|
الْسَبِيلُ إلى اللهِ يُحررنَّا مِنْ سَواه
عادل محمد العذري
الحوار المتمدن-العدد: 6420 - 2019 / 11 / 26 - 02:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في رحلة الغربة عَنِ اللهِ، تتوه الروح في دياجير الظلام، ويستعلى العقل ويزهو بقدراته ، بحث عن لِذة السعادة التي يسعى للحياة بها. وبين ثنائية الروح والعقل ، وجدل نوع العلاقة بينهما- إن كان ثمة علاقة – وما نوع تلك العلاقة ؟ ومن أين نستمد معرفتها؟ جزء من تلك المعرفة ، نريد أن نستمدها من الله ،ولماذا الله؟ لأنه هو من عمل الإنسان ،وصاحب صنعته .فهل نستمع للصانع ، كيف يتحدث عن صنعته؟ علنَّا نجد معالم الطريق إليه ! فنؤمن به بسبيل واحد ، تنسجم مع مفهوم وحدانية الله، إذا ليس من المنطق والبداهة والمعرفة ، تعدد سُبل الوصول إليه ،بطرق عده يكتنفها الغموض ، وَتسيلُ معها الدماء قرابين له ، بحجة الدفاع عنه وتأييده ونصرته، في كل زمان ومكان - وهو الغنى عن ذلك كله- لنستبين الطريق المستقيم وهداية الوصول إليه، فيستقيم أمر العقل، مع سبيل وحيد ووحيد فقط إليه. قد نشعر بالقلق إزاء تلك المعرفة. كون الواقع، الذي يعكس تلك المعرفة ،عبر الأزمنة المختلفة، ومِنْ قام بتقدميها، قد جعلت الإنسان، يتصور الطريق المستقيم الذي يصل بين الإنسان وبين الله. نابع من هو الإنسان ،وما استند إليه من معرفة مختلفة ،فقرر معالم الطريق إليه. قد يتسأل القارئ – وحق له أن يتسأل – عن ضرب من الغموض يكتنف تلك المعرفة ،التي تُسمى" بعقيدة الله " ومن اين نستمدها. إنسان ينتمى لقوم محمد (ص) وآخر ينتمي لقوم عيسى (ع)وآخر ينتمى لقوم موسي (ع) وآخر ينتمى لقوم مختلف ممّا سبق ذكرهم و قد لا يؤمن بما يؤمن أولئك. فضلاً عن ذلك ، في فلسفة كل قوم لا تجد ذلك السلام والأمن والرحمة ،بما يعود على فئة الإنسان، بالحفاض عنه والذود عن قدسيته باعتباره صنعة الله، وتاريخ كل قوم ملئ بتلك الصراعات، ناهيك عن صراع كل قوم مع قوم آخر تحت راية الله والذود عن عقديته. نركز الحديث هُنا على الأقل بمن يؤمنون بالله وليس بِآلهةٍ ارضية صنعها عقل الإنسان وقدَّسها في زمن ومكان ما. هُنا قد تتولد الكثير من الريبة والشك لدي الانسان المتلقي لهذا الخطاب ،وتتبادر لديه العديد من التساؤلات المختلفة ، على سبيل المثال لا الحصر، ما لون المعتقد الذي يحمله الكاتب؟ من أي مدرسة دينية متخصصه ينتمى لها؟ ما الذي يدفعه للكتابة عن الموضوع والخوض فيه؟ من يدعمه وما الذي يرمي إليه؟ وهُناك الكثير من الاستفهامات ؟ وحتى لا نترك القارئ في حيرته وشكَّه. سنبين بعض الحقائق، لتستكين تلك الروح التي تريد ان تمضى معنا في رحلتنا التي لا نعرف كم من الزمن تستغرق وما يمكن أن تصل إليه. الحقيقة -1: ان تصورنا للموضوع ينطلق، من التصور التالي، عند النظر لمكونات الكون المادي ومنها الإنسان ، ننظر للإنسان كفئة مستقلة عن بقية الفئات للكون المادي، دون الاعتبار لقضية المعتقد أو اللون أو الجنس أو الانتماء القومي والعرقي الذي يتصف به واللغة التي يتحدث بها. إعادة النظر للإنسان بتلك الصورة المجردة، والاجتهاد المعرفي الذي سيقوم به كل إنسان ،سيسهم في تعزيز الكثير من القيم الإنسانية التي يتطلع إليها كل عضو منها، بما يعزز قيم الإنسانية المشتركة لتلك الفئة – أي فئة الإنسان-. الحقيقة-2: يتولد لدينا فهم من علم الرياضيات عن حقيقة ما يسمى بالكائنات الرياضية الوجودية ، وهي تلك النماذج الرياضية لطبيعة العلاقات والدوال، والتي تفسر ظاهرة واقعية، في علم ما أو تجرديه لم يتسنَّ معرفة تطبيقها حتى الأن. من تلك النماذج ،نموذج الكائن الرياضي المعروف، بِمُسمىَّ كثيرة الحدود. هذا الكائن، عندما تكون درجة كثيرة الحدود فيه n=1 ، يكون لدينا النموذج الخطي ، نستطيع القول عنه فئة النموذج الخطي، وشكله البياني هو الخط المستقيم، مهما تعددت صور ذلك النموذج. ولرسم ذلك النموذج نكتفي بتحديد نقطتين . وعندها لن نجد سبيل لرسم ذلك الطريق المستقيم الممتد بينهما إلا بطريقة واحده وواحد فقط. الحقيقة-3: تصورنا لسبيل الله هو تلك العلاقة بين الله وفئة الإنسان بالطريق المستقيم الذي يربط بين كل إنسان مع الله ،ولن يتعدد ذلك الخط وتكون النقاط المشتركة التي يصل بها ذلك الخط ،هي تلك النقاط التي ينبغي ان يتوجه فعل الانسان للبحث عنها لمعرفة ذلك السبيل. الحقيقة-4: جزء كبير من متطلبات تلك المعرفة، نستمدها من الله، ويتم البحث عنها، في كل ما اخبر عنه، في أي رسالة قُدمت من عنده ،وليس حصرا على رسالة محددة ،فلابد أنَّ ملامح ذاك الطريق المستقيم خيط يربط بينهما. الحقيقة -5: تتطلب تلك المعرفة ، مجهود كبير، وشاق من الناحية الدراسية، لكن في النهاية ستقدم لنا زاداً حقيقياً في تحديد ما الذي نعرفه عن الله بحق ؟ وما الذي نعتقد به بغير حق، أننَّا نَعرفهُ عن الله أو بسبيل أعتقد به باطلاً عن الله. الحقيقة-6: لا توجد علاقة عبودية إلا بين الإنسان وبين الله – تلك العبودية العادلة- و هي تتسم بالوحدانية ،كون ذلك المعبود يتصفُ بصفات غير قابلة للنقل ،مثل السيادة و السرمدية واللامحدودة بزمن ومكان يمكن رصده بها، وبكل ما هو مطلق بذاته. وما دون ذلك هي تجسيد لعبودية الوثنية السياسية وغيرها بما هو نسبي ، فكيف يقبل الإنسان خضوع لمساوي له بالنسبية ؟ الحقيقة-7: إن العقل هو الآلة المشتركة بين فئة الإنسان، والعقل الفعال من تلك الفئة هو القادر على كشف الحقائق عن الكون المادي ،فإذا ما ارتبط ذلك العقل بروح نقية صافية ومتجردة، تتلقى هذه الحقائق وتعبر عنها بلغة إنسانية تجعلها في متناول العقل الإنساني ،ومدارك حواسهم ومخيلتهم، سيتجلى صدى هذه الحقائق وتشرق على فئة الإنسان ،وتنعم بإنسانتيها بعيداً عن حالة العنف والرعب والصراع والجور التي تتحكم بها. وهُنا تسقط حجة من يتمسكون بالتخصص كسبيل وحيد لمعرفة ذلك والحديث عنه.
#عادل_محمد_العذري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مَنْ يُسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ؟
-
مِنْ حَرقَ الوطن إلى حرقِ المعرفة في اليمن.
-
مِنْ حكايات الزمن
-
الشرق القادم من ميلاد الشعوب
-
الآتي لا محالة
-
انشغال الجماهير عن غايتها
-
جدل ثنائية الحرية والمعرفة وأثرهما على الوعي السلطوي الشعبي.
-
الحاجة للدولة ضرورة أم وهم وما علاقتها بالشعب
-
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، عَنِ الدينِ ،هل هُو أفيون الشُعوب؟
-
الإنسان هو جوهر الله في الكون المادي (ح 1-3)
-
الإنسان هو جوهر الله في الكون المادي(ح2)
-
الإنسان هو جوهر الله في الكون المادي(ح1)
-
هل تكون أحداث عدن العبور لتقسيم اليمن؟
-
ضرورات إسلامية وليست حقوق آنية
-
في حدود الحرية المتاحة نقول كلمتنا لتطبق الحد الأدنى من العد
...
-
الإسلام والإعلان العالمي لحقوق الأنسان.
-
اليمن بين منزلة شرعية من لا يتفقون ومنزلة الولاية.
-
جُمهوريات الوطن العربي بين واقع اليوم وأحلام الغد .
-
غياب الدور الجماهيري عن ممارسة السلطة يجسد طغيان الحاكم السي
...
-
في سبيل فكر إنساني يخلصنا من الطغيان المتجدد
المزيد.....
-
وزير الدفاع الأسبق: يكشف العقيدة الدفاعية للجمهورية الاسلامي
...
-
-ترامب سينقذ العالم من الإسلام المتطرف- – جيروزاليم بوست
-
قائد الثورة الاسلامية في تغريدة: كل فلسطين من النهر الى البح
...
-
الآغا خان الرابع زعيم قاد الطائفة الإسماعيلية النزارية 68 عا
...
-
إيهود باراك: خطة ترامب بشأن غزة -خيال-
-
كلمة الرئيس الايراني بزشكيان امام سفراء الدول الاسلامية في ط
...
-
الاحتلال يحتجز مركبة ويستولي على كاميرات مراقبة في جنين وسلف
...
-
اللواء سلامي يشدد على قوة إيران الإسلامية في مواجهة الضغوط
-
اللواء سلامي: هذه الانجازات هي للرد على اي تهديد ضد ايران وا
...
-
بالودان يواصل استفزاز المسلمين ويحرق نسخة أخرى من المصحف أما
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|