|
حماس الفنادق وحماس البنادق
شاكر النابلسي
الحوار المتمدن-العدد: 1560 - 2006 / 5 / 24 - 10:42
المحور:
القضية الفلسطينية
- 1- لم يعد خافياً للقريب والبعيد، أن هناك انشقاقاً غير مُعلن بين حماس في غزة وحماس في دمشق، اي بين حماس البنادق (الحمائم) وحماس الفنادق (الصقور). وقد أكد وعمّق هذا الانشقاق عاملان رئيسيان:
الأول التصريحات النارية العشوائية غير المسؤولة التي يطلقها خالد المشعل من دمشق والدوحة وطهران، والتي ما زالت تعتبر الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي صراعاً دينياً محضاً، ويحضّ علي قتال اسرائيل. ومن هنا كان تركيزه في الدوحة مؤخراً، وفي مؤتمر لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ القرضاوي، علي أن الأولوية لحركة حماس هو السلاح ثم المال. ودعا الدول العربية الي التبرع بالسلاح قبل المال.في حين أن الشعب الفلسطيني الذي يأكل الآن في غزة من صناديق الزبالة كما رأيت في زيارتي الأخيرة لغزة، ويشرب من مياه المجاري، وقد بلغت نسبة البطالة بين أبنائه مئة بالمئة حسب تقرير "مؤسسة زغبي لاستطلاع الرأي العام"، وأصبح 70 في المئة من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر العربي (600 دولار سنوياً) وليس تحت خط الفقر الغربي (12 ألف دولار سنوياً). وأن هناك 160 ألف موظف فلسطيني في غزة والضفة لم تدفع رواتبهم منذ شهرين. وركّزخالد المشعل في خطابه الحماسي والحمساوي ذاك علي موضوع السلاح، وطالب عدداً من الدول العربية (لم تكن من بينها سوريا) فتح حد ودها لتصدير السلاح الي (حماس الداخل). ومن هنا، فإن دعوي السلطات الأردنية بأن حم اس متورطة الآن بتهريب السلاح الي الأردن وتخزينه هناك، تقترب كثيراً من الحقيقة، فيما لو علمنا أن هذا السلاح كما تقول بعض المصادر الغربية والإسرائيلية، قد جاء أصلاً من العراق، ثم دخل الي سوريا، ثم تمَّ ادخاله الي الأردن. ولا أحد يعلم إن كان هذا السلاح هو من أجل استعماله داخل الأردن، أم من أجل اعتبار الأردن محطة ثالثة، ليتم ادخاله بعد ذلك الي الضفة الغربية.
وقد أيّد الدعوي الأردنية محمود عباس تأييداً كاملاً، ليس نكاية بحماس، ولكن بما شاهد وقرأ وسمع، وقال إنها دعوي صحيحة حسب ما رآه وما سمعه ما لم يثبت عكس ذلك.
والعامل الثاني الذي يؤكد الانشقاق الحماسي أو انشقاق حماس الفنادق في دمشق وحماس البنادق في غزة وفي الضفة الغربية عموماً، هذه الليونة البلاستيكية السياسية التي نسمعها منذ أن تشكّلت الحكومة الحماسية. وكان أولها تصريح اسماعيل هنية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) عشية تسلّمه الحكم، بأنه لن يسمح لأولاده بأن يحملوا السلاح ويقاتلوا، وكان هذا التصريح تصريحاً لافتاً. إذ ما لا يرضاه هنية لأولاده يجب أن لا يرضاه لأولاد الآخرين. وكان آخرها تصريحات حماسيي البنادق بأنهم يكتفون بفلسطين 1967، وأن تحرير فلسطين من النهر الي البحر، وكل ذرة من أرض فلسطين، كما كان ذلك في ميثاق حماس الديني- السياسي عام 1987 لم يعد وارداً الآن. في حين أننا لم نسمع مثل هذه التصريحات من حماس الفنادق في دمشق وطهران والدوحة.
كذلك فقد سمعنا من حماس البنادق هنا في غزة، بأنه لا مانع ولا ممانعة من أن يقوم الرئيس محمود عباس بالتفاوض مع اسرائيل في شتي الموضوعات. وهذا يعني أن حماس البنادق، لا مانع لديها من التفاوض مع اسرائيل، ولكن من وراء حجاب. وهذا الحجاب هو محمود عباس، ممسحة الزَفَرالاسرائيلي - كما يطلق عليه الحماسيون في غزة - والذي تستعمله حماس هذه الأيام حاجباً بينها وبين اسرائيل، وحجاباً زجاجياً يُري ولا يُسمع، بينها وبين اسرائيل كذلك.
وفي هذا يقول خالد سليمان المتحدث باسم كتلة حماس البرلمانية في الضفة الغربية: ان الحركة لا تعارض قيام الرئيس محمود عباس بإجراء مفاوضات سياسية مع اسرائيل .
وقال سليمان خلال مؤتمر صحافي: ليس لدينا اعتراض علي التفاوض, لسنا عقبة امام التفاوض بالرغم من قناعتنا أن "اسرائيل لا تريد التفاوض .
واضاف: اذا كانت المشكلة في التفاوض بين الرئيس واسرائيل فليكن. الحكومة هي حكومة الرئيس، ولا نعارض ان يتفاوض الرئيس مع اسرائيل والحكومة لا تقف في وجه ان تكون هناك مفاوضات سياسية .
وقال سليمان: ان الحركة التي فازت في الانتخابات الاخيرة وشكلت الحكومة الجديدة تقبل قيام دولة فلسطينية في حدود يونيو 1967 . (جريدة السياسة، 10/5/2006)
وبالأمس قالت الحكومة الفلسطينية أنها علي استعداد لإجراء اتصالات مع اسرائيل من أجل حل الأزمة الانسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال وزير الصحة الفلسطيني باسم نعيم: إن الفلسطينيين بحاجة إلي اسرائيل من أجل فتح المعابر الرئيسية لتسهيل إدخال الإمدادات الإنسانية للضفة الغربية وقطاع غزة .
وقال الوزير: ان أي تعامل للحكومة الفلسطينية مع اسرائيل لن يعني الاعتراف بالإحتلال الإسرائيلي (بي. بي. سي 13/5/2006).
وهذا يعني بكل بساطة، أن لا حُبَّ في السياسة من أول نظرة.
-2-
حماس البنادق في الداخل تطورت سياسياً كثيراً منذ شهرين ويزيد، ومنذ أن تسلّمت الحكم، وطوّرت خطابها السياسي تطويراً مشهوداً نحو الواقعية السياسية، وأصبحت أكثر واقعية سياسية من ذي قبل. وما أبدته حماس طيلة الشهرين الماضيين، كان يثير الدهشة لدي بعض المراقبون، وإن كان هذا التغيير بطيئاً، وليس هو المطلوب في نظر الغرب عموماً. فالجري نحو الشعارات السياسية البرّاقة والمهيّجة للجماهير والشارع، يتم عادة بسرعة الغزلان، والرجوع عن هذه الشعارات يتم عادة بسرعة السلاحف. والتغييرمن الرومانسية السياسية الي الواقعية السياسية في الحركات الرديكالية وخاصة الحركات ذات المرجعيات الدينية الأصولية كحركة حماس، يتطلب وقتاً طويلاً. ذلك أن مثل هذه الحركات تكون مُتسمِّرة بمسامير الثوابت الدينية التي من الصعب الافلات منها وطرحها جانباً. وقد شهدنا علي مرِّ التاريخ كيف أن الحركات السياسية الرديكالية لا تتغير بسرعة عندما تتسلم الحكم. وأن تغيرها يتم ببطء شديد، ذلك أنها لكي تتخلص من شعاراتها السياسية الرومانسية الحالمة، التي أطلقتها عندما كانت تسعي الي كراسي الحكم، تحتاج الي وقت كاف لكي ينسي جمهورها تلك الشعا رات وتبدأ بتوعيته بواقع الحال المرير، الذي لم يكن معروفاً لديها أثناء أن كانت خارج السلطة.
فمن المعروف أن النظم السياسية تقوم في الواقع العملي، قبل أن تقوم في الفكر السياسي، وتغدو نظرية متكاملة وتتشعب الي مذاهب مختلفة. والنظم السياسية تنبع عادة من طبيعة المجتمع وتفكيره ومُثله الأخلاقية والاجتماعية وعلاقاته الاقتصادية (حسين فوزي النجار، الإسلام والسياسة، ص72). وعلينا أن نلاحظ، أن المجتمع الفلسطيني قد تغيّر تغيّراً كبيراً في قيمه السياسية والاجتماعية والاقتصادية منذ عام 1935 وهو العام الذي ظهر فيه عز الدين القسّام الشيخ السوري المناضل الذي أصبح رمزاً دينياً - سياسياً في التاريخ الفلسطيني الحديث، ورسّخ في الذاكرة الفلسطينية السياسية، هو ومن جاء بعده، من أمثال الحاج أمين الحسيني والشيخ أحمد ياسين الصراع الديني المحضّ بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحوّلوا هذا الصراع السياسي الي صراع ديني وليس الي صراع سياسي. وكان خطابهم النضالي خطاباً دينياً وليس سياسياً.
إن كلمة أحبك تستدعي من المحب للمحبوب وقتاً طويلاً من مشاعر الغرام والعشق الصادق، وكذلك الأمر في السياسة. وهذا ما حصل بين فرنسا وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وبين اليابان وأمريكا، وبين كوريا الجنوبية وأمريكا، وبين المانيا والاتحاد السوفياتي السابق. وهذا ما حصل أيضاً بين العرب وبين إسبانيا علي إثر طرد العرب من الجنوب الاسباني المحتل بعد احتلال عربي دام أكثر من سبعة قرون. (755-1505 )
-3-
المهمة الملقاة علي عاتق حماس من حمائم البنادق في الداخل ليست سهلة. فهي قد ورثت تركة سياسية فلسطينية وعربية ثقيلة من حيث اعتبار الصراع مع الغرب ومع اسرائيل علي وجه التحديد صراعاً دينياً وليس صراعاً سياسياً بحتاً، ومن حيث إبعاد الخطاب الديني عن الخطاب السياسي، وفصل الخطابين عن بعضهما فصلاً تاماً. فكما قلنا فقد كان الخطاب الديني ملتحماً مع الخطاب السياسي منذ 1935 وهي السنة التي ظهر فيها المناضل الديني السوري عز الدين القسّام في حيفا، ثم أصبح رمز النضال الفلسطيني شيخ أزهري هو المفتي الحاج أمين الحسيني الذي كان جاهلاً بالدين والسياسة. فهو لم يدرس غير سنة واحدة في الأزهر، وفشل. فكان جاهلاً في الدين. ورغم هذا لبس العِمَّة الأزهرية وتمشّيخ، وأصبح مفتي عموم فلسطين. وهو الذي تحالف مع هتلر ضد الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، فكان جاهلاً في السياسة. ثم أصبح رمز النضال الفلسطيني في الانتفاضة الفلسطينية الأولي الشيخ أحمد ياسين في 1987 عام تأسيس حماس. وهكذا نري أن تاريخ النضال الفلسطيني البارز في العصر الحديث هو تاريخ نضال، يقوده رجال دين، استمدوا شرعيتهم السياسية من زعماء دينيين عرب ، سبقوهم الي النضال السياسي الديني وقادوا حركات دينية سياسية في العالم العربي، كان لها الأثر الكبير في التاريخ السياسي العربي المعاصر، كالحركة المهدية في السودان والحركة السنوسية في ليبيا، والحركة الوهابية في نجد، والحركات الدينية المختلفة في الجزائر والمغرب العربي عموماً. إذن، فالتركة السياسية الدينية التي ورثتها حماس من هذا التراث النضالي تركة كبيرة وثقيلة تنوء بها الجبال، ولا تستطيع حماس التخلّي عنها بسهولة، سيما وأن حماس جاءت الي كرسي الحكم بفضل حملها لهذه التركة فوق اكتافها طيلة نحو عشرين عاماً. ومن هنا، قلنا بأن انتقال حماس الحمائم والبنادق في الداخل من الخطاب الديني الي الخطاب السياسي سيكون شاقاً وصعباً عليها، سيما وأنها الآن تقع تحت ضغط دولة ثيوقراطية متشددة وهي إيران، وترتبط بميثاق نضالي ديني مع حزب الله في لبنان، وتتلفت حواليها لكي تتخلّص من هذين القيدين قبل أن تأكل الأم الفلسطينية أولادها.
-4-
علي اسرائيل والعرب المعتدلين أن يستغلوا هذا الانفراج السياسي الذي تهمس به حماس البنادق في الداخل همساً، وتلوّح به من بعيد تلويحاً خجولاً ومتردداً، ولا تصرّح به علناً وبالخط العريض. فالخط العريض الحماسي يحتاج لكي نقرأه، أو تقرأه العامة من الناس الي وقت طويل.
فكيف يستطيع العرب أن يستغلوا هذا الانفراج السياسي المهموس الذي تقوم به حماس البنادق في الداخل والتي هي أهم بكثير من حماس الفنادق في الخارج.
هناك خطوات مهمة ولكنها ليست عاجلة، أي أنها يجب أن تتماشي وتتناسق مع خطوات حماس البنادق في الداخل المتمهلة والبطيئة ومنها:
1-التفاوض مع امريكا والاتحاد الأوروبي علي ضرورة تقديم المساعدات المالية لحماس البنادق في الداخل. وعلي اسرائيل أن تفعل ذلك وتفرج عن الأموال الفلسطينية المحتجزة لديها، حتي لا يتهمها الرأي العام العالمي غداً، ولجان حقوق الإنسان، بأنها تجوّع الشعب الفلسطيني.
2- علي الدول العربية المعتدلة أن تحتضن حركة حماس الداخل، لابعادها عن هلوسات ايران وسوريا وحزب الله السياسية، وفتح عيني حماس علي حقيقة الواقع الفلسطيني الآن الذي تغير منذ نصف قرن تغيراً كبيراً، وأصبحت هناك معادلات سياسية لم تكن موجودة في الماضي. وأن علي حماس أن تحلَّ القضية الفلسطينية ليس طبقاً لمعادلات الماضي الذي انقضي ولكن طبقاً لمعادلات الحاضر السياسية المستجدة.
3- علي الدول العربية أن تكف عن استقبال مجموعة حماس الفنادق، وهم صقور حماس. وأن تلتزم بحماس الحكومة فقط، وهم حمائم حماس. وهذه الحكومة هي الممثل الشرعي المنتخب من قبل الشعب الفلسطيني.
4- علي اسرائيل أن تكفَّ عن اعتبار حكومة حماس مجموعة من الارهابيين والقتلة، وتعتبر أن حماس خارج السلطة هي غير حماس داخل السلطة.
5- علي اسرائيل أن تساعد حماس الداخل علي أن تستمر في اتخاذ المزيد من خطوات الاعتدال، وذلك بتمكينها من اقناع شعبها علي ضرورة الاعتدال، وأن شعارات الثورة لا تصلح لبناء الدولة.
وهذا لن يتأتي إلا إذا اتبعت اسرائيل الاعتدال السياسي والليونة السياسية (خطوة مقابل خطوة وليس خطوة الي الوراء مقابل خطوة الي الأمام) فلو تساءلنا ماذا قدمت اسرائيل خلال الشهرين الماضيين من خطوات ايجابية مقابل الخطوات الايجابية التي الي قدمتها حماس، لوجدنا أنها لم تقدم شيئاً ملموساً يكافيء حماس علي خطواتها السياسية الايجابية البطيئة والغامضة التي ذكرناها قبل قليل.
6- علي اسرائيل أن لا تكون كمن يريد قتل الناطور، ولا يريد عنب الكرم. فالسلام الحقيقي مع اسرائيل لن تصنعه إلا حماس. ولقد جربت اسرائيل سلام فتح ، وسلام الدول العربية التي وقعت معاهدة سلام مع اسرائيل، فماذا كانت النتيجة؟ لا زلنا محلك سر مع قليل جداً من تقدم السلاحف نحو السلام الحقيقي المنتكس بين حين وآخر.
7- إن الرأي العام الإسرائيلي الآن مهيأ لكي يسمع من حماس. في الماضي لم تكن هذه التهيئة موجودة. ولم يكن هذا الجو السياسي يفتح أذنيه لما تقوله حماس باعتبار حماس كانت منظمة ارهابية في رأي 99 بالمائة من الرأي العام الإسرائيلي. حماس اليوم حكومة وسلطة سياسية سوف تحكم لمدة أربعة سنوات بغض النظر عن الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتاريخية والدينية التي جاء ت بها الي السلطة.
وعلي السلطة الاسرائيلية أن تستجيب لهمس الرأي العام الإسرائيلي الذي يقول بأن حماس هي مفتاح السلام الحقيقي في المنطقي، بعد أن تم تجريب كل المفاتيح الصدأة الأخري.
-5-
حماس الفنادق مهمة جداً لحماس البنادق. وصقور الفنادق الحماسيون هم المعارضة الداخلية لحمائم حماس البنادق في اعتبار من الاعتبارات. والمعارضة ضرورية في هذه المرحلة شرط أن لا تشطَّ في الشعارات المعيقة. فحماس الفنادق تشدُّ وحماس البنادق ترخي. وربما هناك اتفاق بين الحماسين، نقول ربما لأننا ما زلنا نشك بالذكاء السياسي الديني الفلسطيني. ولا نري كثيراً ان السياسي الفلسطيني قد تعلّم كثيراً من دروس الماضي. فإذا ما حصلت المعجزة وتعلّم السياسي الفلسطيني الرديكالي من أخطائه الماضية، وأصبح يتقن اللعبة السياسية بعيداً عن المرجعيات والثوابت الدينيةفي الموقف من الآخر، وأصبح يتقن كذلك لعبة شد الحبال السياسية ورخيها، فذلك كله يعتبر تقدماً كبيراً في العقل السياسي الرديكالي الفلسطيني، وتلك علامة من علامات الرشد الفلسطيني. فما أصعب العقل السياسي الديني الرديكالي، من حيث أن ثوابته أكثر من تحولاته، ولاءاته أكثر من نعماته، ورفضه أكثر من قبوله واحجامه أكثر من رضائه، وادباره أكثر من اقباله.
ولعل ما يعيق حماس البنادق في الداخل من أن تتقدم بسرعة وبسرعة الأحزاب السياسية العلمانية الأخري أن ثوابتها اكثر من تحوّلاتها، وهي تحتاج الي وقت طويل لكي تحوّل الثوابت الدينية الي تحوّلات سياسية. والشعب الفلسطيني هنا في الداخل، لا يأخذ كثيراً بما تقوله حماس الفنادق في الخارج، ويعتبره نوعاً من الفنتازيا السياسية للتخويف والإثارة، ويعتبر ما تقوله حماس البنادق في الداخل هو وحده الذي يُطعم البطون الفلسطينية الجائعة خبزاً. وقد بدأت نار الفرن الفلسطيني تتقد من خلال الاشارات التي تطلقها حماس البنادق في الداخل كما بدأ الخبّاز الفلسطيني يعجن عجينه.
-6-
إن اليسار الإسرائيلي متمثلاً بفريقين يهوديين الأول حركة السلام الآن الأمريكية - الإسرائيلية والثاني منتدي السياسة الإسرائيلية قد اختارا حسب قول الجروسالم بوست 12/5/2006 بالاشتراك مع فرقاء آخرين معادين للسياسة الإسرائيلية الوقوف في وجه نية الكونجرس الأمريكي تحويل شروط الرباعية الأوروبية الخاصة بمحاصرة حماس الي قانون أمريكي. وقد شكّل هؤلاء الفرقاء جميعاً لوبي امريكي - يهودي لمنع اتخاذ مثل القرار الذي سوف يؤدي الي اعاقة امداد الشعب الفلسطيني بالمعونات المالية والطبية والاجتماعية والغذائية. ويري اليمين الإسرائيلي، ومعه صحيفة الجروسالم بوست، من أن حجة هؤلاء الفرقاء غير سليمة، ويدعون الي ابقاء النار مشتعلة تحت أرجل حماس حتي تثوب الي رشدها.
وهكذا يبقي موضوع حماس في الرأي العام الإسرائيلي الحالي موضوعاً خلافياً. ومن الواضح أنه قد قسّم الرأي العام الإسرائيلي الي فريقين فريق الصقور الذي يري ما تراه الرباعية الأوروبية وفريق الحمائم المتمثل بحركة "السلام الآن و منتدي السياسة الإسرائيلية ومع مجموعات أخري من اليسار الإسرائيلي.
إن اليمين الإسرائيلي الآن يتمني أن يأتي اليوم الذي تسقط فيه حماس وتترك الحكم لفريق آخر أكثر ليناً وأسرع قراراً. ولكن هذا اليمين لا يعلم، بأن سقوط حماس سيكون مدوياً، وهو سقوط لآخر ورقة من أوراق توت السلام العربي - الإسرائيلي المحتمل، والتي تغطي الآن العورة السياسية العربية - الإسرائيلية. وأن سقوط حماس المرتجي من اليمين الإسرائيلي، يعني بكل بساطة قيام انتفاضة ثالثة، هي أشرس وأعنف وأكثر اسالةً لكمية أكبرمن الدماء، وأكثر عدداً للضحايا من الجانبين، وهو ما لا يرجوه في ظني الرأي العام الإسرائيلي بمجمله، ولا يتحمّله الشعب الفلسطيني الذي بدأ يعضُّ الآن علي العظم.
#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وأخيراً نَفَثَ الطوطم الأعظم سُمَّه!
-
هل سترث الإمبراطورية الفارسية الجديدة العالم العربي؟
-
القنبلة النووية الشيعية: هل هي المهدي المنتظر؟
-
العرب بين إسلام القرآن وإسلام الفقهاء
-
WANTED
-
خسئتم فنحن نتحداكم ولن نستسلم
-
سقط هُبْل وبقي هُبْلان
-
عَوْدٌ أحمد يا سيّدنا القمني!
-
لماذا يعادي رجال الدين العَلمانية؟
-
هل العلمانية الإسلامية هي الحل؟
-
لم تسقط بغداد بل سقطت معابد الاستبداد
-
الأمة الهابطة والفن الهابط
-
الذاكرة العربية المثقوبة
-
هل سيتزوج الزرقاوي نانسي عجرم؟
-
الصِحَاحْ في نقدِ المِلاَحْ
-
جذور الكراهية وأصول العداء بين الإسلام والغرب
-
الوصل والفصل بين الإسلام والغرب
-
لهفي على هذا العراق!
-
دور الدولة العربية في صدام الإسلام والغرب
-
دور سّيد قُطب في صراع الجهالات
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|