أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ثائر الناشف - ميثولوجيا الحداثة .. وشبح الأصولية














المزيد.....

ميثولوجيا الحداثة .. وشبح الأصولية


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 1562 - 2006 / 5 / 26 - 10:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تكاد هاتان الثنائيتان المتناقضتان فكراً وأسلوباً ,والمتلازمتان في طرح إشكالياتهما كحل جذري في معتركهما المعاصر, الذي غدا متخثراً في قعر العقول الحاملة له ,إن لم يتم تدويرهما تدويراً منطقياً عقلانياً مبنياً على حقائق تاريخية وفلسفية ,بعيداً عن زجهما في صراعات جانبية أثبتت عقمها المتكرر في لي ذراعهما المخيفتين الطويلتين اللتين تطرحان نفسيهما بوسائل قائمة على القوة أحياناً وعلى الاستعطاف المشحون بالجذب نحوهما أحياناً أخرى, فلا الحداثة استطاعت أن تلقي بظلالها الكثيفة لطمر ظاهرة الأصولية المتفاقمة, ولا الأصولية استطاعت بدورها التصدي لتلك الظاهرة والإفلات من دعواتها المنتشرة كانتشار النار في الهشيم, فالتتابع الزمني بينهما يبدأ من نقطة حملت الأصولية ضمن تجويفات دينية محضة , وأفرزت الحداثة في نقطة أخرى ضمن تحديبات هرمية تساير روح العصر وتواكب تطلعاته وتصوراته المستقبلية.
وكثيراً ما يشاع أنّ ظاهرة الأصولية مرتبطة ببذور الدين الأولى, وأنّ التشدد في الدين هو الذي أنتجها, ففي كلا الرأيين شيء من الصحة, لكن أن يقال أنّ الإسلام كديانة سماوية هو أول من احتضنها ورعاها منذ أكثر من سبعة قرون , فثمة رؤية معاكسة لهذا القول ,لأن الأصولية وإن ظهرت عند فئة من الإسلاميين فهي مختلفة عن غيرها من الأصوليات الأخرى , كونها مستندة إلى تراكمات تاريخية وطائفية متجذرة في عقول أصحابها,وما يحصل يومياً في العراق من عمليات تفجير واغتيال منظم يدلل على ذلك, كما ينبغي التأكيد على أن النزعة الأصولية بدأت في الغرب أولا ًفي القرن الثالث عشر , لعدم امتلاك الأصوليين الغربيين آنذاك متسعاً من الديموقراطية والتسامح والرغبة في فصل الكنيسة عن الدولة, إضافة إلى رفضهم لمنطق الاكتشافات العلمية الحديثة المرتبطة بأصل الحياة, لا بل أنهم اعتقدوا أنّ الأفراد أصبحوا أقل عقلانية في احتياجهم للدين, ما دفعهم إلى مواجهة النزعات العلمانية الحداثويه, بإدخالهم الدين إلى مسرح الأحداث,
وعليه, فإن الأصوليين الغربيين أرادوا في حركتهم هذه التأكيد على أصول التراث المسيحي وبذوره الأولى, من خلال تفسيرهم الأرثوذكسي الحرفي للكتاب المقدس واعتناقهم لمعتقدات أساسيه محددة في منظورهم ,وبالتالي خروجهم بانطباعات أصولية محافظة ,مرتبطة ارتباطا لا ينفصم عن تراث الماضي, فجميع الأصوليات تتبع منهجاً موحداً في إدراكها للأخطار التي تحيق بها, مرتكزة على شحن روحي معاد للعلمنة وملحقاتها عداءً كونياً.
لذا, فهم يحاولون إعادة القداسة إلى عالم متزايد الريبة, وتشذيب أصولهم ضمن إيديولوجيات براغماتية تخاصم الحداثة عملياً,التي طورت نمطاً حضارياً علمياً امتدت جذوره إلى شتى بقاع العالم ,وعلى أثرها امتد نمطاً أصولياً موازياً ذو طبيعة تكاملية في الصراع معها, بمعنى أنّه يستطيع الإفلات من الحداثة لكنه لا يستطيع إنكار علمانيتها.
وقد يغدو السباق بين الحداثة والأصولية أكثر احتداما ً ,في ظل الفوران الفكري الذي يغزو العقول والقلوب معاً. فالسباق الحاصل يضع الحداثة واستحقاقاتها الحضارية في بؤرة صراع مع الأصولية الرافضة لمنهجية التنوير والاختلاف مع الآخر, و تدعي أنها تنأى بنفسها عن استخدام أدوات الحداثة ووسائلها المنتشرة كونياً , فالواقع يشير بعكس ذلك لأنّ الأصوليين أنفسهم يستخدمون تكنولوجيا الحداثة وابتكاراتها في حروبهم الدامية, وفي الوقت ذاته يرفعون شعاراتهم المعادية للحداثة ,التي تصف ذاتها الحضارية على هيئة نقطة مركزية يدور العالم حولها ولا تخفي نزعتها التقسيمية للعالم إلى جزءين: الأول غربي حداثوي والثاني شرقي أصولي, ما يعيد الأذهان إلى فكرة الصدام بين الحضارات مستبعدة حوارها.
إن اختزال الإسلام بفكر القاعدة و غيره من التنظيمات يعزز تلك النزعة التقسيمية ويغذيها بالمبررات التي تحتاجها, وهنا تتحول الحداثة من نظرتها التقدمية إلى التراجعية التي تغذيها القيم الميثولوجية التقليدية , حيث تنظر إلى الإسلام كونه ديناً يحكم دولته وفقاً لقوانين الشريعة ونصوصها المقدسة التي تضع العصي في عجلات التقدم لأي مجتمع سليم, فالانطباع السائد عن صورة المجتمعات الإسلامية في الغرب ,أنها لو سارت في ركب الحداثة لن تطبق تغييراً راديكالياً في ثقافتها المحافظة, و لن تشارك الغرب حداثته التي أصبحت من سمات الثقافة المجددة, إذا لم يجر في داخلها مخاضات تنقلها تدريجيا من الروح المحافظة التي أشار إليها الباحث الأميركي /مارشال هودغسون/ وصولاً إلى روح الحداثة , وقد يسري الاعتقاد هنا بأن الأصولية هي رد فعل طبيعي على هذا الانتقال المتدرج, فقضية التجديد في الإسلام تختلف عما هي عليه في باقي الأديان, لانتهاجه نهجاً إتباعياً وليس إبداعياً تجديدياً , دون أن يعني ذلك الانطواء على الذات وعدم الانفتاح على الآخر وتقبله, فإذا كانت الأصولية داء مستفحل في زمانه ومكانه ,فلا بد من علاجها علاجا وسطياً عقلياً, ومن ثم علاجاً تنويرياً شاملاً, وفي كلا العلاجين علاج واحد يتمثل في بناء ثقافة حوارية واسعة تدحض التشدد المغذي لأشكال التطرف المختلفة.



#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إصلاح أم تجميل..؟
- ثورة هوية أم أزمة وطنية ..؟
- ًالعروبة .. ومبتكراتها المستحدثة عالميا
- سيكوباتية السلطة وعقدها الثورية


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ثائر الناشف - ميثولوجيا الحداثة .. وشبح الأصولية