أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - العراق في قلب العاصفة















المزيد.....

العراق في قلب العاصفة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6422 - 2019 / 11 / 28 - 00:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أحد ينكر أن العراق اليوم وبفضل السياسات الفاشلة والمحبطة التي أختطتها الحكومات المتعاقبة منذ حتى ما قبل 2003 يواجه وضعا إقليميا بالغ الخطورة والتعقيد، هذه السياسات التي قدمت مصالح الأيديولوجيا ومتطلبات صراعها مع الأخر على مصلحة الوطن والشعب، وكان من نتائج ذلك أن وجدت نفسها في أتون تنازع دائم بين أن تضحي بالمصالح الوطنية العليا للعراق أو المضي بعناد وغباء فيه دون أن تتمكن من حصاد شيء ما يعادل أو يجبر الضر الذي تحقق أو المأمول منه أن يتحقق.
الوضع العراقي واحد من أصعب المواقف والمواقع على الصعيد الإقليمي والدولي كونه مرتكز للسياسة الدولية بشقيها السياسي والأقتصادي وصراع القوى من جهة، ومن جهة أخرى توسطه لمنطقة التجاذبات والتنازع على المصالح، غير أنه ممر وطريق مختصر يربط الصراع الإقليمي الحالي بصراع قديم وتقليدي وإن حاول الكثيرون تجاهله الآن، وهو الصراع العربي الإسلامي _ الصهيوني، مما يعني أن إشغال هذا الممر بمشاكل وتراكمات مشاكل وفعل ورد فعل الأطراف المتصارعة، هو السبيل الأضمن للحفاظ على الوضع الراهن إسرائيليا وأمريكيا غربيا بلا أدنى شك، أولا لجهة إشغال الخصوم التقليدين للكيان الصهيوني بمشاكل وأزمات لا تنقطع، وثانيا زرع الخوف والرهبة لدى شعوب المنطقة من أن أي محاولة للتفكير في تجديد هذا الصراع سيكون مكانه وحصاده ونتائجه في ذات المكان وليس على الموقع الإسرائيلي.
قد يكون التعامل مع تعقيدات الوضع الجيوسياسي بالنسبة للسلطة العراقية سياسيا أو عسكريا محكوم لهذه الأعتبارات الخطيرة، مما يصعب من مهامها أو كيفية إدارة الدولة خاصة إذا كانت تميل أو تتعاطى بإيجابية مع أحد محاور الصراع، وهذا ما كان وسيكون على الدوام طالما أن القوى الإقليمية المؤثرة على صناعة القرار لا تدعه أن يأخذ أستقلاليته من المصالح العراقية العليا، وبالتالي فالحكم سيكون بالنتيجة يأخذ منحى أنتصار أو خسارة هذا الطرف الإقليمي الذي تتبعه سياسة العراق خارجيا وداخليا، ومن هنا كان التأكيد دوما على أن الحفاظ على توازن نوعي بين القوى المتصارعة والأبتعاد عن سياسة المحاور ولو بالحد الأدنى، هو ما يجنب العراق نتائج غير متوقعة لا على المستوى القريب ولا على أستراتيجيات المستوى البعيد من خط الصراع.
من ينظر بعمق إلى إدارة الأزمات الدولية والإقليمية بمنظور القارئ الاستراتيجي يصل إلى حقيقة مهمة، وهي أن مجمل السياسة العراقية ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في أوائل القرن الماضي ولليوم، يجد أنها في أطارها العام والتفصيلي كانت سياسة ذات جانب واحد في التأسيس والأداء، فبعد التبعية التامة للمحور البريطاني الذي أسس هذه الدولة وقادها حتى عام 1958 جاء دور العسكر بعد تموز من نفس العام ليتخبط بين العقيدة العسكرية وبين الأنحياز إلى المحور الشرقي الذي كان يقوده الأتحاد السوفيتي قريبا أو قريبا جدا، وحتى في فترة نظام البعث الذي قاد الحكم منذ عام 1968 ولغاية 2003 كان بشكل أو بأخر مع هذا المحور بالرغم من الخلافات والنكوص الذي شهدته خاصة بعد ثورة الإصلاح وإنهيار المنظومة الشرقية وتفكك الأتحاد السوفيتي ونشوء دولة روسيا الأتحادية الوريث الطبيعي لروح الأتحاد المنحل.
جاءت عملية التغيير بعد الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ليدفع العراق ثمن تحالفاته القديمة غاليا وليعيد بناء وضع مناقض ومخالف لطبيعة علاقاته في المنطقة، جراء الخطأ الأمريكي ليس في أحتلال العراق فقط ولكن بطريقة وشكل البناء في النظام السياسي وتحديد مساراته ليكون جزءمن منظومة الدفاع الإمريكي وساحة من ساحات الصراع المتجدد مع خصوم أعداء أمريكا في المنطقة، خاصة وأن كلا الخصمين الرئيسيين في المنطقة لهما قوة التأثير والفعل داخل الجغرافية العراقية وداخل المنظومة السياسية العراقية الجديدة.
هذا التناقض والخطأ في الحسابات والإعدادات السياسية التي خلفها المحتل الأمريكي في واقع السياسة العراقية، جعل من حكامها في حالة صراع الأخوة الأعداء على مصالح قوى وصراع خارجي لا يمت لقضية العراق ولا مستقبل شعبه، فبين الولاء للمحتل الذي مكن هذه القوة الجديدة وبأستخدام القوة العسكرية متفوقة النوعية والفعل، وبين ولاء عقائدي للخصم الأخر عاشت السياسة العراقية إنفصام في شخصنة شكلها وحولت العراق كدولة ومجتمع وكيان إلى مجرد أداة من أدوات الصراع، الغريب أن القادة الجدد تنكروا أيضا لأساسيات الثقافة الفكرية التي كانت في برنامجهم السياسي بمجملة في وضع يقال أنه برغامتي وصولي.
عليه يمكن القول أن هذا التغيير السياسي المصاحب لوجود المحتل لم يغير من أساسيات المعادلة السياسية للأداء الحكومي السلطوي بالانحياز المعتاد لجهة لها خطوطها العامة وتكتيكاتها الخاصة، ولم يتحرر كما ورد في دستورها لعام 2005 أن يكون كيانا مستقلا لا يعادي أحد ويتجنب سياسة المحاور التي أعتمدت من أول نشأت فيه الدولة العراقية، هذا يعني أن التحول بدل أن يخرج العراق من دائرة التوتر المزمنة إلى حالة من السلام الدولي والإقليمي وضع العراق في لب العاصفة ومركزا مهما من مراكز إدارتها.
عليه فالتغيير لم يكتسب أهميته برغم الثمن المدفوع من قبل العراقيين له في إرساء السلام والاستقلالية للقرار العراقي، ولا حتى التخفيف حدة التناقضات السياسية والإقليمية للصراع على الوجود والمستقبل ولا من أثاره الضارة، فما يريده الشعب العراقي وأصر عليه وخاصة مع أشتعال ثورة تشرين المجيدة هو الخروج من دوامة التبعية لهذا الطرف أو ذاك، وطالب بكل حدية وتصرف بشكل قد يبدو متطرفا عند البعض تجاه رموز وأدوات الصراع الجاثم على مركز القرار، رفض الشارع العراقي مثلا للتبعية السياسية لإيران ولأمريكا تحديدا ليس كرها شخصيا لهما بقدر ما كان أحتجاج على هذه التبعية، الثورة ومن أهدافها في العراق تعزيز الاستقلال الوطني وبالذات القرار السياسي وما يرتبه على جملة الواقع العراقي من تداعيات، وعندما تعود العلاقة العراقية مع هذا الطرف أو ذاك لا تجد مبررا للعداوة أو الرفض له، ولا حتى إمكانية التعامل معها على أساس الندية ومباني مصالح العراق الوطنية.
الثورة لا ترفض العلاقات الدولية السليمة ولا تتبنى منهج الرفض لأجل الرفض، بل تركز على أن العالم اليوم شبكة مصالح متبادلة ومحترمة ولها واقع حقيقي يجب أن يصاغ وفق أساسيات القانون الدولي الأممي ومنها عدم التدخل في شؤون الأخرين أو أن نكون جزء من محور ضد محور، ولكن الغير حقيقي واللا مرغوب به هو أن نكون ثمن وأداة ومشروع للغير مهما كانت صفة العلاقة أو نوعيتها، أو حتى منطلقاتها وهي تنتهك سلام وسلامة العراقيين ولا تحترم قرارهم السياسي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح2
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح1
- التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح1
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح4
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح3
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح2
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- في نقد الدستور العراقي (مواد دستورية معطلة)
- ملاحظات على قراءة الدستور العراقي
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج2
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج1
- بيان الحراك الشعبي العراقي ومجموعات من تنظيمات ناشطي ساحة ال ...
- تفصيلات الدستور والنصوص (فن الصياغة)
- لماذا تشرين؟
- أزمة العقلية الحاكمة في العراق ومستقبل الحراك الشعبي.
- أساسيات الدستور العراقي ثالثا _الصيغة الأتحادية


المزيد.....




- ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف ...
- زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
- -خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
- الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
- ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات ...
- إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار ...
- قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
- دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح ...
- كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع ...
- -كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - العراق في قلب العاصفة