|
البيجيدي ومسلسل الإجهاز على الحقوق والحريات .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6434 - 2019 / 12 / 10 - 00:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يحتفل المغرب باليوم العالمي لحقوق الإنسان في ظل تجاذبات إيديولوجية تأججت مع رئاسة حزب العدالة والتنمية للحكومة منذ 2011 : تيار حداثي مرجعيته منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا ، وتيار أصولي محافظ يقوده حزب العدالة والتنمية مسنودا بالتيار السلفي الوهابي المتشدد يرفض المرجعية العالمية لحقوق الإنسان ويريد فرض مرجعية دينية على مقاسه . فمعاداة حزب العدالة والتنمية لحقوق الإنسان هي عقيدة ثابتة أسس عليها مواقفه منذ ما قبل التحاق أعضائه بحزب الخطيب . ولعل المعركة التي خاضتها روافده ضد المطالبين بتعديل مدونة الأحوال الشخصية سنة 1992 دليل قاطع على عدائه المقيت والثابت لحقوق الإنسان وفي مقدمتها حقوق المرأة والطفل . كما ستتأجج معركته ضد مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية سنة 2000 . فالحزب لم يترك فرصة إلا واستغلها لمناهضة حقوق الإنسان . وحين ترأس الحكومة حمل معه نفس العداء الذي ترجمه إلى سلسلة من الإجراءات والقوانين مستغلا ضعف الأحزاب المكوّنة للتحالف الحكومي وتهافتها على الريع السياسي ؛ الأمر الذي سهّل عليه وضع إستراتيجية محكمة ترمي إلى توظيف المؤسسات الدستورية لضرب الحقوق والحريات . تقوم هذه الإستراتيجية على تكتيكات محددة أبرزها : أ ــ تجنيد الخطباء والهيئات الدينية ( المجالس العلمية ، رابطة العلماء ، هيئات العدول ...) في مواجهة الهيئات النسائية والحقوقية المطالبة بتعديل مدونة الأحوال الشخصية ب ــ الضغط على الدولة وتهديد النظام بالنزول إلى الشارع ودعم حركة 20 فبراير حتى لا يتم الإقرار دستوريا بحرية العقيدة خلال تعديل دستور 2011. وبالفعل تم سحب دسترتها . ج ــ الضغط على لجنة صياغة الدستور قصد التنصيص على إسلامية الدولة حتى يتمكن من ممارسة الرقابة على المؤسسة التشريعية ، ومن ثم العمل على إلغاء القوانين التي يراها غير منسجمة مع إيديولوجيته الدينية ، وفي نفس الوقت إقحام قوانين تخدم إستراتيجيته الرامية إلى أسلمة الدولة والمجتمع وفق ما تنص عليه أدبيات الحزب وخاصة أطروحة المؤتمر6 ( على أن الاشتغال على قضايا المرجعية والهوية والقضايا الأخلاقية وجب أن يتم ضمن آليات الاشتغال وأدوات الخطاب السياسي أي باعتبارها من قضايا السياسات العمومية مما يقتضي التركيز على مقاربتها مقاربة قانونية وتشريعية ورقابية .. وهو ما يعني اقتراح سياسات عمومية في إطار برامج سياسية تطرح ديمقراطيا ضمن المؤسسات المنتخبة ذات الصلاحية ). د ــ استغلال رئاسته للحكومة في الاستئثار بالحقائب الوزارية المسؤولة عن الحقوق والحريات ( وزارة العدل والحريات ، وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وزارة حقوق الإنسان ). هـ ــ إلغاء وزارة حقوق الإنسان في التشكيلة الحكومية برئاسة بنكيران . و ــ تجميد الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان بضغط من مصطفى الرميد الذي كان يقاطع حضور المجالس الحكومية.وتتمحور أهداف الخطة على الخصوص في تحقيق المزيد من المكتسبات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحماية الحقوق الفئوية، وعلى رأسها حقوق المرأة . ز ــ الالتفاف على الدستور وإفراغ نصوصه من أي محتوى يدعم حقوق الإنسان وذلك بتشكيل هيئات صورية ( هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ) وتأجيل إخراج القوانين التنظيمية لتلك الهيئات . لقد حرص حزب العدالة والتنمية على تدشين سلسلة من التراجعات الحقوقية وكان أخطرها مشروع القانون الجنائي الذي قدمه وزير العدل والحريات حينها مصطفى الرميد والذي اقتبسه من قوانين مشرقية متشبعة بالسلفية الوهابية تشرعن "جرائم الشرف" وتحرض على قتل النساء . إلا أن أخطر انتكاسة حقوقية هي أن تُسند وزارات العدل وحقوق الإنسان والمرأة إلى حزب العدالة والتنمية الذي لم يثبت في تاريخه أن ناضل من أجل المرأة والحقوق أو قدّم مذكرات أو مشاريع قوانين تنهض بالحقوق والحريات؛ بل الثابت أن الحزب ، ومنذ تأسيسه وهو يناهض الحقوق ومطالب النساء . ولا يختلف مصطفى الرميد عن بسيمة الحقاوي أو جميلة الموصلي ، فجميعهم يناهضون حقوق النساء ويعادون منظومة حقوق الإنسان . ففي عهد حكومة بنكيران تم بعث الروح في مذكرة أمنية قديمة تمنع النساء من المبيت في الفنادق الموجودة بمدنهن ، كما أن المناخ العدائي للمرأة الذي أشاعده خطاب البيجيدي حرض المواطنين على ممارسة "شرع اليد" ضد النساء والفتيات في الفضاء العام ( طرد 800 امرأة من عين اللوح ، الاعتداء على فتيات انزغان ، مول البيكالة الذي كان يعتدي على الفتيات بمدينة تيفلت ..) واستمرت الاعتداءات في ظل حكومة العثماني التي ترفض تجريم الاغتصاب الزوجي وتشديد العقوبات على التحرش الجنسي . وكيف لهذه الحكومة أن تجرّم الاغتصاب الزوجي وعلى رأسها حزب ناهض ولا يزال منع وتجريم تزويج القاصرات، بل ضغط على الدولة ، حين تعديل مدونة الأسرة ، لشرعنته رغم مخاطره ؟ إن حزب العدالة والتنمية لم يستفد بعد من حروبه الخاسرة ضد حقوق النساء التي خاضها منذ نشأته ، إذ لازال مصرا على عرقلة تطوير المنظومة القانونية حتى تكون مسايرة لتطور المجتمع . وفي هذا الإطار تأتي مناهضته لمطالب الهيئات النسائية والحقوقية برفع التجريم عن الإجهاض وعن العلاقات الرضائية بين الراشدين في الأماكن المغلقة وإلحاق الولد خارج إطار الزواج لأبيه البيولوجي حتى لا تبقى الأم وحدها تتحمل تبعات الحمل والإنجاب. إن إجهاز حكومة حزب العدالة والتنمية على الحقوق لم يقتصر فقط على حقوق النساء والأطفال والأقليات ، بل اتسع ليشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وكل الموظفين وكذا الحق في العيش الكريم الشعب المغربي ( قانون إصلاح/إفساد التقاعد ، التوظيف بالتعاقد ، إلغاء الترقي بالشهادات ، إلغاء صندوق المقاصة ..).
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا أخفت موصلي جهود حزبها في مناهضة حقوق النساء ؟
-
رسالة إلى أعضاء المجلس العلمي الأعلى.
-
التوحيد والإصلاح ومحاولة فرض الرقابة على المؤسسات الدستورية.
-
الفساد ثابت في صفوف حزبكم يا رئيس الحكومة.
-
أعداء الوطن مصالحهم شتى وعداؤهم واحد للشعب.
-
البيجيدي وبرنامج ال-تمكين- من النساء لا لهن.
-
حكومة الكوارث لن تحمي منها.
-
ازدواجية مواقف الريسوني من العلاقات الرضائية.
-
قُتِل زعيم الإرهابيين ولم تُقتَل عقائد الإرهاب .
-
مدونة الأسرة تقر بالعلاقات الجنسية في فترة الخطوبة.
-
لما العقرة يعقر الدين والدستور.
-
أيها الريسوني :حقوق الإنسان كل لا يتجزأ .
-
أية رسائل للعفو الملكي عن هاجر الريسوني؟
-
الإجهاض بين الفقه الإسلامي والتوظيف السياسوي .
-
أي مغرب نريد ؟
-
ماذا تحقق بعد 18 سنة من الحرب على الإرهاب ؟
-
تعالوا نرفع التجريم عن الإجهاض .
-
حكومة البيجدي تصادق على مصادرة حقوق الطفل.
-
شورط المتطوعات وخزي البرلماني.
-
حرية الإضراب وحرية العقيدة عند الإسلاميين .
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|