعبيرية ، إلا أنهم يستغنون عن بعض العناصر التقليدية كالحبكة المترابطة (إن كان هناك حبكة أصلا) وكتصميم خشبة للمسرح أو الشخصيات السوية نفسيا)) . لم تنشر مسرحيته الأولى (ايلوثيريا) 1946م ولم تمثل ، ولكن مسرحية (في انتظار جودو) قدمت أول مرة في باريس في العام 1953م وسرعان ما عرضت في أنحاء العالم كافة لأنها تعد احد أركان مسرح اللامعقول ولأهمية هذه المسرحية فهي تدرس في اغلب كليات الفنون كنموذج أول لمسرح اللامعقول هذا نظرياً اما بالنسبة للجانب العملي فتم اخراجها لعدة مرات وعلى مسارح مختلفة ولعل اخر من اشتغلها هو المخرج العراقي الشاب (حاتم عودة) واسماها (وداعاً غودو) وتم عرضها في مهرجان بغداد المسرحي 2003م ومهرجان دمشق 2004م ومهرجان اسطنبول بتركيا 2005م وحصلت على العديد من الجوائز . وكتب مسرحية (نهاية اللعبة) 1957م ومن ثم تلتها مجموعة من المسرحيات القصيرة باللغة الإنكليزية ، وبعد ذلك كتب تسع مسرحيات صامتة قصيرة . اما مسرحية (الأيام السعيدة) كتبها بالإنكليزية ايضاً وكانت من المسرحيات الطويلة وقدمت أول مرة في نيويورك عام 1961م . وبعدها فترة كتب مسرحية (تعال واذهب) 1965م . الا ان مسرحية (في انتظار جودو) تبقى ـ بلا شك ـ من ابرز مسرحيات القرن العشرين وأكثرها تأثيراً . ونشر احد أبرز المهتمين بأدب بيكيت وأصدقائه (جيمس نولسون) كتابه (بيكيت ذلك العظيم المجهول) وفيه كشف حساب لحياة الأديب سجلت عن كثب وتأريخ لمواقفه من الكتاب والمسرح والحياة والناس مع إضاءة لأعمال كانت مجهولة ولحياة بيكيت التشكيلية ومعاناته والكثير من أسباب انطوائه على نفسه وشخصيته المعقدة . هذا مختصر من منجز الكاتب الكبير الذي اشتغل في رصد الإشكال الأدبية فهو شاعر وروائي وصحفي ومسرحي . وليس اقل من دليل انه تثميناً لجهده الثقافي الكبير حصل على جائزة نوبل للعام 1969م .
#عامر_صباح_المرزوك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السعودية.. مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في تصادم 20 مركبة والمرو
...
-
شاهد.. مروحية عسكرية تشتعل بعد هبوط اضطراري في كاليفورنيا
-
هل الطقوس التي نتشاركها سر العلاقات الدائمة؟
-
السعودية: حذرنا ألمانيا من المشتبه به في هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. البرادعي يعلق على زيارة الوفد الأمريكي لسوريا
-
اعتراض ثلاث طائرات أوكرانية مسيرة فوق شبه جزيرة القرم
-
RT تعلن نتائج -جائزة خالد الخطيب- الدولية لعام 2024
-
الدفاع الصينية: الولايات المتحدة تشجع على الثورات الملونة وت
...
-
البابا بعد انتقادات وزير إسرائيلي: الغارات الجوية على غزة وح
...
-
-اشتكي لوالدك جو-.. مستخدمو منصة -إكس- يهاجمون زيلينسكي بعد
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|