حقوق الطفل الانسان من خلال البرامج الدراسية في المدرسة المغربية

إدريس غازي
كاتب و باحث
(Driss Rhazi)

الحوار المتمدن-العدد: 6417 - 2019 / 11 / 23 - 02:25
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

عند اطلاعنا على بعض النصوص في المقررات الدراسية بالتعليم الابتدائي تبين لنا ، و خاصة في المقررات الجديدة أن منهاج التربية على حقوق الإنسان كما اعتمدته اللجنة المشتركة ، يهدف إلى الاندماج بيسر في المناهج الدراسية التي تحمل في مضامينها مفاهيم و مبادئ حقوق الإنسان، و هي مادة التربية الإسلامية، و مادتي اللغة العربية و اللغة الفرنسية و مادة الاجتماعيات 1

فمن خلال النصوص الواردة في هذه المواد يتبين بجلاء تلك القيمة النبيلة و الإنسانية التي تبرز المساواة و الحرية ، فكل هذه المواد تلتقي لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، و تأكيدها على حضور الإنسان كقيمة عليا في الثقافة و الفكر في بناء الحضارة الإنسانية . و من خصوصيات هذا البرنامج التشبع" بمبادئ حقوق الإنسان و استدماجها ضمن أنظمة القيم الفردية و الجماعية من أجل السلوك طبقا لروحها و مبادئها عملية تربوية أساسا "2 كما أن هذه العملية تستهدف " تكوينا يؤهله أن يملك وفقا لمعرفته بحقوقه و حقوق الآخرين : يحترم حقوق الآخرين ، و يدافع عن حقوقه في إطار المشروعية ، و طبقا للمعايير القانونية و الحضارية 3 ، ففي مادة التربية الإسلامية مثلا تسمح جميع النصوص الواردة في مكونات الوحدة بالترويج لمبدأ المساواة ، كمبدأ يقره الإسلام و القوانين الوطنية و المواثيق الدولية، و تقييم السلوكات الفردية و الذاتية، و التفكير في العلاقات الاجتماعية، و إدراك الذات في بعدها الكوني و الإنساني، و شأن نصوص وحدة التربية الإسلامية هو شأن سائر نصوص المواد الأخرى و الحاملة لحقوق الطفل – الإنسان .

فالنصوص القرائية سواء في اللغتين العربية أو الفرنسية كلها تروج لمعالجة قيم اللامساواة من مرجعية الكرامة الإنسانية ، و متطلبات السلم الاجتماعي مما يدفع المتعلم (ة) إلى الثقة بالذات و التقدير الإيجابي لها و وضع الذات مكان الآخر 4 . كما تهدف تلك النصوص لتحفيز الطفل لإدراك البعد الاجتماعي للمشاكل الفردية و الاهتمام بمشاكل الآخر و التعامل بروح التضامن باعتباره و عيا بالمسؤولية المشتركة بين الأفراد أمام المشاكل التي يواجهها أفراد الإنسانية على المستوى الوطني والدولي . و منها الحرمان من حقوق النماء و الحياة و البقاء أو حقوق الرعاية ، كالحماية من الاستغلال و تشغيل الأطفال في سن مبكرة ، و تشغيل البنات في البيوت، كما يمكن تمرير مبدأ الديموقراطية عبر النصوص المتوفرة في تربية الطفل على التعامل بروح الديموقراطية كمرجعية لإدراك الوضعيات الاجتماعية في بعدها الوطني و الدولي ، و كأسلوب لممارسة المواطنة النشيطة.

و يتجلى الترويج لهذا البعد الديموقراطي في الحياة العامة للمجتمع و كذا الحياة الخاصة للطفل (ة)، في برنامج الاجتماعيات.حيث تهدف تلك الدروس و النصوص إلى تمرير الاقتناع عند الطفل بضرورة التنازل عن رأيه عندما يكون الرأي الآخر مهما و نافعا.

لعل القيم الحقوقية التي تروج لها المواد الحاملة في البرنامج الدراسي هي قيم عديدة و ذات أهمية بالغة ، لكن عند لتمريرها تصبح سلوكا ت معتادة عند الطفل و قناعات راسخة لديه شئ يثير نوعا من الجدل في أوساط المجتمع ، و يدخل هذا المقال المتواضع ، بما يحمله من أسئلة ذات طابع إشكالي تثير الاهتمام لدى العاملين في القطاع بضرورة البحث عن صيغ أخرى تكميلية و إما إقرار برنامج لمادة مستقلة في هذا المجال .

إن ما لا يروج له هذا البرنامج الدراسي بوضوح عبر نصوصه هو تنبيه الأطفال لظاهرة الاستغلال الجنسي و جعلهم يقولون – لا – لأي كان عندما يتعلق الأمر بجسدهم كما أنها لا تعرف بحقوق الطفل (ة) في وضعية حرمانه من الحرية كما لا زالت في حاجة لدمج نصوص جديدة تفيد في تمرير حقوق الطفل الفضلى أي تلك الحقوق التي تميزه كطفل يعيش الطفولة لذاتها و ليس كمرحلة ممهدة لسن الرشد.

و لعل البحث الدقيق و عملية استقراء جميع النصوص هو عمل يتعذر القيام به ها هنا، و لهذا كانت إشارتنا سريعة و ربما تطبعها العموميات و الأفكار الجاهزة. لكن بالمقابل تمكنا عبر تمحيصنا لتلك النصوص في صياغة خلاصات و أفكار عامة عن محتوياتها .

كما أن جل المتدخلين في مجال التربية و التعلم و المهتمين بهذا المجال ، يدركون تمام الإدراك أن التربية على هذه الحقوق هو مشروع تتداخل فيه جميع الأطراف في المجتمع ، ففي غياب العديد من الإمكانيات و المعطيات الميدانية فإن البرنامج الدراسي بالمدرسة الابتدائية لا زالت تشوبه نواقص عديدة .و حتى لا تكون أحكامنا مسيقة و جاهزة سنقف عند كتاب ( المفيد في العربية ) السنة الرابعة لكي نتعرف عبر مجالاته الثمانية عن الحقوق التي يتظمنها البرنامج بكيفية مباشرة، ففي هذا البرنامج الجديد نلاحظ تمييزه عن البرامج الدراسية الأخرى عبر مجالات مختلفة و التي سيشملها التغيير قريبا.

#إدريس_غازي (هاشتاغ)       Driss_Rhazi#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات