أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل سمارة - زمــن الوكــلاء















المزيد.....

زمــن الوكــلاء


عادل سمارة

الحوار المتمدن-العدد: 449 - 2003 / 4 / 8 - 02:21
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



رام الله المحتلة

لم يشهد التاريخ نظاما اقتصاديا اجتماعيا خلق من الكوارث والجرائم ما فعله نظام رأس المال. ففي بضعة قرون انتج هذا النظام الاستعمار والامبريالية  والفاشية والنازية والصهيونية والمافيا الروسية وفاشية الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة حالياً. فاشية تتعطش للدم وتتفاخر بعطشها علناً وعبر اضخم وسائل اعلام عرفها التاريخ بما فيها وسائل إعلام وكلائها العرب التي تروج للمذبحة  ضد العراق!

لعل إحدى اخطر توليدات الراسمالية هي بنية الوكلاء لأنها بنية مكتملة من قمة السلطة وحتى مستوياتها الاكثر بساطة وهذا ما يسمح لها بأن تُعمِّر طويلاً. هي بنية وليست مجرد حالة عارضة طارئة.
تفترض بنية الوكلاء طرفين:  سيد ووكيل، اي مقرر ومنفِّذ. مستويان مختلفان تماماً، لكنهما منسجمين تماماً في نفس الوقت، كلاهما مقتنع بوضعه. في مثل هذه العلاقة وحسب، يجري تقسيم عمل وأدوار يقبل فيهما كل بوضعه مهما هبط. هذا حال الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة والانظمة العربية. وهذا ما تكشفه اكثر وأكثر الحرب التي نتوقعها بين لحظة واخرى ضد العراق. والاهم من هذا كله، هذا هو جوهر ودور الدولة القطرية العربية.

تقوم هرمية الوكلاء في الوطن العربي على النحو التالي:
نظام حكم  هنا وآخريات هناك جرى تعيينها منذ اكثر من قرن في اعقاب اتفاقات سايكس ـ بيكو ولم تتغير جوهريا، وإن أُستبدل حاكم بآخر، او قتل ابن أباه، أي قتل طويل العمر قبل أن يطول به العمر،  وحل محله كانه في كل شيىء. ولكن حل أولاً في الشيىء المهم وهو التنسيق المسبق مع السيد ونيل رضاه والالتزام بمصالحه وأوامره ونواهيه.

ان سلطة الدولة القطرية سلطة مفروضة على الشعب العربي في كل بقعة تم اقتطاعها وتسميتها دولة حسب سايكس ـ بيكو، وهي الاتفاقية التي تعد امريكا اليوم طبعة جديدة لها ستجعل من كل دولة قطرية عدة دول، وستقبل هذه الدولة بذلك التقسيم لأنها مجرد وكيل لا يملك من اسباب البقاء سوى قرار السيد الراسمالي المستعمر. فهي وكيلة له تطيعه إطاعة الخلافة لله وتستمد منه كل ما عليها فعله، وتقيمه في أعين الشعب مقام الله كي لا يكون  هناك او يقوم هناك رادّاً لقراره ولا مجادلا فيه ولا حتى مجتهداً. فهل يحترم الشعب دولة وكيلة لا تحترم هي نفسها ترابها ولا تسود عليه، وإنما على رقاب الناس؟
 
بإمعان بسيط في سلوك وتصريحات حكام الوطن العربي نجد انهم يُخرجون قرار امريكا وتوابعها وكأنه قرار الهي يجب القول به والمشاركة فيه. فهذه الانظمة تحسب الوقت لبدء العدوان وتفتح قواعد للعدو في ارضها، وتقدم له اجوائها ومضائقها، ومياهها المستباحة ولا يتورع قادتها عن الاعلان بأن "على العراق تطبيق مقررات الامم المتحدة" وأنه: " لا توجد قوة بوسعها ثني امريكا عن قرارها!". وعليه، فيما لو افترضنا ان هذا النظام او ذاك ليس اميركياً، وطالما هو عاجز عن حماية ارضه ومنع العدو من امتطاء ترابه ومائه واجوائه، اي عدوان، فما لزوم هذه الدولة وذاك النظام؟ لزومه فقط انه وكيل. هذه هي الدولة القطرية، الدولة الوكيلة ضد شعبها وأمتها.

تحت الوكيل الحاكم/ تتدرج مراتبية مخيفة، تكاد تكون جهازاً يحول دون اي تغيير حتى من مستوى قلب صفحة كتاب بعد أخرى. تحت الحاكم وزارته كوكيلة عنه. فهي تعرف ان الحاكم هش وأداة، وتقبل هي ان تكون وكيلته، وتحت الوزارة وكلائها، وتحتهم وكلاء في كافة مناحي البنية الادارية حتى الوصول الى الوكيل الابسط آذن المدرسة الذي لم يحل ال "روموت كونترول بعدُ محله". وما العجب فهو آذن الوكيل الاعلى، والاخير حاجب على ابواب البيت الابيض التي تفتح في مكة والقاهرة والرباط ودمشق.

تحت الوكيل الحاكم مبنى عسكري يبدأ بقائد الجيش كوكيل للحاكم ووكيل للرئيس الامريكي الذي وكله عليه رئيس الاركان الاميركية المشتركة ، وتحت هذا كبار الضباط، اي كبار الوكلاء في العسكر وكبار الوكلاء في المخابرات والعسس والشرطة والقوات الخاصة وغير الخاصة وكلها مخصصة لخدمة واشنطن وتل ابيب!  وتحت هؤلاء صغارهم، وتحت الصغار الوكيل الادنى، الجندي الذي يطلق النار على ابنه حينما يتظاهر. وبعدها يأخذ إجازة عزاء ويتطهر ويصلي على جثمان الفقيد، ويعود الى الخدمة، خدمة السيد الاميركي، بعد اسبوع وقد اطلق لحيته، ليعزيه امثاله من الجنود وليقدم له الوكيل الاعلى نيشان الاخلاص للنظام. وهل هناك اكثر إخلاصا من تقديم الابن قرباناً لعرش الوكيل! ويقبل هذا الوكيل الادنى، نعم يقبل وقد يسترق من القرآن التضحية باسماعيل ليضفي على المسألة قداسة تحول دون النقاش! وتتواصل الحياة، ويأخذ منحة من الوكيل الاعلى ليتزوج على أم الشهيد، وينسى الامر.  وقد تكون قصته مغرية لبعض اقرانه.

تحت الوكيل الاعلى وكالات الطبقات، تجار وكلاء لشركات اميركية وغربية عموما، هي نفسها التي تحرض على الحرب كما يدعي داعية بليغ لله. وهي التي تمول الحرب لتحصل بعدها على ما يفوق ما انفقته باضعاف. يقوم الوكلاء العرب بترويج بضائع تحوي كل ما يُضر بالجيب وبالصحة والعقل، هذه هي الوكالة الاكثر ربحاً.

على يمين الوكيل الاعلى، هناك مخدع للوكالات الثقافية. هذه الوكالات التي تفتح ابوابها بالاتجاهات الثلاثة. فهي وكالات تفتح فكريا وثقافيا على الغرب الراسمالي الذي تربت على بقايا موائده الفكرية والسياسية. هناك في الغرب "تم الدخول بها" هناك فقدت عذريتها القومية، واصبحت كالامة الفرنسية بعد هزيمة حاكمها نابليون الثالث على يد بسمارك التي قال فيها ماركس آنذاك: " بأن الامة كالمرأة التي لا تُغتفر لها أول خطيئة مع اول من أوقع بها". اما الوكلاء الثقافيون فيظلوا ينجبون سفاحاً، ويحملون بعكس سنة الحياة والنوع، حتى يموتوا. ثقافة مهزومة، دونية، تابعة تنازلية إكسير حياتها بعض الدراهم. فئة لا تنتهي ربما إلا بانتهاء الدولة والعملة اللتين حلم بانتهائهما (الاناركيست-الفوضويون) وماركس .

كما يفتح باب هذه الوكالات الثقافية على الوكيل الاعلى في البلاد، حاكمها وبائعها وقامعها وخادعها. ويفتح بابها الثالث على رأس المال مروجا للربح والنقد والقرش. وهذا في نهاية الامر بيت القصيد.

لقد دخلوا العراق، وسيضيفوا على الوكلاء وكيلا في بغداد او وكلاء في اكثر من كانتون عراقي، او (سنجق، ايالة...الخ). ولن يبقوا هناك، وسيقيموا، ربما بعد وقت ليس طويلاً، مقابر للجنود القتلى في العراق. ستكون هناك مقاومة، ولو حلم بعض المثقفين انها لن تكون. ستكون مقاومة لغطرسة جند راس المال الابيض، لسبب واضح، لأن هؤلاء سيقتُلوا. لن يرحموا شيخا ولا طفلا ولا امرأ ولا عاجزاً، فهم تجسيد لثقافة قتلت مئة مليون هندي احمر في الامريكتين.  ستكون مقاومة، لأنهم يجب ان لا يعبروا ارض العراق، حتى لو اتوها من على تراب مصر وسوريا والاردن والسعودية والاخربات. وسيعودالقتلى وقد لُفوا بالعلم الاميركي، ولكن ليس كابطال هذه المرة. فما يحصل في العالم اليوم هو وعي شعبي على جشع وضراوة رأس المال. هذه مناهضة الحرب ومناهضة العولمة. اما في الوطن العربي فليس المطلوب بكاء العراق، وإنما إسقاط الدولة القطرية، الدولة الوكيلة، مطلوب مناهضة الانظمة.

 




#عادل_سمارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جامعة الدول العرية...دور لا قومي
- نعم، لم تبذل البشرية بعد دماً يضمن الحرية
- دجلة بالاحمر...والعدوان عربي
- حق العودة بين الاممية والعولمة
- أثار العدوان ضد العراق على الارض المحتلة (6) الآثارعلى القوى ...
- أثار العدوان ضد العراق على الارض المحتلة (5) الاثر الاجتماعي ...
- أثار العدوان ضد العراق على الارض المحتلة (4) الاثر الثقافي ل ...
- الإثر السياسي للعدوان على العراق: حتمية -الاصلاح
- أثار العدوان ضد العراق على الارض المحتلة (2) الآثار المتعلقة ...
- اثر العدوان على العراق إقتصاديا على الارض المحتلة
- بصراحة: إما اميركي أو عروبي
- من سِرِيَّة المقاومة الى محاورة المخابرات
- شراكة والشريك غائب والموظفون مثقفونا!
- من دولة سايكس- بيكو الى دولة الكانتون والقاعدة
- إسبانيا: دولة تشتغل عند دولة أخرى
- انتخاباتنا: بين العصا والجزرة...ما الذي سيختاره رافضو التسوي ...


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل سمارة - زمــن الوكــلاء