|
نظرة على واقع ومعاناة الايزيدية ، ومقاربة ، للحلول المناسبة والممكنة
صبحي خدر حجو
الحوار المتمدن-العدد: 1561 - 2006 / 5 / 25 - 12:01
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
1 من 4 ( الحلقة الاولى)
منذ سقوط النظام الفاشي ولحد الآن ، كتب وحلّل المعنيون بالشأن الايزيدي ، كثيراً عن وضع الايزيدية ومن كافة الجوانب ، وخلصوا الى وصف هذا الوضع ، بالمتردي والسيء ، وانهم يتعرضون الى التهميش والاهمال من الدولة العراقية ، بما فيهم من اقرب المقربين اليهم من الاخوة الكوردستانيين ، وهم ايضاً يفتقدون الى الحد الادنى من وحدة الرأي والارادة والموقف ، بسبب ضعف قيادتهم ، وتشرذمهم وتشتتهم ووقوعهم تحت تأثيرات قوى انانية مختلفة ، وهناك شعور بالاحباط والتشاؤم لدى الغالبيـة العظمى من الايزيديين ازاء حاضرهم و مستقبلهم ، ولا تلوح الحلول المنقذة في الافق القريب .
ومن اجل الألمام الاوسع بتفاصيل هذا الوضع ، والتعرف على القوى والتنظيمات والشرائح والمؤثرات المختلفة ، التي تسهم و تؤثر فيه وعلى وجهته بهذا القدر اوذاك ، الان وللمستقبل ايضا ، سلبا او ايجابا ، يمكن التعرف عليها بالشكل التالي : :
1 ـ طبيعة نظام الحكم والوضع السياسي في البلاد ، في حالتي ، النظام الدكتاتوري الشمولي ، او في التحول الديمقراطي وفق العملية السياسية الجارية الحالية ، مع ما يرافقها من مصاعب وعراقيل . والمؤثرات السياسية العامة العراقية والكوردستانية ، وانعكاس ذلك على الوضع الايزيدي العام . ففي عهد النظام البائد لم يكن بالامكان قيام اي شكل من اشكال التنظيم المدني او السياسي المخالف للنظام ، بين مكونات الشعب ، فكيف بالايزيديين المساكين ؟. ولكن بعد زوال النظام ، اتيحت الفرصة للجميع ومنهم الايزيديون لان يشعروا بالحرية ويحاولوا ان يمارسوها . ورغم ان الجوانب السلبية ما زالت تخيم على الوضع الحالي وتترك تأثيرها على حياة الناس ، ولكن انطلق الالاف من الايزيديين كغيرهم للانخراط في التنظيمات المدنية والسياسية ، وانشأوا لذلك المنظمات الخاصة بهم ايضا . معبرّين عن انفسهم وافكارهم وطموحاتهم من خلال تلك التنظيمات المتعددة . كان هذا افتراضيا او بديهيا ، و هذا ما يبدو للعيان ، ولكن هل الواقع هكذا ويمارس الناس حريتهم كما يريدون ويشتهون ؟ ام هنالك حدود وقيود من نوع آخر، تُفرّغ الحرية من محتواها الحقيقي ؟؟ لابأس من ان نقول من ان هنالك تقديرات مختلفة لهذا الامر. .
2 ـ مؤسسة الامارة ، والامير ... كما هو معروف ، فما زال الايزيديون يُحكَمون اويدار امرهم بالطريقة البطرياركية القديمة ، والتي تختزل دور الجميع في شخص الامير فقط . وقد اجمع اغلب الايزيديون تقريباً على تشخيص الاسباب الكامنة او المسببة لهذا الوضع المتردي والمحبط ، والمتمثل بضعف القيادة ودورها الهامشي الهزيل ، واتباعها الاساليب الكلاسيكية القديمة جداً في محاولة الامساك بالامور، ووضع الحلول المتخلفة والتي لا تتناسب مع طبيعة وحجم المشاكل التي يتعرض لها المجتمع الايزيدي ، ووضع مصالحها الخاصة ، مقياساً لصحة وخطأ الخطوات التي يتوجب عليها اتباعها ، واعتمادها على الرأي الفرد في تصريف الامور ، وحساسيتها المفرطة ازاء تشكيل المؤسسات المدنية ، التي يسود الاعتقاد على انها ستكون مؤهلة للتصدي لتلك المشاكل، وتساعد في تطوير قدرات وامكانيات ووحدة الايزيديين . اي بمعنى آخر ، وبرأي هؤلاء المحللين ، ان المفصل او العقدة المستعصية كما تسمى ، والتي تؤثر ايجاباً او سلباً على كامل الوضع الايزيدي ، هي مسألة ، طبيعة القيادة وقدرتها ودورها ، وهذا صحيح الى حدٍ بعيد .
3 ـ المجلس الروحاني الاعلى .. وهو يضم عدداً محدوداً من رجال الدين ( 7 ـ 8 ) أعضاء ، وهم يمارسون مهامهم الدينية ، دون ان يكون لهم اي تأثير في اتخاذ القرارات التي تتعلق بالشان الايزيدي العام ، مراعاةً لدور الامير وتفرده ، ومن النادر جداً ان تكون لهم اعتراضات جديّة على القرارات التي يتخذها الامير لاسباب معروفة لدى الايزيديين . وهنالك سببان مهمان يساهمان في عدم حيوية اعضائه وضعف مواقفهم ، الاول ، ان اغلبهم ان لم يكن جميعهم اميّون ، او في احسن الاحوال يحسنون القراءة والكتابة فحسب ، فامكانياتهم متواضعة وبسيطة في مجال اختصاصهم ، والثاني ، طريقة وآلية اختيارهم البدائية والمستندة في الاغلب لمن يدفع اكثرلحيازة هذه المكانة ! اي ان توليهم لهذه المهام لا تأتي عن طريق التنافس في مجال الشهادات او القدرات الثقافية وغزارة المعلومات والتمكن من الاختصاص . هذه الاسباب تؤثر في طبيعة مواقفهم ايضا .
4 ـ رؤساء العشائر والعشائرية .. ما زال للنظام العشائري والتبعية له ولتقاليده ، دورٌ مؤثر في الواقع الايزيدي ( شأنهم في ذك شأن باقي مكونات المجتمع العراقي ) ، ولكن هذا التأثير يختلف من منطقة لاخرى ، وعلى العموم ما زال في قضاء سنجار ، والذي يشّكل اكثر من ثلث ايزيدية العراق مؤثرٌ بدرجة كبيرة . ورغم بعض الجوانب الايجابية في العشائرية ، منها التكافل الاجتماعي وتوفير الحماية لابنائها ، خاصة في الوضع الراهن المتميز بالفلتان الامني وتصاعد حدة الصراع على جميع الاصعدة . ولكن تبقى الجوانب السلبية هي الطاغية ، فما زال رؤساء العشائر يستخدمون عشائرهم لمصالحهم الخاصة ، سواء في حيازة وتملك الاراضي او الاستئثار بأي مشروع يخصص لمناطقهم من اية جهةٍ كانت ، او في الاستحواذ على العطايا والهبات من الدولة او اطراف اخرى ، او في عقد التحالفات العشائرية او السياسية ، او قبض ثمن تغيّير الولاءات خاصة السياسية منها ، جميعها تخضع لرأي ومصلحة رئيس العشيرة وعائلته . وعلى العموم ، فانه عدا بعض المواقف الايجابية لرؤساء هذه العشائر في فترات متباعدة ، فإن مواقفهم تنحصر على الاغلب في وضع مصلحتهم الخاصة فوق المصلحة العامة للايزيدية ، وينعكس ذلك خاصةً في سلبية مواقفهم لأيجاد او المساعدة على سلوك الطريق القويم لترصين وحدة الايزيديين ، او لعب دور ضاغط ايجابي لصالح ايجاد قيادة جماعية او رأيٌ موحد للايزيديين إزاء ما يؤثر على مصيرهم ومستقبلهم . حيث ينطبق عليهم المثل القائل ( واحد يجر بالطول والاخر بالعرض ) . .
5 ـ الاحزاب والاطراف السياسية.. كان حزب البعث ، ومن خلال اجهزته المتنوعة واعضائه من الايزيديين ، يحاول ان يفرض اجندته ومفاهيمه على الايزيديين ، وبذل الكثير من المحاولات في سبيل تعريبهم ، رغم انه كان يعاملهم بكل قسوة اسوة بالمواطنين الاكراد ، ويطبّق عليهم ما كان يطبقه على الاكراد من ترحيل وتهجير ومصادرة اراضي وممتلكات وقرى ! . انتهى البعث ونظامه الدموي ، ولكن ما زالت اثاره المدمرة بادية على العراق وعلى الايزيديين بشكل خاص. . ومنذ الانتفاضة المباركة في آذار 1991، وتحرر اغلب مناطق كوردستان ، ومنها نصف مناطق الايزديين، وادارتها من قبل الجبهة الكوردستانية اولا ومن ثم الحكومة الكوردستانية اواحزابها. وأستكملت العملية بتحرير العراق ، وبذلك نشأ وضع جديد تماماً، انعكست معطياته الايجابية والسلبية على الواقع الايزيدي بقوة . أذ حلّت الاحزاب الكوردستانية بثقلها السياسي والعسكري والمادي على الساحة ، وانشأت لنفسها منظمات حزبية وجماهيرية على كل الساحة الايزيدية . وبذلت من النشاط والاموال والامكانيات ، وسخرّت من الجهود الكثير في سبيل فرض اجندتها على المنطقة ، ويوصف نشاط هذه الاحزاب وفي ظل التنافس المحتدم والشديد بين الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني ، انه اتخذ مسارات سلبية وغير مرضية من جماهير المنطقة ، اذ ان شّدة وحدّة هذا التنافس دفعتهم لمحاولة كسب الوجهاء ورؤساء العشائر اولاً ،والتسابق على، حتى الذين كانوا اليد اليمنى للنظام السابق في تلك المناطق ! ولا غرابة في ذلك ، فهذا السلوك هو ( ممارسة لنهج قديم ولكن دائمي) ، من خلال اغداق الاموال والسيارات والامتيازات عليهم وبإفراط ، وتتضاعف هذه " الاكراميات " كلما لوّح احدهم بإمكانية تغييّر ولائه الى الطرف الاخر !! ولا غرابة ان نسمع الكثير من التعليقات التي تقول ان مقدار ما يصرف على مثل هذه الحالات لا يصرف على المشاريع المفيدة للشعب الكوردي ! كما انصّب اهتمام هذه الاحزاب على بناء المقرات الحزبية والامنية اكثر من الاهتمام بمعاناة الجماهير وحاجاتها الملحة ، خاصة الخدمية منها ـ ( ماء ، كهرباء ، الصحة ) ، كما تم تجنيد الآلاف من ابناء هذه المناطق تحت مسميات مختلفة ، افواج ، سرايا و....الخ وتدفع لهم مخصصات شهرية ، دون وجود اية مهمات محددة لهم ، وهم قابعون في بيوتهم ، فقط من اجل كسب اصواتهم ومواقفهم لتأمين و حشد المزيد من المؤيدين والموالين ، ولكن المستعدين ايضا لتغيّير مواقفهم تبعا لمن يدفع اكثر !! . صحيح ان هؤلاء الكادحين العاطلون عن العمل قد استفادوا الى حدٍ ما من اجواء هذا الصراع لأعالة عوائلهم ( ربُ ضارةٍ نافعة )، ولكن من جهة اخرى ادت هذه السياسة الخاطئة ، الى توسيع وتضخيم سوق الانتهازية الموجود اصلا ، وارتفعت اسهمه الى عنان السماء !! على حساب تدمير المواقف المبدأية والقيم والاخلاق والسلوك السياسي الصحيح الذي كان يفترض ان يسود عملية الصراع الحزبي والسياسي بين الاحزاب . ولم يتوقف الامر عند هذا الحد ، وانما حاولت هذه الاحزاب ان تفرض اجندتها ونهجها السياسي على جماهير الايزيديين ، من خلال جمهرة غير قليلة من الاعضاء الحزبيين وأعضاء المنظمات الجماهيرية من الايزيديين ، والنظر بإرتياب وشك وعدم ارتياح الى المخالفين لهم او ممن لا يستسيغون العمل والنشاط الحزبي او الجماهيري . وزاد الطين بلة استخدام نفس الوسائل التي اتبعها البعث والتي كان الناس قد مقتوها وكرهوها اشّد الكره ، وهي استخدام التوظيف والتشغييل كوسيلة ضغط للكسب السياسي والحزبي غير المشروع !. والاهم من كل ذلك محاولة تبنّي جهة ايزيدية معينة وموالية ، والتعامل معها على انها مرجعية للايزيدية !. ورغم بعض المكاسب التي حصل عليها الايزيديون هنا او هناك وعلى اهمية بعضاً منها ، من الاطراف الكوردستانية ، ولكنها لم تستطع ان تقلل من السخط والشعور بالاحباط لدى الاغلبية الواسعة من الايزيديين ، لما يتعرضون له ، حسب قناعتهم، من الاهمال والتهميش وطريقة ادارة الامور في مناطقهم . يتبـــــــع
#صبحي_خدر_حجو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقالة .. تساوي .. إقالة
-
كوردستان .. بين العناوين
-
دعوة .. لرسم نهج سليم للتعامل مع المكونات الكوردستانية
-
وقع المحظور .. يا غلابة
-
تحية وتهنئة ، من بيشمه ركة ، الى بيشمه ركة
-
راتب .. وموقـــف ذو مغـــــزى
-
هـــلاّ، فرقتّم يا قوم ،بين الاسود والابيض ؟
-
عندما يتحول الشك الى يقيـــن
-
صبراً ، انها سحابـــة صيف .. يا ملح ارض العراق
-
هــل هــــــو ارهـــــاب ام - مقاومـــــة - ، ايها الرفاق ال
...
-
الشرع والارهاب .. في مسألة الحجاب
-
شكراً ... سيادة الرئيس
-
تهنئة مخضبة بالدموع ، الى المقبرة الجماعية رقم .......
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|