|
تحليل / Analyse // الملك يسود ولا يحكم / Le Roi règne mais ne gouverne pas
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6423 - 2019 / 11 / 29 - 18:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحليل // Analyse الملك يسود ولا يحكم // Le Roi règne mais ne gouverne pas عجيب امر ( السياسيين ) ، و اشباه ( المثقفين ) ، والمحسوبين على ( النخبة ) المغاربة . فمنذ ستينات القرن الماضي ، والى اليوم ، وهم يلوّكون ، ويدبّجون هذا المصطلح " ملك يسود ولا يحكم " ، دون ادراكهم ، وشعورهم ، بالسقوط في تناقض ، يمنع على سياسي ، او مثقف حقيقي ، او من يعتبر نفسه يمثل ( النخبة ) ، السقوط فيه . من هنا اتفهم دور النظام السياسي المغربي حين يتعامل مع هؤلاء ، ومع هذا العيّنات ، فهو لا يعطيهم وزنا ، ولا يعير طرق استعمالات ، وتقديم مطالبهم ادنى قيمة ، لأنهم من حيث لا يشعرون ، فانهم بترديدهم لجملة ، " ملك يسود ولا يحكم " ، يكونون قد سددوا للنظام خدمة من حيث لا يحتسب ... فكيف لمن يدعي انه (سياسي ) في حين انه يتعيّش من السياسة ، او يوهم الناس بانه ( مثقف ) ، والمثقف قضية ، او انه من ( النخبة ) ، والنخبة تكون ثائرة ، لا يميز بين " ملك يسود " ، و " ملك لا يحكم " ، وبدون وعي ، يُصيغ مطالب تدعم شرعية النظام ، وتدعم نوع الملكية السائدة ، كمليكة مطلقة ، تستأثر لوحدها بالشأن السياسي ، كما ينص على ذلك الدستور الأخير المعدل ، ونصت من قبل جميع الدساتير التي عرفها المغرب ، منذ اول دستور ممنوح ، حرره شكلا ومضمونا أساتذة الاستعمار ، كالأستاذ موريس دوفيرجيه ، ناهيك عن السلطة الجبرية المفروضة بحد السيف لتعلقها بالغيب ، ولاستمدادها الحكم من الله ، أي من الدين ، لتكميم الافواه المنتقدة ، والمزعجة المطالبة بالديمقراطية ، بتهديدها بالخروج عن الاجماع ، وعن الامة ، وهو ما يشكل دعوة لتكفيرها .. وبالرجوع الى المطالب السياسية ، التي كان جزء من معارضة الستينات ، والسبعينات ، وحتى اليوم ، يطالبون بها النظام ، ويعتبرونها مدخلا أساسيا للإصلاح السياسي المنتظر، سنجد انهم يجسدون مطلب الملكية البرلمانية ، في ما يسمونه بنظام ملكي " يسود فيه الملك ولا يحكم " ، ويستوي هنا تصريحات المهدي بن بركة في التدخلات الحزبية المختلفة ، وتصريحات عبدالرحيم بوعبيد ، ونوبير الاموي ....لخ ، إضافة الى أحزاب فدرالية اليسار الديمقراطي ، من الحزب الاشتراكي الموحد ، الى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي . فهل حقا ان المطالبة بنظام ملكي " يسود فيه الملك ولا يحكم " ، هو مدخل أساسي لنظام الملكية البرلمانية ؟ وهل هناك من توافق ، بين مطلب ملكية " يسود فيها الملك ولا يحكم " ، والملكية المطلقة الحالية ، والملكية البرلمانية التي يطالب بها أصحاب " ملك يسود ولا يحكم " ؟ أولا ، انّ من يطالب بملكية " يسود فيها الملك ولا يحكم " ، معتقدا ان هذا المطلب يجسد المدخل الأساسي لأي اصلاح سياسي للنظام ، يكون بمن يخبط في الطريق خبط عشواء ، دون امتلاكه لمقود يقوده نحو البوصلة الحقيقية للإصلاح السياسي المزعوم . ان من يردد مطلب " ملك يسود ولا يحكم " ، فهومن حيث لا يدري ، او انه يناور ويدري ، يساهم في استمرار ، وتدعيم الملكية المطلقة الحالية ، ومن ثم فهو يعارض من خلال مطالبه هذه ، أية إرادة حقيقية لإصلاح الملكية الحالية ، ومنها اصلاح نظام الدولة ، كي تتحول الى دولة ديمقراطية حقيقية ، لا ان تَتَحَرْبنْ ( حرباء ) في شكل دولة شَبَهُ ديمقراطية . ان مجرد القول ب " ملك يسود " ، هو قول بتركيز ، وتثبيت الملكية المطلقة / الدكتاتورية . ان القول بكلمة " يسود " هو قول بالقوة ، والضبط ، والتحكم ، والاستحواذ ، وهو قول بالاستبداد ، والطغيان ، بدءاً باستبداد ملك ، ومنه استبداد نظام داخل دولة مستبدة .. ان اصل كلمة يسود مشتق من كلمة سيادة ، وهذه مرادفاتها هي الحكم والسلطان ، والاستئثار بالدولة ، والسلطة ، والشعب ، والثروة ، والجاه ، والنفود . فكيف لمن يدعو الى هذا النوع من الأنظمة التي يسود فيها الملك ، وهي دعوة الى تفرد شخص بكل السيادة والسلطان ، ان يختلط عليه الفهم ، حين يعتبر ان أي مدخل الى الملكية البرلمانية لا يمكن ان يكون ، الاّ من خلال سيادة الملك . فهل يجوز الجمع بين نقيضين متباعدين ، من جهة ملك " يسود " ، ومن جهة ملكية برلمانية ؟ أي الجمع بين الدكتاتورية ، وبين الديمقراطية في آن ، ولعمري ان هذا الفهم والتأويل لا يمكن ان يوجد ، الاّ في المغرب ، بلد الاستثناءات في كل شيء . ثم كيف يمكن فهم ، من جهة المطالبة بملكية " يسود فيها الملك " ، ومن جهة المطالبة بملكية " لا يحكم فيها الملك " ؟ ان القول ب " ملك لا يحكم " ، يتعارض مع الاعتراف للملك " بملك يسود " ، لان السيادة هي السطوة ، والسلطان ، وهي القوة ، والضبط ، والتحكم في كل شيء ، والاستئثار بكل شيء .. النظام المغربي حين تُقدّم له المطالب باسم الإصلاحات السياسية ، وبهذا النوع من التناقض الغير مقبول ، في الفهم ، وفي الديباجة ، وفي الشكل ، والمضمون ، من طرف أناس يعتبرون انفسهم ( سياسيين ) ، وهم في الحقيقية عيّاشة باسم السياسة ، او ( مثقفين ) ، وهم اشباه المثقفين ، او ( نخب ) ، واية نخبة هي قضية أساسية ، ينتشي فرحا ، وغبطة ، وسرورا ، بل يغرق في هستيرية من الضحك ، لانّ هؤلاء من حيث لا يشعرون ، او يناورون ، يُسدون خدمة للنظام عندما يدافعون عن الملكية المطلقة / الدكتاتورية ، بتركيزهم على ان يكون دور الملك في النظام السياسي ، هو السيادة ، أي الحكم ، أي الاعتراف للملك ، بانه هو الدولة من خلال امتلاكه السيادة والسلطان ، في النسق السياسي المغربي . فعندما يكون المخاطب للملك ، او للنظام ، او للدولة ، يفتقر الى المستوى السياسي المطلوب ، ويجهل ابجديات السياسة ، وتجده تائها ، شاردا ، وعاجزا عن تحديد معاني المصطلحات ، واستعمالها في غير محلها ، وفي تعارض غير مقبول ، ك " ملك يسود " ، و " ملك لا يحكم " .... فالنظام في مثل هذا الوضع ، يترفع ، ويتعالى فوق عرشه على الجميع ، وهو وضع يعطيه حجة ، وقناعة بالحرية في التصرف ، كيفما يحلو له ، وكيفما يريد ، دون اعارة أي اهتمام لمن يرقص رقصة الديك المذبوح . وبالرجوع الى الخطابات ( السياسية ) الرائجة ، والمتداولة اليوم في الساحة ، والتي تتظاهر بتركيزها على الإصلاح ، ونعني بهم أصحاب الدعوة الى الملكية البرلمانية ، فمن خلال السؤال الذي طرحوه ، واجابوا عنه بشكل مٌبْهم ومُلّبد ، " أي ملكية نريد " ؟ يتبين انهم لم يستخلصوا العبرة ، من استحالة المطالبة بنظام ، يجمع في آن متناقضين متعارضين ، " ملك يسود " ، و " ملك لا يحكم " ، وقناعة منهم بضرورة التمسك بالملكية المطلقة في شكلها الاثوقراطي / الثيوقراطي / الكمبرادوري / البتريمونيالي / الاوليغارشي / البتريركي / القروسطوي / ، وحتى لا يثيروا حفيظة ( قواعدهم ) ، طالبوا بملكية برلمانية ليست كونية ، أي ليست اوربية ، لكنهم طالبوا بملكية برلمانية خالصة ، من خلال بعض الإصلاحات الثانوية التي لا تمس اصل ، وقوة الحكم ، والنظام ، من خلال الاعتراف للملك بالسلطة الاستثنائية الدينية ، التي تمتح الحكم من الله ، أي الاعتراف للملك بسلطة الجبر ، والقوة ، والسيادة الحقيقية والسلطان ، وهي السلطة التي تجعل الملك فوق الدستور الذي هو دستوره . فكيف يمكن الجمع بين مطلب الدّمقْرطة المحتشمة ، وهذه تتماشى مع " ملك لا يحكم " ، وفي نفس الوقت الاعتراف لرئيس الدولة ليس كملك ، بل الاعتراف به ، كأمير للمؤمنين ، وراعي كبير ، وامام للمأمومين ، وهذه تتماشى مع " ملك يسود " ؟ فهل المشكل في النظام الملكي المغربي ، كنظام فريد من نوعه في العالم ، يركز في نظام حكمه على التقاليد المرعية ، لرعية الرعية المأمومة ، ام ان العجز ، والمصيبة ، والاشكال ، في مَنْ يسمون انفسهم ب ( السياسيين ) ، عيّاشو السياسة ، وب ( النخبة ) ، النخبة قضية ، وب ( المثقفين ) ، اشباه المثقفين ، الذين يبرعون في التزمير ، وفي التطبيل ، و الغارقين حتى النخاع في تقاليد النظام المرعية ، حتى يستمروا في الإقتات من فضلات موائد النظام ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رايات الاستعمار ترفرف فوق العواصم العربية / Les drapeaux col
...
-
الولايات المتحدة الامريكية / اسرائيل // Les Etats nis d’Amér
...
-
البرلمان المغربي
-
هل لا تزالون تحلمون بفلسطين حرة مستقلة
-
اليسار مات في يناير 1975 / المؤتمر الاستثنائي / مؤتمر الارتد
...
-
ملف - الحراك الجماهيري الثوري في العلم العربي .. -
-
خطير : دعوة الى القتل
-
بومدين والبربرية
-
الى الرأي العام الدولي أوقفوا التعذيب في المغرب
-
بناء الخلافة في تونس -- Linstauration du Chilafa ( le chalif
...
-
اتفاقية مدريد الثلاثية
-
العلاقات المغربية الاسبانية
-
الخونة الفلسطينيون -- Les traîtres Palestiniens
-
ما يجهله المدافعون عن سجناء الريف -- Ce qui ignore les défen
...
-
خطاب الملك محمد السادس : - خطاب تحد للجزائر ، وللامم المتحدة
...
-
الغربيون وقضية الصحراء الغربية
-
الى الرأي العام الدولي -- A lopinion public Internationale .
...
-
التخلي عن السلاح : منظمة ( التحرير ) الفلسطينية ، وجبهة البو
...
-
تمخض الجبل فولد القرار 2494 -- Analyse de la résolution 2494
...
-
لبنان الى اين ؟
المزيد.....
-
صور بعض قتلى فاجعة اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية في واش
...
-
شاهد كيف ردّ ترامب على سؤال صحفي بشأن رفض مصر والأردن اسقبال
...
-
سموتريتش: إذا تضمنت المرحلة الثانية من الصفقة إنهاء الحرب دو
...
-
من هو محمد الضيف الذي أعلنت حركة حماس مقتله؟
-
تحليل: عندما توجه الجزائر بوصلتها نحو أمريكا كيف يستجيب ترام
...
-
الكشف عن 3 حوادث تقارب جوي سبقت كارثة اصطدام الطائرتين في وا
...
-
إنقاذ 60 شخصا في حريق شمال غربي موسكو (فيديو)
-
للمرة الخامسة على التوالي.. موسكو تسجل رقما قياسيا لدرجة الح
...
-
رئيس الأركان الروسي يتفقد قوات -الشرق- في دونباس (فيديو)
-
مصر.. حريق ضخم يلتهم السفن في السويس
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|