مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6427 - 2019 / 12 / 3 - 23:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ المترجم الحقيقي هو الحجر الزاوية في اخضاع النص الغريب إلى مقاربات قريبة من واقع المترجم ، أي إماطة اللثام عن غرابة اللغة الآخرى وكشف مقاصد الراوي للرواية ، لقد ترجل اليوم قامة عالية من حياة الدنيا إلى الحياة الحديدية ، ويعتبر الفلسطيني صالح العلماني ولد في عام 1949م بمدينة حمص والذي بدأ الدراسة في كلية الطب ليصبح روائياً من طراز وازن بين الأدب العالمي ، بل من أهم الذين سخروا حياتهم لترجمة الروايات الإسبانية وبالتالي تحول مع الوقت إلى الشخصية التى ترجمت ما يقارب المئة عمل بين الرواية والقصة والشعر ، وقد كان اطلق على نفسه وصف قبل أن يطلق عليه الآخرين عندما اختصر حياته ، ( عشت لاترجم ) .
لقد رحل صالح مبكراً إلى مدريد لكي يلتحق بكلية الطب لكن رواية مائة يوم من العزلة لمركيث احدثت صدمة إيجابية لديه التى دفعته بالانتقال من مشروع تشريح الأجسام البشرية إلى دراسة نفسيات الناس المركبة ، وهذا القرار يُعتبر بالانتقال الأعمق والأعقد لأن التعامل مع متخدر أو ميت أسهل من متحرك شيطاني ، وهذا جعل محمود درويش الذي كان يتابع ترجماته للروايات الإسبانية أن يطلق عليه وصف نادر وخاص ، بأنه ( ثروة وطنية لا بد تأميمها ) ، عاد إلى سوريا وكرث حياته للترجمة ومن ثم عاد بعد انتفاضة الشعب السوري إلى مدريد ليسقط اليوم بين أوراقه مودعاً للحوار الأخير من الرواية الأخيرة التى كان يشتغل على ترجمتها ، وبالرغم من الخيانات الكبرى التى كانوا المترجمين يصنعوها بين لغة الرواية واللغة المترجم إليها إلا أن صالح كان الأقل خيانة بين هؤلاء الخونة ، وهذا يعود إلى تعامله الحرفي مع النص ، بل كما يبدو كان يترجم الحوار ثم يخّضه إلى حوار مكرر ومكثف لكي يُخرج إلى القارئ بنص يقترب من النص الأصلي بل في كثير من الروايات كان القارئ الحصيف يجد نفسه كملح البحر الذي يتلاطم مع قراءة النص على الشواطئ ، فيصل إلى حيث أراد الراوي ومن ثم يعود بأفق أوسع .
كلمة أخيرة في حق صالح علماني ، لقد كان فلسطيني طافحاً بالقيم بين عالم يعتبر حامل هذه المبادئ اصبح عملة نادرة بل حامل هذه القيم تحول إلى أضحوكة ، لهذا عاش غريب في محيط طافح بالعبثية والجنون ، لكن ما هو أهم من كل ذلك ، رحيل علماني سيفقد القارئ قراءة الرواية الأقل خيانة بل من بعده بالتأكيد ستتوسع خيانة الترجمات . والسلام
كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟